هي حكواتية... واليوم نحكي قصة تمسكها بالأمل!

عام 2000 كانت بيسان تبلغ من العمر سنة ونيّف. وفيما بدأت تتنبّه إلى ما يدور من حولها، كانت عبارة "خبر عاجل" من أوّل الكلمات التي نطقت بها، قبل أن تبدأ في عمر ال 4 سنوات بترداد: "شيرين أبو عاقلة، الجزيرة فلسطين"، كما كانت تسمع في التلفاز. هذه الخبرة التي طبعت طفولتها البريئة، كبرت معها... حتّى أضحت حكواتيّة تتطرّق في برنامجها إلى قصص تنبض بالتاريخ والثقافة والفنون. ولكن للأسف، هذه القصص ليست دائماً ورديّة وجميلة... منذ أسابيع قليلة تعرّف العالم إليها عن قرب، حين بدأت بتوثيق حياة المدنيّين في غزّة من خلال صفحتها على موقع انستجرام، حيث تساهم في نقل الأحداث وتغيير السرديّة... ومن قلب الألم والدمار، نقابل الحكواتيّة لنخبرُكم قصّتها وقصّة تمسّكها بالأمل!

"أنا صانعة محتوى وكاتبة قصص وعاملة انسانيّة"، بهذه الكلمات تعرّفنا بيسان عن نفسها قبل أن تؤكّد: "حلمي أن أروي قصص الناس وأشاركها مع العالم، خصوصاً آولئك الذي يحتاجون للدّعم نظراً لأوضاعهم الإنسانيّة والتنمويّة سواء في الدول العربيّة، الآسيويّة أو الإفريقيّة". وتتابع: "كان حلمي أن أكون صوت كلّ إنسان، أن أجوب العالم وأروي قصص الناس... ولم أستطع... ولا أعرف إن كنت سأجد لذلك سيبلاً... فلا أعرف إن كنت سأبقى على قيد الحياة"... منذ أسابيع قليلة تركت بيسان منزلها لتعيش في خيمة، انهدمت أحلامها، مكتبها، عملها، الشوارع المحيطة بها، إلاّ أنّ تمسّكها بالأمل كبير.

تفتخر بيسان اليوم بالأثر الذي تتركه وبمساهمتها من خلال محتواها بنقل الواقع وتغيير السرديّة التاريخيّة. وتقول: "المحتوى الخاص بي يصل للعالم، لو متّ سأكون فخورة وراضية بما قمت به، لأنّني أنقل الأحداث كي أطلع العالم على رواية مختلفة. وقد ولّد ذلك بالفعل الحشريّة لدى الكثير من الناس ليتعرّفوا أكثر إلى الأحداث ويتعلّموا عنها وينظروا إلى الواقع من وجهة نظر أخرى".

قدرة على حلّ المشاكل غير محدودة

تحبّ بيسان كلّ شيء يتعلّق ببلدها، وتؤكّد لنا: "بلدي فيها الحبّ والحرب، فيها البحر والأشجار، فيها التاريخ والأصالة والثقافة والتراث، فيها إرث حضاريّ وتاريخيّ عملاق، فيها التاريخ وفيها المستقبل... نحن وطن الشمس، نحن وطن الحضارة المتأصّلة في الجينات، نحن البلد الأخضر بالرغم من التغيّر المناخي... البلد الذي يتمتّع بتاريخ جميل يعود إلى مئات السنين". وتضيف: "أحبّ إحساس السلام أيضاً... فهناك سلامٌ كبيرٌ يثلج قلوبنا بعد انتهاء الدمار... وذلك لأنّنا نستشعر قيمة الحياة، وهذه نعمة!". كيف تصف بيسان المدنييّن من حولها؟ تقول: "نحن نُقهَر ونتألّم ونموت ونُجرح ونَفقُد ونبكي ونأسى ويُؤسى لنا! إلاّ أنّنا أبطال لأنّنا صامدون، لأنّنا ننتظر أن تكون الخيمة برداً وسلاماً علينا، لأنّنا نتحمّل ما تؤول إليه حالنا، ومع ذلك لا زلنا نحبّ الحياة... كلّ يوم نرفع سقف تحمّلنا وطموحنا وقدراتنا، وكلّ يوم نتعامل مع يوم أقسى من الذي سبقه، لكنّ قدرتنا على حلّ المشاكل لا محدودة!" وتؤكّد: "لكلّ النساء والرجال المقهورين في العالم لا بدّ أن تشرق علينا الشمس في يوم من الأيّام وأن نعيش حياةً طبيعيّة".

ولكنّني أستحقّ الحياة

في ظلّ الحالة التي يعيشها المدنيّين اليوم، من أين تستمدّ بيسان الأمل؟ تجيبنا: "نحن لا نزال على قيد الحياة... وهذه نعمة بحدّ ذاتها... نحن نقدّر الحياة، لأنّنا نعرف الموت، وأعلم أنّ هذه الدقيقة يمكن أن تكون الأخيرة... فلم لا نستفيد منها؟"وإذا تساءلتم يوماً ماذا يعني لكم العيش بسلام... فانظروا إلى إجابة بيسان: "أن أستيقظ في منزلي، أن أرى أهلي، أن أشرب قهوتي، وأن أطعم هرّتي وألعب معها، أن أذهب إلى عملي وأصنع محتوى لأمور جميلة في بلدي، وألاّ يكون هناك أسى ودمار من حولي وأشخاصاً يتجاهلون آلامي وآلام من حولي..."

رسالتها لكم وللعالم بسيطة: "نحن نحبّ الحياة ونستحقّها... نحن نحصل على الحياة وعلى احتياجاتنا البديهيّة من خلال العمل وليس لأنّ تلك هي أدنى الحقوق التي يجب أن يتمتّع بها الإنسان. لا أريد أن أكون شخصاً لم يترك أثراً في الحياة، إذا متّ غداً... ولكنّني أستحقّ الحياة..."

إقرئي أيضاً: عندما يجتمع فنّ الصمود بالتراث الوطنيّ

 

 

 

 

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث