الحب هو ما يشفي العالم

منذ أن كان طالباً في كليّة الطبّ، في كلّ أزمة تشهدها غزة، يغادر البروفيسور غسان أبو ستة مكان إقامته في الخارج ويأتي لتقديم المساعدة لأبناء وطنه! بالإضافة إلى جذوره الفلسطينيّة التي تجعله يتأثّر بكلّ ما يحدث في وطنه، يهتمّ الجرّاح بإصابات الحرب على الصعيدين الأكاديميّ والطبيّ. وقد أصدر كتابين علميّين، الأوّل بعنوان Reconstructing the War Injured Patient، والثاني The War Injured Child الذي صدر الصيف الماضي. كما وأنّه يترأس برنامج طبّ النزاعات في معهد الصحّة العالميّة في الجامعة الأميركيّة في بيروت، وينتمي إلى قسم الأبحاث مع مركز إصابات الانفجارات في Imperial College. وقد استثمر خبرته أيضاً في أزمات اليمن والموصل ودمشق... وبعد هذه التجارب،هناك شعور داخليّ يدفعه إلى الخدمة في هذه الظروف وفي هذه الأوقات. وفي ما يلي نتعرّف إليه عن قرب ونسأله عمّا يحتاج العالم إلى معرفته عن الوضع الإنسانيّ الحالي!

 

"يجب وقف إطلاق النار على الفور وفتح ممرّ إنسانيّ لإخراج الجرحى ومعالجتهم، كما يجب تزويد المستشفيات بالإمدادات، ولكن الأهمّ من ذلك هو ضرورة وقف إطلاق النار فوراً!"، إنّها العبارات الأولى التي يشاركنا بها البروفيسور غسان أبو ستة... عبارات مؤثّرة مجبولة بالأسى والظلم والتضحية، ولكن أيضاً بالأمل!

إقرئي أيضاً: هي حكواتية... واليوم نحكي قصة تمسكها بالأمل!

ما الذي يحتاج العالم إلى معرفته وتعلّمه ممّا يحدث اليوم؟

"يجب أن يعرف العالم أنّ هذه حرب ضد الأطفال، فقد قُتل حتى الآن أكثر من 3200 طفل فلسطينيّ وأصيب 7000 طفل. سيكون لدى هؤلاء الأطفال الجرحى جراحات ترميميّة لمدى العمر إذا بقوا على قيد الحياة"، كلمات تختصر الوضع الإنسانيّ الذي يشهد عليه الجرّاح ويحاول المساهمة في التخفيف من وطأته. أمّا عن أكثر ما أثّر فيه منذ وصوله إلى غزّة، فيقول: "أنس، الذي يبلغ من العمر 13 عاماً كعمر ابني، مصاب بحروق شديدة في الوجه وفي حوالي 60% من جسمه. بعد العمليّة الجراحيّة الأخيرة ظلّ يقول إنّه عطشان جداً، وقضيت 15 دقيقة أعطيه الماء ببطء، وسأتذكّر على الأرجح كيف كان يطلب الماء منّي لبقية حياتي..."

في قلب الخطر

"تعريض نفسنا للخطر هو جزء لا يتجزّأ من هذه التجربة، ولكن في الوقت نفسه يجب أن نكون صادقين مع أنفسنا ولا بدّ أن يكون لحياتنا معنى. ولطالما شعرتُ بأنّ القيام بهذا النوع من الأعمال يعطي معنى لحياتي. وقد كان هذا العمل جزءاً مهمّاً من علاقتي بزوجتي ديما أيضاً. فبعد وقت قصير من زواجنا، أتيت إلى غزّة أثناء الانتفاضة الثانية حيث أمضينا ستة أشهر بينما عملت كمتطوّع في مخيّم جباليا. وكذلك الأمر بالنسبة إلى أولادي، فقد نشأوا، فيما أقوم بهذا العمل وأجري هذا النوع من المحادثات، لكنّ ذلك لا يجعل الأمر أسهل... لقد عشتُ هذه الأمور طوال حياتي ولم يكن من السهل عليّ أبداً أن أخبر والدتي التي عانت طويلاً أو أختي أيضاً، أنّني أقوم بذلك مجدّداً... لكنّهما تتقبّلان الواقع وتدعماني!"

وسط كلّ هذا الألم والظلم، ما الذي يمنحك الأمل؟

"أعمال التضامن المذهلة بين الناس وأعمال الحبّ الهائل التي يظهرها الناس تجاه عائلاتهم وأحبّائهم. أدركت أنّ الحبّ هو ما يشفي العالم من هذا الشرّ الذي يُرتكب. في ظلّ كلّ هذا الموت والدمار، حبّ الأهل لأبنائهم كما وحبّ الأبناء لأهلهم وإخوتهم وأصدقائهم، يضيء نوراً في هذا الظلام..."

إقرئي أيضاً: عندما يجتمع فنّ الصمود بالتراث الوطنيّ

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث