بما أنّنا في ماري كلير العربيّة نبدي اهتماماً خاصّاً بعالم الساعات والمجوهرات الفاخرة، اتّجهنا مباشرة إلى جنيف الشهر الفائت لحضور معرض Watches and Wonders العالمي حيث عشنا تجربة شخصيّة حالمة وغصنا في تقنيّات هذه الصناعة واكتشفنا أحدث إصداراتها.
اقرئي أيضاً: اجدد ساعات Jaeger-LeCoultre اكتشفناها في معرض Watches & Wonders العالمي
ننتقل إلى جناح Van Cleef & Arpels المستوحى من الطبيعة والشِعر والرومانسيّة والحبّ، لنقابل الرئيس والمدير التنفيذي للدار،
Nicolas Bos.
يعتمد أسلوب Van Cleef & Arpels على الشِعر والرقيّ، فماذا وراء الإبداعات المبتكرة لهذا العام بدءاً من مجموعة Perlée وصولاً إلى مجموعتي Alhambra وLudo؟
انصبّ التركيز على جانب واحد محدّد في صناعة الساعات، وهو ما نسمّيه بـJewels that Tell Time. في الواقع، ثمّة اتّجاهان رئيسان في الساعات التي نبتكرها والطريقة التي نصنعها ونصمّمها بها. يتعلّق أحدهما بالبعد السردي، وما نسمّيه بالتعقيد الشاعريّ عندما نعمل على الآليّة والحركة الميكانيكيّة. لذلك فهو نهج محدّد لكنّه لا يزال خاصّاً بصانعي الساعات. أمّا الاتّجاه الآخر فيتعلّق بالمجوهرات التي تتمتّع بوظيفة تحديد الوقت، وبالتالي فالنهج المعتمد هنا هو ذلك الخاصّ بصانع المجوهرات والصائغ وهو بحسب تاريخ الدار، النهج الأوّل الذي تمّ اعتماده في صناعة الساعات، إذ اعتاد صائغو المجوهرات في بداية القرن العشرين أن يبتكروا ساعات كعناصر من مجموعة مجوهرات. بحيث يقدّمون العقد والبروش والخاتم بالإضافة إلى الساعة، لكنّ العامل الأساسيّ سيكون التصميم وعناصر المجوهرات والأحجار الكريمة، فكان مؤشّر الساعة مجرّد مكوّن وعنصر يتمّ تحسينه لاحقاً. لذا فهو نهج محدّد ونحن ما زلنا ملتزمين به جدّاً ونريد الاستمرار به. وهذا ما نقدّمه بالفعل هذا العام، فيتجلّى ذلك في ساعة Alhambra مثلاً أو ساعة Perlée أو Ludo كما ذكرتِ. فهي بالفعل ساعات تشكّل جزءاً من مجموعات المجوهرات إنّما تتضمّن ميناء وآليّة الحركة.
في نسخة معرض Watches and Wonders للعام 2022، قدّمت الدار إبداعات آسرة مثل Lady Arpels Heures Florales وLady Arpels Ballerine Enchantée في أجواء شاعريّة مستوحاة من الطبيعة والرقص. ما الذي تدعون المرأة إلى اختباره هذا العام؟
هذا العام ندعوها للاستمتاع أكثر بنهج صانع المجوهرات. في العام الماضي كنّا نحاول إظهار كيف يمكننا إعادة النظر في النهج الذي يعتمده صانع الساعات. وكان بطريقة ما نهجنا الخاصّ لصناعة الساعات ولكنّنا كنّا نعيد العمل على آليات الحركة وعلى البعد السرديّ والمشاعر التي يمكن أن نعكسها من خلال الآليّة والحركات الميكانيكيّة، وجاءت النتيجة بالفعل في الساعات التي ذكرتِها والتي قدّمناها في المعرض. لذا فإنّ ما نقدّمه للزوّار والزبائن ليس في الحقيقة مجرّد ساعات بل مجوهرات تشير إلى الوقت. إنّها قطع مجوهرات تتضمّن ساعات، فتكون مرئيّة أحياناً ومخفيّة أحياناً أخرى، ولكنّها في الأصل مجوهرات، وليس بالضرورة أساور إذ يمكن أن تكون قلادات أو بروش...
اقرئي أيضاً: اجدد ساعات Bvlgari اكتشفناها في معرض Watches & Wonders العالمي
هل تفضّل العمل على ابتكار ساعة من الصفر، أو إعادة ابتكار وتصميم قطعة خالدة للدار ؟
ما نفعله هو في الحقيقة مزيج من الاثنين معاً. فمن الصعب جداً الابتكار من الصفر وبخاصة في دار تتمتّع بتقاليد وإرث وتاريخ قويّ جداً. إذ يجب أن يكون كلّ ما نريد تطويره جزءاً من هذا الإرث، سواء كان ذلك متعمّداً أو لا، واضحاً جداً أو لا، نحن نعيد تفسير بعض هذه الرموز. وفي بعض الأحيان تكون مختلفة، لكن كلّها لها جذور في الدار. ومن ناحية أخرى، لا نريد مجرّد إعادة صناعة قطع من الماضي. لذا فإن الفكرة هي إيجاد طريقة لإعادة تفسير بعض العناصر وإعادة جمعها لمنحها حجماً جديداً وتصاميمَ معدّلة قليلاً وألواناً جديدة بحيث نكتب فصولاً جديدة في قصّة الدار.
يصادف هذا العام مرور أكثر من عقدين من الزمين على انضمامك إلى أسرة Van Cleef & Arpels، ولا شكّ في أنّ الكثير قد يتغيّر في هذه الفترة الزمنيّة. كيف ترى تطور الدار على مرّ السنين، وإلى أين تهدف أن تصل بها في المستقبل؟
أظنّ أنها كانت فعلاً مسألة استمرارية. وفي الواقع نلاحظ من ردود الفعل التي نتلقّاها، أنّ هوية الدار هي اليوم تماماً كما كانت عليه قبل 20 عاماً أو قبل 8 أعوام، ويرى الناس أنّنا تمكّنا من الحفاظ عليها مع الفريق وإثرائها في الوقت نفسه كما حصل أيضاً في الماضي. لذا كما كنت أتحدّث عن كتابة فصول جديدة ضمن قصّة الدار نفسها، فإن مجموعة Poetic Complications مثلاً وبعض مجموعات المجوهرات الراقية وخطوط معيّنة مثل Perlée، هي بالنسبة إليّ فصول جديدة مثيرة للاهتمام ربما ظهرت في العقدين الماضيين لكنّها تشكّل أيضاً استمراريّة لكلّ ما تم تقديمه من قبل. وأنا سعيد جداً بذلك، وهذا هو الشيء الوحيد الذي أرغب في الاستمرار فيه، وأعتقد أن الفريق ملتزم بذلك جداً أيضاً.
ما هو برأيك السرّ الرئيس الذي يسمح لدار فاخرة بالمحافظة على مهارتها وحرفيّتها مع مرور الزمن؟ وكيف يمكن المزج بين الدراية الفنيّة في صناعة المجوهرات والخبرة في صناعة الساعات؟
من أجل الحفاظ على الدراية أو الحرفيّة، نحتاج إلى إيجاد طرق لتبقى دائماً ذات صلة. إذ أنّ الحرفية ستختفي عندما لا تكون مرغوبة أو مفيدة. فلو كان الغرض الوحيد من صناعة الساعات الميكانيكيّة هو معرفة الوقت، لاختفى هذا الفنّ وهذه الحرفة منذ عقود مع ظهور الهواتف والأدوات التكنولوجيّة الأخرى التي تتعدّى دقّتها في معرفة الوقت أيّ ساعة ميكانيكيّة. لكنّ أهميّة صناعة الساعات الميكانيكيّة هي العمل في أبعاد مختلفة لتصبح قطعة فاخرة ومصدراً للمتعة والمكانة الاجتماعية حيث يمكن أن يجتمع فيها الفنّ والحرفيّة. لذا تخطّت الصناعة الجانب الوظيفيّ للساعة أو المنفعة منها. وأظنّ أنّ هذه هي الطريقة للحفاظ على هذه الحرف... فإذا تمّ الحفاظ على الحرفة فقط للحفاظ على الماضي أو بدافع الحنين إليه أو كذكرى من القرون الفائتة فهي حتماً ستزول. يجب الحرص على الحفاظ على حيويّتها وأهميّتها عبر السنوات. والطريقة للقيام بذلك هي دائماً من خلال الإبداع، ليكون هناك دائماً فكرة إبداعيّة مثيرة للاهتمام وتصميم مميّز وقصّة جديدة نرويها، هكذا نحافظ على الحرف. فعندما بدأنا مثلاً في تطوير ما نسمّيه بالتعقيدات الشاعريّة، كانت هذه طريقة جديدة نعتمدها للدمج بين الحرفتين: حرفة صناعة المجوهرات من جهة وصناعة الساعات من جهة أخرى، لتخدم غرضاً معيّناً وتسرد قصّة جديدة شعرنا أنّها فعلاً مثيرة للاهتمام. وبهذه الطريقة أيضاً نجذب الحرفيّين الجدد ونحفّز حرفيّينا في مشاغلنا لخوض مشاريع جديدة ورحلات جديدة.
أيّ ساعة هي المفضّلة لديك؟ وكم عدد الساعات التي غيّرتها خلال هذه السنوات الـ 23؟
لدي ساعات كثيرة وكلّ واحدة تخدم غرضاً مختلفاً. فأحبّ مثلاً هذه الساعة التي أضعها الآن وهي ساعة Planétarium التي ما زلت أحبّها لأنّنا عندما عملنا على مجموعة Poetic Complications، كانت القصص في أغلبها أنثوية. وعندما بدأنا العمل مستمدّين الوحي من علم الفلك ثم من فكرة إعادة ابتكار ساعة Planétarium، رغبت في وضعها بالتأكيد. لذلك أنا سعيد جداً بها لكنّني أحبّ أيضاً الكثير من ساعاتنا البسيطة جداً والكلاسيكيّة التي أجدها أنيقة . كما لديّ أيضاً الكثير من الساعات من علامات تجاريّة أخرى.
وكم عددها؟
ليس كبيراً! يوجد الكثير من الخيارات لتلبية كلّ الأذواق. لذلك أعتقد أنّه عندما يتعلّق الأمر بساعات الرجال، لدينا بعض المشاريع المثيرة للاهتمام، فهناك الساعات التي تحمل طابعاً شاعرياً وتقنياً جداً، ولدينا تلك الأنيقة والكلاسيكية. لكن ليس لدينا الرياضيّة مثلاً، بينما زملاؤنا مثل Vacheron Constantin أو Jaeger LeCoultre أو IWC يصنعون ساعات رياضية رائعة، ويبتكرون تعقيدات تقليدية رائعة وكرونومتراً رائعاً أيضاً، ونحن لا نقدّم ذلك في Van Cleef & Arpels.
ومتى تختار تلك الساعات بتوقيع دور ساعات أخرى؟
على الأقلّ ليس في معرض Watches and Wonders! فسيكون ذلك غريباً بعض الشيء.
وهل تضع مثلاً ساعة Apple؟
لديّ واحدة لكنّني لا أضعها لأنّني لا أتذكّر شحنها فلدي] هاتف iPhone و iPad لأشحنهما أيضاً. إنّها تتطلّب الكثير من الانضباط، لذا فهي لا تناسبني!
هل هناك حادثة معيّنة جعلتك تشعر بأنّ الوقت قد توقّف؟
هناك حتماً مكان أشعر فيه بأنّ الوقت قد توقّف، وأحبّ فعلاً زيارته. إنّه يقع في Sainte-Croix حيث يتواجد مشغلنا وسط جبال سويسرا، وليس بعيداً جدّاً من جنيف. هناك، لا يعرف المرء ما إذا كان في القرن الثامن عشر أو في العام 2023. فندخل المشغل لنجد ساعات من العصور الوسطى وآلات ذاتيّة التشغيل من القرن التاسع عشر وابتكارات جديدة، فنشعر وكأنّنا خارج هذا العالم وهذا الوقت! إنّه أمر ممتع فعلاً وشعور أحبّه جدّاً، وأظنّ أنّ الوقت دائماً مناسب لبعض السحر.
كيف ترى تطوّر العلاقة بين الدار والزبائن في دول مجلس التعاون الخليجي؟ وما هي مشاريعها الجديدة من حيث التوسّع في المنطقة العربيّة؟
لدينا علاقة قويّة جداً وطويلة الأمد مع المنطقة. فعلى مرّ السنين، أصبحت الدار معروفة ومفهومة ومُقدَّرة جداً. نحن سعداء للغاية ونشكر مساعدتكم في سرد قصصنا. وأعتقد أنّ الرؤية وتقدير الحرفية في المجوهرات في دول مجلس التعاون الخليجي كبير ومتنوّع جداً. كما أنّ جميع المشاريع التي قمنا بها مثل School of Jewelry Arts والمعارض التي أقمناها، خارج التطوير التجاري، فهي تتماشى مع الثقافة المحليّة. لذلك نشعر أن لدينا علاقة قوية جداً على مستويات مختلفة، تجارياً وثقافياً أيضاً، من حيث الالتزام طويل الأجل بالتعليم والحرفيّة. لذا يمكن وصف ما يجمعنا بالشبكة أكثر من العلاقة. كما لدينا أيضاً الكثير من الخطط، وبعضها تجارية، فقد أعدنا مؤخراً فتح متجر لنا وتوسيعه في دبي مول. لدينا بالفعل بعض الخطط، وليس بالضرورة الكثير من المتاجر الجديدة، لكن في الأغلب نحن نرتقي ببعض متاجرنا ونوسّعها. ولا تزال هناك بعض التجارب التي أنا مسرور جداً بها مثل متجرنا في دبي أوبرا والذي يوفّر للزبائن تجربة مختلفة قليلاً عمّا يختبرونه في مركز تجاريّ وهذا رائع فعلاً. كما لدينا مشاريع مهمّة جداً في الأشهر القليلة المقبلة في مجال التعليم ومع School of Jewelry Arts التي ستقدّم حتماً بعداً جديداً في المنطقة.
