مبادرة "شمعة الأمل" تنير سلطنة عمان الليلة

بدأ اهتمام جناب السيّدة بسمة آل سعيد بالصحّة النفسيّة منذ نعومة أظافرها. وما لبِثَت حتّى انخرطت في هذا المجال وأصبحت خبيرة في الصحّة النفسيّة ومؤسّسة العيادة النفسيّة الأولى في سلطنة عمان. وقد عملت في السنوات العشرين الماضية على نشر الوعي المتعلّق بأهميّة الصحة النفسيّة، وتوجّت هذه القضيّة من خلال تأسيس حملة "نحن معك" للصحّة النفسيّة عام 2014. تُركّز السيّدة بسمة على أهميّة نشر المعلومات والوعي بخصوص الصحّة النفسيّة بطريقة تجعلها مفهومة من العموم. وقد اعتدنا في مجلّة ماري كلير العربيّة العودة إلى الخبيرة العُمانية للتّحدّث عن كلّ جديد في ما يخصّ الصحة النفسيّة. وفي ما يلي نتحدّث معها عن علاقة الصحة النفسيّة بالطبيعة ونصائحها بهذا الخصوص كما عن الفعاليّات التّي حضّرت في عمان خلال هذا الشهر المخصّص للصحّة النفسيّة لا سيّما "شمعة الأمل" التي ستنير السلطنة الليلة.

  1. أدرك الكثير من الناس بعد انتشار وباء كورونا أهميّة الرجوع إلى الطبيعة والمحافظة على مواردها. كيف يرتبط برأيك علمياً محيط الإنسان بصحّته النفسيّة والجسديّة؟

نحن دائماً ما نتطرّق كإخصائيون إلى أهميّة البيئة المحيطة للإنسان ودورها في التأثير السلبي والإيجابي عليه. وإنّ طبيعة البيئة التي تربّى فيها الشخص والتي تحيط به تزوّدنا بمعلومات عديدة عنه. وقد لاحظنا أنّ الأشخاص الذين عاشوا في بيئة صحيّة جيّدة يتخلّلها مناظر طبيعيّة مثل الجبل والأشجار والبحر يختلفون عن أولئك الذين عاشوا في المدينة ولم يحظوا بهذا المحيط الطبيعي. حيث ترتبط الطبيعة بالإنسان ارتباطاً وثيقاً. فمثلاً عندما يشعرشخص ما بالإنزعاج ويمشي في الطبيعة تتكوّن علاقة وثيقة بينه وبينها. كذلك عندما يريد مثلاً شخص آخر السفر أو شراء منزل يحرص في معظم الأحيان على أن تشمل خياراته وجود منظر طبيعي جميل أمامه. كذلك نحن كعرب لدينا ارتباط بالأرض وخيراتها.  

  1. كيف تصفين العلاقة بين استدامة الطبيعة واستدامة الصّحة النفسيّة؟

هي علاقة وطيدة لأنّ العلاقة بينهما مرتبطة منذ قديم الزمان. وكلّما قمنا بالمحافظة على الطبيعة نكون بصحّة نفسيّة وجسديّة جيّدة. ومن هنا أهميّة حملات التوعية البيئية بهذا الصدد. فإذا لم يكن لدينا طبيعة ولم نحافظ على البيئة كيف يمكن أن نعيش بصحّة جيّدة؟ وقد اكتشفنا خلال فترة انتشار الوباء قيمة الطبيعة المحيطة حيث قام الناس بالتوجه إليها من جديد. كذلك اكتشفنا أنّ بلادنا فيها مناطق جميلة وأنّ وجودها مهمّ لصحّتنا النفسيّة.

  1. ما هي الخطوات الجديدة التي ستطلقونها عبر منصّتكم في خلال هذا الشهر لويادة الوعي حول هذه القضيّة؟

في كلّ سنة ننظّم نشاطات مختلفة في خلال شهر مايو في سلطنة عمان. ولأنّنا نسعى دائماً إلى تحدّي أنفسنا وتقديم شيء مختلف ومتنوّع، قمنا بالتواصل هذه السنة مع منظّمة الصحة العالميّة ووزارة الصحّة في عمان في إطار حملة توعويّة تحت عنوان: "توقّف، تنفّس، تخيّر" مخصّصة للعاملين في الصفوف الأولى الذين لا يمتلكون الوقت للتفكير في صحّتهم النفسيّة. كما بدأنا كذلك بالتفكيرفي كيفيّة مساعدة الطلاب، فلطالما سعينا لإدراج الصحة النفسية كمادّة منهجيّة في المدارس وهنا جاءت فرصة التواصل مع وزارة التربية لنقوم بتدريب الأخصائيين ليكون هناك مادّة مخصّصة للصحة النفيسّة عند عودة الأطفال للمدارس. وهذا يُعتبر نجاحاً كبيراً! وبما أنّ موضوع التوعية لهذه السنة يرتكزعلى الطبيعة، تواصلنا مع جمعيّة البيئة في السلطنة للتعاون من خلال تحدّثنا على الجانب النفسي فيما يتولّون هم الجانب البيئي وكيفيّة المحافظة على الإستدامة المشتركة. أمّا بالنسبة للنشاطات الأخرى فنحن سنقوم اليوم في 20 مايو بمبادرة "شمعة الأمل" لإنارة دار الأوبرا وأماكن أخرى في السلطنة باللون الأخضر للدلالة على الصحة النفسية كما على الأمل لأنّ الظروف المحيطة بنا لا زالت صعبة. ونأمل بـأن تصل هذه الشعلة من السلطنة إلى كلّ الدول المحيطة والعالم.

إقرئي أيضاً: Hanan Alshehri: التمتّع بالصحّة يعني إيجاد التوازن وتحقيقه

  1. في حال كان مكان السكن أو التواجد الدائم بعيد عن الطبيعة، كيف يمكن معالجة هذا البعد برأيك انطلاقاً من أهميّة إرساء علاقة جيّدة مع محيطنا؟

هناك طرق عدّة، فإذا لم يكن هناك حديقة خارجيّة للمنزل، يمكننا أن نزرع في داخل البيت. كذلك يمكننا أن نعمد إلى تصميم ديكورمعيّن مستوحى من الطبيعة أو إلى وضع صورأو لوحات ترسم الطبيعة. كما يمكننا حتّى الكتابة أو الرسم عن الطبيعة أو الإستماع إلى موسيقى فيها من أصوات الطبيعة.

  1. ما هي النصائح التي تشاركينها مع قرائنا وقارئاتنا عن الإستفادة من الطبيعة للتّخلّص من التوتر وتجديد نشاطهم وإطلاق العنان لإبداعهم؟

يجب التمتّع بالوعي التام mindfulness أي أن يكون الإنسان واعياً لمحيطه وبالأخصّ للطبيعة التي تحيط به. وهذا تمرين وطريقة جديدة في الحياة يساعد الإنسان على تخفيف التوتر خصوصاً في هذه الأيام التي لا يزال يتفشّى فيها الوباء. عندما نعمل على الوعي التام يخفّف ذلك من القلق ويساعد على صفاء العقل فيزيد إبداعنا. كما أنّ تنفّس الهواء الصافي يزيد من تركيزنا، كذلك التواجد في الطبيعة يزيد من هدوئنا ويجعلنا متّزنين أكثر لنتعامل بشكل أفضل مع ما يحصل معنا ويساعد على الإسترخاء والمحافظة على صحّة القلب وأعضاء أخرى.   كذلك التخفيف من الولوج إلى العالم الإلكتروني أو حتّى الإنقطاع عنه أحياناً للتركيزعلى جمال الطبيعة يلعب دوراً مساعداً أيضاً.

إقرئي أيضاً: Lena Al Khereji: الصحّة هي التناغم التامّ بين العقل والجسد والروح

  1. إلى جانب أهميّة دورالطبيعة في حياتنا، للتكاتف والترابط دورفي الحدّ من المشاكل النفسيّة والسلوك السلبي. ما هي أفضل السبل برأيك لزيادة الوعي تجاه ذلك؟

أكثر ما علّمتنا إيّاه هذه الفترة التي تفشّى فيها كوفيد19 هو أنّنا لا نستطيع إلاّ أن نكون سوياً. وبالطبع نحن نتكلّم عن البعد الجسدي إنّما نشجّع على التقارب المعنوي والنفسي والعاطفي. فهذا الترابط عادةً ما يكون إيجابي عندما يكون موجوداً. أمّا أكثر ما يساعد على الحدّ من المشاكل النفسيّة فهو الوعي الذاتي والشعور بالإمتنان لما كنّا نعتبره في السابق تحصيلاً حاصلاً.

  1. منذ تفشّي فيروس كورونا تعيش المرأة ضغوطات كبيرة سواء لجهة اهتمامها بأطفالها أو متابعة حياتها المهنيّة. فكيف يمكنها رأيك في ظلّ كل تلك الضغوطات أن تولي الأهميّة لصحتّها النفسيّة؟

لطالما كانت المرأة أساس البيت. وحتّى عندما نتكلّم عن العلاقة مع الطبيعة فهي التي تحضّر لرحلات العائلة في الطبيعة وتلعب مع أولادها خلالها. وقد شهدنا في هذه الفترة قيام بعض النساء بكلّ شيء في المنزل. فإذا قامت المرأة بكلّ شي لن يكون هناك توازناً ومن الطبيعي أن تشعر بالإرهاق النفسي. حيث يجب أن يشاركها الرجل أو الزوج أو الأهل نشاطها، فالتعاون ضروري وقد أثبت الوباء ذلك. ومن هنا أهميّة وجود نظام معيّن يرتّب الحياة ويزيد التفاهم بين الزوجين حيث تكون المساواة في الفعل ويمشي الذكر والأنثى جنباً إلى جنب. وإنّ الأسر التي قامت بهذا التنظيم نجحت بالفعل في تخطّي العقبات!

إقرئي أيضاً: Maha Taibah: التواصل مع الآخرين المضاد الأوّل للاكتئاب

 

 

 

 

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث