عندما يتّخذ عرض الأزياء طابعاً خيريّاً إنسانـيّا

تهتمّ عادة عارضات الأزياء بمظهرهنّ، لكنّ هذه العارضة الاستثنائيّة تختار إعطاء الأولويّة للعمل الخيريّ. فشغفها هو عرض الأزياء ذو مغزى وقيمة! إنّها Noëlla Coursaris Musunka التي توظّف صورتها واسمها في سبيل التوعية حول بعض المسائل التي تهمّها باعتبارها أمّاً ومؤيّدة للمساواة بين الجنسين ومؤمنة بحقوق الإنسان. هي من مواليد جمهوريّة الكونغو الديمقراطيّة، إنّما أُرسلت في سنّ الخمس سنوات لتعيش مع بعض الأقارب في سويسرا بعد وفاة والدها. وعندما عادت في سنّ الـ18 سنة إلى موطنها، شهدت كلّ الفقر وانعدام الفرص أمام المرأة في هذا البلد، وقطعت وعداً على نفسها بأن تحدث فارقاً في المجتمع. وفي العام 2007، أسّست منظّمة Malaika الشعبيّة والخيريّة التي تهدف إلى تمكين فتيات الكونغو ومجتمعاتهنّ من خلال التعليم والبرامج الصحّيّة، وهي اليوم سفيرة الصندوق العالميّ لمكافحة الإيدز والسلّ والملاريا. رافقينا في هذه المقابلة لتكتشفي قصّة حياةNoëlla Coursaris Musunka والسبب الذي يكمن وراء خياراتها المهنيّة!

 

استناداً إلى أصولك وإرثك الكونغوليّ والسويسريّ والقبرصيّ، يليق بك وصف "مواطنة عالمية". كيف تأثّرت شخصيتك بهذا المزيج من الثقافات؟

أفتخر كثيراً بإرثي وتعلّقي بعدد كبير من الثقافات، لكنّ الأهمّ بالنسبة إليّ هو أنّني ابنة العالم أجمع. أمّا هذا المزيج فساعدني على رؤية العالم من منظور مختلف وأوسع.

اقرأي أيضاً: رسالة إنسانيّة وإشادة بالمرأة

نشأت في سويسرا وتمتّعت بكلّ ما تتمنّاه أيّ فتاة، لكنّك قرّرت بالرغم من ذلك أن تعودي إلى موطنك، الكونغو، لتلتقي بوالدتك التي تخلّت عنك في سنّ الخمس سنوات، فلمَ فعلت ذلك؟

بعد وفاة والدي، أرسلتني والدتي للعيش مع بعض الأقارب في سويسرا وبلجيكا لحياة وتعليم أفضل. ولا شكّ في أنّني عشت طفولة صعبة، لأنّني كنت بعيدة عن والدتي. وعندما أردت معاودة الاتّصال مع والدتي وموطني، قرّرت العودة إلى الكونغو في سنّ الـ18 سنة. وازدادت رغبتي في تحسين وضع المعيشة في الكونغو عندما رأيت أنّني أستطيع تمكين الفتيات والشابّات من خلال التعليم.

بعد رؤية حالة الفقر وانعدام الفرص أمام النساء في الكونغو، قرّرت إحداث فرق وتغيير الوضع. ما هي التغييرات التي تحدثها اليوم منظّمة Malaika؟

لدينا اليوم مدرسة تضمّ 280 فتاة يتلقّينَ تعليماً شاملاً ومجانيّاً، وأنشأنا مركزاً اجتماعيّاً بالتعاون مع FIFA يقدّم برامج تعليميّة وصحّيّة وزراعيّة ورياضيّة لأكثر من 7 آلاف شخص سنويّاً. وبنينا أيضاً 9آبار تؤمّن المياه النظيفة لما يقارب 18 ألف شخص سنويّاً. ونحاول بناء قرية تؤمّن كلّ الخدمات لمواطنيها ويمكن تطبيق هذا البرنامج أينما كان في العالم.

 

لمَ اخترت اسم Malaika لمنظّمتك؟

كلمة Malaika تعني الملائكة في اللغة السواحليّة وتمثّل طالباتنا الرائعات.

اقرأي أيضاً: مُبادرة فنّية لتمكين النساء

تحبّين عروض الأزياء ذات مغزى وقيمة ونادراً ما نرى عارضات عالميّات يشاركنك اهتماماتك، فما السرّ وراء كلّ ما تقومين به؟

بفضل كلّ الفرص التي تُتاح لي والعلاقات التي أقيمها ضمن عملي، مُنحت الفرصة لأؤثّر في المجتمع من خلال الأعمال الخيريّة. لذا بات سهلاً عليّ أن أنشر الوعي حول قضايا تهمّني، باعتباري أمّاً وداعمة للمساواة بين الجنسين ومؤمنة في حقّ الإنسان في التعليم والرعاية الصحّيّة. وهدفي هو أن يرى العالم وجهاً مختلفاً للقارّة الأفريقيّة، ذلك الوجه الذي يعكس جمال الطبيعة وإمكانيّات الشعب الكبيرة.

 

تهتمّ العارضات عادةً بمظهرهنّ وإطلالتهنّ، لكن لمَ  تعيرين تعليم الفتيات اهتماماً بالغاً؟

مسألة تعليم الفتيات مهمّة بالنسبة إليّ لأنّ المرأة تُعتبر الحلقة الأضعف على أصعدة مختلفة حول العالم، سواء على الصعيد الاقتصاديّ أو الاجتماعيّ
أو حتّى العائليّ، فلا تحظى بالاحترام الذي تستحقّه. وغالباً ما يتمّ تجاهل تعليم الفتاة على الصعيد العالميّ، بينما تولى الأولويّة لأشقّائها. لكنّني لن أقف مكتوفة اليدين وأتقبّل هذا الوضع المؤسف، فأعتبر أنّه من واجبي أن أعلّم الشابّات وأمكّنهنّ سواء في الكونغو أو العالم أجمع.

اقرأي أيضاً: جهود وطاقات مكثّفة تجتمع من مختلف أنحاء العالم لدعم المرأة

كيف سيساهم تمكين المرأة والشابّات برأيك في إعادة تشكيل القارّة الأفريقيّة؟

سينشئ تمكين المرأة جيلاً جديداً من النساء الرائدات على الأصعدة كافّة، سواء في التعليم أو القطاعات الاجتماعيّة أو التقنيّة أو غيرها. فعندما نستثمر في النساء نبني أمّة، لأنّهنّ يضعنَ مهاراتهنّ ومعرفتهنّ في خدمة مجتمعاتهنّ.

 

احتفلت السنة الماضية بذكرى مرور 10 سنوات على تأسيس منظّمة Malaika. هل أنت سعيدة اليوم بالإنجازات التي حقّقتها؟ وأين ترين Malaika بعد 10 سنوات؟

أنا سعيدة جدّاً بالإنجازات التي حقّقناها، فتطوّرت المدرسة وازداد عدد العائلات والسكّان في Kalebuka الذين يحضرون برامجنا في المركز. ونبني الآبار باستمرار، إذ تتوفّر المياه النظيفة لحوالى ألف شخص مع كلّ بئر جديد. وعندما ننتهي من بناء المدرسة السنة المقبلة، سيصل عدد الطالبات إلى 370 فتاة وسيحظينَ بتعليم جيّد. وبفضل جهود فريقنا الدوليّ والعمّال المحليّين، استطعنا أن نحقّق إنجازات في هذه السنوات أكثر ممّا كنت أحلم به يوماً، وما زال الطريق أمامنا طويلاً.

أنت اليوم سفيرة الصندوق العالميّ لمكافحة الإيدز والسلّ والملاريا، كيف سيساعدك عملك في عرض الأزياء
في هذه القضيّة؟

بما أنّني عارضة أزياء وسفيرة الصندوق العالميّ لمكافحة الإيدز والسلّ والملاريا، استطعت أن أصل إلى جمهور أكبر للتوعية حول تعزيز الاستثمار في التعليم والرعاية الصحّيّة.

اقرأي أيضاً: المرأة السعوديّة تكتسب المزيد من الحقوق

إلى جانب عرض الأزياء وأعمالك الخيريّة، أنت أمّ لطفلّين، فكيف تنسّقين بين عملك وعائلتك؟

أشتاق إلى عائلتي أينما ذهبت، إلّا أنّني أشعر بالاطمئنان عندما أفكّر في أنّني أؤدّي دوراً مهمّاً في تحسين العالم الذي يعيشان فيه. وأنا محظوظة لأنّني أستطيع اصطحاب طفليّ JJ وCara معي إلى Kalebuka في أغلب الأحيان ويساعداني في المدرسة ويقومان بالأعمال الخيريّة منذ صغرهما.

 

أيّ درس تودّين تعليمه لطفليك بعد تجربتك في الحياة؟

أودّهما أن يعرفا أنّ مساعدة الآخرين أفضل شيء يمكننا أن نفعله في حياتنا. لكن عليهما أيضاً الاهتمام بنفسيهما ليقدّما أفضل أداء ممكن.

 

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث