Angy Akly Jammal وFares Jammal قصّة نجاح مثاليّة في الحبّ وفي العمل

"عقلٌ ذكي وابتسامة ساحرة وأمّ محبّة"، بهذه العبارات يصف فارس زوجته أنجي. أمّا هي، فتصفه بأنّه "أبٌ عظيمٌ يحمي أولاده وشخص اجتماعي وذكي".Angy وFares زوجان لبنانيّان مقيمان في دبي يتألّقان في مجال الإنتاج والإبداع منذ سنوات! وفي هذه المقابلة، سألناهما عن التّحديات التي يواجهانها كثنائي يعمل في مجال متطلّب للغاية، وعن تأثير تفشّي وباء كورونا على صناعة الإبداع في العالم وعلى عملهما وحياتهما الشخصيّة، وعن دور المرأة في صناعة السينما والكثير من المواضيع الأخرى ذات الصلة. انضمّي إلينا في ما يلي للتّعرف أكثر إلى هذين الوالدين الناجحين لثلاثة أطفال واللذين يدعمان كلّ منهما الآخر في أحلامه وطموحاته وكيفيّة تمكّنهما من تحقيق التوازن بين أسرتهما وعملهما. 

أنجي مخرجة ومنتجة أفلام شغوفة. عملت بإقدام في مجال التصوير الإبداعي من خلال إنشاء وإخراج وإنتاج عدد لا يحصى من المشاريع على مدار 15 عاماً الماضية. وعن بدايتها، انطلقت أنجي في مسيرتها المهنيّة في العام 2005 كمنتجة ترويجيّة لتلفزيون دبي، ثمّ باتت مديرة إبداعيّة لقسم العروض الترويجيّة والرسومات في Nickelodeon Arabia وانتقلت لتصبح مخرجة مستقلّة. ومن خلال عملها هذا كمنتجة إبداعيّة ومخرجة مستقلّة بدوام كامل، تعمل مع الكثير من دور الإنتاج المحليّة والدوليّة في الإمارات العربيّة المتّحدة، وأخرجت مقاطع فيديو للشركات والتلفزيونات ومقاطع فيديو موسيقيّة حازت على جوائزمرموقة مع فنّانين من جميع أنحاء العالم العربي. وعلى مدار مسيرتها المهنيّة، حصدت الأعمال الفنيّة الرئيسة التي عملت عليها أنجي جوائز محليّة ودوليّة، وكانت أيضاً ضمن لجنة تحكيم مهرجانات سينمائيّة مختلفة.
أمّا فارس فهو مصوّر فوتوغرافي محترف ومدير عام وشريك في Shadow Professional Photography، وهي شركة رائدة في مجال التصوير الفوتوغرافي وإنتاج الأفلام، ولها استوديوهات في الإمارات العربيّة المتّحدة ولبنان، وقد كُرّمَ فريق عملها من خلال منحه جوائز على الصعيدين الإقليمي والدولي. واليوم لدى فارس خطط لتوسيع عمل الشركة حتّى يشمل المملكة العربيّة السعوديّة لتغطية الطلبات الأوسع لمشاريع التصوير الاحترافي في المنطقة. كذلك، فإنّه صاحب أحد أبرز عناوين التصوير الفوتوغرافي والفيديو في لبنان، ألا وهو استوديو جمّال، الذي أنشأه بعد تخرّجه في مجال التصوير في العام 1992 في لبنان فيما وسّع أيضاً عمليّاته لاحقاً لخدمة سوق الإمارات العربيّة المتّحدة. كما درّس التصوير الفوتوغرافي لمدّة 10 سنوات في جامعة USEK في لبنان التي تخرّج منها. ويشعر المصوّر اللامع بأنّ العالم هو لوحته، وبينما يرسم الرّسامون بالألوان والفرشاة، فإنّه يرسم بالضوء من خلال عدسته التي أخذته إلى أركان الكرة الأرضية للعمل على مشاريع متنوّعة. هذا وحصل على جوائز عدّة من بينها المركز الثالث في جائزة التصوير الدوليّة.

كيف تقابلا؟

إنّها قصة طويلة بدأت قبل 13 عاماً، غير أنّ أنجي تحاول تلخيصها في ما يلي: "قابلت فارس للمرّة الأولى في خلال جلسة اختيار ممثلين كانت تحضرها صديقتي. وإذ طلب منّي التقدّم للقيام بتجربة أداء، وقبل أن أتمكّن من إكمال جملتي لأقول: "كلا، لست هنا من أجل التمثيل" قاطعني بطريقة "وقحة" بقوله "حسناً، التالي"". وفي ذلك الوقت، لم تعجب أنجي نبرته ولا شخصيّته. وتضيف: "إنّه لا يتذكّر رؤيتي في ذلك اليوم ولكن من الواضح أنّني أتذكّره جيّداً من جهتي. ثمّ بعد بضعة أشهر، ومن خلال صديقة مشتركة عرّفتني إليه لأنني كنت بحاجة للتصويرفي غرفة مظلمة للتصوير الفوتوغرافي من أجل مشروع عملت عليه... ثم واصلنا الحديث منذ تلك اللحظة".

دعمٌ كامل ومتبادل

كيف يؤثر تواجد زوجين ينشطان في هذا المجال الصعب عينه على حياتهما الأسريّة؟ تقول أنجي إنّه منذ اليوم الأوّل الذي التقيا فيه وتحدّثا عن شغفهما بالحياة، أظهر فارس عن دعم كامل لأحلامها. ومع مرور الأيام، بعد أن رزقا بأطفالهما، ثمّة أيّام يكون فيها بعيداً، وأيام تغيب أنجي فيها من أجل تصوير مشروع ما. لذلك يحاولان إنشاء توازن بينهما، فعندما يعمل المصوّر الفوتوغرافي الرائد بعيداً تتواجد أنجي مع الأطفال وتحاول ألا تأخذ أيّ مشاريع لتبقى معهم بشكل كامل. وحين تغيب هي، تؤكّد: "فارس أب رائع من جميع النواحي، فهو يعتني بالأطفال على الرغم من عبء العمل الضخم، ولديه بالفعل مهارات رائعة في إدارة الوقت. وقد تكيّف الأطفال جيداً مع أسلوب الحياة هذا". كذلك، يدعم الزوجان بعضهما البعض ويتبادلان الأفكار معاً ويقدّمان التعليقات حول عمل بعضهما البعض. وفي هذا الصدد، توضح أنجي: "في الواقع، لعب فارس دور المدرّس معي، فأنا أستشيره كثيراً وأثق في حكمه ونقده البنّاء وأهتم كثيراً برأيه في عملي. وأنا أفعل الأمر نفسه تجاهه". طبعاً ليس من السهل أن يعمل عقلان وقلبان متقاربان معاً. إنّما تقول أنّهما عندما يتعاونان على مشاريع مشتركة "يكون من الصعب العمل بشكل وثيق معاً، لأنّ التصوير عادة ما يكون مرهقاً ومتطلباً. لقد عشنا تقلّبات كثيرة ولكن في نهاية اليوم، نتشارك المخاوف نفسها وندعم أحلام بعضنا البعض".
وبينما جعل Covid-19 الكثير من الأمور التي اعتبرناها مسلّماً بها أكثر صعوبة مثل التعليم في المنزل، سألنا الزوجين عمّا إذا كانا يقسّمان المهام في المنزل كما لو كانا سيفعلان إن عملا على مشاريع مشتركة. إجابةً على سؤالنا، توضح أنجي أنّ التعليم في المنزل كان أحد أكثر المهام تحدّياً في خلال كورونا. إذ تخبرنا أنّها كانت سعيدة جداً بقضاء مزيد من الوقت مع أطفالها، والقيام بأنشطة ممتعة معاً مثل الأحجية ولعب كرة قدم والتنس وممارسة النشاطات في المسبح، ثمّ أتى التعليم المنزلي! حيث تقول:"شعرت بالإرهاق في تدريس أطفالي، فالمواضيع مختلفة وثمة مواعيد نهائية محدّدة، لذا كان الأمر يفوق طاقتي"، ثم تضيف: "عندما أخذ فارس استراحة من العمل، بدأ مساعدتي في الرياضيات والعلوم، الأمر الذي أزاح حملاً كبيراً عن ظهري وجعل التجربة برمتها أسهل بالنسبة إليّ". ومن جانبه، يعتقد فارس أنّ فترة الحجر كانت أفضل خمسة أشهر في حياته، لأنه قضى وقتاً ممتعاً وثميناً مع عائلته، بعيداً عن ضغوطات العمل اليوميّة التي مرّوا بها في السنوات الماضية.

تأثير الوباء على صناعة الإبداع

فيما يشير إلى أنّ وباء كورونا أثّر على العالم بأسره، يقول فارس: "الأمر كلّه يتوقف على وجهة نظرك للأمور، وبالنسبة إليّ لم يكن هذا وقت لأكون سلبيّاً حيال ما يحصل، إنّما لوضع استراتيجيّات من أجل التكيّف مع الوضع الحالي". من جانبها، تخبرنا أنجي أنّه عندما بدأت الأزمة كان الأمر بمثابة صدمة لهم، مثلما كان بالنسبة إلى للعالم كلّه. وتشرح قائلة: "لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل تغيير وجهة نظري العامة والنظر إلى الجانب الإيجابيّ للأمور. وبالنسبة إليّ، ليس من شيء عشوائي في الحياة والعالم يتغيّر باستمرار، ونحن كبشر نتكيّف باستمرار، والأهم من ذلك أنّنا نتطوّر. وبالتالي، سمحت لي هذه الفترة بتقييم اختياراتي في الحياة، والتساؤل حول ما حقّقته وما الذي ما زلت أرغب في تحقيقه وإيصاله من خلال عملي؟ لذا قرّرت أن أتناول المواضيع الاجتماعيّة التي تتعلّق بنا كبشر أكثر من أيّ وقت مضى، والعمل على مشاريع لها هدف وعمق، ولذلك بدأت في كتابة مسلسلي الخاصّ الذي آمل أن يبصر النور قريباً".

مع تأثير جائحة Covid-19 على قطاعات مختلفة حول العالم، سألنا أنجي وفارس ما التّحديات الجديدة التي تواجه صناعة السينما وإنتاج الأفلام اليوم في منطقة الخليج وما أفضل الاستراتيجيات لمواجهتها؟ فأجابا: "لقد تأثّرت الشركات في كلّ أنحاء العالم بالوباء، ممّا أثر على الصناعة بشكل عام". إنّما تمكّن فارس من وضع استراتيجيّات جديدة لشركته للتكيّف مع التغيير، ونجح في تقديم خدمات عالية الجودة محليّاً، والعمل على التصوير عن بُعد عند الحاجة إلى تنفيذه دوليّاً، أو عندما لا يتمكّن العملاء من حضور جلسة تصوير... بالإضافة إلى تنفيذ المشاريع ذات الميزانيّة المنخفضة بمعايير جودة عالية. وفي خضم كلّ هذه التّحديات، تحتاج صناعة السينما اليوم أكثر من أيّ وقت مضى إلى أن تكون مبتكرة ومسليّة وتتناول مواضيع تتعلّق بالناس برأي أنجي... "وذلك ببساطة لأن الناس قد شهدوا للتوّ تجارب تغيّر الحياة، ممّا يؤثر على ذوقهم واختياراتهم من حيث وسائل الإعلام"، بحسب ما تؤكّد.

التمنّيات للمستقبل

لا شكّ في أنّ صناعة الأفلام والتصوير الفوتوغرافي لديهما القدرة على تمثيل الواقع وعرض المستقبل. واليوم، ها إنّنا نعيش في عالم يسود فيه المجهول. من هنا، سألنا أنجي ما المستقبل الذي تتخيّله إذا أتيحت لها فرصة العمل على فيلم مستقبلي؟ فأكّدت أنّها تفضّل ألّا تتصوّر المستقبل، بل أن ترسمه بالطريقة التي تتمنّى أن يكون. وعن ذلك تشرح: "أتخيّل عالم المستقبل أكثر سلاماً، حيث يعيش الناس معاً في تسامح. ولربّما سيبدو ما سأقوله مثاليّاً جدّاً، غير أنّني أؤمن بقوّة الإعلام في تشكيل أفكار الناس وعواطفهم... وأظنّ أنّنا بحاجة إلى مزيد من المحتوى الذي يجعل الناس يشعرون بالراحة، ويلمسهم في العمق، ويثقّفهم ويعطيهم منظوراً عن منظورالحياة إذا اختفى الجشع والكراهية والفساد... نحتاج إلى محتوى يعيدنا موحّدين معاً، بغض النظر عن لوننا أو عرقنا أو خلفيّتنا... وبالتالي سيكون لفيلمي قصّة موازية في عالم موازٍ مع مجموعتين من الناس ... واحدة اختارت بناء أمّة على أساس الجشع وحبّ القوّة وحرمانها من أيّ اعتبار إنساني، والثانية تفعل العكس تماماً، وتوضح إلى أي مدى يمكن أن يصل بنا السلام والتعليم والتسامح والحبّ".

تملك النساء نظرة مختلفة تجاه الحياة 

بينما تتمتّع النساء بالقدرة على المساهمة في تطوّر صناعة السينما وإنتاج الأفلام، توضح أنجي أنّهنّ يشعرن دائماً بالحاجة إلى مضاعفة الجهد لإثبات أنفسهنّ، وينفردنَ بميزة إضافيّة متمثّلة في رفض الفشل وإرادة التغيير. إذ لديهنّ أحلاماً لبنائها وهنّ حريصات على تحقيقها. كذلك، تملك النساء نظرة مختلفة تجاه الحياة، ولديهنّ تجارب خاصة صقلت طريقة تفكيرهنّ وحساسيّتهنّ تجاه بعض المواضيع، كموضوع الأطفال والنساء، التي تؤثر على إبداعهنّ وتصويرهنّ في صناعة السينما ككل. وتوضح المخرجة اللامعة أنّ الكثير من الشركات العالمية اتصلت بها شخصيّاً وكانت حريصة جداً على تعيينها مخرجة لها لأنّها امرأة، ولأنّها أرادت تمكين المرأة في الصناعة. واختتمت قائلة: "أكّن الكثير من الاحترام لهذا الأمر، ولكنّني آمل أيضاً أن ينظر الناس يوماً ما إلى الرجال والنساء على قدم المساواة، وأن يتّخذوا قراراتهم بناءً على المؤهلات والموهبة والقدرة على الإنجاز بدلاً من الجندر وحده".

اقرئي أيضاً: Delphine Edde: صناعة الترفيه موجودة لتبقى وسيحتاج الناس إليها أكثر من أيّ وقت مضى

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث