Reem Ossama وAhmed Hayman عندما يجتمع الشغف والتعاون

أحمد شغوف وحنون ويقلب كلّ المعادلات، بهذه العبارات الثلاثة وصفته ريم. أمّا الكلمات التي وصفها هو بها، فهي: الإصرار والإلهام والتغيير. هكذا يرى Ahmed وReem بعضهما البعض. يعمل هذان الزوجان المصريّان معاً في التصوير وصناعة السينما وإنتاج الأفلام، حيث يتعاونان ويتبادلان الأفكار في كلّ مشروع من مشاريعهما. وفي ما يلي، نسألهما عن التّحديات التي يواجهانها كثنائي يعمل معاً في المجال عينه، وعن كيفيّة تطوّر وجهات نظرهما حول العمل والحياة منذ تفشّي وباء كورونا وأيضاً عن دور المرأة في صناعة السينما والكثير من المواضيع ذات الصلة. إذاً، انضمّي إلينا في ما يلي لمعرفة المزيد حول هذا الثنائي الشاب الملهم والناجح والمفعم بالأمل والطاقة والطامح إلى تحقيق المزيد من النجاحات في المستقبل. 

تنحدر ريم من عائلة من الأطبّاء. لذلك يستغرب الجميع حبّها وتعلّقها بصناعة الأفلام. لكن مع ذلك، اكتشفت شغفها في سنّ صغيرة جداً عندما كان على شقيقتها أن تشاهد فيلم Great Expectations العائد لعام 1998 كفرض مدرسي وكتابة مقال عنه. وعندما شاهدته ريم، تعلّقت به تماماً وكتبت المقال لها، حتى أنّها حصلت على العلامة الكاملة واكتشفت حينها ما تريد أن تفعله لبقيّة حياتها. ثمّ كبرت ودرست التصميم الإعلامي والفنون التطبيقيّة في الجامعة الألمانيّة في القاهرة. لتدرس بعد ذلك الإخراج وصناعة الأفلام بشكل مستقل من خلال الكتب وورش العمل والكثير من التجارب والمحاولات الخاصّة. وحاليّاً، إنّها تعمل على تحصيل شهادة في صناعة الأفلام في كليّة الأستاذ علي بدرخان. لذلك فإنّها تتعلّم فعلاً من خلال كلّ فيلم قصير تصنعه وتخرجه. وفي العام الحالي، حصلت على جائزة برونزيّة لأفضل فيلم في مهرجان Revart السينمائي عن فيلمها القصير Void الذي يوثق الحياة أثناء الوباء.
أمّا بالنسبة إلى أحمد، فقد عمل مصوّراً صحفيّاً لمدّة 8 سنوات في الجريدة اليوميّة "المصري اليوم"، وحصل على شهادة في سرد القصص البصريّة من المدرسة الدنماركيّة للإعلام والصحافة. ثم أسّس مع ريم مدرسة "بيت الصورة" للتصوير الفوتوغرافي في القاهرة. ونفّذ مشاريع كثيرة لعلامات تجاريّة عالمية وسلسلة من الصور الدرامية للمشاهير في مهرجان الجونة السينمائي للعام 2018. وفي السنة عينها، نشر أحمد أيضاً أوّل كتاب مصوّر له بعنوان The Dream is Still Alive عن اللاجئين السوريين وأحلامهم، بتمويل من منظمة المرأة العربيّة، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة وسفارة اليابان في القاهرة. 

كيف تقابلا؟
حصل ذلك حينما كان أحمد في ورشة تصوير للسفر في منطقة سانت كاترين المصريّة. إذ تقدّمت ريم بطلب وحضرت كطالبة. وعن لقائهما، يقول أحمد: "في اللحظة التي رأيتها فيها شعرت بإحساس غريب، حيث رأيت شرارة في عينيها، وكانت متحمّسة وملهمة وتملأ أيّ مساحة تدخلها". بينما تضيف ريم: "كان عمري 20 عاماً في ذلك الوقت، وأردت الانضمام إلى الدورة للاستكشاف وقضاء بعض الوقت "بمفردي"، إلّا أنّني لم أعلم أنّني سأجد حبّ حياتي في ليلة كان القمر فيها بدراً وكنت محاطة بالجبال وبطاقة وذبذبات قويّة".

الحياة العائليّة في مجال متطلّب
لطالما كان هذا المجال متطلّباً، من حيث أيّام التصوير الطويلة منذ الصباح الباكر وفي ظروف صعبة أخرى تفرض نفسها. وعن كيف يؤثّر تواجد أحمد وريم في المجال نفسه على حياتهما العائليّة؟ يجيب أحمد: "نحاول القيام بالأمور معاً، وننجز معظم عملنا معاً ونهتمّ كثيراً بدعم بعضنا البعض". أمّا ريم فتوضّح أنّ أفراد عائلتيهما يعتقدون أنّهما مجانين، حيث يقضيان أسابيع في التصوير بلا توقف وأحياناً ما يجري ذلك في أماكن نائية. ثمّ تؤكّد: "في بعض الأحيان نكون منفصلين، إذ يصوّر أحمد في مكان ما وأنا في مكان آخر. ولكن ما يحافظ على توازن علاقتنا هو أنّنا ببساطة نفهم طبيعة حياتنا المهنيّة، وشغفنا هو الأهمّ بالنسبة إلينا. فنحن نعلم أنّنا ولدنا للقيام بهذا العمل، لذا فإنّنا نتشارك القيم نفسها ونفسح المجال لبعضنا ليصبح كلّ منّا الفنّان الذي يريده. 
وطبعاً يعدّ الدعم المتبادل في مثل هذه الظروف مهمّاً جداً، فكيف يدعم كلّ منهما الآخر إذاً؟ تشرح ريم: "دائماً ما نطرح الأفكار معاً؛ والأمر أشبه بلعب الأحجية أو شرب العصائر معاً! إذ نشاهد الكثير من الأفلام لنستلهم منها ونتحدّث عنها لاحقاً. لذا فإنّنا نتشارك أفكارنا العميقة وبالتالي تولد الأفكار تلقائيّاً. كذلك، نحاول أن نكون حاضرين في لقطات بعضنا البعض سواء كان ذلك في فيلم قصير أو جلسة تصوير. وفي حال لم يحدث ذلك في الواقع، نتحقّق من اللقطات معاً في مرحلة ما بعد الإنتاج لاختيارأفضل ما يناسب المشروع". من جهته، يوافق أحمد ويضيف: "نحن نأخذ رأي بعضنا البعض في كلّ مشروع، وتتميّز ريم بالإحساس والرؤية ممّا يعزّز عملي ليكون أفضل بكثير".

التعاون الدائم والعمل كفريق
في العام 2019، تعاون الزوجان معاً على سلسلة من 22 فيلماً يظهر مشاهير شاركوا مخاوفهم تجاه عالم المستقبل وظهرت هذه الأفلام في عرض بعنوان Dear Future World وعلى وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً. إذاً عندما يتعاونان على مشاريع مشتركة، ما التّحديات التي يواجهانها كعقلين وقلبين يعملان معاً؟ يوضح أحمد: "نتشارك كلّ التوتر والقلق والشعور بأنّنا خارج منطقة راحتنا. فإذا كان كلّ منّا بمفرده، من الصعب جداً التعامل مع كلّ تلك المشاعر، إنّما إذا كنّا فريقاً، فإنّ مشاركة كلّ تلك الأمور معاً يساعدنا على دفع أنفسنا ويعطينا الحافز لنكمل". ثمّ تقول ريم: "عملنا على الكثير من المشاريع المشتركة، وبالطبع نواجه تحديّات كثيرة، منها شعورنا بالتعب الشديد أو أن يرغب أحدنا مثلاً في إيصال رسالة ما بطريقة معيّنة جداً. لذا في النهاية، يتعيّن على واحد منّا أن ينهض مجدّداً حتى نتمكّن من المضي قدماً. إنّما بالرغم من التّحديات، لقد تعلّمنا أن نكون فريقاً بطريقة ما وأن نختار ما يخدم المشروع بشكل أفضل". ومثلما يتعاون هذان الزوجان في العمل، فإنّهما يفعلان ذلك في المنزل أيضاً. ويخبرنا أحمد بأنّهما يقسّمان مهام المنزل بالتساوي، فعلى سبيل المثال ريم تطهو بينما يغسل هو الأطباق. وتوضح ريم: "لم يشرع أحد منّا في تغيير الأدوار، فنحن نعرف مهمّاتنا، وبالتالي بات الأمر كروتين في الخدمة العسكريّة، حيث يعرف الجميع دوره ويلتزم به!".

تأثير وباء كورونا على صناعة الأفلام
أثّرت جائحة Covid-19 العالميّة على جميع القطاعات الاقتصاديّة من بينها مجال السينما والإنتاج. وسألنا ريم ما التحوّلات التي تمرّ بها صناعة السينما العالميّة برأيها؟ فصرّحت قائلة: "أظنّ أنّ صناعة السينما العالميّة تركّز أكثر فأكثر على إنشاء أفلام بصور رائعة وتقنيّات حركة الكاميرا الحديثة أو المؤثّرات الخاصّة المذهلة. غير أنّني أعتقد أنّه علينا أن نغوص أكثر في القصص بدلاً من التقنيّات، وطبعاً بنفس القدر من الأهميّة، إنّما هذا ما أتوق إليه شخصيّاً وأفتقده؛ أي تلك القصص التي تلهم وتساهم في التغييرالاجتماعي أو البيئي".
وبالعودة إلى منطقتنا العربيّة، فما التّحديات الجديدة التي تواجه صناعة السينما وإنتاج الأفلام اليوم فيها؟ وما أفضل الاستراتيجيّات لمواجهتها؟ تجيب ريم: "إنّها حريّة الكلام والتعبير. إذ ينتهي أمر الكثير من السيناريوهات في الدروج بسبب حساسيّتها السياسيّة حتى لو كانت تذكر أحداثًا تاريخيّة أو آراء سياسيّة معيّنة، لأنّه لا يمكن قبولها بسهولة. لذا أعتقد أنّ الإستراتيجيّة الجيّدة لمواجهتها تقضي بأن تدعم حكومتنا المزيد من الأفلام المستقلّة التي ينتجها صانعو الأفلام الشباب لفهم صوت الأجيال الشابة التي تمثّل مستقبل بلدنا. أمّا من جهته، فيشرح أحمد وجهة نظره حول هذه المسألة بالكلمات التالية: "أعتقد أنّ التّحدي الأبرز هو أنّه يجري تسويق كلّ شيء، في الوقت الذي نحتاج إلى مزيد من صانعي الأفلام المستقلين الذين يؤمنون بقوّة السينما وعليهم أن يجدوا منتجين يؤمنون فيهم وبقصصهم. والحقيقة أنّ العالم العربي لديه الكثير من القصص الملهمة التي لا توصف والتي يجب مشاركتها مع جميع أنحاء العالم".

أفكار ومشاريع في طور الإزدهار
نظراً إلى أنّ الكثير من وجهات نظرنا حول الحياة قد تأثّرت بجائحة كورونا، فقد سألنا ريم وأحمد كيف غيّرت هذه الأزمة الدوليّة منظورهما حول ما يرغبان في تقديمه للجمهور من خلال عملهما. ويعترف أحمد بأنّه تأثّر في مرحلة معيّنة، لا سيّما في بداية الوباء. ولكن بمرور الوقت اكتشف أنّه يحتاج إلى رؤية الحياة من نطاق أوسع ولم يضع الفيروس كحاجز. أمّا بالنسبة إلى ريم، فتشرح: "جعلني الوباء أعود إلى الأساسيّات وأطرح التساؤلات حول كلّ شيء تقريباً. مثلاً لماذا أرغب في سرد ​​القصص من خلال الفيلم، وما نوع الأفلام التي أريد أن أصنعها، وما مسؤوليّتي كصانعة أفلام تجاه ما يحدث في العالم. إذاً جعلني أدرك أنّني أريد الاستمرار في إنتاج أفلام عن الإنسانيّة والمشاعر العميقة، والتّحدث بالنيابة عن أصحاب الأصوات غير المسموعة، وليس انتظار الأموال أو المنتجين لمساعدتي على صنع الأفلام... بالمختصر، لقد دفعتني الجائحة إلى بذل قصارى جهدي الآن أكثر من أيّ وقت مضى. فنحن اليوم نعيش التاريخ".

الشموليّة في صناعة السينما
لطالما طرح التنوّع والشمول معضلة في صناعة السينما؛ لذا كيف يمكن أن نعزّز هذه القيم اليوم في العصر الجديد الذي دخل فيه العالم؟ جواباً على سؤالنا، تعتقد ريم أنّ المزيد من الفتيات والنساء يدركن أحلامهنّ وما يطمحن إليه وما يسعين إلى تحقيقه بالفعل. فتقول: "برزت الكثير من النساء اللواتي غيّرن قواعد اللعبة في السنوات الخمسة الماضية في ازدهار وتحدّثن من خلال فنهنّ أو شركاتهن الناشئة. إنّما في صناعة السينما، فالأمر أصعب قليلاً لأنّه ثمة صورة نمطيّة لهذا المجال تصوّره على أنّه عمل للرجال خصوصاً للمخرجين أو المنتجين. ولكن لكلّ قاعدة استثناء، وأرى أنّ النساء أمثال نادين لبكي أو آيتن أمين أو كاملة أبو ذكري الموجودات على الساحة بالفعل يغيّرن قواعد اللعبة ويلهمونني شخصيّاً، وأعتقد أنّه علينا أن نلقي مزيداً من الضوء على النساء في هذه الصناعة". وتودّ ريم الترويج لقضايا عدّة تتعلّق بالمرأة العربية في عملها، فهي تقدّم لنا بعض الأمثلة منها: "عاملات المنازل والعنف الجنسي والاغتصاب". إذاً كيف يمكنها كامرأة أن تساهم في تطوير صناعة السينما وإنتاج الأفلام؟ تختتم قائلةً: "بصفتي امرأة في صناعة السينما، أودّ أن ألقي الضوء على النساء العربيّات وأن أغوص في مخاوفهنّ الشخصيّة وأن أحاول رسم منظور جديد لكيفيّة معاملة المرأة وحقوقها والنضالات التي تتعامل معها على أساس يومي كطفلة أو مراهقة أو زوجة أو أم أو حتى امرأة فوق 70 عاماً. وذلك ليس لإثبات نقطة ما أو إنشاء نقاشات جدليّة، لا بل لأكون مرآة لهنّ وأحاول سدّ الفجوات في مجتمعنا".   

اقرئي أيضاً: Angy Akly Jammal وFares Jammal قصّة نجاح مثاليّة في الحبّ وفي العمل

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث