Thierry Wasser: العطر مصدر إلهام فنيّ

هذا الشهر، سعدتُ وفريق ماري كلير العربيّة بلقاء خبير العطور السويسريّ الراقي والساحر السيد Thierry Wasser في دبي. قضينا بالفعل وقتاً ممتعاً جداً في الدردشة مع المدير الإبداعي للعطور في دار Guerlain. لقد عرّفنا أكثر على عمله وعلى دار Guerlain ورؤيته لمجال العطور بشكل عام.

اقرئي أيضاً: عندما يلتقي الفنّ بالأريج العريق

من بين ابتكاراته الأساسيّة في دار Guerlain نذكر Iris Ganache عام 2007 وGuerlain Homme عام 2008 وIdylle عام 2009 بالإضافة إلى Tonka Impériale عام 2010 وShalimar Parfum Initial عام 2011 وLa Petite Robe Noire عام 2012 وThe Ideal Man عام 2014.

هذا الرجل الذي يتمتّع بشغف كبير بالنبات والذي طوّر حاسّة الشم في سن مبكرة، حصل على الدبلوم الفيدرالي في علم النبات في سن العشرين.

وأخبرنا Thierry Wasser قصّة نجاح دار Guerlain غير العادية وأصرّ مراراً وتكراراً على التعريف عنها بدار الجمال وليس دار الأزياء أو الموضة.

وبالحديث عن أجدد إبداعاته، بدأ بالتأكيد على الأهمية التي أولاها لزجاجة العطر المستوحاة من "قارورة النحل" التي اشتهرت بها الدار من القرن التاسع عشر والذي تمّ تصميمها عام 1870 للإمبراطورة Eugénie.

فتقدّم الدار زجاجة عطر راقية بأسلوب روسيّ كتحيّة للزبائن الروس، وتخليداً لذكرى زبائنها ومحبّيها في الماضي مثل الإسكندر الثاني والعائلة الإمبراطورية.

وبالنسبة إلى Wasser، تملك Guerlain مجموعة تاريخيّة فريدة تتميّز بالحرفيّة العالية. ويعتبر أنّ صانع العطور فنّان يمكن مقارنته بالرسّام والموسيقيّ. ولطالما كانت Guerlain رائدة في مجال الجمال من خلال ابتكار العطور ومستحضرات الجمال الأخرى مثل الكريمات وأحمر الشفاه وغيرها، وتبعتها علامات تجاريّة أخرى.

وبنظره، دار Guerlain مميّزة فهي دار جمال وليست دار موضة وأزياء. فمن المعروف أنّ دور الأزياء تقدّم أربع مجموعات سنوياً، في حين أن دار الجمال ليست رهينة الوقت. وهو يعتقد أنه من غير المنطقيّ والمعقول أن تُبتكر عطور بفترة قصيرة لتدوم لمدة 3 أشهر فقط. فالعطر بالنسبة إليه هو مصدر إلهام فنيّ ويتم ابتكاره ليدوم لمدّة لا تقلّ عن عامين.

وبصفته فناناً مبدعاً، فإنه يحترم الإرادة الحرّة للمبدع، في حين أنّ الموضة تفرض ابتكار تصاميم بوتيرة سريعة وبيعها مرّات عدّة في السنة. وقد يضرّ ذلك بالإبداع وبخاصّة في ابتكار الفنّ الذي له وتيرة غير محدّدة.

فالعطر هو إحساس يجب أن نعيشه. لذلك ينتمي العطر إلى بعد آخر.

وكان واضحاً شعور السيّد Wasser بالفخر للعمل في دار يعود تاريخها إلى أكثر من قرنين وما زالت حتى اليوم تجسّد العصريّة مستندةً دائماً إلى ماضيها.

وذكّرنا أنه في العام 1853، منح Napoléon لقب صانع العطور الإمبراطوريّ للسيّد Guerlain نفسه بفضل جودة العطور الفاخرة التي يصنعها.

ولطالما هدفت دار Guerlain إلى تقديم مجموعات تتطوّر مع الوقت وتتماشى مع الخصائص المحدّدة والمعاصرة والعمليّة. وتحكي المجموعات دائماً قصصاً مختلفة ويمكن تخصيص القصص وإعادة صياغتها، مثل قصّة عطر La Rose.

ففي عطر La Rose Barbare طابع مغري مثل شخصيّة Carmen. فيما يشبه عطر La Rose Chérie باريس برومانسيّتها وجمالها الخالد.

ولم يستطع Thierry Wasser اختيار عطر مفضّل من بين ابتكاراته لأنّه يحبّها كلّها. لكنّه يميل دائماً نحو ابتكاره الأحدث لأنه الأجدد ويمثّل آخر عمل في تجربته ويجب أن يكون دائماً العطر الأحدث هو الأفضل.

لكنّه لا ينكر أبداً أعماله السابقة، لأنّها وليدة إلهام مبتكرها، والإلهام هو تجربة عاشها مبتكر العطر.

وعندما سألناه عن سبب وضع العطور، هل من أجلنا أو من أجل الآخرين، أخبرنا أنّ الكثير من النساء وبسبب جائحة كورونا والإغلاق التام، كنّ يضعنَ العطر والمكياج وأحمر الشفاه في المنزل. الأمر الذي دفعنا إلى استنتاج أهمية حبّ الذات. وأوضح لنا السيّد Wasser أنه لا يمكن للمرء أن يحبّ الآخرين إذا لم يحبّ نفسه أوّلاً. لذا يجب أن نضع العطر ونهتمّ بإطلالتنا لأنفسنا أوّلاً أو لرحلة أو عطلة ما قبل التفكير حتى في إرضاء الآخرين.

وفي معرض حديثه عن فترة الإغلاق العامّ بسبب وباء كورونا، أخبرنا السيّد Wasser عن "مصادرة" إنتاج العطور، كما هي الحال في دور العطور الأخرى، لإنتاج المواد الكحوليّة المعقّمة، كما في زمن الحرب. ليتم توزيع المواد المعقّمة لدور المسنّين والمؤسسات الصحيّة الأخرى.

وفي الختام، أخبرنا Wasser عن قلقه بشأن التغيّر المناخيّ وتأثير كورونا على النظام البيئيّ وغيره.

فأصبحت المناطقة الدافئة باردة والعكس صحيح. لذا يعتقد أنّه يجب علينا التخطيط للتغييرات الجغرافية المحتملة في زراعة الزهور والمواد الخام الأخرى الضروريّة في مجال الجمال.

يجب إذاً البحث عن بدائل جديدة فبدلاً من حرق الخشب يمكن استخدام النفايات.

وبصفته مسافراً ومستكشفاً كبيراً جال في كلّ أنحاء العالم بحثاً عن المواد الخام، يتأسّف أن يلاحظ وجود دول غربيّة ما زالت تستغل حتّى اليوم ما يُسمّى بأراضي العالم الثالث ولم يغيّروا بعد هذه الثقافات القديمة. وبدلاً من التعلّم من ثروتهم ومعرفتهم واحترامهم للطبيعة الأم، فإنهم يسعون لتطبيق الرؤية والثقافة الغربيّة التي لا تحترم الطبيعة ولا تهتمّ إلّا بالربح...

اقرئي أيضاً: جولة حصريّة مع المديرة الإبداعيّة الجديدة لدى Guerlain

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث