كيف تساهم الموضة في تلويث محيطاتنا؟

الإعداد: Chloé Cohen من Marie Claire France


سواء كانت ملابسنا مصنوعة من الألياف الطبيعيّة أو الاصطناعيّة، هي تلوّث بحارنا ومحيطاتنا من خلال الألياف الدقيقة التي تصدر عنها وتمرّ عبر مياه الصرف الصحي قبل أن تصل إلى قاع البحار. فكيف نحارب إذاً مسألة التلوّث هذه ذات الأهميّة المتزايدة؟

تتذكّر Carry Somers، المؤسّسة الشريكة لحركةFashion Revolution الهادفة إلى زيادة الوعي والإبلاغ عن تأثيرات صناعة النسيج على البيئة: "منذ عامين، أبحرت مع eXXpedition Round the World (وهي مهمة لدراسة التلوث البلاستيكي في المحيطات)، في جنوب المحيط الهادئ. قمنا بتحليل المياه ولصدمتنا كان هناك الكثير من الألياف الدقيقة من مادة البولي أميد والسليلوز في العيّنات". 


وإن كان يصعب علينا رؤية الرابط بين ملابسنا وتلوّث المحيطات للوهلة الأولى، فإن ألياف النسيج الدقيقة التي تنبعث من الغسّالات تغزو رغم ذلك أعماق البحار تدريجياً.

تأثير ملابسنا على المياه
بحسب دراسة علميّة أجريت عام 2021، كانت نسبة 35 إلى 72٪ من الألياف في العيّنات المأخوذة من البيئة البحريّة من أصل طبيعيّ (قطن وصوف) أو من إجراءات تُستخدَم فيها ألياف طبيعيّة، مقابل 14 إلى 50٪ من أصل اصطناعيّ (بوليستر ونايلون وأكريليك وغيرها).

ووفقاً لـThomas Stanton، الباحث في جامعة Loughborough في المملكة المتحدة الذي يدرس التلوّث الناجم عن ألياف النسيج الدقيقة في المحيطات والأنهار، "تحتوي ألياف القطن غير العضوية على مبيدات حشرية ومواد كيميائية مضرّة، لذا حتى الألياف الدقيقة الطبيعيّة خطرة في المحيطات".

الغسّالات هي السبب الرئيس في التلوّث البلاستيكي للمياه
كيف ينتهي الأمر بهذه الألياف الدقيقة في البحر فعليّاً؟ وفقاً للدراسة، "يتمّ نقل الألياف، بحسب حجمها، بطرق مختلفة: فتنقل الألياف الأقصر عن طريق الهواء، فيما تمرّ الألياف الأطول عبر مياه الصرف الصحي".


وهي تصل إلى مياه الصرف الصحي بسبب الاحتكاك أثناء غسل الملابس، ثمّ تتّجه إلى المحيطات لأنّه وعلى الرغم من كفاءة معالجة هذه الألياف الدقيقة في محطات معالجة مياه الصرف الصحي - والتي تتراوح في محطة Haliotis (Nice)، بحسب الشهر والملابس التي يرتديها الناس ويغسلونها، ما بين 87.5 و98.5٪ - تصل نسبة الألياف التي تدخل البيئة البحرية كل يوم عند مغادرة المحطة إلى 4.3 مليار.

ووفقاً لمؤسسة Ellen MacArthur، فإنّ الكمية التراكميّة للألياف الدقيقة التي تدخل المحيط ما بين عامَي 2015 و2050 قد تتجاوز 22 مليون طن.

إقرئي أيضًا: حكاية صيادة في عالم المحيطات الساحر

ويحذّر Henri Bourgeois-Costa مدير الشؤون العامة لمؤسسة Tara Océan قائلاً: "هناك كميّات كبيرة جداً من ألياف النسيج الدقيقة هذه في البحار والمحيطات. وليست الطبيعة قادرة على امتصاصها. كما تأكل الأسماك هذه الألياف إذ تحلّ محلّ طعامها". كما يشير أخصائي الاقتصاد الدائري إلى الزيادة المستمرّة في هذا التلوّث فيقول: "يتزايد استهلاكنا للملابس، ممّا يؤدّي إلى المزيد من الألياف الدقيقة في المحيطات. وحتى إذا كانت الألياف الدقيقة الطبيعيّة قادرة على التتحلّل بطريقة أسرع من الألياف الدقيقة الاصطناعية، فهذا ليس مكانها، إذ لا تستطيع المحيطات التعامل مع هذه المشكلة".

ما هي الحلول لمكافحة تلوّث المحيطات؟
كيف نتعامل مع هذا التلوث المتزايد؟ تشرح Carry Somers قائلة: "علينا أن نشتري أقلّ، ونغسل ملابسنا أقلّ، وعلى حرارة لا تفوق 30 درجة مئويّة وحتى بسرعة دوران أقلّ".

لكن لا يجب أن يبذل المستهلكون وحدهم كلّ الجهود. فتتابع الناشطة حديثها: "يجب أن تكشف العلامات التجارية أيضاً عمّا هو موجود في الملابس التي تصنعها وأن تصرّح عن جميع المواد الكيميائيّة الموجودة فيها".

وليس ذلك فحسب، إذ بالنسبة إلى Géraldine Poivert، الرئيسة والمؤسّسة المشاركة لشركة الاستشارات Reset، فللابتكارات التكنولوجيّة دور أيضاً في هذه المشكلة.

وتعتبر هذه الأخيرة التي رافقت مبادرة Fashion Pact طوال عام في العمل على قضيّة التلوث البلاستيكي للمحيطات أنّه "علينا أن نجد حلولاً على المستوى الصناعي، ويجب إنتاج الأقمشة بحيث تتآكل أقلّ أثناء الغسيل، بالإضافة إلى تصفية المياه على مستوى الغسّالات ومحطّات المعالجة".

وتختتم Géraldine Poivert قائلة: "نحن بحاجة إلى المزيد من الضبط والابتكار والاستثمار العام والعمل الصناعي الجماعي. فتواجه صناعة النسيج مستقبلها اليوم".

إقرئي أيضًا:اطلالات تذكرنا بجمالية تفتح الأزهار

العلامات: التلوث

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث