Art Dubai 2022 مرآة لمستقبل الفنّ وتطوّره

​لطالما شكّل Art Dubai ملتقى فنّيّاً عالميّاً شموليّاً يساهم في إثراء المشهد الثقافيّ والفكريّ والفنّيّ المحلّيّ والإقليميّ وفي تبادل رؤى فنّيّة جديدة وتطويرها. فبات المهتمّون بالفنّ ينتظرون نسخة كلّ عام بفارغ الصبر للاطّلاع على كلّ جديد وعلى تنوّع لن يجدوه في أيّ مكان آخر. تشكّل كلّ نسخة جديدة من Art Dubai مشهداً غير مسبوق يجمع أعمال مئات الفنّانين من حول العالم، فنكون أمام أعمال فنّيّة عابرة للجغرافيّات والهويّات والمدارس والمناهج الفنّيّة جنباً إلى جنب في مكان واحد: مدينة جميرا. وقد تميّزت نسخة هذا العام التي أقيمت في شهر مارس الماضي بأقسامها الأربعة: الحديثة والمعاصرة والبوابة و"آرت دبي ديجيتال" بكونها الأكبر للمعرض منذ انطلاقه. وقد استقبل المعرض بدورته الخامسة عشرة أكثر من 30 ألف زائر ممّا عزّز مكانته من جديد كملتقى عالمي رائد للفنّ والفنّانين. 

وفيما يتطوّر الفنّ والوسائط الفنيّة، يبحث الفنّانون المبدعون دائماً عن طرق جديدة للتعبير عن أنفسهم. ويواكب Art Dubai هذا التطوّر بطبيعة الحال حيث شهدت هذه النسخة الظهور الأوّل لقسم "آرت دبي ديجيتال"، وهو قسم معرض مادي قدّم مجموعة منتقاة لـ17 منصّة رقميّة حديثة على مستوى العالم. فاجتمع بالتالي فيه عالم الفنّ الملموس بالفنّ الرقمي والرموز غير القابلة للاستبدال ليجد المتابعون والزائرون كلّ جديد في هذا المجال. وقد قمنا بجولة في كلّ أقسام هذا المعرض وسنلقي الضوء في ما يلي على مساهمات بعض المعارض والإنتاج الإبداعي لبعض الفنّانات والمواضيع المتنوّعة التي يعالجونها في أعمالهنّ سواء كانت تقليديّة أو افتراضيّة!

اقرئي أيضاً: في دبي - ماري كلير العربيّة تحتفي بالفنّ وقيمه مع رائداتها

سنبدأ أوّلاً مع معرض حضوري خطف أنفاسنا تحت عنوان "صلات تأمليّة" بتكليف من Warehouse421 في أبوظبي الذي يقدّم أعمال فنّانين من برنامج منحة سلامة بنت حمدان للفنّانين الناشئين خلال ثماني سنوات. من الرسومات إلى المنسوجات والفيديو والتصوير الفوتوغرافي، تشكّل الأعمال نوعاً من الاستنطاق الجماعي لذاكرة المكان والزمان وإيقاعات التكرار. رافقينا في ما يلي لنكتشف المزيد عن هذا المعرض مع مريم الدباغ وميس البيك اللتين أشرفتا على التقييم الفنّي والفنّانة فاطمة البدور التي شاركت عملها الفنّي المميّز فيه أيضاً.

Maryam Al Dabbagh ثمّة شعور بالارتياح والامتنان هذا العام خلال أسبوع الفنّ

مريم وسام الدباغ كاتبة وباحثة والمؤسّسة المشاركة لـ Rouya Consultancy في الإمارات العربيّة المتّحدة. إنّها أيضاً المشرفة المشاركة على معرض "صلات تأمليّة" إلى جانب ميس البيك.

العلاقة بين التربية الفنيّة والإنتاج
بدأنا حديثنا مع مريم بسؤالها عن كيفيّة ابتكار هذا المشروع. وتجيب:"كنّا مهتمّين جدّاً بالعلاقة ما بين التربية الفنيّة والإنتاج وأردنا التحقيق في التواصل ما بين أصوات الفنّانين الصادقة والعمليّات والانتقادات التي تشكّل عملهم. نظرنا في هذا المعرض في برنامج منحة سلامة بنت حمدان للفنانين الناشئين، واستكشفنا الأعمال التي تمّت على مدار السنوات الثمانية في دولة الإمارات العربيّة المتّحدة". وتضيف قائلة: "تمّ تنظيم المعرض بتكليف من Warehouse421 في أبوظبي الذي يهتمّ دائماً بدعم الفنّانين الناشئين، وإلقاء الضوء على القضايا العاجلة التي يواجهها الإنتاج الإبداعي في المنطقة".
كيف يتوافق هذا المعرض مع نسخة هذا العام من آرت دبي؟ تخبرنا المشرفة الشريكة قائلة: "كان هناك شعور بالارتياح والامتنان هذا العام خلال أسبوع الفنّ، وفي مارس 2022 بعد وباء كورونا. أظنّ أنّ المعرض نجح بطابعه الاسترجاعيّ في تسليط الضوء مرّة جديدة على الإنتاج الإبداعيّ في دولة الإمارات العربية المتحدة، والمواضيع المتنوّعة لكن المرتبطة أيضاً والتي يعالجها الفنّانون في أعمالهم. كان من الضروري والمهمّ لمعرض "صلات تأمليّة" أن يضيف إلى الخطاب العام حول الممارسات الفنيّة في المنطقة من منظور التعليم".

يمكن أن يشمل الفنّ الموسيقى وغيرها من المجالات الإبداعيّة
إنّ التعرّف على الفنّ في سنّ مبكرة مهمّ للغاية، وقد اختتمنا حديثنا مع الدباغ مع السؤال الآتي: كيف يمكن أن تزرع النساء هذا الشغف في أطفالهنّ؟ فتؤكّد بالقول: "أظنّ أنّ الفنّ يقدّم نوعاً من حريّة التعبير التي يستمتع بها الأطفال والكبار على حدّ سواء. ونحن محظوظون جداً أنّ المنظّمات الثقافيّة الرائدة في الإمارات العربيّة المتّحدة تطرح دائماً ورش عمل وفرص تعلّم وبرامج للعائلات والأطفال لاستكشاف مواد مختلفة والتعبير عن أنفسهم بإبداع". وتختتم: "أظنّ أنّه من المهمّ أيضاً أن ندرك أنّ الفنّ يمكن أن يشمل الموسيقى والمسرح والفنون المرئيّة والأفلام والتصوير الفوتوغرافي وغيرها من المجالات الإبداعيّة التي يحتاجها الأطفال من أجل تعزيز إبداعهم وفضولهم حول العالم".

Mays Albaik اتبعي فضولك، وإذا لم تجدي قدوة لك، كوني أنت القدوة

​ميس البيك فنّانة بصريّة ومديرة البرامج والمبادرات المجتمعيّة في Warehouse421 حيث تركّز على البحث ووضع وتنفيذ الرؤية الأوسع للبرامج التي تعطي الأولويّة لاحتياجات المجتمع الإبداعي، والعمل على نهج أفقي للعمل المؤسسي. وقد شاركت مريم الدباغ في الإشراف على هذا المعرض.

تقديم بعض الأعمال المعاصرة للفنّانين المقيمين في الإمارات العربية المتحدة
في عملها الفنّي، تهتمّ ميس باللغة والجسد، والطريقة التي يلوّنان بها علاقتنا بالمكان وتستكشف تثليث المكان والجسد واللغة من خلال الفيديو والنحت والمنشآت الفنيّة. كما أنّها تتوسّع أيضاً نحو الأساليب التعاونيّة للإنتاج الفنيّ. وتخبرنا قائلة: "أفكّر غالباً في الكلمات التي نستخدمها لوصف تقارباتنا بالجغرافيا مثل كلمة مقيم وسائح وزائر وما إلى ذلك بالإضافة إلى الشاعريّة للأماكن التي تربطنا بها صلة أيضاً مثل الأمثال واللهجات واللكنات. وفي الجسد، الفم مهمّ جداً في أعمالي، إذ منه تصدر الكلمات. ومن ناحية أخرى، تصبح القدمان نقطة التلامس المهمّة بين الجسم والمكان". وفي هذا المعرض الذي شاركت مريم الدباغ في الإشراف عليه، نرى رأي الفنّانين الآخرين بالجسد والمكان والمسافة.

وتؤكّد لنا البيك أنّ هذا المعرض قدّم لجمهور آرت دبي الإقليميّ والدوليّ بعض الأعمال المعاصرة للفنانين المقيمين في الإمارات العربيّة المتّحدة والقضايا التي يطرحونها.

وفي ختام حديثنا، طلبنا من البيك مشاركتنا رسالة للشابّات العربيات اليوم حول التعبير عن أنفسهنّ من خلال الفنّ. وهذه كانت إجابتها: "اتّبعي فضولك واسمحي لنفسك دائماً بالاستمتاع. وإذا لم تجدي قدوة لك، كوني أنت القدوة".

Fatima Albudoor يظهر معرض "صلات تأمليّة" المسيرة التي مررنا بها كفنّانين، وتصادم القديم بالجديد 

​فاطمة البدور فنّانة إماراتيّة من دبي تركّز على الطباعة اليدويّة والتصوير الفوتوغرافيّ. هي خرّيجة برنامج منحة سلامة بنت حمدان للفنانين الناشئين (SEAF). وعندما لا تكون في الاستوديو، سنجدها حتماً تستكشف الجواهر المخفية في جميع أنحاء الإمارات العربيّة المتّحدة باستخدام كاميرتها القديمة من Nikon!

"لطالما كان الفنّ بالنسبة إليّ وسيلة لجمع اللحظات التي تركت أثراً عليّ في الحياة. وقد ألهمني أصدقائي وعائلتي من حولي، وبخاصّة النساء في حياتي"، هكذا تصف فاطمة المواضيع التي تحبّ تصويرها من خلال فنّها وكيف تعبّر عادةَ عن نفسها من خلاله. وتضيف قائلة: "إنّ الطباعة عمليّة مجهدة وتتطلّب مراحل كثيرة من العمل الذي يمكن أن يستغرق ما يصل إلى ساعات وأيّام طويلة في الاستوديو. لكنّها بالنسبة إليّ فرصة للتمهّل وقضاء الوقت في ابتكار الأعمال الفنية الفريدة التي تساعدني على تخليد لحظات من الحياة لا أريد أن أنساها."

العمل الفنيّ Blue هو صورة ذاتية 

ما الرابط الذي يجمع فاطمة بمعرض "صلات تأمليّة" في آرت دبي وما مجال العمل الذي تقدّمه والذي يتطابق مع موضوع هذا المعرض؟ تجيبنا على الشكل الآتي: "في برنامج منحة سلامة بنت حمدان للفنّانين الناشئين SEAF، يبدأ الكثير من الفنّانين بتركيز واحد وعندما ينتهي البرنامج يغيّرون اتّجاههم لأنّ بحثهم واستكشافهم يفتحان لهم مسارات جديدة. ويظهر معرض "صلات تأمليّة" كلّ هذه المسيرة التي مررنا بها جميعنا كفنّانين، وكيف تصادم القديم بالجديد، بينما لا نزال نحاول أن نبقى صادقين مع أنفسنا". وتشرح لنا أكثر عن عملها الفنيّ قائلة: "تمّ عرض عملي الفنّي Blue (2016)، وهو عبارة عن قطعة من النسيج المصنوع من طبقات كثيرة من الحرير الخالص وصبغات النسيج. كانت المرّة الأولى التي أعمل فيها باستخدام الأقمشة، إذ كنت فقط أطبع على الورق في السابق. وعندما صنعتُ القطعة كنت أشعر بالحنين إلى ذكرياتي من أيام دراستي الجامعية كطالبة فنون شابّة في بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية.

وتختم:"بطريقة ما، يشكّل العمل الفنيّ Blue صورة ذاتية لأنّني كنت أتأمّل في فترة من حياتي تبدو الآن وكأنّها حلم بعيد."

ومن الفنّ الملموس لننتقل إلى الفنّ الرقميّ وإلى الرموز غير القابلة للاستبدال بالتحديد مع ثلاث فنّانات زيّنت أعمالهنّ الفنيّة جناح مجموعة Morrow Collective في Art Dubai. وتعتبر هذه المجموعة الإستشاريّة للفنون الجميلة القائمة على الرموز غير القابلة للاستبدال الأولى في الإمارات العربيّة لتنسيق المعارض الفنيّة الرقميّة القائمة على تلك الرموز. 

Aisha Juma تعالج لوحاتي مسألة الشموليّة، وتدعو إلى توسيع فكر الإنسان وقلبه لإعادة ربط البشريّة ببعضها البعض 

عائشة جمعة فنّانة إماراتية تعبّر عن تجربتها عن طريق اليقظة الروحيّة من خلال فنّها. في آرت دبي قدّمت 4 من صورها الرقميّة إلى جانب عدد من فنّاني الرموز غير القابلة للاستبدال المحليّين والمقيمين. وتصوّر إحدى أعمالها "صوفي درويش" وأخرى تمثّل Merman، فيما تظهر الصورة الثالثة توأم الروح، وتصوّر الرابعة كائناً فضائياً، هو شكل فريد من نوعه للإنسان، من الفضاء الخارجي.

فيما كانت عائشة تمارس فنّها "المادي" التقليديّ منذ تخرّجها من كليّة الفنون في القاهرة عام 1991 من خلال النحت والمنشآت الفنيّة والرسم، لم تكن تستخدم الفنّ الرقمي أبداً كشكل فنّي لأعمالها. فكيف ومتى قرّرت الفنانة الإماراتية الانضمام إلى مجتمع الرموز غير القابلة للاستبدال؟ تخبرنا قائلة: " بدأت بممارسة نوع من الرسم الروحي الذي يُسمّى "الرسم التلقائي" في العام 2005، لكنّني لم أقدّمه في أيّ معرض لأنّ الجانب الروحي منه كان غريباً جداً وبخاصّة في ثقافتي. لذلك احتفظت بممارسة الرسم التلقائيّ لنفسي." ثمّ تضيف: "ومع ذلك، في يوليو 2021 بدأت بتحويل الرسومات التلقائيّة نفسها إلى لوحات رقميّة وانجذب الكثير من القيّمين إلى هذه الأعمال الفنيّة الرقميّة وأخبرني الأصدقاء ومستشارو الفنّ عن فرصة تقديم هذه اللوحات كرموز غير قابلة للاستبدال". 
بعدئذٍ، دُعيت عائشة من قبل Morrow Collective للمشاركة في عرض الرموز غير القابلة للاستبدال الأوّل لها في الشارقة وعبر الإنترنت في مارس 2022، حيث التقت بالكثير من فنّاني هذه الرموز العالميّين. ونشأ ارتباط وثيق بينهم وتعلّمت المزيد عن هذه الممارسة على الصعيدين التقنيّ والمفاهيميّ وما زالت تبحث وتستكشف الفوائد والفرص بالإضافة إلى التهديدات والعقبات.

دعوة لتوسيع فكر الإنسان

ما المواضيع التي تحبّ أن تجسّدها عائشة من خلال فنّها الرقميّ؟ تجيبنا قائلة: " أعمالي التي تعتمد على الرموز غير القابلة للاستبدال هي لوحات رقميّة تجسّد بشكل أساسيّ صور شخصيّة أتلقّاها من خلال ممارسة روحية تسمّى بالتوجيه، وهي شكل من أشكال الوساطة في رسوماتي ولوحاتي من نقطة أعلى من الوعي. تُرسم اللوحات يدوياً ثمّ يتم تحويلها إلى شكل رقمي عن طريق المسح الضوئي ثم تُلوّن رقمياً، وتتمّ عمليّة الرسم والتلوين من خلال ممارسة التوجيه. تعبّر الصور عن الوجوه البشريّة التي تحمل طاقات مختلفة والتي لا تأتي من حول بلدان وأجناس مختلفة فحسب بل أيضاً من أجناس فضائية وبشر مبرمجين". وتختم بالتالي: "تعالج كلّ لوحاتي مسألة الشمولية، وتدعو إلى توسيع فكر الإنسان وقلبه لإعادة ربط البشرية ببعضها البعض والانفتاح على الحياة المحتملة الموجودة في العالم."

Amrita Sethi أكثر ما جذبني إلى الرموز غير القابلة للاستبدال هي الإمكانات الإبداعية التي قدّمتها لأعمالي الفنّية لأنّها تعتمد على الصوت وهو ديناميكيّ بطبيعته

أمريتا سيتي هي فنّانة الرموز غير قابلة للاستبدال الأولى في الإمارات ومبتكرة SoundBYTEs. وقد عملت في القطاع المصرفيّ لمدّة 15 عاماً في صناعة الخدمات الماليّة، ممّا ساعدها على دخول عالم الرموز هذه وتقنية الـBlockchain والميتافيرس. تستخدم أمريتا الواقع المختلط للفنّ الماديّ، والواقع المعزّز والافتراضي للرموز غير القابلة للتبديل في العالم الحقيقي، والميتافيرس والموضة والفنّ التقليديّ أيضاً.

دخلت أمريتا عالم الرموز غير القابلة للاستبدال بسبب انتشار وباء كورونا مثل الكثير من الأشخاص الذين برأيها حوّلوا توجّههم نحو الإنترنت. وتخبرنا قائلة: "أكثر ما جذبني إلى الرموز غير القابلة للاستبدال هي الإمكانات الإبداعيّة التي قدّمتها لأعمالي الفنّية لأنّها تعتمد على الصوت، وهو أمر ديناميكيّ بطبيعته. أقوم بابتكار الـSoundBYTE على أساس أنّ الكلمة التي ننطقها تساوي ألف صورة، فأقول أوّلاً كلمة أو عبارة أو اسم وألتقط شكل الموجة الصوتيّة. ثمّ أرسم كلّ سطر من السطور ليطابق معنى الكلمة لابتكار SoundBYTE. يمكنني بعد ذلك تجزئة هذا العمل الفنيّ الرئيس إلى وحدات صغيرة من الـSoundBIT. ثمّ أبعث الحياة في العمل من خلال تأثيرات الرسوم المتحرّكة ثنائيّة الأبعاد وثلاثيّة الأبعاد ومن خلال الواقع الافتراضي. فالفنّان الجريء يبتكر الفنّ واللوحات الجداريّة والمنحوتات والأزياء القابلة للارتداء بشكلها المادي، بالإضافة إلى الرموز غير القابلة للاستبدال والميتافيرس.
وبالنسبة إليها، تشكّل التكنولوجيا أداة أخرى للفنّان المعاصر، وفي الواقع المختلط يكمن مستقبل الإبداع. إنّها القدرة على ابتكار أبعاد بديلة من خلال التكنولوجيا، فلم يعد العمل الفنّي مجرّد تجربة ثنائية الأبعاد بل أصبحت تجربة إبداعية متعدّدة الحواس ومتعدّدة الأبعاد وشاملة، فتؤكّد لنا: "لهذا السبب في أعمالي الفنيّة، أحاول تقديم تجربة، إذ أريد أن أعرّف الناس على هذه الرحلة وأظهر لهم أنّها ثورة!"

ما المواضيع التي تحبّ أمريتا أن تعالجها من خلال فنّها الرقميّ؟ تجيبنا بالتالي: "الشيء الوحيد الذي يوقفنا في عالم الرموز غير القابلة للاستبدال والميتافيرس الجديد هو خيالنا، إذ أنّ كلّ شيء ممكن. وبالرغم من أنّني من بلدان مختلفة، إلّا أنّ مهاراتي اللغوية محدودة، لذا أردت أن أبتكر لغة جديدة لمجتمعي. أعدت تخيّل الأبجدية لـWeb 3.0، ودمجت هذا مع وحدات SoundBYTE الخاصّة بي لابتكار وحدات AlphaBYTE. ومثلما تتألّف الأبجدية من أحرف، كذلك الـAlphaBYTEs مصنوعة من AlphaBITs ". 

 وفي آرت دبي، تعرض أمريتا أول كلمة لها ضمن الـAlphaBYTEs والمسمّاة "MetaREVERSED". وتشرح لنا قائلة: "أقوم بعكس مفهوم الميتافيرس فأحضر العالم الرقميّ إلى الماديّ من خلال ابتكار منحوتة مصنوعة من الألومنيوم مع لمسات نحاسيّة وفضيّة وذهبيّة. ويتمّ تنشيط العمل الفنيّ من خلال الواقع المعزّز الذي يفكّك شيفرة لغتي إلى اللغة الإنجليزية. أنا أدفع الحدود في أعمالي، وهذا هو أوّل تمثال للواقع المعزّز بتقنية الرموز غير القابلة للاستبدال مجزّأ مادياً!"

وتختتم حديثها معنا قائلة: "كوني فنّانة رقميّة، أريد أن يتمكّن الناس من سماع صوتي تماماً مثل الفنّان الذي يقدّم أعمالاً ملموسة. وبما أنّ هواة الجمع المهتمّين بأعمالي هم من العالم الماديّ والميتافيرس، أردت ابتكار شيء يربط بين العالمين ويشجّع أيضاً التوجّه السائد للخروج من المعرض والدخول إلى الساحة من خلال امتلاك أوّل عمل قائم على الرموز غير القابلة للاستبدال لهم، مع الشعور بالارتياح لمعرفتهم أنّهم ما زالوا سيحصلون على عمل فنّي ماديّ !"

Magda Malkoun سيكشف الفنّ الرقمي الكثير من الاحتمالات للإبداع من خلال الاستفادة من بُعد آخر  


ولدت مجدة ملكون في بيروت وهي تعيش في دبي منذ 17 عاماً ممّا عرّفها على ثقافات متنوّعة لأساليب فنيّة أثّرت في عملها الفنيّ. يشمل عمل مجدة الفنيّ سلسلة من الفنون التصويريّة والتجريديّة باستخدام أنواع مختلفة من المواد والتركيبات، ليس فقط كأدوات للرسم بل أيضاً لابتكار الأشكال.

في عملها الفنّي، تحرص ملكون كثيراً على إظهار الحركة فهي أحد العناصر الرئيسة في أعمالها والقصّة التي تريد أن ترويها. وعن مغامرتها في عالم الرموز غير القابلة للاستبدال، تقول: "الحركيّة في الأعمال المصوّرة القائمة على الرموز غير القابلة للاستبدال جسّدت هذا العنصر وأعطت العمل الفني بعداً مختلفاً وترجمت المشاعر في أعمالي الفنية أكثر." وتضيف قائلة: "أتاح لي ذلك فرصة كبيرة لاستكشاف بُعد مختلف في التعبير من خلال الفنّ. وتماماً مثل مغامرة فنّان في ممارسات متعدّدة التّخصصات من خلال الانتقال مثلاً من الرسم إلى النحت، فإنّ الرموز غير القابلة للاستبدال هي وسيلة جديدة لفتت انتباهي وأردتُ استكشافها أكثر. سيكشف الفنّ الرقمي الكثير من الاحتمالات للإبداع من خلال الاستفادة من بُعد آخر وأستطيع أن أقول إنّنا ما زلنا في البداية فقط."

تعاونت مجدة في إطار الرموز غير القابلة للاستبدال مع Morrow Collective للمرّة الأولى في أكتوبر من العام الماضي. وتخبرنا: "لقد دعموني كثيراً في تعريفي على الرموز غير القابلة للاسبتدال وتوجيهي في العمل. ويسعدني كثيراً أن أكون جزءاً من هؤلاء الفنّانين وفي طليعة الفنّ والتكنولوجيا. كان المعرض الأوّل الذي شاركت فيه هو معرض 50|50 في مكتبة الصفا للفنون والتصميم في يناير من هذا العام، وقد حقّق نجاحاً كبيراً وفتح لي المجال للكثير من المعارض الأخرى واستمرّت مشاركتي بالمعارض منذ ذلك الحين."

صورة ذات وسائط مختلطة
تستكشف الفنّانة اللبنانيّة في أعمالها علم النفس وراء النزاعات والرابط الذي يخلقه المرء مع الأماكن والأحداث والوجوه التي يلتقيها. وتشاركنا التالي: "هذه اللوحة هي جزء من سلسلة صور تركّز على ما يجعل منّا ما نحن عليه والدروس التي نتعلّمها من المشوار الذي كان علينا القيام به. إنّها دعوة لاحتضان ماضينا وجذورنا والتطلّع إلى مستقبل أفضل. وعملي هذا مستوحى من الشاعر والفنّان جبران خليل جبران: "لقد تعلّمت الصمت من الثرثار، والتساهل من المتعصِّب، واللطف من الغليظ، والأغرب من كلّ هذا أنّني لا أعترف بجميل هؤلاء المعلِّمين". وتشدّد: "تنعكس هذه المشاعر من خلال صور نساء يحتفلنَ بما يجعلنا ما نحن عليه ممّا يقودنا إلى الشوق والأمل والطموح والجرأة والعدالة والمرونة والتضامن والتسامح والحرية والسلام. هذه الكلمات القويّة تصنع عناوين صور هذه السلسلة". وتتوسّع حول عملها Audacity: "إنّها صورة ذات وسائط مختلطة مصنوعة من طلاء الأكريليك ومجموعة من الصور المركّبة والمنظّمة من تجارب وأماكن مختلفة تحمل معها الذكريات التي نقدّرها، والدروس التي تعلّمناها ورؤيتنا للمستقبل". وتختتم: "بعثت حركيّة الأعمال المصوّرة القائمة على الرموز غير القابلة للاستبدال الحياة في هذه العناصر وجعلت المشاهد ينغمس في تلك المشاعر التي من شأن الصور أن تعكسها."

ومن الرموز غير القابلة للاستبدال، دعينا نلقي الضوء في نهاية جولتنا على معرض التقى فيه الفنّ الملموس والفنّ الافتراضي والرموز غير القابلة للاستبدال مع منصّة Emergeast الإلكترونيّة التي لطالما نقلت قلب المشهد الفنيّ في الشرق الأوسط إلى الجمهور الأوسع. في الواقع، شاركت هذه المنصّة للمرّة الأولى في النسخة الخامسة عشرة من آرت دبي! وسنكتشف في ما يلي مع مؤسّستَي المنصّة ديما عبد القادر ونيكي مفتاح كلّ شيء عن مفهوم الـ"Phygital" أي المزيج بين العالمين الماديّ والرقميّ ومساهمة المنصّة في آرت دبي!

Dima Abdul Kader & Nikki Meftah يظهر معرضنا في آرت دبي تزاوجاً بين أعمال الفنّانين "الماديّة" وعبورهم إلى العالم الرقميّ  

"فرحنا جداً للمشاركة في المعرض الفنّي الدوليّ الأوّل لنا وبأنّنا كنّا جزءاً من القسم الرقميّ الافتتاحيّ في آرت دبي! كمعرض إلكترونيّ، تماشى القسم الرقميّ للمعرض مع مهمّتنا المتمثّلة في استخدام التكنولوجيا لتحقيق إبداعات الفنّانين أكثر بالإضافة أيضاً إلى استخدام التكنولوجيا لتسهيل رحلة هواة جمع الأعمال الفنيّة"، بهذه العبارات تصف ديما عبد القادر مشاركة Emergeast في هذه النسخة من آرت دبي. وتكمل نيكي مفتاح قائلة: "تضمّن العرض فنّانينا الذين يستكشفون طريقة بعث الحياة في أعمالهم. وقد كان من دواعي سرورنا أن نشارك في العملية الإبداعيّة لتحويل أعمالهم إلى حقيقة. كان جناحنا في المعرض يقدّم أعمالاً فنيّة رقميّة رفيعة تمّ سكّ رموزها على منصة الـBlockchain (الرموز غير القابلة للاستبدال) كقطع فريدة لهواة الجمع".

وفيما تذهلنا دائماً منصّة Emergeast بأعمال الفنّانين الموهوبين الفنيّة الرائعة التي تقدّمها، ما كان الموضوع أو المعايير المحدّدة للأعمال الفنيّة والفنّانين للمشاركة في هذا المعرض؟ تؤكّد لنا نيكي قائلة: "يتمحور عمل كلّ فنّان نمثّله حول سرد القصص والروايات الفريدة التي يقدّمها. ونحن لا نحصر الأعمال التي نعرضها في أيّ موضوع محدّد، لذا فإنّ كلّ عمل يحمل قصّة قويّة تجسّد تمكين المرأة مثلاً والتكنولوجيا والطبيعة والكون. هدفنا هو رفع مستوى الوعي الجماعي وتسليط الضوء على واقع أنّنا جميعنا واحد من خلال التعبير الإبداعي."

هناك الكثير من التوق والفضول للفنّ الرقمي في المنطقة

كيف يلتقي الفنّ الماديّ والفنّ الافتراضيّ والرموز غير القابلة للاستبدال معاً في مفهوم "Phygital"؟ تؤكّد لنا ديما قائلة: "يظهر معرضنا في آرت دبي تزاوجاً بين أعمال الفنّانين "الماديّة" وعبورهم إلى العالم "الرقميّ"". ثمّ تضيف: "بالإضافة إلى تقديم النسخة الماديّة لعمل أحد فنّانينا بهدف إظهار العلاقة بين الفنّ التقليديّ والرقميّ، كان من الرائع رؤية الزائرين يتقبّلون طريقة مزج الفنّ الرقميّ بالماديّ، والطريقة التي يختار فيها الفنّان تصوير قصّته. وفي النهاية، تكمن الرسالة في الوسيلة المستخدمة".

وفي الختام، سألنا السيّدتين عن نظرتهما لتطوّر الفنون في منطقة الخليج في ظلّ التحوّل الرقميّ، والدور الذي تلعبه الفنّانات في هذا التطوّر. فتجيبنا نيكي من جهتها: "نرى أنّ النساء يغيّرنَ القصّة في عالم الرموز غير القابلة للتبديل. هدفنا هو تعزيز صوت النساء، حيث من المهمّ جداً نشر الوعي حول النساء المبدعات. نحن نعيد تعريف طريقة سرد قصص النساء". أمّا ديما، فتختم من جهتها: "يمكن القول إنّ هناك الكثير من التوق والفضول للفنّ الرقميّ في المنطقة. والسبب في ذلك هو طبعاً الأساس الفنيّ والثقافيّ القويّ الذي تمّ بناؤه في المنطقة طوال العقد الماضي. ونرى أنّه سيتمّ تقبّل الفنّ الرقميّ تماماً مثل الفنّ التقليديّ في المستقبل القريب جدّاً".  

اقرئي أيضاً: بطولة Richard Mille العُلا بولو الصحراء تختتم فعاليّاتها... والفوز ملكيّ بإمتياز!

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث