Arwa Al Hashemi: " دمج التعلّم باللّعب في آن واحد في جوّ آمن وملهم "

أروى الهاشمي رائدة أعمال وأمّ لطفلين جميلين يضيفان البهجة على حياتها. هي خرّيجة جامعة زايد وحاصلة على شهادة البكالوريوس في الإعلام والتسويق وماجستير في إدارة الأعمال من الجامعة الأمريكية بدبي. تعتبرالهاشمي نفسها شخصية معطاءة ومرحة محبّة للإستكشاف وباحثة عن كلّ ما هو جديد. وتعتبر القراءة مصدر معلوماتها ومعرفتها لمواضيع مختلفة فتنمّي من خلالها مهاراتها. ومن إحدى محطات حياتها التي تفتخر بها والتي غذّت أفكارها وأضافت الكثير إلى شخصيتها هي عملها في القطاعات الحكوميّة والشبه حكوميّة في إمارة دبي والتي أكسبتها خلال 10 سنوت خبرة واسعة في مجال العمل. وقد أسّست الهاشمي مركز دوودل وهو مساحة لعب مميّزة للأطفال دون العشر سنوات يقدّم مفهومًا جديدًا للتعلّم! لنتعرّف إليها أكثر في ما يلي!

  • كيف برأيك تطوّرت ذهنيّة التعليم في الإمارات العربيّة المتحدّة والخليج عموماً العشرين سنة الماضية؟

منذ نشأة دولة الامارات العربية المتحدة وقطاع التعليم يلعب حيّزًا مهماً في الاستراتيجيات التي تضعها الجهات المعنيّة. بدأً من مشروع محو الأمية وإنشاء المدارس وجامعة الإمارات والكليّات العليا وصولاً إلى إنشاء المدن الأكاديمية التي تضم جامعات عريقة مثل مدينة دبي الأكاديمية ومدينة الشارقة الأكاديمية بالإضافة إلى استقطاب أعرق الجامعات مثل جامعتي نيويورك والسوربون في مدينة أبو ظبي. ومن بعد أن كانت التخصّصات الجامعية محدودة في الدولة فاليوم تتوفر أغلب التخصصات بمختلف المستويات العلمية وصولاً إلى الدرجات العليا ولله الحمد.

  • شكّلت جائحة كورونا مفترق طرق في استخدام التكنولوجيا في تعليم الأطفال ، فما هو رأيك بتلك الإستخدامات وهل تبعدهم عن الأعمال اليدويّة والحسيّة؟

سرّعت جائحة كورونا الاستخدامات التكنولوجية وتطويرها في تعليم الأطفال الأمر الذي أثبت مدى مرونة جهاز التعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة وحرصه على ضمان استمرارية التعليم وعدم توقفه. صحيح وإن كانت هذه الاستخدامات قد تبعد الأطفال عن الأعمال اليدوية والحسية الأمر الذي يلقي العبء على العائلة في سد هذا النقص بالإضافة إلى المراكز الترفهية المتخصصة. ولعلنا قد نجد التكنلويجا والواقع الافتراضي المعزز قد يسد هذا النقص من خلال ابتكار نظام مرئي تفاعلي لكن هذا لا يلغي دور أهمية المهارات اليدوية والحسية لنمو الطفل. فيمكن للأطفال ممارسة أعمالهم اليدوية والحسية.

  • ما هي التّحديّات التي لاحظتها في القطاع التعليمي في السنوات الأخيرة؟

ما تزال هناك تحديات في مجال التعليم، على الرغم من أن دولة الإمارات العربية المتحدة قطعت شوطاً كبيراً خلال مدّة زمنيّة قصيرة.كثافة المناهج الدراسية وتراكم المعرفة وعدم سلامة الخطط الزمنية، أثّرت على وجود مخرجات التعليم، وأضعفت دافعية المتعلم والمعلم. هذا بالإضافة الى التغيير السريع والمستمر للمناهج التعليمية دون إعطاء الوقت الكافي لوضع المؤشرات اللازمة لقياس جودة وفاعلية تلك المناهج ومخرجاتها.

الملاحظة الأخرى التي أود ان أسلط الضوء عليها هي توفر مناهج مختلفة في الدول، تتراوح بين المنهج الحكومي الموحد للمدارس الحكومية في الدولة والمنهج الأمريكي والمنهج البريطاني ومنهج الإنترناشونال بكلوريا وغيرها من المناهج. بالرغم من كون هذا الشيء إيجابي بحيث يعطي أولياء الزمور وفرة من البرامج ليختاروا منهج التعليم المناسب لأبنائهم إلا أنه يسبب نوع من الارتباك بسبب عدم وضوح الفرق في معطيات التعليم والنتائج لكل منهج.

  • ما هي الإحتياجات التي لاحظتها لدى الأولاد والتي دفعتك إلى إنشاء هذا المركز؟

لقد لاحظت خلال السنوات الماضية أنّه لدى العديد من الأطفال سلوكيات غير مرغوب فيها كجلوسهم لأوقات طويلة أمام شاشات التلفاز و الأجهزة اللوحية (Tablet) من دون التفاعل مع الآخرين. وعندما انجبت أولادي، زاد استيائي من هذه السلوكيات خصوصاً خلال معايشة جائحة كورونا عام ٢٠٢٠ حيث كان عمرهم ما يقارب السنتين وهو العمر الذي يبدأ فيه التفاعل الاجتماعي وبناء المهارات المختلفة. التحديات التي كان يواجهها العالم في ذلك الحين حدت من التجمعات العائلية وذهاب الأطفال إلى الحضانات والمراكز الترفيهية وهذه الأشياء أثرت بشكل كبير على سلوكيات الأطفال ونموهم الاجتماعي والفكري. الحمدلله نحن في زمن يسهل علينا الحصول على المعلومات من خلال المواقع الإلكترونية وبرامج التواصل الاجتماعي، ففي ٢٠٢٠ زاد اطلاعي على البرامج المختلفة التي ممكن القيام بها في المنزل، وقمت بقراءة العديد من الكتب المختصة التي تعني بتنمية الأطفال وشاركت بجلسات تدريبية مع مستشارين في مجالات مختلفة لمساعدة أولادي خلال هذه الفترة. فقد كنت احضّر برنامج يومي لأطفالي للقيام بأنشطة مختلفة للطوير من مهاراتهم في مختلف المجالات. وبدأت بالمهارات الحسية والتمارين الرياضية والمهارات الدقيقة والمخاطبة وغيرها.

من بعد تلك التجربة أصبحت دقيقة جداً عند خروجي مع عائلتي في انتقاء الأماكن التي نذهب إليها، و أصبحت أكثر حرصاً على وضوح الفائدة منها وهذا ما دفعني إلى انشاء مركز ترفيهي تعليمي للأطفال.

حظيت بدعم لفكرة المشروع من إدارة مركز مردف ٣٥ حيث أبدوا إعجابهم بالفكرة إذ كنت أبحث عن مساحة في حي من الأحياء السكنية ليكون دوودل جزءاً من المجتمع و يساهم في خدمة أهالي المنطقة .

ومن ضمن أهداف دوودل الفريدة المرسومة توفير بيئة مناسبة لاستضافة الأطفال والمعالجين في المنطقة لجلسات خارج العيادات في بيئة مسلية وممتعة، والتي تنعكس إيجابياً على نفسية المتعالج ولسيما اننا خصصنا وقت خاص لهذه العلاجات.

وأنا أطمح إلى إنشاء مراكز أكبر مساحةً في مناطق أخرى بهدف توفير مساحات حسية أكبر تخدم أطفال من احتياجات مختلفة وتوفّر بيئة آمنة لهم للتسلية والتعلم في نفس المكان مع إخوانهم وأفراد المجتمع.

  • هلاّ أخبرتنا أكثر عن هذا المركز وعن النشاطات الذي يقدّمها وكيفيّة استفادة الأطفال منها؟

دوودل هو مساحة لعب مميّزة للأطفال دون العشر سنوات. يقدم مفهومًا جديدًا للتعلّم من خلال دمج التعلم باللعب كلا في آن واحد في جو آمن وملهم. فهو مركز تعليمي ترفيهي أُنشئ بعناية خاصة بهدف توفير أساليب لعب إبداعية تعمل على تطوير مهارات الطفل الحركية والحسية والاجتماعية.

يتكوّن دوودل من أربع برامج أساسية:

أولاً: لعبة المتاهة

وهي تتضمن مسار يحتوي على عقبات، وحوض كرات، ونفق تسلق. إن الجمع بين هذه الأنشطة يعد امراً ممتعًا للأطفال، ليس هذا فحسب، بل يدعم أيضًا تنمية مهاراتهم الحركية والحسية. ويحتوي هذا الجزء على أرجوحة يمكن للطفل رش الألوان وابتكار لوحة فنية وهو يتأرجح على بطنه.

ثانياً: المدينة المصغرة

فقد صُمّمت هذه المنطقة لتكون نسخة مصغّرة لمدينة نموذجية، حيث يمكن لكل طفل أن يختار المهنة التي يريد أن يمارسها. فهي تحتوي على سوق ومنزل وشاحنة لبيع الآيس كريم. التجربة في هذه المنطقة مفعمة بالتعلم وممتعة إذ تعمل على تطوير المهارات الاجتماعية والعاطفية لدى الأطفال.

ثالثاً: الجدار الحسي وركن القراءة

فقد صمّم الجدار الحسي لتحسين عملية التناسق والتطور الحركي لدى الأطفال الصغار بالإضافة إلى تعزيز مهارات الإبداع وتنمية مهارة حل المشكلات لديهم. كما تحتوي هذه المنطقة على ركن القراءة الذي يهدف لتعزيز النطق عند الأطفال وتطوير المعرفة وتعزيز اللغة.

رابعاً: الحرف اليدوية

تتضمّن منطقة الحرف لدينا غرفة مغلقة لورش العمل والتي صمّمت لتعزيز المهارات الحركية الدقيقة، وتحفيز الإبداع من خلال تعليم وممارسة الفنون والحرف اليدوية لأعمار مختلفة.

تستضيف الغرفة أيضًا ورش عمل خاصة بمدربين مختصين في مجالات مختلفة بالإضافة الى إمكانية استخدام الغرفة لفعاليات خاصة مثل أعياد الميلاد وغيرها. كما نصمم في دوودل برامج تعليمية ترفيهية في وقت اجازات المدارس من مثل المخيمات الشتوية والصيفية ومخيم رمضان الذي لاقى إعجاب الكثير من الأهالي في المنطقة. كما نوفر بعض البرامج الحسية للأطفال الذين هم دون سن المدرسة خلال الفترة الصباحية مما يضيف الى متعة اللعب.

والذي يميز دوودل عن المراكز الأخرى هو تصميم المكان حيث يمكن للطفل أن يرسم ويطلق ابداعه على أرضية منطقة اللعب والذي يحتوي على عمل فني اماراتي خاص لدوودل من أعمال الفنانة الإماراتية مريم العبيدلي بالإضافة الى إمكانية الرسم على المباني في المدينة المصغرة.

  • هلاّ شاركتنا خبرة أو خبرات معيّنة تفتخرين بها لأطفال في المركز؟

من أكثر الأشياء التي تسعدني في دوودل هو تكوين الصداقات والعلاقات الاجتماعية لدى الأطفال. ولاحظت ذلك بشكل كبير في الورش التعليمية والمخيمات وقت إجازات المدارس. فبالإضافة إلى تنمية جانب الاكتشاف عند الأطفال مما يضيف البهجة إليهم فالمخيمات تجمع بين مختلف الأطفال وتشجعهم على تكوين صداقات وعلاقات اجتماعية مميزة. فهناك أطفال وحيدين في بيوتهم بسبب تفاوت اعمار اشقائهم ومشاركتهم في مثل هذه المخيمات تُنمي فيهم مهارة التواصل الاجتماعي وهذا ما شهدته لدى مجموعة من الأطفال الذين يرتادون دوودل. كما نحرص في دوودل على مشاركة الأطفال الاحتفالات التقليدية والتراثية لأهل المنطقة، وتنمية هذه المفاهيم عند الأطفال. فقد نظمنا أنشطة خاصة بالعيد الوطني لدولة الامارات ووضعنا برنامج مسلي لمناسبة حق الليلة للأطفال ورمضان والعيد وغيرها.

 

 

 

 

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث