يقول Pharrell Williams: "مستقبل الرفاهية هو الحريّة". وبالنسبة إلى Imran Amed، مؤسّس The Business of Fashion: "في يومنا هذا، أحد أبرز أشكال الرفاهية هو الوقت. وأحياناً، أريد فقط أن أدخل إلى متجر وألقي نظرة في الأرجاء. لستُ بحاجة إلى موظّف مبيعات لمساعدتي في ذلك ولا أريد الانتظار في الطابور."
إقرئي أيضاً: الحبّ في الشعر العربي
يبدو أنّه في عصرنا هذا، لا يستطيع أحد تحديد مفهوم الرفاهية! ولاحظتُ أنّ الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا أصبح يحدّد مؤخراً مفهوم الرفاهية الجديد. منذ فترة، كانت الرفاهية البسيطة هي الأكثر شيوعاً، إلى أن ظهرت باربي مع الضجّة الهائلة التي رافقتها وقلبت كلّ المقاييس. وأتساءل لماذا نواجه صعوبة الآن في تعريف الرفاهية! كان الأمر سهلاً في السابق! فالأشياء باهظة الثمن هي الأشياء الفاخرة، ولكن هذا هو بيت القصيد، إذ نتحدّث عن الأشياء. ولدينا بالفعل الكثير منها وما زلنا بحاجة إلى غيرها الكثير. ومن الواضح أنّه في عصر الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي والرموز غير القابلة للاستبدال والعملات المشفرة نجد أنفسنا في حيرة بين الواقع و... غير الواقع! نحن نعيش حيوات متعدّدة تتداخل فيها الخطوط الفاصلة غير الواضحة، هذا إن كانت بالفعل تلك الخطوط موجودة. وفي الحقيقة، أشعر أنّ هناك انتقال من الرفاهية الملموسة إلى الرفاهية العاطفية. فاليوم نحن نحتاج إلى الوقت، ونحتاج إلى الحرية والمساحة والابتعاد عن كلّ شيء، ولهذا السبب نرى اتجاهات جديدة وغير اعتياديّة مثل الغرف الهادئة وتطبيقات النوم؛ فأصبح النوم العميق اليوم رفاهية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى عدم القلق وتغيير المهنة من دون مخاطر مثلاً. من منظوري الخاصّ، أرى أنّ الرفاهية أصبحت أسلوب حياة وليست مرتبطة بأغراض ملومسة. وأسلوب الحياة الفاخر هو الذي يعيش فيه المرء من دون قلق. وإذا فكّرنا ملياً في الأمر، فإنّ معظمنا الذين يعيشون في بلدان مستقرّة لدينا أكثر من الضروريات مثل الغذاء والماء والكهرباء والإنترنت. وربما نعيش في منازل ذات ديكور جميلة ونطبخ أو نتناول الطعام اللذيذ في المطاعم ونرتدي ملابس جميلة ولدينا وظائف وسيارات ونسافر ونخرج ونحتفل وننام على سرير مريح مع فراش جيّد، وعلى أمل أن نكون جميعنا بصحة جيدة أو على الأقل نحصل على الرعاية الطبية التي نحتاجها من حيث الأدوية أو المرافق. لدينا أيضاً هواتف محمولة وإنترنت وأجهزة كمبيوتر محمولة وأجهزة تقنيّة. فمن هذه الناحية، نحن نعيش بالفعل أسلوب حياة فاخر من حيث وسائل الراحة، لكنّنا اعتدنا عليها بحيث لم نعد نعتبرها رفاهية. وقد تكون هذه هي المشكلة. فمن وجهة نظري، ليست الرفاهية اليوم شيئاً واحداً، بل هي أشياء كثيرة مختلفة. بعضها ملموس وبعضها عاطفيّ أو روحيّ أو نفسيّ. بالنسبة إليّ، فإن واقع أنّني أستطيع أن أنام مطوّلاً أيّام السبت هو الرفاهية التي أحتاجها بعد أسبوع من العمل الشاق. كما أنّ ذكريات الحياة الجيّدة التي عشتها هي رفاهية أيضاً.
أخيراً، أدرك أنّنا هنا في الشرق الأوسط نتمتّع بتاريخ غنيّ وعريق له جذور راسخة في الأرض والهويّة والتراث والثقافة والقيم... وهذه هي رفاهيتنا الجماعيّة.
إقرئي أيضاً: ماذا عن الرفاهية في ١٤٤٤ هـ؟