السعوديّات يتولّين قيادة المستقبل

 

الإعداد: Arzé Nakhlé

التصوير: Hayat Osama

الإدارة الفنّيّة: Farah Kreidieh

التنسيق: Muneerah Aldrees

عباءة Reef البيضاء وعباءتا Marriam وحذاؤها من Mashael Alrajhi

عباءة Reef السوداء وعباءة Wafa خاصتان بهما

 

مريم مصلي ووفاء الرشيد وريف اليوسف ثلاث نساء سعوديّات. الأولى بدأت مسيرتها المهنيّة بمثابة محرّرة موضة ثمّ أصبحت امرأة أعمال، والثانية تدير شركتها الخاصّة، والثالثة محامية. لكنّهنّ كنّ يحلمن بالقيادة في بلدهنّ شأنهنّ شأن ملايين النساء السعوديّات، وها هنّ اليوم يتمتّعن بهذا الحقّ. اكتشفي معنا في هذه السطور قصّة أولئك النساء الملهمات وكيف تحقّقت أحلامهنّ بالقيادة.

مريم مصلي

بدأت مسيرتها المهنيّة بمثابة محرّرة موضة ثمّ أصبحت امرأة أعمال تبحث عمّا يفتقر إليه السوق لتحاول ملء الفراغ بنفسها. فبينما كانت مريم مصلي تعمل في إحدى الصحف الإنكليزيّة الرائدة في الشرق الأوسط، لاحظت النقص في التحقيقات والمقالات التي تركّز على الجانب الإبداعيّ في السعوديّة، فأنشأت قسم "أسلوب الحياة" للتركيز على المبدعين المحلّيّين. وعندما اكتشفت لاحقاً الانفصال الهائل بين العلامات التجاريّة والزبونة السعوديّة، قرّرت تأسيس شركة Niche Arabia للاستشارات في مجال الرفاهيّة لتصبح صلة الوصل بين الاثنين. أمّا مدوّنتها shoesanddrama.com فأنشأتها عندما لاحظت النقص في المحتوى المحلّيّ. لم تكن تحلم بقيادة السّيارة في صغرها فحسب، فطموحها كان أن تصبح رائدة فضاء. وكانت تنزعج من عدم قدرتها على القيادة لكنّها كانت محظوظة لأنّها حصلت على وظيفة فور تخرّجها من الجامعة، ما جعلها توظّف سائقاً خاصّاً. أمّا اليوم فمنح المرأة الحقّ بالقيادة يشعرها بالتحرّر، إذ بات يمكنها التوقّف عن الاعتماد على السائق للوصول من مكان إلى آخر. تعرّفي معنا إلى مريم مصلي في ما يلي.

 

أنت رائدة في مجال إقامة الاتّصالات بين عالم الموضة والأعمال والتمكين. كيف تستثمرين هذه الإنجازات في تمكين المرأة؟

لا أتعمّد تمكين المرأة من خلال الإنجازات التي أحقّقها، إذ أقوم  بما أحبّه، ما يلقى استحساناً لدى الناس. وأقول دائماً للشابّات والنساء السعوديّات: أنتنّ سفيرات هذا البلد ومن خلال كلّ صورة تنشرنها على "إنستجرام"، تغيّرن نظرة العالم إلينا. وكلّ يوم تذهبن فيه إلى العمل، تكتسبن استقلاليّة ماليّة أكبر. وأفضل جزء من عملي هو أنّني أسلّط الضوء على النساء السعوديّات وأكشف للعالم "ما تحت العباءة".

 

أنت من النساء العربيّات الرائدات في إعادة صياغة الموضة في الخليج. ما هي نصيحتك للمرأة العربيّة لتسعى وراء أحلامها؟

لا ترضخي للرفض على الإطلاق، إذ جعلني ذلك مراهقة ثائرة لكنّه أصبح سلاحي عندما كبرت ونضجت.

 

إلى جانب أنّ المملكة العربيّة السعوديّة مركز مهمّ في صناعة الموضة، أثبتت مرّة جديدة إمكانيّاتها في أواخر العام 2017 من خلال افتتاح مكتب مجلس الأزياء العربيّ في الرياض. هل ستصبح السعوديّة عاصمة جديدة للموضة برأيك؟ وكيف يمكن استثمار هذه الخطوة على الصعيد الاجتماعيّ والاقتصاديّ والثقافيّ؟

لتصبح أيّ مدينة عاصمة من عواصم الموضة، لا بدّ أوّلاً من الاستثمار في البنى التحتيّة للموضة. فمجموعة من عروض الأزياء لن تجعل المدينة عاصمة موضة جديدة، لكنّ الاستثمار في نظام الموضة ككلّ قد يؤدّي إلى ذلك، وهذا يشمل العارضات والمدراء الإبداعيّين والمصمّمين والإعلام ولا سيّما المصنّعين. ولا شكّ في أنّ السعوديّة تتمتّع بإمكانيّات هائلة لكنّنا نحتاج بالرغم من ذلك إلى الوقت لننافس نيويورك وميلانو وباريس، لكن هذا هو هدفنا ونرى أيضاً المؤسّسات الحاضنة والمبادرات الحكوميّة التي تساهم في تطوّر المجال.

 

ما هو التحدّي الأكبر الذي واجهته في حياتك حتّى اليوم؟

التحدّي الأكبر هو التغلّب على كلّ عناوين "المرأة السعوديّة الأولى...". فلا أريد أن أكون امرأة ناجحة بالنسبة إلى السعوديّين أو الرجال، بل أهدف إلى التفوّق بين نظرائي بغضّ النظر عن هويّتهم أو جنسهم. وأظنّ أنّه ينبغي علينا أن نتوقّف عن التفكير في "الأوائل" ونطمح إلى "الأفضل".

 

ما هي السيّارة التي تحلمين بها؟ وما الذي يخبرنا ذلك عن شخصيّتك؟

أظنّ أنّني سأختار سيّارة Range Rover Velar، فهي سيّارة كبيرة بما فيه الكفاية لتظهر للرجال على الطريق أنّني جادّة ومناسبة لمبتدئة مثلي لأتمكّن من
التحكّم بها.

 

هل قدت سيّارة سابقاً؟ هل لديك رخصة قيادة محلّيّة أو دوليّة؟

ارتدت جامعة George Washington University في واشنطن التي تفوق فيها كلفة مواقف السيّارة إيجار شقّة. لذا لا يملك عدد كبيرمن سكّان المدينة سيّارات، وأنا واحدة منهم. لكنّني تعلّمت القيادة في Virginia بسيّارة أخي، وهكذا حصلت على رخصة قيادة. وعندما شاركت بجولة Cash & Rocket، حصلت على رخصة دوليّة صادرة عن المملكة السعوديّة.

اقرأي أيضاً: ما هي تداعيات رخص القيادة السعوديّة على المملكة؟

ما الذي يجعل المرأة تثق بنفسها عندما تقود سيّارة؟

معرفة الهدف الذي تريد الوصول إليه.

 

كيف ستسهّل القيادة حياتك اليوميّة؟

أجيب على معظم الرسائل الإلكترونيّة وأنا في طريقي إلى الاجتماعات، لذا قد لا تساعدني القيادة في حياتي المهنيّة. لكن بشكل عامّ عندما أتوقّف عن الاعتماد على أحد لأصل من مكان إلى آخر، سيكون الأمر حتماً محرّراً بالنسبة إليّ.

 

ما هي نصيحتك للمرأة لتشعر بالارتياح في خلال القيادة؟

ابني ثقتك بنفسك من خلال القيادة على الطرقات الواسعة والمفتوحة في البداية. اختاري مثلاً القيادة في أبحر، حيث حركة المرور والتقاطعات والإشارات أخفّ. ثمّ ابدأي بالانتقال شيئاً فشيئاً إلى الطرقات الأكثر اكتظاظاً.

 

مُنحت المرأة الحقّ بقيادة سيّارة في السعوديّة. كيف يمكنها في المقابل أن تصبح أكثر فعاليّة ونشاطاً في المجتمع؟

مع كلّ راتب شهريّ، نكتسب المزيد من الاستقلاليّة الماليّة. ومع كلّ تغيير اجتماعيّ يصبح صوتنا مسموعاً أكثر. لا شكّ في أنّ الطريق أمامنا طويل، شأننا شأن العالم أجمع، لكنّني أثق بالهدف الذي سنصل إليه، ألا وهو المساواة بين الرجل والمرأة.

 

ما هي التحدّيات الجديدة التي ستواجهها الشابّات والنساء العربيّات في ظلّ هذه التغييرات الاجتماعيّة؟

كأيّ امرأة عصريّة في أيّ مكان العمل حول العالم، سنضطرّ إلى المحاربة لتبوّؤ مركز ما وإلى النضال لكسب حقّنا بالمساواة. وأثق كلّ الثقة بوطني، فعلى عكس معظم البلدان الغربيّة نتفهّم هنا أنّ كلّاً من الجنسين فريد وله حاجاته الخاصّة.

 

بما أنّك امرأة سعوديّة، كيف تساهمين في تحقيق رؤية المملكة العربيّة السعودية للعام 2030 وفي جعل المملكة نموذجاً رائداً على كلّ الأصعدة؟

أظنّ أنّنا نستطيع المساهمة جميعنا في ذلك من خلال الاستمرار في فعل ما نفعله ويجب أن نتذكّر دائماً أن نحاول تحسين ما يمكن الجيل الجديد أن يحقّقه. فلطالما كانت النساء السعوديّات رائدات ومنجزات وحالمات وكنّا نكسر الحواجز حتّى قبل أن تهتمّ وسائل الإعلام في تغطية هذه المواضيع.

اقرأي أيضاً: رخصة القيادة السعوديّة بين يديك للمرّة الأولى

وفاء الرشيد

هي امرأة ناجحة وكثيرة الانشغال تدير شركتها الخاصّة Raffles Education Middle East فضلاً عن أنّها أمينة الصندوق في جمعيّة "سند" الخيريّة لدعم الأطفال المرضى بالسرطان، التي تُعدّ أكبر منظّمة غير حكوميّة تعنى بالأطفال المرضى بالسرطان في السعوديّة. وهي أيضاً أمّ لولدين رائعين هما Nasser البالغ من العمر 16 عاماً وMoothi البالغ من العمر10  أعوام، تجمعها بهما علاقة مميّزة جدّاً، إذ تكرّس وقتها للاهتمام بهما ما إن تطأ قدماها عتبة المنزل فتضع عملها جانباً. وتشكّل القراءة والكتابة والفنّ عوامل أساسيّة جعلتها تصل إلى ما هي عليه اليوم، فهي شخص فضوليّ يحبّ أن يبقى على اطّلاع على كلّ ما يحدث في العالم. لهذا السبب تطالع كثيراً، معتبرة القراءة غذاء العقل، وتكتب مقالات أسبوعيّة لأنّ الكتابة هي نافذة العقل. كانت تحلم بالقيادة في صغرها وتنزعج من عدم تمكنّها من القيادة في بلدها الأمّ، لكنّ ذلك لم يمنعها من المضيّ قدماً في حياتها. وكانت تعلم أنّها ستجلس خلف المقود في أحد الأيّام لكنّها لم تتخيّل أنّها ستضطّر إلى الانتظار كلّ هذه الفترة قبل عيش هذه التجربة. لذا تعرّفي معنا إلى وفاء الرشيد.

 

في ظلّ كلّ التغييرات التي تطرأ على المجتمع السعوديّ، لا شكّ في أنّ المملكة تخطو خطوة كبيرة نحو الحداثة، ما يعِد بالتوسّع الثقافيّ في المستقبل. كيف ستساهم هذه التغييرات في إعادة تشكيل المجتمع السعوديّ برأيك؟

لم يسبق لنا أن شهدنا في تاريخ المملكة الحديث إصلاحاً مماثلاً سواء من حيث النطاق أو الحجم. هذا التحديث سيصلح إقتصادنا ويطوّر مجتمعنا ويمكّن شبابنا ونساءنا، إذ نجحنا في تجاوز عقبات كثيرة لكن ما زال أمامنا طريق طويل. نرجع للإسلام المعاصر لنعيش حياة طبيعيّة تشمل التسامح سواء في ديننا أو تقاليدنا.

 

تهتمّين جدّاً بالفنّ والثقافة، فما رأيك في هذا المشهد في المملكة العربيّة السعوديّة في يومنا هذا؟

ما زال المشهد الفنّيّ في المملكة في حالة نموّ لكنّه يتقدّم بوتيرة سريعة ويظهر الناس تفاعلاً جيّداً معه، لكن ممّا لا شكّ فيه أنّ التعليم الفنّيّ بحاجة إلى التطوير، فما زال الفنّ لا يُعتبر مهنة أو حاجة ضروريّة للأسف. لكنّنا نرى حاليّاً جيلاً صاعداً من الفنّانين السعوديّين الذين يتمتّعون بالجرأة والشجاعة ونلاحظ تزايد أعداد النساء في مجال الفنّ أيضاً. أمّا العامل الأساسيّ لإحداث التغيير فهو تغيير العقليّة، فالفنّ ركيزة أساسيّة في أيّ مجتمع، وهذا هو تماماً السبب الذي دفعني إلى تأسيس معهد Raffles Design Institute في الرياض.

 

تتمتّع السعوديّة بإحدى الثقافات والحضارات الأغنى في المنطقة التي تأثّرت بالتقاليد البدويّة وبدور السعوديّة التاريخيّ بمثابة مركز تجاريّ قديم. ما هو دور المرأة في نشر هذه الثقافة وإظهار أفضل جوانبها؟

نتعرّف على صورة البلد الحقيقيّ من خلال صورة نسائه، وأجد أنّه ثمّة ارتباط إيجابيّ بين تعزيز حقوق المرأة والتطوّر. فالنساء المثقّفات والمتمكّنات هنّ أفضل صورة يمكن أن يظهرها أيّ مجتمع للعالم. وتؤدّي النساء اليوم دوراً مهمّاً في إرساء أسس الديمقراطيّة من خلال الممارسات الثقافيّة.

 

ما هي نصيحتك للمرأة العربيّة لتحقّق أحلامها؟

أحبّي نفسك ولتكن طموحاتك كبيرة وارفعي المعايير في كلّ ما تفعلينه. جِدي دائماً منفذاً عندما تغلق كلّ الأبواب في وجهك ولا تدعي أحداً يدفعك إلى الاستسلام. احلمي ثمّ احلمي، لكن كوني أيضاً حازمة والتزمي بأحلامك، وفي أحد الأيّام من خلال العمل الشاقّ والعلم، ستجدين نفسك تعيشين حلمك وتحقّقينه.

 

ما هو التحدّي الأكبر الذي واجهته في حياتك حتّى اليوم؟

التعامل مع خيبات الأمل والانتكاسات، والحياة بحدّ ذاتها تشكّل تحدّياً هائلاً.

اقرأي أيضاً: ما لا تعرفينه عن منى أبو سليمان

 

ما هي السيّارة التي تحلمين بقيادتها؟ وما يخبرنا ذلك عن شخصيّتك؟

أقود منذ عمر الـ21 عاماً خارج بلادي وأحمل رخصة قيادة أميركيّة وخليجيّة الآن، ولطالما أحببت السيّارات الرياضيّة ذات ناقل الحركة اليدويّ. أمّا سيّارة أحلامي اليوم فهي سيّارة Aston Martin DB11 لأنّها غاية في الأناقة والرقيّ والترف.

 

كيف ستسهّل القيادة حياتك اليوميّة؟

سأشعر بالاكتمال وآخذ حقّي بالتنقّل بحرّيّة.

 

ما الذي يجعل المرأة تثق بنفسها عندما تقود سيّارة؟

تعلّم القيادة وممارستها يعزّّزان ثقة المرأة بنفسها.

 

ما هي نصيحتك للمرأة لتشعر بالارتياح لدى القيادة؟

استرخي وفكّري ولا تخافي وتمرّني على القيادة قدر المستطاع.

 

مُنحت المرأة الحقّ بالقيادة في السعوديّة. كيف يمكنها في المقابل أن تصبح أكثر فعاليّة ونشاطاً في المجتمع؟

النساء مسؤولات عن بيوتهنّ وتربية الجيل الجديد في السعوديّة. وتشكّل المرأة أساس 23% من العائلات السعوديّة وهذه هي النسبة المسجّلة فحسب. لكنّنا بحاجة إلى المزيد من المساواة بين الرجل والمرأة في مكان العمل وإلى تمكين المرأة في الجهاز القضائيّ لتزيد إنتاجيّتها على الصعيد الاقتصاديّ في المستقبل.

 

ما هي التحدّيات الجديدة التي ستواجهها الشابّات والنساء العربيّات في ظلّ هذه التغييرات الاجتماعيّة؟

التحدّي الأكبر هو المحافظة على هويّتنا والتمسّك بجذورنا، لكنّه أيضاً التحدّي نفسه الذي يواجهه الجيل الجديد في كلّ أنحاء العالم بسبب العولمة. وثمّة خط رفيع بين الحرّيّة واللامسؤوليّة، لكن عندما تعرفين قيمة نفسك، لن
تتجاوزيه أبداً.

 

بما أنّك امرأة سعوديّة، كيف تساهمين في تحقيق رؤية المملكة العربيّة السعوديّة للعام 2030 وفي جعل المملكة نموذجاً رائداً على كلّ الأصعدة؟

أظنّ أنّ كلّ فرد من أفراد المجتمع يؤدّي دوره في هذه الرؤية، ونساهم في تحقيقها من خلال العلم والاهتمام بمستقبل أولادنا. فتمكين الضعفاء والتعاطف مع الآخر هما من العوامل الأساسيّة لإنشاء مجتمع صحيّ.

اقرأي أيضاً: سعوديّات رائدات

ريف اليوسف

ريف اليوسف امرأة متعدّدة الثقافات تخصّصت في مجال القانون في جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك، إحدى جامعات النخبة في الولايات المتّحدة، وعملت محامية في مدينة الرياض ونيويورك. وعلى الرغم من حبّها مدينة نيويورك وتقديرها تعدّد الثقافات فيها، تبقى الرياض موطنها الذي تمتدّ فيه جذورها، وهذا أمر لا يمكن أيّ مدينة أخرى مضاهاته. مثّلت ريف نساء المملكة في محافل مختلفة في داخل المملكة وخارجها لتظهر أنّهنّ بكلّ بساطة حاضرات وقادرات كنظيراتهنّ حول العالم، إن لم يكنّ أكثر كفاءة وقدرة. كانت تنزعج ريف من عدم قدرة نساء بلادها على القيادة، وأكثر ما يزعجها هو ما يؤدّي إليه ذلك من تداعيات على المرأة في مجالات أخرى كالمجالين التعليميّ والوظيفيّ، ما أثّر سلباً في المرأة وقدرتها على التطوّر والازدهار. لكنّ ريف كانت مؤمنة بأنّ وضع المرأة العامّ سيتحسّن في بلادها وأن قدرتها على القيادة هو أمر واقع لا محال. لكنّ المسألة كانت مسألة وقت لا أكثر، وينبع إيمانها هذا من تفهّمها التعقيدات الاجتماعيّة التي ترتبط بهذا القرار ومن أنّه يجب اتّخاذه بحكمة وتمهّل حتّى يحقّق النتائج المرجوّة بأقلّ قدر من السلبيّات.

تعرّفي معنا في هذه السطور على ريف اليوسف.

 

ما سبب حبّك وشغفك بالأزياء الـVintage؟

بالنسبة إليّ، القطع الـVintage هي أكثر من مجرّد أغراض مادّيّة نرتديها أو نزيّن بها منازلنا أو غير ذلك، فهي في نظري قطع من التاريخ تحمل في طيّاتها قصصاً عن المناخ الفنّيّ والاجتماعيّ والسياسيّ للحقبة التي تنتمي إليها، وأجد هذا الأمر مذهل وساحر ويزيد من قيمة القطع بشكل هائل. إلى جانب قيمتها التاريخيّة، غالباً ما تكون القطع الـVintage ذات جودة عالية تفوق نظيراتها من القطع المصنّعة في عصرنا الحاليّ، إذ انتشر حاليّاً التصنيع الأوتوماتيكيّ ولم يعد المصنّعون يبذلون الوقت والجهد في صنع القطع كما كانوا يفعلون ذلك في حقبات مضت. وباعتبارك مالكة لقطعة Vintage، يمكنك أن تحسّي بهذا الفرق بنفسك. وأخيراً بعد حوالى 10 أعوام من جمع هذه القطع، قرّرت تأسيس دار 1954 by Rae Joseph لأشارك جمال هذه القطع الثمينة وروعتها مع نساء منطقتنا، ولله الحمد ردّة الفعل حتّى الآن فاقت توقّعاتنا.

 

أنت صاحبة دار للأزياء الـVintage ما بين الرياض ونيويورك إلى جانب عملك في المحاماة، فماذا يخبرنا ذلك عن شخصيّتك؟

أعتقد أنّه يعكس جانبين مختلفين من شخصيّتي. فالمحاماة تغذّي حاجاتي الفكريّة وتسمح لي باستغلال قدراتي التحليليّة لإيجاد الحلول القانونيّة لعملائي، بينما عملي في موضة الـVintage يتيح لي أن أعبّر عن نفسي بطريقة خلاّقة وفنّيّة بما أنّها تغذي حاجاتي الإبداعية بكلّ ما فيها من جمال وتاريخ.

 

كيف يمكنك التنسيق بين العمل في مجالين مختلفين وبعيدين كلّ البعد عن بعضهما البعض؟

لا شكّ في أنّ الأمر ليس سهلاً على الإطلاق. فأعمل طوال الوقت، وحتّى إن لم أكن أعمل، ستجديني أخطّط دائماً للخطوة التالية، وهذا ليس بالسهل، إذ يتطلب منّي تضحيات شخصيّة واجتماعيّة حتّى أستطيع الاستمرار بالخطى نفسها. لكنّ ما يشجّعني ويدفعني إلى الأمام هو شغفي بما أعمله بغضّ النظر عن أيّ إرهاق أو تعب. وبالنسبة إليّ، الوصفة السرّيّة للنجاح هنا تحمل أربعة عوامل أساسيّة: أوّلاً الشغف وثانياً الانضباط الذاتيّ وثالثاً القدرة على إدارة الوقت بشكل جيّد ورابعاً العمل مع فريق رائع.

 

تحدّثت عن حقّ المرأة السعوديّة بالقيادة في العام 2013 عندما كنت تعيشين في الولايات المتّحدة. ما رأيك اليوم في الموافقة على منح المرأة هذا الحقّ؟

سعيدة جدّاً بهذا الخبر وممتنّة لأنّني أعيش هذه اللحظات التاريخيّة في وطني الحبيب. كما قلت سابقاً، كان هذا أمراً يتوقّع الجميع حدوثه وكانت مسألة وقت لا اكثر، وسعادتي ليست مقتصرة على السماح للمرأة بالقيادة. فبالنسبة إليّ، يمثّل هذا القرار أمراً أكبر وأهمّ، إذ يمثّل بداية التحوّل في النظرة إلى المرأة في المجتمع السعوديّ، وأنا متفائلة جدّاً بما يخبّؤه  لنا المستقبل.

 

ما هي نصيحتك للمرأة العربيّة لتسعى وراء أحلامها؟

ثقي بنفسك وآمني بقدراتك. قد تبدو هذه المقولة مستهلكة ومكرّرة، لكن ينبغي عليك تطبيقها فعليّاً وبشكل يوميّ، فإن كان لديك حلم تودّين تحقيقه عليك أن تثقّفي نفسك عنه وتسعي بكلّ ما فيك من عزم وإرادة إلى تحقيقه. أنا مؤمنة بأنّك تستطيعين تحقيق كلّ ما تطمحين إليه، وكلّ ما عليك فعله هو التركيز على هدفك والعمل والمثابرة.

اقرأي أيضاً: النساء البدويّات المنسيّات

هل أزعجتك مسألة عدم السماح للمرأة بالقيادة في بلدك، بينما تقود كلّ النساء السيّارات في البلدان التي تزورينها بدون أيّ مشكلة؟

طبعاً. أزعجني ذلك باعتباري امرأة بشكل عامّ وقانونيّة بشكل خاصّ. كنت أتعاطف بشكل كبير مع النساء اللواتي لا يتمتّعن برفاهيّة استقدام سائق ولا يستطعن تحمّل تكلفة ذلك، إذ اضطررن إلى مواجهة تحدّيات كبيرة للقيام بأمور بسيطة كالذهاب إلى العمل أو إنجاز بعض المهامّ الشخصيّة. إضافة إلى ذلك، ما لا يدركه الكثيرون هو أنّ تداعيات عدم القدرة المرأة على القيادة تخطّت مجرّد عدم قدرتها على التنقّل بحرّيّة، إذ أدّت إلى تعقيدات للنساء في مجالات أخرى وحدّت من فرصهنّ في المجالين التعليميّ والوظيفي، وبلا شكّ أثّر هذا الأمر سلباً في وضع المرأة مقارنة بنظرائها الرجال. لكنّني كنت ولا أزال مؤمنة بأنّ وضع المرأة العامّ سيتحسّن في المملكة وأنّ قدرتنا على القيادة كانت أمراً واقعاً لا محال، لكنّ المسألة كانت مسألة وقت لا أكثر، وينبع إيماني هذا من تفهّمي التعقيدات الاجتماعيّة التي ترتبط بهذا القرار ومن أنّه يجب اتّخاذه بحكمة وتمهّل حتّى يحقق النتائج المرجوّة بأقل قدر من السلبيّات، وأعتقد أنّ هذا القرار اتّخذ في الوقت المناسب.

 

ما هي السيّارة التي تحلمين بقيادتها؟

سيارة أحلامي هي Mercedes-Benz موديل الستّينات.

 

هل سبق أن قدت سيّارة من قبل؟ هل لديك رخصة قيادة دوليّة؟

نعم، أوّل رخصة قيادة حصلت عليها هي من ولاية كاليفورنيا. واليوم لديّ أيضاً رخصة من ولاية نيويورك وأنتظر الرخصة السعوديّة بفارغ الصبر.

 

ما الذي يجعل المرأة تثق بنفسها عندما تقود سيّارة؟

ما يجعل الرجل يثق بنفسه عندما يقود، وهو التحكّم بالسيّارة بشكل جيّد وفهم القوانين العامّة والدعاء بألّا تصادف سائقين متهوّرين على الطرقات.

 

باعتبارك امرأة سعوديّة، كيف تساهمين في تحقيق رؤية المملكة العربيّة السعوديّة للعام 2030 وفي جعل المملكة نموذجاً رائداً على كلّ الأصعدة؟

لا شكّ في أنّ تمكين المرأة السعوديّة عامل أساسيّ في رؤية 2030 وسيكون التمكين الفعّال للمرأة السعوديّة أثر هائل في نجاح هذه الرؤية وازدهار وطننا الحبيب. المرأة السعوديّة جاهزة وتتمتّع بالمؤهّلات اللازمة للنجاح، فهي متعلّمة ومثقّفة وشغوفة ومثابرة، لذا هي ثروة حقيقيّة للوطن ولا بدّ من الاستثمار فيها بشكل فعّال لتحقيق أقصى فائدة ممكنة للوطن والمجتمع. وفي وجهة نظري، كلّما تحسّن وضع المرأة في المملكة، كلّما ازداد نجاح رؤية 2030 وتحقيق أهدافها لترتقي بالمملكة فتصبح عضواً بارزاً وفعّالاً بشكل أكبر على الساحتين الإقليميّة والدوليّة.

 

كيف يمكن المرأة أن تصبح أكثر فعاليّة ونشاطاً في المجتمع؟

يجب أن نستمرّ في التعلّم ونبقى على اطّلاع على كلّ ما يجري في وطننا وحول العالم. ويجب علينا مواكبة الأحداث التي تجري حولنا وكلّ ما يحصل في النطاق الاجتماعيّ والاقتصاديّ الداخليّ، فالتغيير لا يأتي من الخارج، بل يبدأ بتغييرات إيجابيّة صغيرة ومستمرّة من الداخل فيطال تأثيره كلّ المجتمع شيئاً فشيئاً.

 

ما هي التحدّيات الجديدة التي ستواجهها الشابّات والنساء العربيّات في ظلّ هذه التغييرات الاجتماعيّة؟

التحدّيات متعدّدة وتختلف باختلاف ظروف كلّ سيّدة، لكن مثل كلّ التغيّرات التي تطرأ على أيّ مجتمع، ستواجه النساء بعض المقاومة من قبل أشخاص معيّنين تجاه هذه التغييرات الجديدة، وستكون قدرتنا على التكيّف مع ذلك والتعامل مع تلك المقاومة هي التحدّي الأكبر لنا كنساء بشكل عامّ. لكنّني أعيد وأكرّر أنّني متفائلة بما يخبّؤه لنا المستقبل وأؤمن بأنّ عمليّة التأقلم مع هذه التغييرات ستكون أسهل وأكثر إيجابيّة ممّا نتوقّعه.

اقرأي أيضاً: تعرّفي إلى السفيرة السعوديّة الأولى لـ Peace Without Borders

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث