منظمة أميركية تتهم Shein بانتهاك قانون العمل القسري للأويغور

في تقرير نُشر في 14 أبريل 2023، تناقش لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية الأميركيّة الصينيّة الممارسات المقلقة لمنصّات التجارة الإلكترونية الصينيّة، ومن بينها منصّة Shein التي ترمز إلى "الموضة فائقة السرعة".

قبل عشر سنوات، أدى انهيار Rana Plaza في بنغلاديش إلى مقتل 1138 شخصاً. في ذاك المبنى المؤلّف من ثمانية طوابق، كان هناك مصانع للألبسة يصنع فيها العمّال والعاملات ملابس لعلامات الأزياء الغربيّة الكبرى.

وفي أعقاب هذه المأساة، أصبح العالم بأسره على دراية بظروف العمل المفروضة على أولئك الذين يمكن وصفهم بـ"الأيدي الصغيرة الخفية" في عالم الموضة. وقد جاء هذا الإدراك متأخراً لكنّه دفع البعض منّا لمحاولة التوفيق بين مشترياتنا من الملابس وقيمنا.

وبعد عقد من الزمن، نلاحظ أنّ الكثير من العلامات التجارية تزدهر بالرغم من أنّ أصابع الاتهام موجّهة إليها بسبب معاملتها لعمّالها وتأثيرها على البيئة.

وهذه هي حال Shein، العلامة التجارية التي تدينها اليوم لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية الأميركيّة الصينيّة لافتقارها إلى الأخلاق ولأعمالها الخطرة.

اقرئي أيضاً: كيف تساهم الموضة في تلويث محيطاتنا؟

Shein متّهمة بالمشاركة في العبودية الحديثة

في العام 2000، في الولايات المتحدة، تم إنشاء لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية الأميركيّة الصينيّة لتهتمّ بالتحليل ووضع توصيات للأمن القوميّ للتجارة الثنائية والعلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية.

في نهاية كلّ عام، تقدّم اللجنة تقريراً شاملاً، وقد نشرت في 14 أبريل مذكرة إخباريّة تتّهم فيها منصات التجارة الإلكترونية الصينيّة بالاستغلال والمخاطر المتعلقة بالبيانات وانتهاكات الملكيّة الفكرية.

من بين الشركات المذكورة: تم توجيه أصابع الاتّهام إلى الشركة الرائدة عالمياً في منتجات الموضة فائقة السرعة Shein في جميع أنحاء المستند.

وذلك أولاً بسبب مشاركتها في "العبودية الحديثة" التي يمكن أن تشمل في الوقت الحاضر العمل الجبري و / أو غير اللائق.

ونتيجة التحقيق، أفادت لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية الأميركيّة الصينيّة أن Shein "لم تعلن أنها حصلت على القطن من شينجيانغ لتصنيع منتجاتها". أين المشكلة؟ يُشتبه في أن هذه المنطقة الصينيّة تعيش من العمل القسري لشعب الأويغور.

وتؤكّد لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية الأميركيّة الصينيّة أنّ المتجر الإلكتروني الصيني الذي يحصل على مواد التصنيع من Xinjiang ينتهك قانون منع العمل القسري للأويغور الذي سنّه Joe Biden عام 2021 والذي يحظر استيراد أي سلع مصنوعة في هذه المنطقة.

ونذكّر أنّ الكثير من المنظّمات غير الحكوميّة والشهود قد حذّروا منذ عام 2014 من تعرّض الأويغور في الصين للتعذيب والقتل أو الإجبار على العمل في معسكرات الاعتقال. وفي سبتمبر 2022، أقرّت الأمم المتحدة بأن هذه الأعمال المرتكبة في جمهورية الصين "قد تشكّل جرائم دولية، لا سيما جرائم ضد الإنسانية".

كما تنبّه لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية الأميركيّة الصينيّة أيضاً بشأن القضايا المتعلّقة بالبيئة وبصحّة مستهلكي بضائع هذا المتجر الإلكترونيّ.

وتذكر بشكل خاصّ استبيان CBC Marketplace الذي نُشر قبل عامين ويبلغ عن وجود المواد الكيميائيّة في ملابس Shein (بما فيها الفثالات)، بالإضافة إلى تقرير Bloomberg الذي يشير إلى أنّ منتجات Shein تستخدم "95.2٪ من البلاستيك الجديد بدلاً من المواد المعاد تدويرها".

لم تستجب الشركة الصينيّة بعد لهذا التقرير الذي نُشر في 14 أبريل 2023، إلّا أنّها أعلنت بعد ثلاثة أيّام من هذا التاريخ عن طموحاتها المستدامة وتعهّدت بتقليل انبعاثات الكربون بنسبة 25٪ بحلول العام 2030.

وهذا يثبت مرّة جديدة مدى انتشار عمليات التمويه الأخضر في صناعة الموضة، وغالباً على حساب حقوق الإنسان ومن دون التشكيك في الإنتاج المفرط للملابس التي تضر بالبيئة.

اقرئي أيضاً: حكاية صيادة في عالم المحيطات الساحر

سوء حماية البيانات تضرّ بالمستهلكين

كما توجّه لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية الأميركيّة الصينيّة أصابع الاتهام نحو هذا المتجر الإلكترونيّ الذي تم إنشاؤه في العام 2008 فيما يتعلّق بإدارة البيانات. إذ تدّعي أنّ تطبيق Shein "يطلب من المستخدمين مشاركة بياناتهم وأنشطتهم من التطبيقات الأخرى، بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي، مقابل الحصول على خصومات وعروض خاصّة على منتجاتها."

وهذه مشكلة، فقد حُكم على مجموعة Zoetop التي تمتلك Shein بدفع غرامة قدرها 1.9 مليون دولار قبل عام لسرقة بيانات حسّاسة من عملائها، بما في ذلك التفاصيل المصرفية.

ولم تكلّف المجموعة التي كانت ضحيّة هجوم إلكتروني نفسها عناء إبلاغ مستخدميها بالأمر.

وبالإضافة إلى افتقارها الواضح للشفافيّة، يبيّن تقرير لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية الأميركيّة الصينيّة أنّ هذا المتجر الإلكترونيّ الصينيّ يواجه صعوبة في حماية بيانات عملائه.

باختصار، بَنَت العلامة التجارية الصينيّة إمبراطوريتها بفضل مزيج ناجح يتألّف من جمع البيانات بالإضافة إلى الذكاء الاصطناعي. وهكذا تتعرّف على أذواق مستهلكيها والاتجاهات التي يتبعونها وتتسلّل إلى الخوارزميات الخاصّة بهم أيضاً.

أمّا الهدف؟ فهو الاستجابة السريعة لرغباتهم. ممّا يجعل Shein متقدّمة بخطوة على منافسيها في الصناعة ولا سيما أنّ الإنتاج الصينيّ سريع جداً.

Shein: شركة مثيرة للجدل، في خضمّ النزاع مع الولايات المتحدة

تبدي لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية الأميركيّة الصينيّة قلقها بشأن طريقة عمل Shein. فبفضل ممارساتها الاحتيالية والفعّالة لاقتصادها، قد تساهم العلامة التجاريّة في "تشجيع المتاجر الإلكترونية الصينية الراسخة بالإضافة إلى الشركات الناشئة الصاعدة على نسخ نموذج عملها، مما يتسبّب في مخاطر وتحديات للأنظمة والقوانين ومبادئ السوق الخاصة بالولايات المتحدة."

في خاتمة التقرير، حذّرت لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية للولايات المتحدة والصين الكونغرس من صعوبة توقيف الولايات المتحدة لمنتجات تنتهك القانون الصادر في العام 2021 وتدخل أراضيها.

وتجدر الإشارة إلى أنّ تقرير اللجنة نُشر في حين لم تكن العلاقة بين الصين والولايات المتحدة في حالة جيدة.

فكانت تهدّد الأخيرة تحت حكم Joe Biden منذ فترة طويلة بحظر التطبيق الصيني Tik Tok، وفي 14 أبريل 2023، أصدرت ولاية مونتانا رسمياً قانوناً يحظره. وبالتالي، صدرت أوامر لشركة Apple وGoogle بعدم توزيع الشبكة الاجتماعية التي تشتبه الولايات المتحدة في استخدامها للتجسس.

يبقى أن نرى ما إذا كانت الولايات المتحدة ستكون مستعدة لحصر موقع Shein أو حظره من أراضيها.

وفي الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، في فرنسا، اعتمد المجلس الوطني نصاً في العام الماضي يعترف بـ "العنف الذي ترتكبه سلطات جمهورية الصين الشعبية ضد الأويغور" و"يدينه".

إنّما في الوقت نفسه، تظهر متاجر Shein في جميع أنحاء البلاد بالرغم من إحياء ذكرى مرور عشر سنوات على حادثة Rana Plaza.

 

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث