في عيد ميلادها الـ17 جنى أمين تدافع عن حقّ تعليم الفتيات

لا حدود لطموحها وأحلامها وبالنسبة إليها التعليم يأتي أوّلاً. ففي خلال نشأتها في مصر، كانت محظوظة لحصولها على تعليم جيّد، لكن لسوء الحظ ملايين الفتيات حول الشرق الأوسط والعالم لا يستطعنَ قول الكلام نفسه. وبما أنّها تعتبر أنّ المرأة تمثّل مستقبل الشرق الأوسط أرادت الدفاع عن حقّ تعليم الفتيات وحثّهن على العودة إلى المدرسة في الخريف المقبل. ففي 29 مايو، استضافت فعالية 17For 17 وهو حدث افتراضي حول حقّ الفتيات في التعليم، ضمّ 17 متحدثاً من 17 دولة، من بينها مصر والأردن والولايات المتّحدة وفرنسا ودبي واليابان وفرنسا والمكسيك، احتفالاً بعيد ميلادها الـ17. إنّها الشابّة الطموحة جنى أمين والناشطة الأمريكيّة - المصريّة المقيمة في الولايات المتحدة، انضمّي إلينا في هذا الحوار الحصريّ الذي أجريناه معها للتعرّف إليها أكثر والتضامن معها من أجل تعليم الفتيات.

1- ما الذي قادك إلى المبادرة في خطوة إنسانيّة كهذه وجمع التبرّعات لدعم الفتيات المحرومات من التعليم؟ وهل من قصّة ملهمة عشتها في صغرك تركت أثراً في نفسك ودفعتك للمحاربة في سبيل حقوق المرأة؟

بما أنّني نشأت ما بين مصر وبوسطن، لاحظت الفارق الكبير بين الثقافتين. وغالباً ما كنت أزور بلدي الأمّ حوالى ثلاث مرّات في السنة لرؤية الأهل والأصدقاء. وفي خلال إحدى الزيارات، ذهبت إلى جمعيّة Heya Masr التي تمكّن الفتيات اليافعات المسلمات في القاهرة وتعدهنّ بغد أفضل. وما زلت أتذكّر جيّداً قصّة فتاة أُرغمت على الزواج وترك المدرسة في سنّ الـ14 عاماً، في سنّي تماماً آنذاك، وما لبثت أن أصبحت في سنّ الـ17 حتّى أصبحت أمّاً لأربعة أطفال. وقد استوقفني كيف تعاونت أختها الكبرى مع الجمعيّة لتنقع والديها بأهميّة عودتها إلى المدرسة والتعلّم لتصبح محامية لامعة. فأدركت فوراً حينها الأثر الذي يتركه العلم في حياتي ليس على الصعيد الشخصي فحسب بل لمساعدة الآخرين أيضاً، خصوصاً أنّك عندما تساهمين في تعليم المرأة تعلّمين المجتمع بأكمله.

3- عادةً ما تمكّن النساء الفتيات في سنّك، في حين نراك تشقّين الطريق نفسه في عمر 17 عاماً. كيف تفسّرين ذلك؟

لا أعتبر نفسي صغيرة في السنّ لأستخدام صوتي وأتمكّن من إيصاله إلى الآخرين. ففي خلال نشأتي، سُنحت لي الفرصة لمتابعة المسائل غير العادلة التي تحصل من حول العالم. وأعلم تماماً أنّ لصوتي صدىً كبيراً تماماً كصوت النساء الأكبر سنّاً منّي. ويمكنني أن أساهم في نشر صوت فتيات مجتمعي فلعلّ النساء الأخريات لسنَ على علم بما يجري من حولهنّ. وكلّما سُمع هذا الصوت الذي في داخلي كلّما كنت سعيدة وممتنّة أكثر.

4- بما أنّك اليوم مثالاً للفتيات اليافعات، هل ترين نوراً في نهاية النفق؟ وبعيداً عن التعليم، هل ستضمّ مشاريعك المستقبليّة حقوقاً أخرى؟

أتمنّى فعلاً أن أتوسّع لأطال الحقوق الأخرى للنساء وأحارب من أجلها. وبالنسبة إليّ، إنّ التعليم هو الأساس ويُعدّ الخطوة الأولى لدخول المدرسة والانطلاق في الحياة. والسبب وراء حرمان الفتيات من التعليم أوّلاً هو أنّهنّ حُرمنَ من حقوقهنّ الأخرى عموماً لا محال. وثمّة الكثير لأنجزه أيضاً بعيداً عن التعليم كالتمثيل النسائي في الحكومات مثلاً.

5- ما الدور الرئيس الذي لعبته والدتك في حياتك؟ وكيف ساهمت مسيرتها المهنيّة في دفعك إلى تخطّي الحدود؟

لأمّي دور هائل في حياتي ككلّ! إنّها المديريّة التنفيذيّة لشركة تُعنى بالكنولوجيا ولا تمتّ بأيّ صلة بما أفعله اليوم. إنّما أظنّ أنّها مصدر إلهامي الكبير لأنّها غالباً ما تشجّعني للمضي قدماً وتنصحني أن أتبع شغفي لأحقّق أحلامي بصرف النظر عمّا يعتقده الآخرون من حولي. قد يكون ذلك تفصيلاً صغيراً، إنّما يدفعك للإيمان بنفسك وبالنساء، خصوصاً العربيّات منهنّ، فهنّ يستطعنَ التألّق والنجاح. وعندما ترين مثلاً حيّاً أمامك في المنزل، لن يصعب عليك شيء ولن يقف في طريقك أيّ حاجز.

6- كيف تصفين المرأة القويّة ومن هي تلك التي تلهمك في العالم العربي؟

لا يسعني تحديد امرأة واحدة أو اثنتين تلهمانني في العالم العربي، فالنساء العربيّات ملهمات بالفعل. إنّما سأكتفي بذكر الدكتورة الكنديّة الليبيّة Alaa Murabit، ناشطة ومدافعة دوليّة رائدة عن حقوق المرأة ومشاركتها في عمليات السلام والنزاعات، والدكتورة Rania Al-Mashat، وزيرة السياحة السابقة في مصر ووزيرة التعاون الدولي الحالية. وأظنّ أنّهما يستخدمان جيّداً مناصبهما لتمكين المرأة والدفاع عن حقوقها في الشرق الأوسط، إذ أعتبرهما مثالاً تحتذي به النساء العربيّات المندفعات.

7- أخبرينا المزيد عن الفعالية التي أطلقتها؟ وما القيمة الإضافيّة التي جلبتها إلى حياتك؟

في 29 مايو، استضفت فعالية 17 For 17 وهو حدث افتراضي حول حقّ الفتيات في التعليم، ضمّ 17 متحدثاً من 17 دولة، احتفالاً بعيد ميلادي الـ17. وأذكر من بين المتحدّثين الرئيسة التنفيذيّة لصندوق ملاله والمديرة التنفيذيّة للتحالف العالمي للفتيات التابع لميشيل أوباما. إذ أعتبر أنّ التعليم قضيّة عالميّة لا بدّ من تسليط الضوء على أهميّتها. وبما أنّني أعتبر أنّ المرأة تمثّل مستقبل الشرق الأوسط، لا بدّ لي من أن أدافع عن حقّ تعليم الفتيات وأتمنّى أن تتضامني معي في تحقيق ذلك.

8- هل تؤمني أنّ منصّات التواصل الاجتماعي تساهم في إيصال صوتنا في الطريقة المناسبة؟

بالطبع، لمواقع التواصل الاجتماعي تأثير ضخم في عالمنا اليوم، وبدونها لما استطعت التواصل مع كلّ تلك الفتيات اليافعات حول العالم اللواتي استمعنَ إلى صوتي وساهمنَ في نشره عن بُعد خصوصاً مع تفشّي فيروس كورونا. إذ لعبت هذه المواقع دوراً كبيراً في الترويج للحدث الذي أطلقته بما أنّه كان افتراضيّاً. وأنا جدّاً فخورة بالنجاح الذي حقّقه هذا المشروع عبر جذب المستمعين من أنحاء العالم سواء فتيات أو نساء أو رجال إذ حاز على 17 ألف مشاهدة. وقد يسعني القول إنّه لو أقيم فعليّاً على الأرض لما حقّق ربّما هذه النتائج الناجحة.

9- أنت مصريّة أميركيّة مقيمة في بوسطن، لمَ ستذهب التبرّعات إلى مؤسّسة غير ربحيّة في الأردن تحديداً؟

منذ سنوات قليلة، ذهبت في زيارة إلى الأردن في رحلة مدرسيّة إلى المنظّمة غير الحكوميّة The Collateral Repair Project، وواحد من برامجها هو SuperGirls Program الذي يوفّر للفتيات اللاجئات، اللواتي تتراوح أعمارهنّ ما بين 6 و13 سنة، فرصة الإندماج في مجتمعاتهنّ وتعزيز ثقتهنّ بنفسهنّ وقدراتهنّ والتخفيف من حدّة القلق الناجم عن الصدمات النفسيّة. واللافت أنّ البرنامج لا ينظر إلى جنسيّة الفتيات ويستقبل اللاجئات من كلّ أنحاء العالم. وفي تلك الأثناء، أثّرت فيّ قصّة فتاة عراقيّة مسيحيّة وما زالت عالقة في ذهني حتّى اليوم. فبعد أن خرجت من المدرسة لسنوات عدّة وهاجرت إلى عمّان مع والديها، هرباً من ظلم داعش، اللذين رفضا تسجيلها في مدرسة أردنيّة خوفاً منها أن تختلط مع مسلمين متطّرفين مثل داعش على حدّ اعتبارهما. وكان البرنامج قد ساعدها كثيراً لتخطّي هذا الحاجز والتغلّب على خوفها فلم تعد خجولة ومنطوية وباتت تتواصل مع الفتيات الأخريات من جنسيّات مختلفة وتضحك وتتسلّى وتغنّي وتمارس اليوغا إلى أن أقنعت أهلها بضرورة العودة إلى المدرسة والتعلّم من جديد.

10- ما رأيك في التعليم عن بُعد في هذه الأيّام؟ وهل شجعّك زملاؤك ودعموك في مشروعك؟

بسبب الأوضاع الراهنة، تخرّجت وزملائي في الدراسة افتراضيّاً من مدرسة Milton Academy الدوليّة في بوسطن بعد أن أمضنا مارس وأبريل ومايو وبداية يونيو في التعلّم عن بعد، ووجدت هذه التجربة جديدة ومثيرة للإهتمام حقّاً. ونظراً إلى أنّ مدرستي دوليّة، فهي تضمّ تلامذة من كلّ أنحاء العالم مثل الصين وكوريا مثلاً وليس أميركا فحسب، لذلك لم تتسنَ لنا الفرصة في إنجاح مقابلات Zoom يومياً لفارق الوقت بين الدول. فارتأينا أن نقيم اجتماعاً واحداً في الأسبوع لصف الرياضيّات مثلاً. وتعلّمت أنّ الأهمّ في الحياة هو أن نحبّ ما نفعله حقاً ونطلق العنان لمخيّلتنا الإبداعيّة لاختبار تجارب جديدة. وبالفعل شجّعني زملائي وطرحوا عليّ أفكاراً جديدة، إذ كنّا جميعاً متحمّسين للمشروع الذي سأطلقه.

11- ماذا عن صفحتك Bantoota على إنستجرام؟ وكيف تسأهم في إيصال صوت الفتيات المسلمّات ليشاركن قصّتهنّ؟

بما أنّني نشأت في مصر، أحاطت بي نساء مسلمات كثيرات تميّزنَ بشغفهنّ واندفاعهنّ وقوّتهنّ ولطالما تأثّرت بمقولة تفيد أنّ الرجل هو الجسم أمّا المرأة فهي العنق وتحرّك هذا الجسم كيفما شاءت. وعندما انتقلت إلى بوسطن، فوجئت بطريقة التفكير السائدة إذ يعتقدون أنّه لا صوت للنساء العربيّات وهنّ غير قادرات على تحقيق أيّ شيء لأنفسهنّ. فأردت أن أبرهن لمجتمعي هنا أنّ الظنّ السائد هذا ليس صحيحاً، فأنشأت هذه الصفحة على إنستجرام لدعم صوت الفتيات المسلمات اليافعات ومشاركة قصصهنّ.

12- ما الدروس الحياتيّة التي تعلّمتها من كورونا؟ وكيف ترين نفسك قبل الجائحة وبعدها؟

علّمني هذا الفيروس أهمّية العائلة إذ قضينا أوقاتاً قيّمة مع بعضنا البعض وسلّط الضوء أيضاً على حسّ المسؤوليّة الذي لا بدّ أن نتحلّى به دوماً تجاه بعضنا البعض. ومن ناحية أخرى، تعلّمت أهميّة حسن الضيافة والكرم، تلك الصفات التي أعتبرها عربيّة بامتياز، إذ وبسب إقفال الحدود والمطارات، طلبت منّا المدرسة في شهر مارس الفائت أن نستضيف إثنتين من التلامذة، الأولى تعيش في الصين والثانية في السعوديّة بما أنهما لم تتمكّنا من العودة إلى ديارهما. وما إن بحثت في موضوعهما مع عائلتي حتّى قلنا لمَ لا. وما زالت واحدة منهما تعيش معنا في المنزل منذ مارس الماضي، لم أكن أعرفها بتاتاً إنّما أصبحت الآن الأخت التي لم أحظَ بها يوماً.

13- ما رأيك بقضيّة جورج فلويد في أميركا وحركة Black Lives Matter؟

أعتبر أنّ مقتل جورج فلويد قضيّة محزنة للغاية وهذه الحركة رائعة بالفعل وأرى قلبي يتعاون مع المجتمع ذي البشرة الداكنة سواء في مدرستي أو الولايات المتّحدة أو العالم. لذا لا بدّ لنا جميعاً أن نتصدّى للعنصريّة بجميع أشكالها ولعلّ جيلي والجيل القادم يستخلصون العبر لتربية أولادهم على حوارات تخلو من العبارات العنصريّة لتحقيق التغيير الشامل.

وفي ختام هذه المقابلة الشيّقة، ندعوك للتضامن مع قضيّة تعليم الفتيات والتبّرع عبر زيارة موقع: https://www.janaamin.com/ للمساهمة معاً في رسم ملامح مستقبل أفضل للأجيال الصاعدة. 

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث