عالم يخلو من الصور النمطية نصنعه سوياً

عندما تستيقظين في الصباح، انظري إلى المرآة وتخيّلي نفسك مكان الشخص الآخر المختلف عنك. ما هي الصورة النمطية التي ترغبين في حظرها؟ هل تعلمين أنّه عندما يقابل الإنسان شخصاً لا يروق له أو يختلف عنه، فإنّه يستخدم الصور النمطيّة لفهمه، ونتيجةً لذلك يعامله بتمييز؟ لكن في الحقيقة، في خضمّ هذه العمليّة لديك القدرة على التوقف والتنفس واتّخاذ قرار فعليّ بتحدّي الصور النمطية من خلال التعاطف! وعندما تنجحين في تحدّي نفسك، ستصبحين قادرة على تحدّي الآخرين أيضاً: فإذا صادفت شخصاً يتعرّض للتصنيف النمطي ولم تقولي شيئاً، فلن تغيّري شيئاً، في حين أنّك تتمتّعين بالقدرة على خلق عالم من المناصرين الفاعلين... أبدأ هذا التقرير بهذه المعلومات التي شاركتنا بها Alaina Crystal المستشارة في الأمم المتحدّة في ورشة العمل الأخيرة في المؤتمر العام لمبادرة Unstereotype Alliance للعام 2024 تحت عنوان: Collective Impact, Powering Forward التي سعدت بالمشاركة فيه في مقرّ الأمم المتّحدة في نيويورك في الرابع والخامس عشر من فبراير الماضي. حيث تلعب وسائل الإعلام والتسويق دوراً كبيراً في المحافظة على الصور النمطيّة أو كسرها. ومن هنا أهميّة دورنا كوسائل إعلام في التوعية والتثقيف ضدّ الصور النمطيّة السلبيّةً! ويأتي التزامنا كمجلّة ماري كلير العربيّة عبر كون شركة Mediaquest الناشرة لمجلّتنا أولى المؤسّسات الإعلاميّة في العالم العربي التي تنضمّ إلى مبادرة Unstereotype Alliance الإمارات التي تقودها هيئة الأمم المتّحدة للمرأة لتأكيد استراتيجيّتنا الرامية لاستعمال منبرنا كوسيلة لإرساء تمثيل عادل لكلّ من الجنسين ومواجهة التحيّز والصور النمطيّة الجندريّة سواء في مكان العمل أو المجتمع، انطلاقاً من حرصنا على مشاركة المرأة المتكافئة ونجاحها في مختلف المجالات. ونذكّر أنّ هذه المبادرة تجمع قادة من مجالات متعدّدة، سواء من الإعلانات أو من صانعي القرار أو المبدعين، بهدف وضع حدّ للصور النمطيّة المؤذية في مجال الإعلانات والمساعدة في بناء عالم خالٍ من الصور النمطيّة وتمكين الأفراد بكل تنوّعهم. وفي ما يلي، نتعمّق أكثر في المواضيع المطروحة!

إقرئي أيضاً: واقع تمثيلات المرأة والرجل في الإعلانات التلفزيونيّة في الخليج العربي

"على الرغم من الجهود العالميّة، نحن مازلنا غير قادرين على تحقيق المساواة بين الجنسين. وإذا استمرّت الاتّجاهات الحالية في المساواة على حالها، فستعيش أكثر من 340 مليون امرأة وفتاة في فقر مدقع بحلول العام 2030، وستعاني واحدة من كلّ 4 نساء وفتيات من نقص معتدل إلى شديد في الأمن الغذائي. وسيقضي الجيل القادم من النساء ما يعادل 2.3 ساعة يومياً أكثر من الرجال في الرعاية والعمل المنزلي غير مدفوع الأجر"، أكّدت Sima Bahous، المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتّحدة للمرأة، في الخطاب الذي ألقته في جلسة الافتتاح العامّة. قبل أن تضيف: "وقد تضاعف عدد النساء والفتيات اللواتي يعشنَ في البلدان المتضرّرة من الأزمات بين عامَي 2017 و2022. حيث تتحمّل النساء عبء الصراعات التي لم يبدأنَها. ويبقى عدم المساواة بين الجنسين بالإضافة إلى أزمة المناخ، أحد أكبر التحديّات في عصرنا". وقد أشارت إلى أنّ عدم المساواة والتمييز والصور النمطية الضارّة تغذّي كلّ هذه الأزمات، مردفةً: "نحن في هيئة الأمم المتّحدة للمرأة نعلم أنّه حيثما يوجد عدم مساواة يوجد تمييز، وحيثما يوجد اختلال في توازن القوى يوجد عنف، وحيثما يوجد استبعاد يوجد فقر بكلّ أشكاله". وانطلاقاً من ذلك أكّدت أهميّة عمل المبادرة قائلةً: "هناك حاجة ملحّة لتغيير الطريقة التي نرى فيها بعضنا البعض لنبني مجتمعاتنا بحيث يتمّ تمثيل الجميع باحترام وتمكينهم من عيش حياتهم بكرامة، ولهذا السبب فإنّ جدول أعمال Unstereotype Alliance بالغ الأهميّة. باعتباره تحالفاً مكلّفاً بتحدّي الصور النمطية السلبية وتعزيز التقاليد الاجتماعية الإيجابيّة، يستمرّ في تمكين الأشخاص على اختلاف تنوّعهم، ويفعل ذلك من خلال التمثيل الإيجابي والتصوير التقدميّ الذي يشكّل وجهات النظر حول العالم، ولديه القدرة على إظهار البدائل للعالم والقضاء على مخاوف المجتمعات المتنوّعة وتصوير القوّة الإيجابيّة للشمولية“. 

إقرئي أيضاً: يداً بيد مع الأمم المتّحدة في مسيرتنا الدائمة لتمكين المرأة

التأثير الجماعي والمضي قدماً!

جمع هذا المؤتمر بين المبدعين ذوي التفكير المتشابه الذين اجتمعوا للاستماع إلى الأصوات الرائدة من الأمم المتّحدة وقطاعات الإعلان والترفيه والأعمال حول كيفية العمل للتقدّم من خلال محتواهم، وتبادل الأفكار وأفضل الممارسات بشأن دفع التغيير المستدام على نطاق واسع لخلق صناعة إعلام وإعلان أكثر شمولاً وقيادة التغيير نحو عالم يخلو من الصور النمطيّة! قبل عامين، خلال المؤتمر العام السابق، تحدّى الأعضاء أنفسهم لرفع المعايير ودفع التغيير الاجتماعي من خلال قوّة عملهم، أمّا الهدف هذا العام، فهو "التأثير الجماعي والمضي قدماً"! وقد أكّدت Sara Denby، رئيسة أمانة مبادرة Unstereotype Alliance في كلمتها الافتتاحيّة أنّ القضاء على الصور النمطية الضارّة يساعد على خلق عالم يكون فيه الرجال والنساء، والفتيان والفتيات، متساوين من حيث الأمان والتقدير والتمكين."

وقد اجتمع في هذا الإطار أكثر من 300 شخص من أكثر من 16 دولة في مقرّ الأمم المتّحدة في نيويورك مع كلّ ما يمكن أن يُحدث ذلك من تأثير جماعي مذهل! من مشاركة التجارب الشخصيّة لشخصيّات مؤثّرة وملهمة من جميع أنحاء العالم إلى خطط وورش عمل مع خبراء دوليّين سواء حول خلق عالم منصف وشمولي في الذكاء الاصطناعي أو مواجهة ردود الفعل السلبيّة. حيث أكّدت Christina Mallon رئيسة قسم التصميم الشامل في شركة Miscrosoft أنّ نماذج الذكاء الاصطناعي تعكس ما هو موجود بالفعل عبر الإنترنت، وبالتالي فإنّ الحاجة مستمرّة لإنشاء محتوى شامل. كما استمعنا إلى معلومات خاصّة عن Barbie من Lisa McKnight، وإلى خبرة الكاتبة Elif Shafak، وإلى كلمات مؤثّرة من June Ambrose المتحدّثة الرئيسة والملهمة الثقافية نذكر منها: "لنفتح أبواباً لم تكن موجودة من قبل... ولنخلق عالماً يكون فيه لكلّ كلمة آذان صاغية." كما تمّ إطلاق تقرير حالة الصناعة الثالث، وهو دليل موسّع لقواعد 3Ps، ودليل قواعد 3Bs جديد تماماً للإعلام الشامل، وتمّ الإعلان عن ميثاق المساءلة لمبادرة Unstereotype Alliance. وقد عرض الدكتور علي خليل من فرع دولة الإمارات العربيّة المتّحدة للمبادرة، الحملات التي أعدّها طلّاب جامعة زايد حول مبادرات التعلّم لكسر الصور النمطية، وشدّدت إلدا شقير، الرئيسة التنفيذية لمجموعة Omnicom Media Group MENA على أهميّة عمليّة الـBriefing أو التوجيه والموجز العام، مؤكّدةً: "كلّ شيء يبدأ بموجز عام. إنّها فرصة للتفكير حول كيفيّة تعزيز الشمولية والتنوّع.“

إقرئي أيضاً: معاً للقضاء على الصور النمطيّة الضارّة في الإعلان والإعلام!

يستحق الجميع أن يُسمع ويُرى: أخبروا قصص كلّ البشر!

على مستوى العالم، 4% فقط من الأشخاص الذين يظهرون في الإعلانات تزيد أعمارهم عن 40 عاماً ولكن في المقابل، يساهم الجمهور الذي يزيد عمره عن 50 عاماً في أكثر من 50% من إجمالي الإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتّحدة مثلاً. كما أنّه بالنسبة إلى 66.5% من رجال جيل الألفية، فإنّه من المحتمل جداً أن يكون للإعلانات ووسائل الإعلام تأثير سلبيّ على مدى شعورهم بالنجاح. وقد يقول 52% من الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصّة إنّ الإعلانات تسيء تمثيلهم. هذه الأرقام ليست إلاّ دليلاً على أهميّة التمثيل الشامل والمنصف للجميع في وسائل الإعلام. دعونا نرى الجميع ونمثّل الجميع! حيث يؤدّي المزيد من التقدّم في مجال الإعلانات والإعلام إلى تعزيز قوّة العلامة التجارية والتأثير الجماعي على المجتمع... فعندما نكتب أو نصوّر أو نتكلّم، لنتذكّر أنّه يجب التنبّه لموضوع التنوّع والشمولية والمساواة لخلق بيئة إعلاميّة وإعلانيّة تقدّمية! أمّا السرّ الذي يجعل محتوى وسائل الإعلام شاملاً وتقدميّاً، فهو التناسق والأصالة والتقاطعيّة!

إقرئي أيضاً: H.E Dr. Mouza Al Shehhi: "أنتِ قويّة بعلمكِ ومثابرتكِ "

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث