هل يحتاج أطفالنا للكتب؟

في صغرنا كنّا نستمتع بنبش الموسوعات والكتب في كلّ مرّة وُكّلنا فيها ببحثٍ مدرسيّ. وفيما كان هذا النشاط مُضني في بعض الأحيان، إلاّ أنّه كان ممتع ومجدي! حيث بنَينا علاقة حسيّة خاصّة مع الكتب والأقلام والكتابة. ثمّ ما لبثنا نستخدم الأجهزة الإلكترونيّة في إنجاز الفروض في وقت بات فيه محرّك غوغل الموسوعة الأكبر التي يمكن البحث فيها عن أيّ سؤال يخطر على بالنا. ويمكّننا بذلك من الإطّلاع على مئات وحتّى آلاف المقالات التي تحمل الإجابات لأسئلتنا. فماذا عن علاقة أطفالنا اليوم بالكتب؟

إقرئي أيضاً: Alissar Nasr :" الطالب يتعلّم عندما يدرك أنّ تعلّمَه هو لبناء شخصيّته، وليس إرضاءً لمحيطه "

فيما تطوّر محتوى محرّك البحث الشهير وأساليب استخدامه، كان من الضروريّ تطوير بعض البرامج التي تحمي حقوق الملكيّة في ظلّ تملّك بعض المستخدمين أو تعدّيهم على محتويات لم يبتكروها بأنفسهم. وبعيداً عن هذه الإشكاليّات التي سنتطرّق إليها في مقالات أخرى، قد يكون البعض منّا قد حافظ على علاقته بالكتب وقد يكون البعض الآخر قد فقدها. إلاّ أنّ لأطفالنا اليوم حكاية أخرى مع استخدام الأجهزة الإلكترونيّة في التعلّم سواء في الحصص المدرسيّة أو المنزل. وقد زادت جائحة كورونا من توطيد هذه العلاقة من خلال التعلّم عن بعد. وفيما بات لمحرّك غوغل هذه السنة منافس شرس مع تقديم تطبيق Chat GPT لحلول مركّزة وإجابات مختصرة ومحدّدة، ليس من المفاجئ أن تمنع بعض الجامعات والمدارس استخدام هذا التطبيق حيث "يسهّل" الحصول على إجابات لدرجة يتجرّد فيها النص من أيّ تدخّل فكريّ أو حسيّ للمستخدم.

وخبرة أطفالنا الذي اعتادوا على استخدام الأجهزة الرقميّة منذ ولادتهم قد تكون مختلفة عن خبرتنا، فتلك الأجهزة والمواقع والتطبيقات العديدة تشكّل لهم وبطريقة طبيعيّة وبديهيّة مصدر للمعلومات والتعلّم. إلاّ أنّ الدراسات الأخيرة تشير إلى أنّ استيعاب الأطفال للمعلومات عند قراءتها من الكتب المطبوعة تكون أعلى من استيعابهم لها عند اطّلاعهم عليها من خلال الأجهزة الذكيّة والشّاشات الرقميّة. وذلك خصوصاً في المراحل الأولى لنموّهم، حيث يتحسّن مستوى تعلّمهم عندما يكون ذلك من خلال أساليب تعليم تقليديّة ومواد حسيّة كالكتب.

وفيما يقترب العام الدراسي الجديد، لسنا هنا بصدد التكلّم عن مساوئ استخدام التكنولوجيا على الأطفال لأنّنا ندرك منافعها العديدة عند استخدامها بالشكل الصحيح ولا بصدد تقييم تأثيرها على قدرات الطفل الذهنيّة، إنّما للتأكيد أنّ التخلّي عن النّشاط الحسيّ والكتب سيؤذي مسيرة نموّ أطفالنا! فنعم، الكتب، ما زالت ضروريّة!

إقرئي أيضاً: Arwa Al Hashemi: " دمج التعلّم باللّعب في آن واحد في جوّ آمن وملهم "

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث