Maha Taibah: التواصل مع الآخرين المضاد الأوّل للاكتئاب

التصوير: Abdullah [AMS] Alshehri

طوال مسيرتها المهنيّة، كانت مها طيبة شغوفة بالتعلّم والتطوّر الذاتي والسلوكيّات الإنسانيّة. وأتاحت لها اختياراتها المهنيّة فرص ثمينة لإعادة تعريف ذاتها باستمرار واكتشاف أجزاء منها، لم تكن تدرك وجودها حتّى ما لم تدفعها ظروف الحياة إلى اختبارها. وكلّما ازدادت حكمةً عبر السنوات والتجارب، لاحظت أنّ الفجوة تضيق ببطء بين حياتها الشخصيّة ومسيرتها المهنيّة. وفي ظلّ جدول أعمال مزدحم، يصعب على المرأة العصريّة مواكبة كلّ الأدوار التي يُستنظر منها إنجازها، وفي أغلب الأحيان تميل إلى المساومة على عافيتها الشخصيّة وصحّتها النفسيّة لإتمام أكبر عدد ممكن من "المهام" في يوم واحد. وهذا ما أدركته مها بنفسها عندما تراجعت خطوة إلى الوراء وأعادت تقييم حياتها، بمساعدة بعض الأشخاص الذين قدّموا لها كلّ الدعم في هذه المسيرة. وها هي تجني الآن ثمار ما تعلّمته وتنعم بحياة أكثر توازناً بمجرّد أن منحت الأولويّة لنفسها وعافيتها وصحّتها النفسيةّ، وهي اليوم أكثر إصراراً على دعم الشباب والشابّات لعيش هذا التوازن الجميل! لنتعرّف إليها أكثر في ما يلي وعلى النصائح التي تشاركنا بها حول الشعور بالعافية والرضا! 

بناء علاقات صحيّة
من خلال العبارات التالية تفسّر مها مفهومها للعافية: "تعريفي المفضّل نابع من البحث الذي أجراه الدكتور Martin Seligman وفريقه في جامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأميركيّة، حيث أكّدوا أنّ الرفاه مزيج من عوامل كثيرة تتمثّل في زيادة مشاعرك الإيجابيّة في اليوم الواحد، والاندماج التامّ في الأنشطة التي تقومين بها وبناء علاقات صحيّة مع الأشخاص مِن حولك وإيجاد معنى للحياة وخلق فرص للإنجازات وأخيراً تبنّي أسلوب حياة صحيّ". 
وبصفتها امرأة سعوديّة، سألنا مها كيف تساعد مجتمعها ليصبح مكاناً أفضل عبر الأنشطة التي تقوم بها؟ عن سؤالنا تجيب: "ثمّة الكثير من الطرق التي أساهم من خلالها في ذلك سواء في وطني أو العالم، أو هذا ما أتمنّاه فعلاً. حيث أثبتت الأبحاث وجود علاقة قويّة بين الرفاه والصحّة النفسيّة في مكان العمل والأرباح التي تحقّقها الشركة. لذلك، عندما أقبل العمل في مشروع لتطوير استراتيجيّة للرفاه في مؤسسة ما، أبذل كلّ ما عندي من جهد لأنّني أعلم أنّني أؤثّر على رفاه أعضاء تلك المنظّمة وعائلاتهم على حدّ سواء". ثمّ تضيف: "شخصيّاً، أستمتع بتدريب المهنيّين وتوجيههم، إن كانوا من الذين يبدأون أعمالهم الخاصّة أو الذين يفكّرون في خطوتهم المهنيّة التالية". هذا وأطلقت المدافعة عن الرفاه سلسلة لمناقشة الكتب عبر البثّ المباشر على انستجرام حيث تختار شخصيّات قياديّة ومؤلفين لمناقشة الكتب حول الرفاه والسلوك البشري والنموّ الشخصي، في محاولة لتشجيع الناس على القراءة وزيادة الوعي حول المفاهيم التي تغيّر الحياة نحو الأفضل.

رمضان شهر العائلة
وفي هذا الصدد، تفصح لنا قائلة: "التواصل مع الآخرين هو المضادّ الأول للاكتئاب، وفي ثقافتنا لطالما اعتُبر شهر رمضان المبارك شهراً عائليّاً". وبهدف التغلّب على التّحديات التي تواجهنا مع الجائحة، تقترح أن نحافظ على التقاليد ونبقى على اتّصال مع بعضنا البعض، خصوصاً أنّ التكنولوجيا مكّنتنا من الاتّصال والتواصل مع من نحبّ أكثر من أيّ وقت مضى". غير أنّها تؤمن أنّ الأمور قد لا تعود إلى سابق عهدها، إلّا أنّ محاولة استعادة القليل من الحياة الطبيعيّة لا زال بالغ الأهميّة. وتستكمل كلامها: "كذلك، أودّ أن اقترح خلق مساحة أكبر للمحادثات الصادقة والمفتوحة والتعبير الحقيقي عن المشاعر في عائلاتنا الصغيرة في المنزل بغية بناء علاقات أكثر قوّة وعمقاً مع أكثر الأشخاص الذين نحبّهم".

السلبيّة مجرّد فكرة
إذاً ما الإجراءات الصغيرة التي يمكن للمرأة اتّخاذها للمحافظة على عافيتها والتي من شأنها أن تؤثر بشكل إيجابي على حياتها اليوميّة؟ تجيبنا المختصّة: "إنّ العلاقة الأهمّ التي يجب أن نبنيها ونهتم بها هي علاقتنا مع أنفسنا وهي بصراحة نقطة انطلاق لكلّ ما نقوم به في الحياة. أتحدّث عن تجربة شخصيّة، إذ كنت دائماً أحدّث نفسي بطريقة سلبيّة في الماضي إنّما تمكّنت من تغيير ذلك، فمع الوعي والممارسة أصبحت أتدارك ذلك في أغلب الأحيان. ومن أساسيات الوعي أن ندرك أنّ الفكرة السلبية مجرّد فكرة، ويمكننا ببساطة التحكّم بها وتغيير حياتنا من خلال تغيير أفكارنا". وتشرح مقصدها أكثر: "لقد أعطيت اسماً للصوت الداخلي الذي يتحدّث معي بشكل سلبي، وأكلّمه في كلّ مرّة قائلة "لا، لن أسمح لك، لا مكان لهذه السلبيّة في ذهني اليوم!" ثمّ أتجاهله وأفكر في عبارات لطيفة وأكثر تعاطفاً أحدّث بها نفسي. وتضيف: "من الممارسات التي أصبحت طقوساً أستمتع بها في كلّ ليلة قبل أن أنام هي أنّني أسترجع يومي وأعيد عرض أكبر قدر ممكناً من تفاصيله بدون إطلاق أيّ أحكام وبتعاطف كبير. وعادةً ما يتّضح أنّ هذه عمليّة مفيدة تعطيني مساحة أكبر من الوعي وتتيح لي الوقت للتفكير في يومي وتُشعرني بالامتنان لكلّ ما لديّ".
وتختتم بتوجيه الرسالة التالية إلى النساء حول كيفيّة إعطاء الأولويّة لرفاههنّ: "إنّ بعض المسلّمات التي نؤمن بها قد تحدّ من أمور كثيرة في حياتنا بشكل جذريّ، كما أنّ ملاحظتها تحدّ اندفاعنا، أمّا إدراك دورها في حياتنا فهو من المهام الأهمّ التي يجب أن نتبنّاها، حيث إنّها متأصّلة غالباً في اللاوعي لدرجة أنّنا لا نعرف أنها موجودة أصلاً. لذا الخطوة الأولى تتمثّل في الكشف عنها وإدراك وجودها في داخلنا، وأعتقد أنّه الجزء الأكثر تحديّاً. لكن بمجرّد أنّ ندركها، يصبح من الأسهل أن نتحدّاها ونبتكر سيناريوهات بديلة بعيداً عن الاستسلام للأمر الواقع. وأنا متأكّدة أنّ ثمّة مليون طريقة لتحقيق أهدافنا وما نحتاج إلى فعله هو إطلاق العنان لأنفسنا وخيالنا فحسب".

اقرئي أيضاً: Raghad Fathaddin: ضعي نفسك أوّلاً واستمعي إلى كيانك

العلامات: Maha Taibah

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث