التجديد بدلاً من بناء الجديد؟

Old is the new, New! Sens & sensibilities

الاستدامة هي كلمة لا تربطني بها أي علاقة، فبالنسبة إليّ، ليست سوى كلمة شائعة يتم إدراجها في المحادثات من قبل المصرفيّين الاستثماريّين أو المهندسين المعماريين الاسكندنافيين إمّا لإقناعكم بأنّهم يعتمدون نهجاً أخلاقياً أو لخداعكم وجعلكم تشعرون بأنّكم لا تواكبون العصر. حيث أعتبر أنّها كلمة جديدة ابتُكرت لتعرّف عن شيء قديم، ولا أعني بالقديم أمراً سيئاً ويجب تركه وراءنا، بل قديم بمعنى أنّه مفهوم يجسّد في الواقع قيمة توجّه حياتنا اليومية بشكل طبيعيّ، بدون تفكير وبطريقة منطقيّة، ولا يحتاج المنطق إلى تفسير.

أنا أؤمن بشدّة بقوّة الكلمات، فإنّ تسمية المشكلة أو الشعور أو المفهوم يساعدنا على التعرّف عليها في المقام الأوّل، ثم على فهم كيفية التعامل معها أو استخدامها أو ربما حتى مواجهتها. لكنّ المشكلة التي أواجهها مع كلمة الاستدامة، هو اعتباري أنّه يصعب دمجها في حياتنا اليومية، على عكس مفهوم الحقيقة أو الصداقة أو الحب أو الجمال أو الرحمة أو الحفظ أو التجديد أو التكنولوجيا أو العمل أو النوم أو الضحك أو المرح.

طبعاً يمكننا جميعاً فهمها من وجهة نظر استراتيجية الشركات والحكومات، على سبيل المثال، فالاستدامة هي قيمة أساسية في رؤية 2030، وهي موجودة في كلّ ما نطبقه في المستوى الأعلى من التفكير في مدن مثل نيوم، أو في الحفاظ على العلا الجميلة وترميمها، أو ترميم البلد في جدة أو المحميات الطبيعية حول السعودية أو للطبيعة أو الشعاب المرجانية في شركة "البحر الأحمر الدولية"، أو في أي برنامج جودة حياة مثل "الرياض الخضراء"، أو لتشجيع الرياضة أو الفنون أو الكثير من المبادرات السعودية. يبدو من المنطقي استخدام هذه الكلمة في تلك السياقات حيث أنّ هناك سياسات وإجراءات ضمن اقتصادات وبنى تحتية كبيرة، فيمكن فهم كيفية تطبيقها وتحقيق النتائج، ولكن في حياتي اليومية، لماذا قد أفكّر في الاستدامة؟

إقرئي أيضاً: واثق الخطوة يمشي ملكاً… في اليوم الوطني السعودي وكلّ يوم!

كنت آمل حقاً أن أجد جانباً إبداعيّاً لمعالجة هذا المفهوم، ولم أتمكّن من العثور على شيء مختلف عمّا كان عقلي يحلّله، حتى أنني طلبت مساعدة أخي لكتابة المقال لي بواسطة منصّة Chat GPT، وقد فعل! كان مقالاً جميلاً عن التنوّع البيولوجي الذي قد تقرأونه ثم تنسونه مباشرةً. فلم أقتنع!

إقرئي أيضاً: الحبّ في الشعر العربي

الاستدامة هي التجديد بدلاً من بناء جديد

وبكلّ صراحة، أظنّ أنّ الاستدامة في حياتنا اليومية تتمثّل في كوننا أكثر وعياً وتفكيراً، ولا أعتقد أنّه يجب المبالغة في التفكير فيها، وإذا كنت سأطبّقها في حياتي ووفقاً لاهتماماتي فستُترجم في العقارات والتصميم الداخلي والأزياء والفنّ! في رأيي المتواضع، الاستدامة هي التجديد بدلاً من بناء جديد، فلدينا بالفعل منازل رائعة ومبانٍ عامّة نعيد تطويرها لاستخدامات جديدة لما نحتاجه الآن وفي المستقبل. ومن حيث التصميم الداخلي، يمكن إعادة تصميم الأثاث وإعادة ترتيبه، ابدأوا بخطوات سهلة مثل تحريك تلك الطاولة وتغطية ذاك الكرسي وإصلاح تلك الخزانة القديمة. فقد أصبح التصميم الداخلي اليوم متنوّعاً جداً بحيث يمكنكم اعتماد ديكور معيّن من دون تغيير كلّ شيء، فيمكن التبديل والمزج والتنسيق. وهذا ينطبق أيضاً على الملابس، فارتدوا قطعة قديمة ولكن بأسلوب جديد. وأنا شخصياً أحبّ اكتشاف قطعة قديمة في خزانة ملابسي لأنسّقها مع قطعة جديدة وعصريّة. فقد تتفاجئون كيف أنّ وضع القميص تحت السروال أو طيّ الأكمام أو السروال مثلاً يمكن منحكم أسلوباً جديداً. وأخيرًا فيما يتعلّق بالفنّ، أنا لا أرمي أبداً الأغراض التي أجدها جميلة حتى لو كانت قطعة من الورق، فبالنسبة إليّ، أنا أنظر دائماً إلى مشروعي الفني التالي، بغض النظر عن الوقت الذي سأنفّذه فيه، إنّه فنّ القصاصات.

وفي الختام، بالنسبة إلي تترجَم الاستدامة في حياتنا اليومية بالمنطق والحواس!

إقرئي أيضاً: ماذا عن الرفاهية في ١٤٤٤ هـ؟

 

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث