دروس حياتيّة طيّ النسيان يعلّمنا إيّاها فيروس كورونا

في حين أنّ العالم منشغل في التصدّي إلى فيروس كورونا الذي طال أربع أقطار العالم زارعاً الخوف ورهبة الموت في نفوس الناس وخصوصاً شعوب البلدان الأكثر تضرّراً منه، وبينما يُفرض علينا الحجر المنزلي، هل جسلنا مع أنفسنا وفكرنا ملّياً بما يعنيه ذلك؟ وما تأثيراته الإيجابيّة علينا؟ هل عدنا إلى ذاتنا قليلاً ونظرنا من حولنا فوجدنا أنّه لدينا سقف يأوينا وعائلة تحتضننا وأهل يرعوننا؟ هل فكرنا أنّ الأمور التي لطالما اعتبرناها من المسلّمات يمكن أن نفقدها في أيّ لحظة؟ وأهمّها الصحّة التي أُنعم علينا بها؟ هل فكّرنا بالوقت، قد أسميّه من ذهب، الذي يُسمعنا اليوم صدى جدران بيتنا وأصوات أجدادنا وآبائنا وإخوتنا بعدما بعثرتنا عجلة الحياة السريعة وانشغالاتها غير المتناهيّة؟ هلّ فكّرنا في الأذى الذي لطالما ألحقناه بطبيعتنا الأمّ التي نراها اليوم في سكينة تامّة تأخذ نفساً عميقاً إذ تصفو سماؤها؟ نعم، العالم اليوم في استراحة ويجبرنا بطريقة أو بأخرى على إعادة حساباتنا ورفع المصلحة العامّة فوق أيّ اعتبار شخصيّ. لذا لا بدّ لنا اليوم من الاستفادة من وقتنا الثمين هذا لتطوير ذاتنا والتأمل في رسالة حياتنا وإعادة جدولة أعمالنا المستقبليّة وأفكارنا ونطرتنا إلى العالم. 

وبينما كنت أقرأ في خلوتي عن المعنى الحقيقي الذي تتركه هذه الأزمة في نفوسنا، استوقفتني رسالة مؤثرة نشرها رجل الأعمال الأميركي الشهير بيل غاتس ولفتتني نظرته الإيجابيّة فأحببت أن أشاركنّ إيّاها، إليك ما قاله: 

 

"أؤمن إيماناً راسخاً بوجود غاية روحيّة وراء حدوث أيّ أمر، سواء رأيناه على أنّه جيّد أم سيّئ. وبعدما تأمّلت في ما يحصل حاليّاً، أردت أن أشارككم رأيي حول ما أعتقد أنّ فيروس كورونا يفعله فعليّاً بنا. الواقع أنّ هذا الوباء أتى ليذكّرنا بأمور كثيرة:

1-   أوّلها أنّنا متساوون بغض النظر عن ثقافتنا وديننا ومهنتنا ووضعنا الماليّ ومدى شهرتنا. فهذا المرض يعاملنا جميعاً على قدم المساواة، ولربّما ينبغي علينا أن نحذو حذوه. وإذا كنتم لا تصدقونني، فما عليكم إلّا أن تسألوا الممثّل الشهير توم هانكس Tom Hanks.

2-   إنّه يذكرنا بأنّنا جميعاً مترابطون وما يؤثّر في الشخص الواحد سيكون له تأثير حتميّ في الآخرين أيضاً. والحدود الزائفة التي وضعناها، ليست ذات قيمة تذكر، إذ إنّ هذا الفيروس لا يحتاج إلى جواز سفر. وإذ يقمعنا الوباء لفترة قصيرة، فإنّه يذكّرنا بأولئك الذين يعيشون طوال حياتهم في حالٍ من الاضطهاد.

3-   كذلك، يذكّرنا بمدى أهميّة صحتنا ووواقع أنّنا أهملناها من خلال تناول المواد الغذائيّة المصنّعة التي تفتقر إلى المغذّيات والماء الملوّث بكميّات هائلة من المواد الكيميائيّة. فإن لم نهتم بأنفسنا، لا بدّ أن يصبح مصيرنا المرض حتماً!

4-   لا بل أكثر من ذلك، إنّه يذكّرنا بقصر عمر الحياة، وبأهمّ ما علينا القيام به، ألا وهو مساعدة بعضنا البعض، لا سيّما كبار السنّ أو المرضى. فهدفنا ليس شراء ورق التواليت.

5-   ويفتح هذا الفيروس عيوننا على مجتمعنا الذي بات ماديّاً إلى أقصى الحدود، وكيف أنّنا ندرك في أوقات المحَن أهميّة الضروريّات التي نحتاجها لنبقى على قيد الحياة من غذاءٍ وماء وطبابة، بعكس الكماليّات التي أحياناً ما نعطيها قيمة لا تستحقّها.

6-   إضافةً إلى أنّه يذكّرنا بأهميّة عائلتنا وحياتنا في المنزل ومدى إهمالنا لها. إنّه يجبرنا على العودة إلى منازلنا، حتّى نتمكّن من تعزيز وحدة أسرتنا وترابطها.

7-   إنّ عملنا الحقيقي ليس وظيفتنا، فالوظيفة تمثّل ما نقوم به وليس ما خُلقنا للقيام به، وهذا ما يفتح كورونا عيوننا عليه. وبفضله نكتشف أنّ عملنا الحقيقيّ يقضي برعاية بعضنا البعض وحماية بعضنا البعض والعودة بالمنفعة على بعضنا البعض.

8-   ويذكّرنا بأن نضبط الأنا التي فينا. لأنّنا مهما رأينا أنفسنا عظماء أو رآنا الآخرون كذلك، يمكن لفيروس واحد أن يدحض هذه الاعتقادات ويشلّ عالمنا.

9-   إنّه يقول لنا إنّ قوّة الإرادة الحرّة إنّما هي بأيدينا. بحيث يمكننا اختيار التعاون مع بعضنا البعض والمشاركة والعطاء والمساعدة والمساندة، أو أن نكون أنانيّين ونحزن ونعتني بأنفسنا فحسب. ففي الواقع، إنّما هي الشدائد التي تكشف عن معدننا الحقيقيّ.

10-   كذلك يذكّرنا أنّه يمكننا التحلّي بالصبر أو الوقوع فريسةً للذعر والهلع. فإمّا أن نفهم أنّ هذا النوع من المواقف سبق أن حدث مرات كثيرة عبر التاريخ وسوف يمرّ، أو يمكننا أن نعتبره نهاية العالم، ما يجعلنا نتسبّب في أذى أكبر لأنفسنا وللآخرين بدلاً من أن نكون نافعين.

11-   ويمكن لكورونا أن يذكرنا أيضاً بأنّه من شأنه أن يمثّل النهاية من جهة أو بداية جديدة من جهة أخرى. بحيث يسعنا أخذ هذه الفترة للتفكير والتمعّن في أخطائنا ومسارنا والتعلّم منها، أو من شأنها أن تكون بداية دورة تستمر حتى نتعلّم أخيراً الدرس الذي يُراد لنا تعلّمه.

12-   وهذه الأرض باتت عليلة وفقاً لما يذكّرنا الوباء به. إذ إنّنا بحاجة إلى النظر في معدّل اجتثاث الغابات وذلك بنفس الإلحاح الذي نبديه حينما نتأمّل في سرعة اختفاء ورق التواليت من على رفوف المتاجر. فنحن مرضى اليوم لأنّ كوكبنا بات عليلاً.

13-   إنه يذكّرنا أيضاً أنه بعد كلّ عسر ثمة يُسر، وأنّه لكلّ مصيبة غاية ولكلّ بليّة نهاية. إنّما الحياة دورة، وما هذه الجائحة إلّا مرحلة في هذه الدورة الكبرى. ولذلك لا داعي لأن نصاب بالهلع، فهذه الأزمة ستنقضي أيضاً وستمر.

14-   وفي حين يرى الكثيرون كورونا ككارثة كبيرة، إلا أنّني أفضّل رؤيته على أنّه مصحّح عظيم. فقد أُرسل لتذكيرنا بالدروس المهمّة التي يبدو أننا نسيناها، والأمر متروك لنا، إن كنّا نريد أن نتعلّمها أم لا".

اقرئي أيضاً: وقفة تضامن مع الطاقم الطبّي حول العالم

 

 

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث