Untold Women Narratives مع Nayla Al Khaja

انظري من حولك، كم من امرأة مكافحة، حكيمة، مناضلة، متألّمة لم تُحكى قصتها بعد؟ كم تعرّفت خلال نشأتك على نساءٍ ألهمنك وبقيت حكاياتهنّ مخفيّة؟ كم من القصص قد تلهم العالم إذا خرجت إلى الضوء، وكم من قصصٍ أخرى ما زالت تتشكّل وتنتظر من يحكيها؟ روايات عديدة تبقى بعيدة عن الإعلام، فلا تُناقش ولا تُعالج. لكلّ منّا قصّتها، قد نتشابه في أماكن كثيرة ونختلف في أماكن أخرى، إنّما يبقى الأهمّ هو أن نتشاركها مع العالم. فعندما تتكلّم المرأة، هي لا تخبر فقط قصّتها إنّما قصص الكثير من النساء الأخريات. وبذلك تتماهى معها الكثيرات وتتأثّر بها العديدات. والأعظم هو أن يتعلّم العالم من هذه الروايات. فنقوم من خلال ذلك بتغيير السرديّة العامّة ونكسر الصور النمطيّة، ونأخذ زمام الأمور برواية القصص التي نريد وبالطريقة التي نريد. في هذا الإطار واحتفاءً بيوم المرأة العالمي، طلبنا من المخرجة نايلة الخاجة أن تشاركنا قصة غير محكيّة لنساءٍ في مجتمعها عبر فيديو يعرض في يوم المرأة. فعندما تتولّى النساء إخراج الأفلام وكتابتها وإنتاجها، يمنحن القصص النسائية الحقيقيّة مزيدًا من العمق والواقعيّة. في ما يلي، نتعرّف عن قرب إليها وإلى القصة التي اختارت مشاركتنا إيّاها، كما إلى آرائها بقدرة الصناعات الإبداعيّة اليوم على تغيير السرديّة المتعلّقة بالمرأة.

Nayla Alkhaja:" صناعة الأفلام ليست مجرّد ترفيه، بل هي محفّز للتغيير وتشكيل التصوّرات وإلهام التقدّم المجتمعي الحقيقي "

عندما قرّرت نايلة الخاجة أن تصبح مخرجة أفلام، لم ترد فقط رواية قصّة معينة، بل كانت تهدف إلى إنشاء منصة لمشاركة الروايات الإماراتية الأصيلة مع العالم. فخلال نشأتها، لم تشاهد الكثير من الأفلام التي تعكس تعقيدات الثقافة الإماراتية، وشعرت برغبة شديدة في ملء هذه الفجوة. أرادت أن تروي قصصاً تتحدّى التصوّرات وتستكشف العمق الإنساني وتسلّط الضوء على مواضيع غالباً ما تبقى في الخفاء.

التصوير: Maximilian Gower

منذ البداية، انجذبت نايلة الخاجة إلى الروايات التي تتناول التقاطع بين التقاليد والحداثة، ولا سيّما الصراعات التي تنشأ عن التحوّل الثقافي. وتؤكّد: "لقد تطوّرت الإمارات العربيّة المتّحدة بسرعة في غضون عقود قليلة فقط، وهذا التوتّر بين القديم والجديد، والتوقّعات والرغبات الشخصية يخلق فرصاً مهمّة لسرد القصص. أردت استكشاف الطبقات العاطفية والنفسية الخفية في المجتمع الإماراتي، وتسليط الضوء على المرونة والمشاعر المكبوتة والصحوة الشخصية."

وطوال مسيرتها المهنية، انجذبت المخرجة الإماراتيّة إلى القصص التي تستكشف المرونة والصراعات والعوالم الداخلية للمرأة. وتقول: "غالباً ما أصوّر النساء اللواتي يتعاملنَ مع التوقّعات المجتمعيّة والتحوّل الشخصي والعمق النفسي، سواء من خلال موضوع الهويّة أو الكبت أو الطموح أو الصحوة العاطفية. وتهمّني بشكل خاص البطلة القويّة إنّما التي لا تنقصها العيوب، والتي تتحدّى المعايير وتتخطى الحدود. غالباً ما تسلّط أفلامي الضوء على الجوانب غير المرئية وغير المعلنة في حياة النساء، من التابوهات إلى الصحة النفسية والتمكين. وفي النهاية، أنا أسعى جاهدة إلى سرد قصص حقيقية وجريئة، تحفّز التفكير وتمنح المرأة صوتاً بطريقة خاصّة وعالمية في آن واحد."

ومن بين المشاريع التي تحمل طابعاً شخصياً جداً بالنسبة إلى نايلة الخاجة هو فيلم BAAB الذي انتهت مؤخراً من تصويره. إنّه فيلم يمزج بين الفنتازيا المظلمة والسريالية والتراث الثقافي، ويستكشف مواضيع الحزن والهوية والأمور الخارقة للطبيعة من خلال عدسة إماراتية. وما يزيد من تميّز فيلم BAAB هو أنّه يمثل خطوة جريئة في أنواع الأفلام حيث أنّه يدمج بين الفولكلور الإماراتي والسرد العاطفي. وتضيف: "كانت رحلة صناعة هذا الفيلم صعبة ومجزية في آنٍ واحد، بدءاً من تطوير لغته البصرية الفريدة إلى التعاون المستمرّ مع الأسطورة الحائز على جائزة الأوسكار مرتين A.R. Rahman من أجل الموسيقى. BAAB هو أكثر من مجرّد فيلم بالنسبة إليّ، بل هو شهادة على تخطي الحدود الإبداعية في السينما الإماراتية، وأنتظر بفارغ الصبر أن أشاركه مع العالم."

صناعة الأفلام قادرة على إيصال أصوات النساء

وقد اختارت نايلة الخاجة في الفيديو الخاص بها أن تشارك قصّة سيدة الأعمال والناشطة الخيرية Muna Al Gurg مؤسِّسة Meem Foundation المكرّسة لتمكين المرأة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتؤكّد المخرجة أنّ صناعة الأفلام قادرة على إيصال أصوات النساء، حيث تبرز القصص والاهتمامات غير المروية بطريقة مؤثّرة وبعيدة الأثر. تخلق السينما التعاطف، ممّا يسمح للجمهور بالدخول إلى حياة النساء اللواتي يعشنَ صراعات قد لا يلاحظها أحد. وتضيف: "من خلال سرد قصص حقيقية ودقيقة، يمكن للأفلام أن تتحدّى المعايير المجتمعية وتكسر القوالب النمطية وتفتح نقاشات حول عدم المساواة والصحة النفسية والحرية الشخصية والتوقّعات الثقافية. والأهمّ من ذلك أنّ التمثيل خلف الكاميرا أمر مهمّ، فعندما تقوم النساء بإخراج الأفلام وكتابتها وإنتاجها، فإنهنّ يضفنَ المزيد من العمق والحقيقة إلى القصص النسائية. صناعة الأفلام ليست مجرّد ترفيه، بل هي محفّز للتغيير وتشكيل التصوّرات وإلهام التقدّم المجتمعي الحقيقي."

وتشارك ختاماً هذه الرسالة مع النساء في مجتمعها وتقول: "صوتك وقصصك وأحلامك مهمّة. لا تسمحي أبداً للتوقّعات المجتمعيّة أن تضع لك حدوداً. اكسري الحواجز وتحدّي المعايير وشقّي طريقك الخاص. قد لا تكون الرحلة سهلة دائماً، لكنّ المرونة والشغف سيأخذانك إلى أبعد ممّا تتخيلين. وجودك قويّ. استمرّي في المضي قدماً، تحكّمي بقصّتك الخاصة، وألهمي الجيل القادم. العالم بحاجة إلى نورك. أطيب التمنيات لك بيوم المرأة العالمي!"

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث