At Home مع Joelle Kurdi

التصوير: David Wang

التنسيق: Sima Maalouf وSarah Rasheed

 

فُتنت بـSalvador Dali منذ صغرها، فكانت حالمة مثله تطلق العنان لخيالها ولاحظ الجميع من حولها شغفها بالرسم وعلم بأنّها ستفجّر موهبتها يوماً ما، إلى أن أبدعت في الرسم التجريديّ، فباتت تجمع بين التراجيديا والكوميديا في آن واحد لتخرج من لوحاتها التي تعبّر عن الحياة اليوميّة حديثاً مع المُشاهد. إنّها جويل كردي الشغوفة التي تتمتّع بحسّ فنّيّ راقٍ وذوق رفيع وقلب معطاء ينبض بالحبّ الذي يتفجّر إبداعاً. زرنا منزلها في أبوظبي، فشعرنا عند دخولنا إليه بالضيافة والدفء، كأنّنا نغوص في عالم ينبض بالطاقة الإيجابيّة، تنساب فيه الألوان الدافئة بشكل ساحر مع الديكور القديم الذي يحمل قصّة وتاريخاً وقطعاً حديثة عمليّة. تخبرنا جويل في هذه المقابلة عن معرضها Wheel of Life وتجربتها الفريدة مع أولادها وكيفيّة تصميمها منزلها.

تنقّلت بين بيروت وباريس والإمارات. أيّ عاصمة هي الأقرب إلى أسلوب حياتك؟

كلّ عاصمة من هذه العواصم لها قيمة خاصّة لديّ. صحيح أنّني أتمتّع بالجنسيّتين اللبنانيّة والفرنسيّة، لكنّ لبنان يمثّل جذوري وعائلتي وطفولتي. أمّا باريس فهي عاصمة الثقافة والمعارض والمتاحف والمؤتمرات الفنّيّة وتاريخ الفنون الذي يمثّل شغفي. وأنا معجبة كثيراً بالتطوّر الذي شهدته الإمارات منذ استقراري فيها في العام 1976. وهذا التطوّر يشمل كلّ الأصعدة، وخصوصاً المرأة. واندمجت الإمارات بالتكنولوجيا سريعاً وطوّرت طبيعتها، ما أعطاها فرصة الحصول على
مناخ أفضل.

اقرأي أيضاً: At home with Amina Alabbasi

معرضك تحت اسم Wheel of Life. هل يمكنك إخبارنا عن القصّة وراء هذه التسمية؟ وما الذي تعبّرين عنه في فنّك؟

أطلقت تسمية Wheel of Life الموحّدة على معارضي، لأنّها تعبّر عن الحياة، فاللوحات التي أرسمها تعبّر عمّا أعيشه كلّ يوم، وعمّا أسمعه على المستوى السياسيّ والبيئيّ والتكنولوجيّ، وثمة نوع من الاستمراريّة في ذلك. فلوحاتي عبارة عن قصص يوميّة أضع فيها شخصيّات من التاريخ لأعبّر عن أنّ كلّ ما نراه ونعيشه هو عجلة تدور وتبدأ من جديد. وأتناول مواضيع دراماتيكيّة، لأنّنا نعيش اليوم في عالم تراجيديّ. لكنّني من خلال استعمالي الألوان المفرحة، أحرص على ألاّ أشعر المشاهد بالتشاؤم بل بالفرح، لأننّي شخص إيجابيّ أؤمن بأنّه بعد الظلمة نور. ولديّ شخصيّاً فضول لمعرفة التغييرات التي قد تطرأ على لوحاتي، فأعمل بتلقائيّة ولا أدرس اللوحة ولا أنظّمها قبل البدء بها. ولا أحبّ وضع مخطّط للوحاتي، لأنّه يحدّ من طاقتي وشغفي. وأحبّ ترك الأمور على تلقائيّتها: أبدأ باللوحة ثمّ أغيب عنها وأرجع إليها وعندما أشعر بأنّني أنهيتها أكون قد أنهيتها. والنجاح بالنسبة إليّ هو عندما أشعر باهتمام الناس بلوحاتي من خلال طرح الأسئلة عليّ وتأمّلها وقتاً طويلاً، فتدعوهم إلى التفكير.

شغفك بالفنّ جعلك تلجأين إلى فنّانين مشهورين لتعلّم دروس خصوصيّة في تقنيّات الرسم، هل من شخصيّة فنيّة معيّنة أثّرت فيك؟

منذ صغري، وجّهني والداي نحو الرسم، لأنّهما لاحظا اهتمامي الكبير به. ورأى مدرّسيَّ موهبتي وعلموا بأنّني سأفجّرها يوماً ما. وفي مراهقتي، اتّبعت دروساً خصوصيّة في الرسم لدى أساتذة وفنّانين. وفُتنتُ بـDali عندما تعرّفت على حياته، فكان طفلاً ذا مخيّلة واسعة وعندما رأى الفارق بين الواقع والخيال وضع خياله في قلب الواقع وجسّده من خلال لوحاته. وأنا أيضاً عندما كنت في الثامنة من العمر، كنت أطلق خيالي وأبقى لساعات أتأمّل السقف وأتخيّل كلّ المفروشات التي تحيط بي عليه. الإبداع بحاجة إلى الكثير من الخيال، وDali بالنسبة إليّ هو العبقريّ العالميّ والأزليّ.

اقرأي أيضاً: At Home مع Anine Bing

هل تعتبرين أنّ رسوماتك اليوم مستوحاة من سرياليّة Dali؟ 

عندما قرّرت دخول عالم الرسم التجريديّ، كان عليّ التمكّن من كلّ تقنيّات الرسم. وبدا تأثير Dali فيّ بطريقة غير مباشرة. فأضع صور Vintage وصور مجلاّت وأعمل على الفنّ التصويريّ، ثمّ أضع الشخصيّات التي أريدها في أماكن غير اعتياديّة ومواقف غريبة. وأطلق مخيّلتي بشكل أجمع فيه بين التراجيديا والكوميديا في آن واحد لأخرج من اللوحة حديثاً مع المُشاهد.

كيف تمكّنين المرأة من خلال لوحاتك؟ وما هي نصيحتك للمرأة لتحقّق أحلامها؟

لديّ عدّة لوحات أتكلّم فيها عن تأثير المرأة وقوّتها واستقلاليّتها وآفاقها وعزمها في الحياة. فأكنّ لها الكثير من التقدير والإعجاب، إذ إنّها مخلوق استثنائي يملك قوّة خارقة بداخله من خلال القدرة على الحمل. والمرأة هي التي تلد الرجل.

أنصح المرأة بأن تحبّ نفسها وتعطي الوقت لذاتها لتستطيع الاستماع إلى نفسها. فبعدما تتعرّف إلى ذاتها وتفهم من هي وماذا تحبّ وماذا تريد، تستطيع أن تتّخذ القرار بما يجب أن تفعله. ومن خلال المثابرة يمكنها تحقيق ما تريده. وينبغي عليها أن تعلم أنّ الرفيق الأحسن لها هو ذاتها وأن تقبل بضعفها، فعندما تحبّ نفسها تكتشف مواهبها.

هلّا تخبرينا كيْف كانت علاقتك بوالدتك وبعدها بأولادك؟

ساعدتني والدتي كثيراً من خلال العمل على تقوية شخصيّتي وحثّي على القيام بخيارات أفضل والعيش باستقلاليّة وتحقيق ذاتي.

وحصلت على تربية متطوّرة وكبرت في جوّ ثقافيّ سمح لي بالتعرّف على ذاتي. فأمّي كانت عالمة آثار وأبي طبيب قلب.

وطبّقت الطريقة عينها مع أولادي الثلاثة لكن بأقلّ صرامة. فعلاقتي مع أولادي تتميّز بالقرب والعاطفيّة. فأنا ولدت بقلب يحبّ العطاء، وأعطيت الكثير من الحبّ لأولادي وأردت دائماً سماعهم وتعليمهم القيام بخياراتهم والاهتمام بأنفسهم وتنظيم حياتم والعيش باستقلاليّة والقراءة لأنّ التعلّم عمليّة دائمة لا نهاية لها. وأنا سعيدة اليوم بأنّهم  يتمتّعون بشخصيّات قويّة ويقومون بخياراتهم الشخصيّة.

اقرأي أيضاً: At Home مع ندى غزال

ما هي النصيحة التي تسدينها إلى الأمّهات لتوطيد علاقتهنّ بأولادهنّ؟

تعلّمت الكثير من أولادي، فعلّموني كما أنّا علّمتهم. من المهمّ أن نقبل بأن يعلّمنا أطفالنا عبر الأخذ باقتراحاتهم. وهذا ما أنصح به النساء: صحيحٌ أنّكنّ تؤدّين دوراً تجاه عائلتكم، لكن عليكنّ الأخذ بالاعتبار الدور الذي يؤدّيه أولادكم تجاهكنّ، فعمليّة التربية مشتركة وبهذه الطريقة تستطعن بناء علاقة قويّة معهم.

كيف غيّرت الأمومة مسيرتك المهنيّة؟

الأمومة تعني القلب الكبير. والدخول في الفنّ والإبداع بحاجة إلى قلب معطاء فيه لأنّ الإبداع بحاجة إلى الحبّ. وعندما أصبحت أمّاً، استفاق لديّ حسّ الأمومة وأصبحت لديّ قوّة حبّ أكثر تغني فنّي وإبداعي.

تتناولين في أعمالك الفنّيّة تجارب حياتيّة. كيف تمكّنت من التوفيق بين شغفك بالفنّ والأمومة؟

قد يحقّق ذلك عبر التنظيم، لكن من المهمّ التمتّع بحبّ تحقيق الذات أوّلاً للتمكّن من منح الحبّ للأطفال. فإذا لم أحقّق ذاتي خارج عن أطفالي، لا أستطيع أن أكون أمّاً جيّدة. وعندما أنمّي ذاتي، أستطيع تنمية أطفالي. أمّا إذا كنت محبطة ولا أتمكّن من إنجاز ما أريده، فلن أستطيع الاهتمام بأطفالي بل سأنقل لهم إحباطي.

لوحاتك تجسّد عراقة الأمس والجانب العمليّ اليوم. هل تمزجين هذين الأسلوبين في منزلك أيضاً؟

اعتمدت على التلقائيّة في تصميم منزلي كما أعتمد عليها في رسم لوحاتي. ولديّ مفروشات قديمة جدّاً من عصر Louis XIII وXV و XVIمع قطع أخرى حديثة. هذه المفروشات جلبتها معي من بلدان كثيرة زرتها حول العالم، إذ أحبّ أن تحمل كلّ قطعة قصّة وتاريخ. ولا أحبّ الحداثة كثيراً، لانّني أشعر بأنّها باردة لكنّ ذلك لم يمنعني من وضع قطع جديدة لأنّ هذا المزيج بين القديم والحديث جميل.

اقرأي أيضاً: AT Home مع نزهة علاوي

كيف عبّرت عن شغفك بالجمال والفنّ عند تصميمك منزلك؟

علّمتني أمّي في صغري كيفيّة التفريق بين المبنى القديم والمبنى الجديد المقلّد للقديم، وتأثّرت بطريقة وضعها الأزهار والمفروشات. ثمّ أخذت ذلك المخزون الذي بقي في ذاكرتي مع كلّ الأفكار التي تسجّلت في ذهني عند زيارة المتاحف ومعارض الديكور وطوّرته على طريقتي الشخصيّة في منزلي. وبما أنّني لا أحبّ البقاء في مكان تسوده الصلابة والجمود، أغيّر تصميم صالون منزلي من وقت إلى آخر، فالحياة عجلة مستمرّة، كلّ شيء فيها في حركة والحركة تدلّ على الحياة.

تطغى الألوان الدافئة والناريّة على تصميم منزلك. ماذا يدلّ ذلك على شخصيّتك؟

أنا شخص شغوف وأحبّ التواصل وبناء علاقة مع الآخرين. والضوء مهمّ جدّاً بالنسبة إليّ، ولا أستطيع إهماله. وأحبّ أن تكون بعض الأماكن مظلمة وأخرى مضيئة فأنا بحاجة إلى عيش هذا التباين. وعندما أكون بحاجة إلى الهدوء أجلس في مكان نصف مظلم، وعندما أريد أن تتوضّح أفكاري أتوجّه إلى مكان مضيء أكثر، فأعتبر أنّ الضوء يتماشى مع شعورنا.

تتمتّعين بحسّ فنّيّ مرهف، فهل واجهت أيّ مشكلة في اختيار أثاث منزلك وإكسسوارت الديكور؟

كلاّ، عبّرت عن شغفي بطريقة عفويّة وطبيعيّة جدّاً. فمنزلي جزء ممّا عشته في حياتي. وأعرف كيف أستفيد من المساحة بطريقة مدروسة لدرجة أنّ أصدقائي يأخذون بنصيحتي عندما يصمّمون منازلهم.

كيف تصفين منزلك بكلمة واحدة؟

إنّه منزل دافئ حتّى أنّ الأشخاص الذين يدخلونه يعبّرون بشكل واضح عن شعورهم بالضيافة والدفء وبالطاقة الإيجابيّة.

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث