ولكن للحُب لغات...
في كتابه "لغات الحبّ الخمسة" ناقش الكاتب د. جيري شابمان مفهوم الحبّ والتعبير عنه واستقباله من الآخرين، سواءً في العلاقات الزوجيّة أو مع الأهل والأصدقاء. كلّ منّا لديه طرق مفضّلة يعبّر بها عن حبّه ويفضّلها عندما يستقبل الحبّ من الآخرين. ذكر الكاتب خمس لغات رئيسة: عبارات الحبّ، المساعدة والخدمة، تخصيص وقت للآخر، اللمس الجسدي، وأخيراً الهدايا.
الإعداد: Maha Taibah
مها خالد طيبة، مستشارة في الاستراتيجيّة والقيادة وجودة الحياة ومؤسسة شركة "رُمَّان"
نعيش اليوم في عالم تملؤه المشتّتات ممّا يجعلنا دوماً نبذل جهداً أكبر للقيام بأيّ عمل له معنى. ومن ضمن ذلك التعبير عن حبّنا بوعي للآخرين واستقباله بوعي أيضاً. فكثيراً ما أصبح التعبير عن الحبّ من الآخر يُفهم بطريقة عابرة وسريعة لدرجة أنّ الدماغ يتعامل معه في بعض الأحيان بطريقة آلية ثمّ ينتقل للمثير الذي يليه دون أن يترك للقلب فرصة لاستيعاب ذلك الحبّ والودّ والتفاعل معه بطريقة قيّمة.
إليكم خمس لغات إضافيّة اقترحها لنعيش مشاعر الحبّ مع الآخرين:
1. لغة السكينة: تهدئة جهازنا العصبي
يشتاق جهازنا العصبي إلى السكينة فيكون التعبير عن الحبّ من خلال خلق مأوى آمناً له يخفّف من ضغوط الحياة اليوميّة. عندما ننفعل لأيّ سبب خارجي أو بسبب الطرف الآخر أو حتّى بسبب ذكرى أو فكرة خطرت في بالنا، يكون جهازنا العصبي بأمسّ الحاجة لإعادة التوازن. فإذا تعامل الطرف الآخر مع انفعالنا بطريقة مناسبة من خلال الحوار الهادئ، أوالإنصات الفعَّال أو حتّى الصمت المتعاطف، يتحقّق السكون. كما أنّ السكينة أيضاً هي الاستمتاع بلحظات الصمت الطبيعيّة التي تُمكّن الطرفين من التواصل غير المنطوق واستشعار درجة كافية من الطمأنينة يتلاشى بها عبء اختلاق نقاش ما.
إقرئي أيضاً: اهمية هرمونات السعادة الأربعة في حياتنا وأثرها على جودة الحياة
2. لغة التشافي: التعامل مع صدمات وأوجاع الماضي
من الأبجديات الأساسيّة لهذه اللغة الحوار المفتوح والآمن، والذي يُعبّر فيه الطرفان عن احتياجاتهم ومخاوفهم وأحلامهم. فمن خلال هذا التواصل العميق تزداد الثقة والتقبّل ويتعلّم كلّ طرف من خلاله عن برمجيّات الطرف الآخر والأمور التي تستثيره. فكلما اجتهد الطرفان، وبكلّ شفافيّة، لفهم آلام الماضي وأوجاعه التي لا تزال تؤثّر على انفعالات الطرف الآخر وقراراته وردود أفعاله وقناعاته، كلّما زادت فرصة تشافي الطرفين. وكلّنا بلا استثناء بحاجة مستمرة للتشافي، والتشافي الحقيقي يحدث من خلال التفاعل مع شخص مُحِبّ وأهل للثقة يستوعب الماضي ويعيّن على الحاضر والمستقبل.
3. لغة المغامرة: تعزيز الإثارة والحيوية
لغة المغامرة والتجارب الجديدة تكسر رتابة الحياة والروتين اليومي، فعندما يُقدِم الطرفان على تجربة جديدة ومثيرة يُفرَز هرمون الأوكسيتوسن (هرمون الحبّ) والدوبامين (هرمون التعزيز) فيزداد القرب والترابط والثقة بين الطرفين، إضافة إلى ارتباط هذه التجربة بذكرى سعيدة تُسجل في الدماغ. فكلما زادت الذكريات الجميلة زادت فرصة تكرارها بين الطرفين.
إقرئي أيضاً: 6 خطوات تساهم في ازدهار العافية
4. لغة الحضور: الديتوكس التقني
من أكثر المناظر المؤلمة بالنسبة لي هي رؤية اثنين في مكان جميل أو مطعم أو حتّى في المنزل منغمسين في شاشاتهما الذكية لمدّة طويلة دون إدراك لما يحدث حولهما. لغة الحضور لا تتطلب ترك أجهزتنا الحديثة وعالمنا الافتراضي فحسب، بل نحتاج أن نكون حاضرين بوعينا ومشاعرنا وفكرنا وكل جوارحنا مع الشخص الآخر فنتفاعل بحضور تام. ومع عالمنا المزدحم بالضوضاء الرقمية أكاد أن أجزم أنّ أغلب العلاقات تفتقر لهذه اللغة المحورية.
5. لغة المسؤولية: الاعتذار الحقيقي
الاعتذار فن، والاحتراف فيه أمر أساسي للحفاظ على علاقة صحية. والأصل في الاعتذار أن يتحمل كل طرف مسؤوليته تجاه ما حدث، وهذا يحتاج لدرجة عالية من الوعي والتقبل، فالاعتذار الحقيقي لا يأتي معه لوم الآخرين ولا التعذر، ولكنه يأتي محملاً بالنقاش المُجدي ووضوح المشاعر ورسم للتوقعات في المستقبل، والأهم أن يصادق على ذلك كله تغيير السلوك بطريقة جذرية إلى الأفضل. فأخطر ما يهدد الثقة في أي علاقة هو الإعتذار ثم تكرار الفعل مرة أخرى وأخرى.
إقرئي أيضاً: 6 قواعد أساسيّة لعلاقة سليمة مع الآخرين