اهمية هرمونات السعادة الأربعة في حياتنا وأثرها على جودة الحياة

تُعتبر السعادة وجودة الحياة هدفًا يسعى إليه الكثيرون في مجتمعنا اليوم. فما هو السرّ وراء السعادة وكيف يمكننا تعزيزها والاستمتاع بحياة أكثر رضاً ونجاحًا؟ هنا تأتي أهميّة هرمونات السعادة الأربعة: السيروتونين والدوبامين والأكسيتوسين والإندورفين. الهرمونات هي مواد كيميائيّة تنتجها غدد مختلفة في جسم الإنسان وتعمل بشكل رئيس على التواصل بين غدّتين أو بين غدّة وعضو. ترتفع مستويات الهرمونات في جسمنا وتنخفض على مدار اليوم. على سبيل المثال، يزداد إفراز الكورتيزول في الصباح ليوقظنا، في حين يساعد هرمون آخر يُدعى الميلاتونين على أن نكون مستعدّين للنوم في المساء. فهذه الهرمونات لها دور بارز في تنظيم المزاج والمشاعر الإيجابيّة، وهي تُعتبر أحد عناصر إطار بيرما الذي تحدثنا عنه في مقالة سابقة.

الإعداد: Maha Taibah

التصوير: Alaa Alharbi

مها خالد طيبة مستشارة في الاستراتيجيّة والقيادة وجودة الحياة ومؤسسة شركة "رُمَّان"

فهم أهميّة دور هذه الهرمونات أو المواد الكيميائية السعيدة في الدماغ والجسم وتأثيرها على الصحة العقلية يعني أنّه يمكننا اتّخاذ خطوات فاعلة وإيجابيّة لتحسين مستوياتها بطرق طبيعية. بعبارة أخرى، الهرمونات السعيدة تعني أنكم ستكونون سعداء!

الهرمون الأوّل الذي سنناقشه هو السيروتونين (Serotonin)

يُعرف السيروتونين بلقب "هرمون السعادة"، ويؤثّر بشكل كبير على المزاج والراحة النفسية. يتمّ إفراز السيروتونين في الجهاز العصبي المركزي، كما أنّه وبناءً على آخر الدراسات، يتمّ إنتاج ما يصل إلى 90٪ من هذا الهرمون في الجسم في الجهاز الهضمي. وبالتحديد يتمّ إنتاجه بشكل رئيس في الخلايا الكروية الصفراء الموجودة في الجهاز الهضمي، وبخاصة في الأمعاء الغليظة. وهذا يشير إلى الارتباط الوثيق بين صحة الجهاز الهضمي ومستويات السيروتونين، حيث تؤثّر العوامل الغذائية والأمعاء المفرطة والتهابات الجهاز الهضميّ على إنتاجه. وللحفاظ على مستوى مناسب من السيروتونين في الجسم، يمكن زيادة تناول الأطعمة الغنية بالتربتوفان مثل الموز والشوكولاتة الداكنة، كما يمكن ممارسة التمارين الرياضية والاسترخاء والنوم الجيّد.

الهرمون الثاني هو الدوبامين (Dopamine)

الذي يلقّب بـ"هرمون المكافأة". يلعب الدوبامين دورًا هامًا في تنظيم النظام الحركي والشهية والتحفيز. يساهم ارتفاع مستوياته في الشعور بالسعادة والإشباع والتفاؤل. يمكن زيادة إفراز الدوبامين عن طريق ممارسة الأنشطة التي تسبب الإثارة والمتعة، مثل ممارسة الرياضة المفضّلة لدينا والقيام بالهوايات المحبّبة وتعلّم شيء جديد وتحقيق الأهداف الشخصيّة. كما يمكن أيضًا زيادة إفراز الدوبامين من خلال تناول الأطعمة الغنية بالتيروزين مثل الأفوكادو والموز والبذور، ومن خلال الاستماع إلى الموسيقى المفضّلة والتفاعل الاجتماعي الإيجابيّ.

إقرئي أيضاً: تحسين صحة الموظفين الصحية في مكان العمل مع Maha Taibah

الهرمون الثالث هو الأكسيتوسين (Oxytocin)

المعروف أيضًا بـ "هرمون العلاقات والحميميّة". يُفرز الأكسيتوسين خلال التفاعلات الاجتماعية الإيجابيّة مثل المعانقة والمحادثات الممتعة. يساهم الأكسيتوسين في تعزيز الثقة والتواصل وتقوية العلاقات الاجتماعية. لزيادة إفراز هذا الهرمون، يُنصح بالاستمتاع بالوقت مع الأحباب والأصدقاء وتبادل المشاعر الإيجابيّة والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية المحبّبة.

أمّا الهرمون الرابع والأخير في قائمتنا هو الإندورفين (Endorphin)

الذي يُعرف أيضًا بـ "هرمون تسكين الألم الطبيعي". يتمّ إفراز الإندورفين في الجسم خلال فترات النشاط البدني الشديد مثل ممارسة التمارين الرياضية القوية والمشي لمسافات طويلة. يعمل الإندورفين على تخفيف الألم والتوتّر وتحسين المزاج بشكل عام. بالإضافة إلى ممارسة التمارين الرياضية، يمكن زيادة إفراز الإندورفين من خلال الضحك ومشاهدة الأفلام الكوميدية وممارسة الأنشطة التي تحقّق الشغف والإشباع الشخصي. كما يُفضّل أيضًا تناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن المهمّة لصحة الجسم والعقل، مثل الفواكه والخضروات الطازجة والمكسّرات والبذور.

لذا فإنّ فهم أهميّة هذه الهرمونات السعيدة في الجسم يعني أننا يمكننا اتخاذ خطوات فعّالة لتحسين مستوياتها بطرق طبيعية. هنا بعض النصائح لزيادة إفراز هذه الهرمونات السعيدة في جسمنا:

ممارسة التمارين الرياضية: يمكن للتمارين البدنية المنتظمة زيادة إفراز الدوبامين والإندورفينات، ممّا يؤدي إلى تحسين المزاج والشعور بالراحة.

الحصول على كميّة كافية من النوم: يعتبر النوم الجيد جزءًا هامًا في توازن مستويات السيروتونين والأوكسيتوسين، ممّا يؤثر إيجابيًا على المزاج والرفاهية العامة.

التغذية المتوازنة: تناول وجبات متوازنة تشمل الأطعمة الغنية بالتربتوفان مثل السمك والمكسرات والبذور والفواكه والخضروات التي يمكن أن تعزّز إفراز السيروتونين.

العلاقات الاجتماعية القوية: يمكن أن يزيد قضاء الوقت مع الأصدقاء والأحباب والمشاركة في الأنشطة الاجتماعيّة من إفراز الأوكسيتوسين ويعزّز الشعور بالسعادة.

ممارسة الاسترخاء وتقنيات التأمّل: يمكن أن تساعد ممارسة التأمّل وتقنيات الاسترخاء مثل التنفّس العميق في تحسين مستويات السيروتونين والدوبامين وتهدئة العقل والجسم.

الهوايات المريحة والاسترخاء: مثل القراءة والكتابة والرسم والاستماع إلى الموسيقى، أو أي نشاط يجلب لك السعادة ويخفّف من التوتر.

العناية بصحّة الأمعاء: يُعتبر الجهاز الهضمي وبخاصة الأمعاء مهمّة في إنتاج السيروتونين. لذا، يمكن أن يساهم تناول الأطعمة الغنية بالألياف والبروبيوتيك والحفاظ على صحة الأمعاء في دعم إفراز السيروتونين.

التعامل بحذر مع منصّات التواصل الاجتماعي: والتأكد من أنّ متابعتنا لها لا تؤثّر سلباً على صحّتنا النفسية.

باختصار، بتبنّي أسلوب حياة صحيّ ومتوازن وتعزيز العوامل التي تزيد من إفراز الهرمونات السعيدة، يمكنكم تحسين مزاجكم وصحّتكم العامّة بشكل طبيعيّ. وتذكّروا أنّ استشارة مختصّ في الصحة النفسيّة قد تكون مفيدة إذا كنتم تعانون من مشاكل صحيّة أو اضطرابات هرمونيّة. في الختام، يجب علينا أن ندرك أنّ السعادة وجودة الحياة تعتمد على مزيج من العوامل البدنيّة والنفسيّة والاجتماعيّة. كما أنّ السعي لزيادة إفراز هرمونات السعادة الأربعة وتعزيزها في يومنا هو خطوة هامة نحو تحقيق حياة مليئة بالسعادة والإشباع. لذا، لنبدأ في ممارسة الأنشطة الصحيّة والمسليّة وتغذية أنفسنا بالمتعة والسعادة وحتى الحبّ.

إقرئي أيضاً: 6 خطوات تساهم في ازدهار العافية

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث