كيفية إتقان مهارات الإتصال العاطفي

Asma Al Hamiz

هناك أفكار نزرعها في عقلنا قد تؤثر في نظرتنا للأمور الشخصية وخاصة في ما يتعلق بالعلاقات، وبين الأفراد في المجتمع، تعرفنا أسماء الحامز مؤسِّسة @artofbeing.ae ، الحاصلة على ماجستير في علم النفس من جامعة Sofia University في Palo Alto في كاليفورنيا الأميركية. عن كيفية مد جسور التواصل العاطفي بين الرجل والمرأة

- كيف ينبغي على كل من النساء والرجال تصوّر العلاقات العاطفية وماذا يحلّ بتوقعاتهم؟

ثمة أفكار مثالية أو خيالية حول كيف نريد أن تكون علاقاتنا وفي المقابل هناك الواقع. ففي الواقع، إن أقرب الناس إلينا في حياتنا، أي شركاءنا في هذه الحالة، يعكسون صورتنا. ويعني ذلك أننا نرى أنفسنا فيهم، أي نرى الأمور التي نريد رؤيتها كما تلك التي نتجنب رؤيتها في أنفسنا. وفي معظم الأوقات، إن لم يكن طوال الوقت، إنه لاوعينا الذي ينعكس أمامنا إلا أننا غير مدركين له. وهنا يحدث التطور في العلاقة. إنها دعوة للنظر بعمق أكبر داخل أنفسنا بغية فهم حدودنا.

وعندما تراودنا أفكار مثالية أو خيالية حول الحب والعلاقات، تتشوّه الصورة التي نتوقّعها عن شركائنا. ومن المهم أن ننتبه ونتجنب إسقاط مخاوفنا ورغباتنا وتوقنا وأمنياتنا على شركائنا لأن ذلك يعني أننا نمنح شخصاً آخر مسؤولية سعادتنا. أما الإسقاط فهو آلية دفاع نعتمدها وهي عبارة عن نقل اللاواعي لرغبات المرء أو عواطفه إلى شخص آخر. ومن الطبيعي أن يشعر البشر بعدم الأمان وأن يكونوا معتمدين على بعضهم البعض ولكن يجب أن نكون حريصين على ألا يتحول ذلك إلى اعتماد مفرط، وهو بشكل أساسي الاعتماد العاطفي أو النفسي المفرط على شريك أو على أحد أفراد العائلة للحصول على الرضا (ويبدو ذلك على هذا النحو: أنا لست بخير إلا في حال كنت أنت على ما يرام).

 

- ما هو السبب وراء الخوف من الالتزام؟

لا ينوجد الخوف من الالتزام في العلاقات العاطفية فحسب. فالالتزام هو تعهّد بتحمل مسؤولية أنفسنا كما مكانتنا في العلاقة. وأثبت الباحثون النظريون والخبراء في العلاقات أن الخوف من الالتزام موجود وهناك نظرية معروفة حول سبب تطويرنا لهذا الخوف قد وضعها الباحث النظري John Bowlby. وتدرس نظرية التعلق التي طوّرها Bowlby كيف أن علاقتنا كأطفال مع الأهل تؤثر فينا كراشدين لناحية أنماط علاقاتنا وعاداتنا في تكوين هذه العلاقات والحفاظ عليها. أما أنماط التعلّق الأربعة فهي: آمن ومستقل، متجنِّب ونابذ، قلق ومشغول البال، غير منظم وغير مقرّر. ومن خلال فهم أنماط التعلق الخاصة بنا، نعلم كيف نتفاعل في علاقاتنا العاطفية. فنزيد من الوعي الذاتي في الثنائي ونتمكّن من التحكّم بأنفسنا على نحو أفضل.

 

كما أنه من الناحية العملية يخشى بعضنا الالتزام بعلاقة جدية لأننا نخشى ألا نتمكن من إرساء التوازن بين حياتنا المهنية وتوقعات العلاقة. وبخاصةٍ نحن النساء العاملات، نريد التفوّق في كل جوانب حياتنا.

 

- كيف يمكن للأشخاص السيطرة على قلقهم عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الطويلة الأمد؟

إن القلق هو رد فعل أجسامنا على الضغط النفسي الناتج عن حدث أو فكرة لا يمكن السيطرة عليها في المستقبل أو في الماضي. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية WHO، يعاني شخص من كل 13 شخصاً في العالم من القلق. ويظهر القلق في علاقة ما عندما لا نكون حاضرين في اللحظة الحالية، فنحن إما قلقون بشأن المستقبل أو نفكر بالماضي. ويُعد التركيز على سعادتنا، بدلاً من توقّع أن يكون شركاؤنا مسؤولين عن سعادتنا، خطوة كبيرة نحو علاقة طويلة الأمد وناجحة. إن الثنائي السليم هو عبارة عن جمع جزئين سليمين. ويأتي ذلك نتيجة تخصيص بعض الوقت لروتين عناية بالنفس من شأنه أن يغذي شغفنا ويجلب لنا السعادة الحقيقية. وعندما تُبنى علاقة على أساس متين مبني على الثقة والأمان والتقدير والصدق والاعتماد المتبادل والصراحة من أجل التفاهم والتعاطف مع الذات ومع الآخر، يحظى الشريكان بالدعم من بعضهما البعض للتركيز على القيام بما يحبونه على الصعيد الفردي بدون فقدان التواصل مع بعضهما البعض.

 

- كيف تؤثر طفولتنا على علاقاتنا العاطفية في الحاضر؟

عندما كنا أطفالاً لم نكن قادرين على فهم أننا أبرياء وحساسون وأن محاولة أهلنا للتأديب قد تكون سلبية في بعض الأحيان. واعتبرنا كل الانتقاد والرفض واللوم إهانةً شخصية. لذلك، يجب أن نفهم كيف تطفو دورياً المشاعر السابقة التي لم يُبتّ فيها. ووفقاً للمستشار الخبير في العلاقات والمحاضر والمؤلف John Gray، فإنه "حين نشعر بالاستياء، يرتبط نحو 90% من الاستياء بماضينا وليس له علاقة بما نعتقد أنه يزعجنا. وبشكل عام، يُعزى نحو 10% فقط من استيائنا إلى تجربتنا في الوقت الحاضر. وعندما تظهر هذه المشاعر التي لم يتم حلها منذ الطفولة، سرعان ما نفسّر تعليقات شركائنا على أنها انتقاد ورفض ولوم. ومن الصعب إجراء نقاش راشد في مثل تلك الأوقات. ويُساء فهم كل شيء. وعندما يبدو شريكنا انتقادياً، تكون 10% من ردود أفعالنا مرتبطة بتأثيره علينا و90% مرتبطة بماضينا".

 

- ما هو دور المجتمع والعائلة في هذا السيناريو؟

إن الطريقة التي نشأنا بها في عائلاتنا تولّد بصمة أو نموذجاً حول كيف نبدو في علاقاتنا العاطفية. وتشكّل عائلاتنا مثالاً لكيفية تعرّفنا على العلاقات لأول مرة. ويحمل المجتمع قيماً ومبادئ تحدد كيف تعبّر العائلة عن نفسها، وكيف نبدو ونعبّر عن أنفسنا في العالم. لذلك إذا كبرنا بدون أن نلمس كيف تُحترم الأم من قِبل زوجها أو كيف يحبها أو العكس، فلا نعتبر ذلك مثالاً.

 

كذلك، نعيش في مجتمع جماعي، ويعني ذلك أننا لا نفكر في أنفسنا، بل نفكر في الأسرة ككل. ونركّز على احتياجات المجموعة ككل وأهدافها على حساب الاحتياجات الفردية. وفي الثقافات الجماعية، تلعب العلاقات مع الأعضاء الآخرين في المجموعة (كالأسرة) والترابط المتبادل بين الأشخاص دوراً رئيساً في الطريقة التي يعبّر بها الفرد عن نفسه. وتقدّر الثقافات الجماعية الوفاء، واحترام كبار السن، والدعم المتبادل، والاعتماد المتبادل.

 

إقرأي أيضاً: في شهر التوعية بالصحة العقلية، كيف نحافظ على علاقة صحيّة مع أنفسنا؟‎

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث