معرض آرت دبي 2024: اكتشفي أعمالاً فنية تسلّط الضوء على قضايا إنسانيّة عالميّة تؤثّر علينا جميعاً

آرت دبي هو معرض سنوي ننتظره بفارغ الصبر! وقد شهدنا تغييرات رائعة منذ إنطلاقه في العام 2008. فماذا تخبئ لنا نسخة هذا العام؟ دعينا نكتشف ذلك مع Pablo del Val، المدير الفني في آرت دبي الذي يحمل في جعبته عقوداً من الخبرة كمدير ثقافي وقيّم ومدير لمعارض فنية معاصرة حول العالم قبل أن ينتقل إلى دبي عام 2015 للعمل مع فريق آرت دبي. هو يشرف اليوم على الرؤية التنظيمية للمعرض وبرنامج هواة الجمع الدولي، ويشاركنا في هذا الحوار الحصري المزيد حول المعرض الذي يُقام من الأول حتى الثالث من مارس في مدينة جميرا.

 

إقرئي أيضاً: الأمل والمجتمع والتواصل والاحتفال في قلب Art Dubai 2023

 تأسّس معرض آرت دبي عام 2008. هلّا تخبرنا أكثر عن تطوّره عبر الزمن؟

واكب تطوّر آرت دبي تقدّم دبي نفسها. وكمعرض يُقام في الشرق الأوسط ويقدّم أعمال فنّانين محليّين وعالميّين على حدّ سواء، فقد تطوّرت هويّته تدريجياً لتعكس مكانة دبي كمركز متعدّد الثقافات، وكنقطة التقاء لعالم فنون الجنوب العالمي. لا توجد مدينة أخرى، وبالتالي معرض فني آخر، في العالم تجمع بين المجتمعات معاً كما نفعل.

لقد شهدنا على مرّ سنوات الإضافات الرائعة لكلّ نسخة من معرض آرت دبي. كيف تصف المعرض هذا العام، وما الجديد فيه؟

على مرّ السنين، شكّل المعرض نافذة تطلّ على المناطق التي لم تكن سابقاً على الساحة الدولية، ممّا أدى إلى ترسيخ مكانته كمساحة لاكتشاف المواهب الشابة منذ مراحله الأولى. وفي العام 2024، هدفنا هو إعادة تعريف ما يعنيه أن يكون المرء من "الجنوب العالمي"، متجاوزين الحدود الاقتصادية والجغرافية. وبالنسبة إليّ، هذه رواية حيّة تتجلّى في أعمال الفنّانين القادمين من أماكن مختلفة مثل ساو باولو والقاهرة وطهران وبيروت ونيودلهي ولندن وباريس ونيويورك على سبيل المثال لا الحصر. هذه هي المواقع التي نمت وتطورت من خلال موجات هجرة كبيرة، إما بسبب الشتات أو لاستقبال مجتمعات اضطرّت إلى التكيف مع واقع جديد. وأتساءل في عصرنا هذا أين هو الجنوب العالمي الحقيقي، في ضواحي باريس أو في طنجة؟ في كلا المدينتين طبعاً، أو على الأقل هذا ما أراه من خلال الفنّانين القادمين منهما.

ما هي المحاور الرئيسة هذا العام وما الذي يميّز كلّ قسم؟

في آرت دبي 2024، يمكن للزوار أن يتوقّعوا العثور على أكثر من 100 عرض ما بين الفنّ المعاصر والحديث والرقميّ من أكثر من 60 مدينة و40 بلد. وسيركّز كلّ قسم على محاور ووجهات نظر مختلفة.

هذا العام، القيّمة الفنيّة على قسم "آرت دبي الحديث" هي مؤرخة الفنّ الدكتورة Christianna Bonin. وسيعرض هذا القسم روائع نادرة لعظماء العصر الحديث مثل حامد عبدالله من مصر وعبد المنان شما من سوريا وفاطمة الحاج من لبنان و Samuel Kakaire من أوغندا و Chandraguptha Thenuwara من سريلانكا. وقد دُعي جميع هؤلاء الفنّانين للدراسة أو العرض في الاتحاد السوفياتي بدءاً من حقبة الستينات، ممّا يعيد القيم الفنيّة المشتركة التي ستشكل في نهاية المطاف الجنوب العالمي. نحن نفتخر فعلاً بتقديم هذا القسم من المعرض الذي يسلّط الضوء على تاريخ فنّي أقلّ شهرة لكن ذي أهمية كبيرة.

ومن ناحية أخرى هناك قسم "آرت دبي الرقمي" للعام الثالث ولا يشبه أي معرض فنّي آخر. سيعرض هذا القسم، برعاية Auronda Scalera وAlfredo Cramerotti، أبرز أعمال روّاد التكنولوجيا الرقميّة الأوائل بالإضافة إلى أهمّ الاتجاهات الناشئة المتطورة في فنّ الذكاء الاصطناعي والواقع المعزّز والواقع الافتراضي والرموز غير القابلة للاستبدال، إلى جانب المشاريع الغامرة، وكلّ ذلك معروض في نهج "phygital" الذي يدمج بين الواقع الفيزيائي الحقيقي والرقمي ليعكس العصر الذي نعيش فيه. كما سيركّز قسم "آرت دبي الرقمي" على الشمولية والتمثيل، مع تسليط الضوء على مساهمات الكثير من النساء الموهوبات في الجنوب العالمي بشكل خاص.

نحن نؤمن جداً بقدرة الفنّ التحويلية في إلهام الجماهير للتفاعل مع القضايا المجتمعية المهمّة. وبرعاية Emiliano Valdes، مسؤول التقييم الفنيّ في متحف Medellín Museum of Modern Art في كولومبيا، سيسلّط قسم "بوابة" الضوء على الفنّانين الجدد وغير الممثّلين كثيراً من أميركا اللاتينية وجنوب آسيا. ويدفعنا هؤلاء الفنّانون إلى توظيف الفنّ في سبيل الأمل والشفاء والتغلّب على الصراعات في الأوقات الصعبة التي نواجهها اليوم. وسيتضمّن المعرض أيضاً عروضاً وأنشطة تفاعلية كبرى في خيمة خاصّة تقع في قلب المعرض لإبراز هذه المشاعر والتجارب.

يُعتبر هذا المعرض الفني مرآة للمجتمعات والهويات والثقافات العالمية المتنوّعة في دبي. كيف تساهم المحادثات وبرنامج التعليم في منطقتنا في الحوار الدولي حول الفنّ؟

يلعب المعرض دور المؤسّسة بطرق متعدّدة. فنحن نهدف إلى تقديم الفنّ بأعلى المعايير ليس فقط لجذب الجمهور وإلهامه، بل لتثقيفه حول وجهات النظر الفنيّة التاريخية والمعاصرة الغنية في هذه المناطق.

وقد تطوّر المؤتمر متعدّد التخصّصات الذي يقام في آرت دبي، أي منتدى الفنّ العالمي، مع المعرض طوال 17 عاماً. وسيجمع منتدى هذا العام، الذي يحمل عنوان Whether or Not، من تنظيم Shumon Basar وتنسيق نادين الخوري، كبار المفكّرين والفنّانين المبدعين للبحث والمساهمة في المخاوف المربتطة بأزمة المناخ الشديدة. بالإضافة إلى ذلك، سيتمّ دعم محادثات الفنّ الحديث ومقتني الأعمال الفنية من مجموعة مقتنيات دبي Dubai Collection، وهي أوّل مجموعة فنية مؤسّسية في دبي، حيث سيتمّ تقديم جلسات تعليميّة حول فنّانين مشهورين من المنطقة وإرشاد الأفراد في ما يتعلّق بكيفية الشروع في رحلتهم في جمع الأعمال الفنية.

وإلى جانب برنامج الجلسات الحواريّة، فإن التزامنا بتعزيز بيئة مزدهرة للفنّانين والجمهور في دبي هو التزام واسع النطاق. ويشمل ذلك مبادرات مثل Campus Art Dubai، الذي يقدّم التدريب والتطوير المهنيّ لخرّيجي الفنون الجدد، بالإضافة إلى رعاية الجيل القادم من خلال برنامج الأطفال التابع لمجموعة A.R.M. Holding . إذ يدعو هذا البرنامج كبار الفنّانين العالميّين لقيادة ورش عمل باستخدام الفنّ لجذب الأطفال في مواضيع تتنوّع بين الاستدامة والتسامح. وفي العام 2024، سيقود الفنّان الهندي Sahil Naik برنامج الأطفال، حيث سيشرك العقول الشابة في ورش عمل تركّز على بناء مدن مستقبلية أفضل. وتهدف هذه المبادرة إلى الوصول إلى 15000 طالب في 100 مدرسة في دولة الإمارات العربية المتحدة.

فضلاً عن ذلك، نحن نؤمن أيضاً بإمكانات الرعاة من الأفراد والشركات في صقل مستقبل سوق الفنّ. فنعمل طوال السنة على تعزيز العلاقات مع هواة جمع الأعمال الفنية الجدد والقدامى من خلال Art Salon. كما أنّنا نتعاون بشكل وثيق مع شركات رائدة لها تاريخ طويل في دعم الفنون والفنّانين بما فيها Julius Baer وBMW وHUNA وClinique La Prairie وPiaget، وسيتمّ الكشف عن أعمال فنية جديدة في المعرض تمّ تكليفها من قبل هذه الشركات. ولا تخلق هذه التكليفات فرصاً للفنّانين فحسب، بل تشكّل أيضاً طريقة مباشرة لدعم المجتمع الإبداعي.

ماذا تقول للقارئات لتشجيعهنّ على زيارة المعرض هذا العام؟

من الفنّ المعاصر إلى التاريخي، ومن الواقع إلى العالم الرقمي، أشجّع القارئات على استكشاف الأعمال الفنيّة والبرنامج الأوسع بعمق. فيبرز المعرض بالتنوّع الثقافي الذي يحثّك على فهم التقاليد والتاريخ والجذور التي تنشأ منها واحترامها. وبالرغم من أنّ الأعمال الفنيّة تأتي من أجزاء مختلفة من العالم، إلّا أنّني أجد من المدهش أنّها تعكس كلّها قضايا إنسانية عالميّة تؤثر علينا جميعاً. وأدعو القارئات أيضاً لترك الأفكار المسبقة وراءهنّ، والدخول إلى المعرض بنظرة جديدة، والاستمتاع برحلة مذهلة مليئة بالاكتشافات والمفاجآت.

إقرئي أيضاً: Art Dubai 2022 مرآة لمستقبل الفنّ وتطوّره

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث