التصوير: Maximilian Gower
الإدارة الفنّيّة: Farah Kreidieh
التنسيق: Sarah Rasheed
لطالما جذبتها الأبواب والجدران والأواني، هي التي أحياناً ما يصل بها فضولها إلى حدّ الوقوع في مأزق، وإنّما غالباً ما يجعلها تحسّ أيضاً بأنّها على قيد الحياة. إنّها Rana Khadra التي يحتلّ الناس المكانة الأسمى في قلبها، كيف لا وهي خبيرة ألوان لبنانيّة عمانيّة تؤمن بقوّة الكون وقدرته، وترى أنّ أفكارنا تترجم حقيقتنا الصريحة. أمّا لونها المفضّل فيتمثّل في الظلال الترابيّة، لأنّها راسخة في أرضها وثابتة في تواضعها. كذلك، فإنّها تعتقد بوجود سبب لكلّ حادثة وترى الجمال في كلّ عنصر أو شخص، وتؤمن بأنّنا سنجده إذا ما بحثنا عنه. من هنا، نفهم لماذا تحلم بأن تسترجع مراحل حياتها ذات يوم وتقول "لقد عشت حياتي على أكمل وجه بالفعل". فلنغوص معاً إذاً في عالم مديرة الألوان في Jotun Paints Arabia، حيث سنكتشف ديكور منزلها الترابي، إلى جانب بعض النصائح حول كيفيّة انتقاء الألوان المناسبة وتنسيقها معاً في ديكور منازلنا.
اقرئي أيضاً: At Home مع Khulood Al Nakhi
هلّا أخبرتنا أكثر كيف ترين العلاقة بين الإيجابيّة والرفاه والألوان؟
إنّ اللون طاقة بحدّ ذاته، حيث أنّنا لا نرى اللون فحسب بل نشعر به أيضاً. فعلى سبيل المثال، قد نجد أنفسنا نمشي في مكان ما وسرعان ما يعترينا شعور جيد، وعادةً ما يعود السبب في ذلك إلى الضوء والألوان المحيطة بنا. وبالتوازي، يترادف اللون مع الذاكرة أيضاً، فمنذ اللحظة التي نولد فيها نستخدم الألوان لتحديد الأشياء والأماكن والمشاعر والذكريات. ولهذه الأسباب، ينفرد كلّ منّا بذوق خاص به من حيث الألوان ويرتبط ذوقنا ارتباطاً وثيقاً بحياتنا الشخصيّة. وهذا ما يبرهن العلاقة المباشرة والحتميّة بين الرفاه والألوان!
بصفتك خبيرة ألوان، كيف تساعدين الزبائن على اختيار ما يناسب أذواقهم ويتوافق مع قواعد التصميم؟ هل تقدّمين تنازلات أحياناً في إرشادات "الألوان المتناسقة" بهدف تحقيق متطلّباتهم؟
يتعلّق الأمر بالتوصّل إلى توازن جميل يعادل ما بين فهم ذوق الزبائن وابتكار صيغة ألوان رائعة. إنّما تقضي الخطوة الأولى دوماً في فهم الزبون والتحلّي بالانفتاح تجاه اقتراحاته. ثم يجب إدراك أنّك إذا تحبين اللون على فستان مثلاً، فهذا لا يعني بالضرورة أنّه سيبدو جيداً على الحائط. وهنا يأتي دوري بصفتي مرشدة أو مترجمة ألوان تتمتّع بحدس قوي يستند إلى الخبرة. وطبعاً في نهاية المطاف يدرك الجميع ما يريدون بمجرد رؤيته، وهذا ما أحاول فعله، من خلال مساعدة العملاء على تخيّل ما يودّونه.
هل يمكنك مشاركة بعض النصائح مع قارئاتنا حول الانطباع الذي تتركه الألوان في حياتهنّ؟ مثلاً كيف يؤثر فيهنّ الأزرق والأصفر والرمادي والأرجواني؟
يجذب اللون الأحمر العين ويضعنا في حال تنبّه بما أنّه يتمتّع بالطول الموجي الأكبر بين الألوان، ولهذا نرى إشارات التحذير بهذا اللون. بينما يبعث الأزرق الهدوء فينا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأخضر والأرجواني. وعموماً، تعتبر الألوان الترابيّة الأكثر راحة لأنّها تجسّد ظلال الطبيعة التي تزوّدنا بالاسترخاء. وكذلك، ثمّة اعتقاد شائع بأنّ لا مجال للغضب عندما يحيط بنا اللون الوردي. إنّما ليس مِن دليل ملموس يؤكّد تأثير الألوان على الجميع بالطريقة عينها، فاللون يحمل طابعاً شخصيّاً مرتبطاً بكلّ فرد منّا وبشخصيّته. ممّا يبرّر مثلاً نفوري من ألوان مدرستي حتّى يومنا هذا.
ما النصائح التي تسدينها للنساء لاختيار تصميم الألوان الأنسب لمنزلهنّ؟
1- ابدئي دوماً ببابتكار لوحة إلهام خاصّة بك، إذ إنّها ستساعدك كثيراً.
2- ثمّ اجمعي الصور من الإنترنت أو من موقع Pinterest للمنازل التي تحبّينها، حيث تساعدك التصاميم الموجودة على معرفة ما تريدين وترشدك لاختيار الألوان.
3- احذفي الصور تباعاً حتّى تقلّصيها إلى 5 أم 6 لقطات فحسب.
4- احرصي على أن تبدو لوحة إلهامك متناسقة وتجسّد أسلوباً واحداً منسجماً.
5- بما أنّ مساحات الأسطح الأكبر في منزلك تتمثّل في الجدران والأرضيّات والستائر، لذا تأكّدي من أن تتماشى ألوانها مع بعضها واحصلي على عيّنات لرؤيتها معاً.
6- التزمي بلوحة إلهامك، حتّى لو شعرت بأنّك تودّين انتهاكها.
7- استلهمي من الآخرين، إنّما احرصي دائماً على الاتّسام بعنصر فريد ومبتكر يميّزك عن الغير.
هل تعتقدين أنّ الحجر المنزلي بدّل نظرة الناس تجاه المنزل؟ وهل انعكس ذلك في خيارات التصميم الخاصّة بهم بعد الإغلاق؟
تبدّلت أذواق الناس إلى حدّ كبير أثناء الحجر! إذ باتوا يقدّرون منازلهم الآن أكثر من أيّ وقت مضى، وأعتبر هذا التحوّل من أبرز إيجابيّات الإغلاق. فاليوم، أمست منازلنا نسخة مصغّرة عن عالمنا. إذ أصبحت تضمّ الصالة الرياضيّة والتعليم المنزلي والمكتب وغرفة النوم ومساحة اليوغا والقسم الذي نقضي فيه الوقت بمفردنا، والقسم الخاصّ للسفر. ونتيجةً لذلك، ثمّة اتّجاه كبير اليوم نحو تقسيم المنزل إلى أجزاء متعدّدة. من هنا، شهدنا ارتفاعاً كبيراً في مجال الديكور المنزلي لا سيّما وأنّ المنزل الجميل بات ضرورة اليوم وليس مجرّد مساحة خاصّة من الممتع امتلاكها.
كيف يتجلّى انصهار الثقافة العمانيّة واللبنانيّة في شخصيّتك؟
لديّ مشاعر حبّ عميقة للبلدين، فالأوّل يسري في دمي والآخر يمثّل منزلي. كما وأنّ كلّ من هذين البلدين علّمني شيئاً ما وأدّى إلى اختلاط هذا المزيج في شخصيّتي اليوم. وبالفعل، إنّني شابّة لبنانيّة عمانيّة فخورة جدّاً بخلفيّتها.
سمعنا أنّك تحبّين جمع المزهريّات. فهل لك أن تخبرينا عن القصّة وراء هذه الهواية؟
إنّني أعشق المزهريات كثيراً، وقد بدأت بجمع قطعة واحدة فحسب، لكن لم أستطع التوقّف منذ ذلك الحين. وأعتقد أنّني أحبّها بهذا القدر لأنّها مصنوعة من الطين الذي يأتي من الأرض. وفي الإطار نفسه، أدرك أنّني أقدّر الحرفيّة كثيراً، لا سيّما الجهد والوقت المكّرسين لصنع هذه القطع وكلّ الحرف المصنوعة يدويّاً. وعلى الرغم من أنّ المزهريّة تعدّ عنصراً عالميّاً إلّا أنّها تذكرني بالوطن بطريقة غامضة.
علمنا أنّك مصوّرة فوتوغرافيّة أيضاً، فهل يمكنك أن تخبرينا المزيد في هذا الصدد وما الجانب المفضّل لديك في عالم التصوير؟
أكثر ما يستهويني هو توثيق المشاعر الحقيقيّة للناس وعكس الجمال الكامن في الأماكن التي لا نعلّق أهميّة كبيرة عليها عادةً. لذلك، يتيح لي التصوير الفوتوغرافي أن أعكس العالم من وجهة نظري الخاصّة. فأهدف من خلاله إلى تصوير العالم وبالأخصّ إظهار منطقتنا وجمالها الخفي، وسرد قصص الناس غير المرويّة.
هل لك أن تخبرينا المزيد عن مبادرتك Photography for People؟
في خلال معرضي الأوّل للتصوير الفوتوغرافي، أطلقت مبادرة تسمح للأشخاص الذي يظهرون في اللقطات التي وثّقتها بأن يتلقّوا المال حينما يشتري أحدهم الصورة التي يظهرون فيها. ممّا يمنح الناس الفرصة لدعم الأشخاص الذي يبرزون في أعمالهم الفنيّة.
وحتّى اليوم، أطلقت نسختين من هذه المبادرة، الأولى لدعم بيروت والأخرى للمساعدة على تمويل مدرسة في كينيا. وآمل حتماً أن تستمرّ هذه المبادرة وتنمو أكثر بعد.
تسافرين كثيراً حول العالم وضمن منطقة الشرق الأوسط لأنّ هذه إحدى هواياتك ومتطلّبات عملك أيضاً، لذا هلّا أخبرتنا ما الذي يجعل منطقتنا مميّزة جداً؟
نظراً إلى أنّني أسافر إلى جميع أنحاء المنطقة منذ أكثر من 10 سنوات، لذا يسعني أن أعتزّ بأنّني شابة عربيّة بكلّ ما للكلمة من معنى. حيث أنّني سافرت إلى الكثير من البلدان من حول العالم والتقيت بأناس رائعين، غير أنّ ما يميّزنا يتمثّل في كرمنا وضيافتنا وحفاوة ترحيبنا بالغرباء في منازلنا لتناول طعام الغداء أو احتساء الشاي. وبالفعل، تخفي ثقافتنا وقيمنا الكثير من الجمال بين حناياها، ولحسن الحظ أنّنا ما زلنا نتمسك بها، وهذه إحدى أكثر الجوانب التي أحبّها فينا !
هل لديك أيّ لون أو أسلوب ديكور مفضّل؟ وأين يظهر ذلك في منزلك؟
تعجبني المواد الترابيّة والطبيعيّة وظلال البيج الناعمة لا سيّما الطين والكتان، فضلاً عن الأحجار الخام والنباتات. لذا بالإجمال، أحبّ لوحة الألوان المتماسكة ويروق لي الشعور بأنّني في عطلة. بحيث أعود أدراجي وأشعر بأنّني أخيراً في منزلي حيث أنعم بالراحة والهدوء، وهذا ما يختصر أسلوبي.
هل يمكنك مشاركتنا ذكرى ذات صلة عشتها أثناء تصميم هذا المنزل؟
بصراحة، عثرت على بعض القطع المفضّلة لديّ ملقاة في الشارع. منها وعاء الطين الذي ترونه، وعصي الخيزران التي أستخدمها كقضبان للستائر والكرسيّ الهزاز تحت شجرة الياسمين الهندي.
ما القطعة الفنّية أو الغرفة المفضّلة لديك في هذا المنزل؟
تحمل كلّ قطعة قصّة خاصّة بها، إنّما إذا أردت أن أختار واحدة فسأنتقي القطعة الفنيّة على الرفّ التي صنعها أخي من الخرز الذي أهديته إيّاه من السودان. إنّها قطعة مميّزة مصنوعة بحبّ، كما أنّها تذكرني برحلتي إلى تلك البلاد.
كيف تصفين منزلك في 3 كلمات؟
إنّه مكان حقيقي وطبيعي يخبّئ الكثير من الحكايات، كما أنّه يشعرني بأنّني في عطلة.
اقرئي أيضاً: At Home مع Ghada Kunash
1 3.jpg