تأثّرت ديانا حمادة بوالدها لتمتهن المحاماة ولكنّها لم تسلك الطريق المعتاد للتدرّج في المهنة بل شقّت طريقها بناءً على إطار زمنيّ خاص بها! وإذا كان أكثر ما يؤلمها أنّ والدها لم يقدَر له أن يراها محامية تعمل في مكتبها الخاص فهي فور اطّلاعها على أي أمر يتعلق بالقانون، تستحضره وتفكّر ملياً برأيه وتوجّهه في المسألة. وإنّ أكثر ما يسعدها في بداية عملها في المحاماة وحضورها في المحاكم هو ترحّم بعض القضاة والكثير من الزملاء والعاملين في المحكمة على والدها بمجرّد ما يرونها أثناء تواجدها في المحاكم للمرافعة وهذا ما كان يعطيها إحساساً بأنّ والدها لا يزال موجوداً وهو يرى بأنّ حلمه قد تحقّق وأنّه يحيا معها ويعيش يومياتها فتتذكّر قول الفرنسيّين بأن الأب لا يموت لأنّه يحيا من خلالك. وقد أثّرت حمادة بدورها على ابنتها ندى الغرير التي سارت على خطاها حيث تعتبر أنّ العمل مع أمّها فرصة لا تعوّض! فكيف شغفتا بهذا المجال وما هي أجواء عملهما معاً في شركة ديانا حمادة للمحاماة؟ في ما يلي تشاركاننا خبرتيهما القيّمتين لتلهمان من خلالها رائدات الأعمال اللواتي يعتزمن العمل في شركات عائليّة.
التصوير: Maximilian Gower
الإنجذاب للقانون والشغف في العمل
"ككلّ فتاة والدها مثلها الأعلى كانت مهنة المحاماة بالنسبة إليّ عالماً آخر... إلاّ أنّني كنت أرى مدى انشغال والدي في عمله فأخاف العمل في القانون وأشعر بالرهبة منه"، بهذه الكلمات تخبرنا ديانا حمادة عن القصة وراء دخولها هذا العالم. وتتابع: "ولكنني حينما دخلت جامعة الإمارات ودرست الشريعة والقانون، على عكس ما توقّعت وجدت المادة القانونية ممتعة في حين أنّ كلّ من كنت أعرفهم في ذلك الوقت، وجدوها مادّة جافّة. لعلّ المادة نفسها كانت متّصلة بطريقة تفكيري وتحليلي للأمور وكنت أرى القانون في بيتنا وكأنّه جزء من حياتنا. لذا وبمجرّد تخرّجي من الجامعة اتّجهت إلى مواصلة دراستي بحصولي على الماجستير في القانون التجاري". وهي تشعر أنّ تأثرها بوالدها جعلها تمتهن المحاماة لتقودها الحياة إلى ما كان يحلم به... وتشاركنا بتأثّر: "الغريب أنّ والدي رحمه الله كان يتحدّث كثيراً عن التحكيم كبديل للتقاضي ويقرأ عنه بتمعّن، وتكلّم أيضاً عن الحوكمة وكم هي ضرورية في النظامين العام والخاص، وكان عملي الأول في التحكيم والحوكمة، بعد مضي 10 سنوات على تخرّجي من الجامعة و خمس سنوات على وفاة والدي..."
إقرئي أيضاً: Yes I did مع Nayla Alkhaja
أمّا من ناحية ندى الغرير، فلم تكن مهنة المحاماة حلمها، فما الذي جعلها ترغب في السير على خطى والدتها المهنيّة؟ تخبرنا: " لم أكن أرى نفسي في مهنة المحاماة كلّما سئلت ماذا ترين نفسك في المستقبل لدرجة أنّني استغربت عندما كانت دراسة القانون الاختيار الأوّل عند تقديمي طلبات الجامعات في بريطانيا، كما كانت هذه مفاجأة كبيرة لوالدتي التي كانت تكرّر دائماً أنّها لن تجبرني على دراسة القانون كما أجبرها والدها. إلاّ أنّني وبشكل غير مباشر كنت منجذبة للقانون ولعلّ حديث أمّي الدائم عن متعة العمل، سفري معها من وقت لآخر لحضور مؤتمرات واجتماعات وبعض التدريب في المكاتب القانونية والإدارات القانونية التي التحقت بها أثناء سنواتي في المدرسة كان السبب الرئيس في اختياري للقانون، في الدراسة والعمل".
لم أسلك الطريق المعتاد للتدرّج في المهنة
ما هي اللّحظات التي تعتزّ بها ديانا حمادة عندما تنظر إلى مسيرتها المهنيّة؟ تؤكّد بالقول: "هناك الكثير من اللحظات التي تسردها المحاميات كمحطات فارقة في المهنة وهي عادةً ما تجعل حكايات سيرة مهنة المحامية قصصاً في مقابل السيرة الذاتية للمحامي الرجل". وتشرح بالقول: "والسبب هو أنّ المرأة التي تعمل في مجال القضاء تحتاج إلى تكريس وقتها لمسؤوليات المهنة في حين أنّها في معظم الأحيان زوجة وأمّ ممّا يجعل قصتها مختلفة عن الرجل لأنها سلسلة من التحديات تتخلّلها الكثير من الهزائم والانتصارات، إلّا أنّ قصّتي تختلف حتى عن قصص المحاميات لأنني لم أسلك الطريق المعتاد للتدرّج في المهنة. فأنا لم أعمل فور تخرّجي ولم أعمل في القانون حتى دخل أطفالي المدرسة. حتى أنّني لم أؤسس مكتبي الخاص إلاّ بعد أن دخل طفلي الثالث الحضانة والذي يصغر أخيه بستّ سنوات وأخته بثماني سنوات..." وتتابع: " الحلم الكبير كان حلم والدي ... وهو أن أحدث فرقاً واضحاً و ملموساً في القانون... وبالفعل عملت مع عدد من اللجان التشريعية في غرفة دبي ومركز دبي المالي العالمي على إعداد مسودات القانون ومنها التحكيم والحوكمة والوصايا لغير المسلمين و غيرها. ومن ثمّ أسّست مكتبي الخاص. وتوالت اللحظات، من كتابة مقالي الأول ثمّ جمع مقالاتي في كتاب... وهذه من النجاحات التي أعتزّ بها. كذلك التعديلات التي ناديت بها في عدد من القوانين والتي شهدت تعديلها بالفعل. أفخر بكلّ قضية ربحها موكلي، بكلّ جائزة قانونية وكلّ تصنيف قانوني وأفخر كمحامية وكخبير محلف بالأثر الكبير للقضايا التي أمثل فيها أمام المحاكم المحلية والدولية في أحكام القضاء".
إقرئي أيضاً: الدكتورة المهندسة سعاد الشامسي: " إذا أنا استطعت فأيّ امراة تستطيع "
العمل مع أمّي فرصة لا تعوّض
ما هي النصيحة أو النصائح التي أسداها والد المحامية ديانا حمادة لها والتي أثّرت بمسيرتها المهنيّة؟ وهل هي النصيحة أو النصائح عينها التي تسديها لابنتها؟ تجيبنا: "كان والداي يؤمنان بأنّ الحياة مجموعة من الفرص، وما عليك إلاّ أن تسعي لاغتنامها، وعليك أن تحبّ ما تعمل، بل عشقه، لأنّ ما تحبّيه سيحبّك بالمقابل. لذا فإنّني أجد في عملي في مجال القانون الكثير من الحبّ، ممّا يجعلني ممتنة.وهذا ما أحاول أن أعلّمه لأطفالي. أنا لا أسدي لابنتي بالنصيحة، فهي في الواقع من يوجّهني و ينبّهني. أشعر أحياناً أنّها بوصلتي فهي الوحيدة القادرة على توجيهي عندما تأخذني مشاغل الحياة ..." أمّا من ناحية ندى الغرير، فما هي إيجابيّات العمل مع والدتها؟ تخبرنا: "من مميّزات العمل مع الأسرة هي أنّهم أصحاب خبرة لا يبخلون بها على الأجيال الأصغر، وهذا هو بالفعل ما يميّز الشركات العائلية والعمل العائلي. أمّي مدرسة بفتح الميم... وهي معلمة رائعة وإن كانت صارمة جداً وعلّمني العمل معها الالتزام والدقة وسرعة الاستجابة فهي تمنحني الوقت للتعلم وتوفّر لي الأدوات، و لكنّها أيضاً تتوقّع الإنجاز بالسرعة التي تحدّدها مسبقاً. أمّي رائدة في مجالها والعمل معها فرصة لا تعوّض".
إحساسك بالرضى عن نفسك وما حققته أمر في غاية الأهميّة
وفيما نسأل ندى الغرير هل يؤثّر العمل معاً على الإجتماعات العائليّة؟ تؤكّد: "العمل مع العائلة يتضمّن تحديّات كثيرة منها الفصل بين العمل والمنزل فلذا كان لابدّ لنا من أن نخوض التجربة بدايةً لنوازن معاً مدى إمكانيّة الحفاظ على علاقتنا كأمّ وابنتها وهي علاقة قويّة وفيها الكثير من الحبّ، وعلاقة العمل التي تستوجب إطاعة الأوامر والالتزام بأوقات العمل وإنجاز العمل المطلوب. ونصيحة منّي لكلّ فتاة ترغب في العمل مع أمّها أو عائلتها أن تفصل حياتها الأسرية عن حياتها العملية وتجد الحافز في أن تنظر الى العمل كعملها الخاص لتجد نفسها جزءاً منه كما هو جزءاً منها". وفيما تشاركما ندى الغرير هذه النصيحة القيّمة نسأل أيضاً الأمّ أن تشارك رائدات الأعمال اللواتي يبدأن تجربتهنّ العمليّة في الإطار العائليّ دروس أو نصائح في الحياة مبنية على تجربتها، وتقول: "الأهمّ في الحياة هو أن تخبري نفسك دائماً أنّك لا تعرفين كلّ شيء أي أنك تحتاجين إلى أن تتعلّمي دائماً وأبداً، وأنّ هناك الكثير من العلم الذي تحتاجينه ولا بدّ من السعي إليه. ثمّ المهم هو الشعور بالرضى... إحساسك بالرضى عن نفسك وما حققته أمر في غاية الأهميّة والأمر. الثالث والذي لا يقلّ أهميّة هو ألّا تتوقفي، لا تتوقّفي عن طلب العلم ولا تتوقّف عن الحب وعن البحث عن الحب والشغف في كلّ مرحلة من مراحل حياتك". ونختتم بسؤالها عن الإرث الذي ترغب في تركه على هذه الأرض من خلال شركة ديانا حمادة للمحاماة، فتقول: "إحداث فرق في الحياة، في حياتي وحياة الآخرين... مهمّة المحامي الأولى والأخيرة هي تحقيق العدالة. وهمّي دائماً هو مساعدة موكّلي على كسب قضيته، وهي العدالة التي أسعى إلى تحقيقها له".
إقرئي أيضاً: سر الريادة مع أضوى الدخيل