Untold Women Narratives مع Rana Matar

انظري من حولك، كم من امرأة مكافحة، حكيمة، مناضلة، متألّمة لم تُحكى قصتها بعد؟ كم تعرّفت خلال نشأتك على نساءٍ ألهمنك وبقيت حكاياتهنّ مخفيّة؟ كم من القصص قد تلهم العالم إذا خرجت إلى الضوء، وكم من قصصٍ أخرى ما زالت تتشكّل وتنتظر من يحكيها؟ روايات عديدة تبقى بعيدة عن الإعلام، فلا تُناقش ولا تُعالج. لكلّ منّا قصّتها، قد نتشابه في أماكن كثيرة ونختلف في أماكن أخرى، إنّما يبقى الأهمّ هو أن نتشاركها مع العالم. فعندما تتكلّم المرأة، هي لا تخبر فقط قصّتها إنّما قصص الكثير من النساء الأخريات. وبذلك تتماهى معها الكثيرات وتتأثّر بها العديدات. والأعظم هو أن يتعلّم العالم من هذه الروايات. فنقوم من خلال ذلك بتغيير السرديّة العامّة ونكسر الصور النمطيّة، ونأخذ زمام الأمور برواية القصص التي نريد وبالطريقة التي نريد. في هذا الإطار واحتفاءً بيوم المرأة العالمي، طلبنا من المخرجة رنا مطر أن تشاركنا قصة غير محكيّة لنساءٍ في مجتمعها عبر فيديو يعرض في يوم المرأة. فعندما تتولّى النساء إخراج الأفلام وكتابتها وإنتاجها، يمنحن القصص النسائية الحقيقيّة مزيدًا من العمق والواقعيّة. في ما يلي، نتعرّف عن قرب إليها وإلى القصة التي اختارت مشاركتنا إيّاها، كما إلى آرائها بقدرة الصناعات الإبداعيّة اليوم على تغيير السرديّة المتعلّقة بالمرأة.  

التصوير: Lama Jamjoom

Rana Matar: " لا تستهيني أبداً بالقوة التي تملكينها لإحداث تغيير من خلال كاميرتك وكلماتك وقصصك ومشاعرك "

تتذكّر رنا مطر استيقاظها في الثامنة صباحاً لحضور صفّ تحليل الأفلام، حيث اكتشفت أفلاماً أعادت تعريف الطريقة التي ترى بها السينما – مع Godard وTarkovsky و Bresson و Bergman و Fellini و Kieslowski و Antonioni و Kiarostami و Chantal Akerman. وكما قالت Agnès Varda ذات مرة: "السينما هي بيتي. أعتقد أنّني عشت فيها دائماً." هذا بالضبط ما كانت تشعر به. فمن خلال هذه الأفلام، اكتشفت عوالم جديدة ونوافذ جديدة على الحياة. وتتذكّر أنّ رحلتها في صناعة الأفلام تطوّرت بخاصّة خلال دورة تدريبيّة في صناعة الأفلام الوثائقية امتدّت على ستة أشهر، فقدّمت فيلم Your Voice Only، حيث كانت مسؤولة عن التصوير والإخراج والمونتاج. وهي تشكر Mahassine El Hachadi، التي علّمتها أنّ صناعة الأفلام لا تتعلّق فقط برواية القصص، بل بالإصغاء والمراقبة ورؤية الأشخاص والأماكن التي تصوّرها بصدق.

التصوير: Lama Jamjoom

كونها مخرجة أفلام من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تهدف رنا مطر إلى سرد قصص النساء العربيات بصرياً، مع التركيز على المساحات الخاصّة لمشاعرهنّ وأفكارهنّ وصراعاتهنّ. وهي تشرح ذلك قائلة: "أحد مشاريعي المفضّلة هو فيلم ? Does It Hurt Too Bad To Look at Me، وهو أوّل فيلم قصير لـNEOM. تمّ تصويره في الصحاري، ويأخذنا في جولة تتبع رحلة امرأة وهي تستكشف علاقتين محوريتين في حياتها. وبصفتي كاتبة الفيلم ومخرجته، أردتُ أن أصنع فيلماً عن امرأة تسعى لأن يراها العالم ويسمع صوتها بعيداً عن نظرة الرجل. إنّها تتوق إلى ما هو أكثر من مجرّد الوجود - فتطالب بتواصل عميق فكرياً وعاطفياً. وعلى الرغم من أنّ الشخصيات متقاربة جسدياً في مساحة السيارة الضيقة، إلّا أنّ هناك إحساساً بالعزلة، يجسّد تعقيد العلاقات الرومانسية."

إنّ القصة التي تشاركها المخرجة في الفيديو الخاص بها هي قصّة شخصية جداً، مستوحاة من مسيرتها كامرأة في أوائل العشرينات من عمرها، لديها جذور في فلسطين ومصر والجزائر، إنّما وُلدت ونشأت في المملكة العربية السعودية. وقد اختارت التحدّث عن هذا الأمر لأنّها ترى مدى قوّة أصواتنا كنساء عربيات، لا سيما مع خلفياتنا المتنوّعة وثقافاتنا الغنيّة. وبصفتها مخرجة أفلام، فهي تعشق رواية قصص النساء وتشجيع الشابّات على توثيق تجاربهنّ وتصوير الإنسانية من حولهنّ.

تشجيع النساء لمشاركة قصصهنّ والتعبير عن أنفسهن

وتعتقد المخرجة أنّ صناعة الأفلام يمكن أن تساعد في تسليط الضوء على مشاكل المرأة من خلال إتاحة المزيد من الفرص للنساء للمشاركة في جميع مجالات صناعة الأفلام. وتؤكّد قائلة: "يشمل ذلك تقديم المزيد من البرامج التدريبيّة في مجالات مثل التصوير السينمائي والإخراج والكتابة وتصميم الصوت. فإذا أتيحت لنساء إمكانية الوصول إلى هذه المهارات، سيصبحنَ مجهّزات بشكل أفضل لرواية قصصهنّ الخاصّة. وأعتقد أيضاً أنّه من الضروري التركيز على جيل الشباب. فإذا حصلت الشابّات في المدارس على دورات في صناعة الأفلام والكتابة والإخراج، سيتيح لهنّ ذلك الفرصة لاستكشاف هذه المجالات في وقت مبكر. وقد يثير ذلك اهتمامهنّ ويساعدهنّ على تطوير المهارات التي يحتجنها للمستقبل. ومع زيادة التركيز على هذه الفرص، ستتشجّع النساء لمشاركة قصصهنّ والتعبير عن أنفسهنّ. كما يمكن أن تكون هناك أقسام خاصّة بالأفلام في المهرجانات السينمائية حيث يمكن للنساء تقديم أفلام قصيرة عن قصصهنّ. يمكن أن تكون هذه البرامج بمثابة نقطة انطلاق، ممّا يتيح الفرصة للنساء أن يستكشفنَ المواضيع الخاصة التي تهمهنّ ويشاركنَ التحديات الفريدة التي يواجهنها. من خلال دمج مثل هذه البرامج في المهرجانات، سنشجّع النساء على التحدّث عن القضايا التي تهمّهنّ."

وباعتبارها مخرجة أفلام، فإنّ رسالتها إلى النساء في مجتمعها هي استخدام صناعة الأفلام كأداة لإحداث تأثير إيجابي في المجتمع، وتختم: "هناك قصص - غالباً ما يتمّ تجاهلها - في انتظار أن تصوّريها. لا تستهيني أبداً بالقوة التي تملكينها لإحداث تغيير من خلال كاميرتك وكلماتك وقصصك ومشاعرك. صوتك قويّ، وبواسطة كاميرتك، لديك القدرة على صياغة رؤية العالم لنفسه وفهمه لواقعه."

 

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث