DIOR سبعون عاماً من الشغف

أسّس Christian Dior إمبراطورية الأحلام، التي تتالى على عرشها مصمّمون أثبت كلّ واحد منهم مهارته وفرادته على طريقته، بدءاً بـYves   Saint Laurent ووصولاً إلى Maria Grazia Chiuri، وكأنّهم يشكّلون تنويعات لحنيّة في عمل موسيقيّ ضخم من تأليف فنّان عظيم. 

اشتهر Christian Dior بين ليلة وضحاها، وقالت الصحافيّة الكبيرة Françoise Giroud: "في 12 فبراير 1947، كان رجلاً عادياً وسرعان ما ذاع صيته في 13 فبراير". واستغرقه الأمر يوماً واحداً ليصنع تاريخاً عبر مجموعته الأولى New Look، وليصبح في عمر الـ42 عاماً مؤسّس إمبراطورية عالميّة لا تزال تشرق بعد سبعة عقود من الزمن. وذيع أنّ المصمّم المتفوّق كسب شهرة واسعة خارج فرنسا، وتوفّي سفير الأزياء الراقية في العام 1957 إثر إصابته بنوبة قلبية. ومنذئذٍ، حلّ مكانه 5 رجال على رأس دار Dior.  إليك بمناسبة الذكرى الثلاثين لتأسيس الدار، لمحة عن المدراء الإبداعيين الذين ساهموا في بناء تاريخ دار Dior بالإضافة إلى البصمة المميّزة التي تركها كلّ واحد منهم في عالم الموضة.

Christian Dior: 1947-1957

ميزته: "ترأّس Christian Dior في العشرينات من عمره معرضاً فنياً يضمّ أعمالاً للفنّانين Picasso

وDali وBraque وMiro وCalder. وكانت تجمعه بـ Daliعلاقة مميّزة، وتشاركا إعجابهما بالفنّ الحديث واستمتعا بزيارة سوق السلع الرخيصة معاً بحثاً عن تحف تعود إلى "الحقبة الجميلة" أو La Belle Epoque. وتميّزت شخصيّة Christian Dior بجانب رومنسيّ، وأحبّ أن يغوص في الماضي القديم ليعيد إحياءه في عصره الحديث. وبالرغم من الشهرة الهائلة التي اكتسبتها داره التي عُرفت في جميع أنحاء العالم، كان مصمّم الأزياء الراقية هذا يفضّل التواجد بين أصدقائه المقرّبين. فيمكنه التصرّف معهم على سجيّته. وفي سيرته الذاتية Christian Dior et moi يقول: "عندما أدركت أنّني أستطيع أن أؤدّي دور مصمّم الأزياء الراقية الرائع كما يؤدّي الممثل دوراً ما، أصبحت الأمور أسهل عليّ".

أسلوبه: "عندما صمّم مجموعته الأولى، كان عالم الموضة لا يزال متأثراً في الأسلوب الذكري الذي ساد في أربعينات القرن الماضي أثناء الاحتلال. لذا جاء أسلوبه نتيجة الضغط والكبح، إذ تميّزت مجموعة Dior الأولىNew Look بأسلوب يناقض الاتجاه العام. فصُنعت سترة البدلة Bar من قماش حريري بسيطً، لكن جعله هذا العبقريّ مميّزاً بفضل القصّة التي اعتمدها. أمّا أكتاف السترة، فكانت ناعمة إذ اعتبر جسد المرأة مجموعة من المنحنيات ورسم المرأة مثل الزهرة. وركّز دائماً على الصدر والخصر الضيق والأوراك البارزة. وعبّر عن إيمانه بإعادة بناء بلده من خلال استخدام عدد هائل من الأقمشة في التنانير التي صمّمها. واعتبرت خطوته تلك فاضحة جداً، فكان البلد يعاني آنذاك نقصاً في المواد الأساسية. لكنّ الحرب انتهت واحتاج الشعب إلى بعض الأمل. فراحت النساء يستخدمنَ الأغطية والستائر لابتكار نستختهنّ الخاصّة من تنّورة New Look الضخمة، التي لاقت رواجاً هائلاً لأنّ الجميع بحث عن شيء من الفرح والأمل بعد كلّ معاناة الحرب، وسرعان ما ارتدت جميع النساء تصاميم New Look وكأنّ هذا هو تماماً ما انتظرنَه طوال الوقت".

Yves Saint Laurent: 1957-1960

ميزته: "عندما تولى Yves Saint Laurent منصب السيد Dior الذي عيّنه بنفسه، كان لا يزال مصمماً شاباً في الـ21 من عمره. وفجأة، لم يعد مقيّداً بمعايير الرفاهية والرقي، فاختار Saint Laurent أن يبحث في الشوارع ليستوحي من أسلوب سكّان Saint-Germain-des-Prés. ومن بين النساء اللواتي ألهمنَه السيدتان Françoise Sagan وJuliette Gréco، اللتان اعتُبرتا من أيقونات الموضة".

أسلوبه: "أطلق مجموعته الشهيرة الأولى Trapèze في العام 1958 وترجم فيها رغبة الشابات في التحرك بحريّة بدون التقيّد بالملابس. فلم يعتمد الفساتين الضيّقة بل اعتمد قصّة على شكل مثلّث كتحيّة لقصّات Diorالسابقة، أي قصّات A-line 

وH-line وY-line. أمّا الرسالة الأساسيّة من هذه القصّة فهي حرية التحرّك". 

Marc Bohan: 1960-1989

ميزته: "قال في إحدى المرّات  وبطريقة استفزازية بهدف اتخاذ موقف ضد سلفه ربما: "يجب ألّا يخشى المرء الكلاسيكيّة". وأظهر للناس أنّه سيحافظ على الرقي والذوق الرفيع في الموضة".

أسلوبه: "كان سيد القصّات المميّزة والكمال في العمل والدقة في التفاصيل. فأعاد تصميم القصّات ليمنح المرأة إطلالة أكثر شبابيّة. وتميّزت تصاميمه في الستينات بالأسلوب السهل والجانبين الأنثوي والذكري معاً. أمّا في الثمانينات، فأعاد ابتكار البدلة النسائيّة وكانت أكتافها عريضة، لكن متناسقة أيضاً مع الإطلالة الكاملة".

الإرث الذي تركه: "منذ أواخر السبعينات حتى أواخر الثمانينات، كانت Caroline أميرة موناكو، أيقونة المرأة الشابة والعصرية آنذاك، تطلّ على غلاف المجلّات بتصاميم من توقيع Marc Bohan. وبالرغم من أنّ تاريخ الموضة  قد تغاضى عن اسمه، إلّا أنّ زبوناته كنّ يعشقنه! فرأت المرأة آنذاك أنّه يجعلها تبدو بأبهى حلّة ويعطيها الفرصة لإظهار أسلوبها العصريّ. أمّا سرّ نجاحه فهو اهتمامه الدائم بما تحتاج إليه زبوناته. وهذا قاسم مشترك يجمعه بالسيدة Maria Grazia Chiuri، التي تقدّم اليوم أسلوباً مريحاً وناعماً".

Gianfranco Ferré: 1989-1996

ميزته: "شكّل تعيينه المدير الإبداعي للدار صدمة للجميع. وأعرب بعض الصحافيين عن مفاجأتهم لاختيار مصمّم من أصول إيطاليّة على رأس دار فرنسية ضخمة. وأضاف إلى الدار لمسة شاعرية وحسيّة تعود إلى أسلوب الباروك الإيطالي الذي برز في القرن السابع عشر. وتخصّص Ferré في الهندسة، وكان من أكبر المعجبين بأسلوب Frank Llyod Wright المميّز".

أسلوبه: "برز أسلوبه بتعدّد الأشكال والأحجام والطبقات. وعكس أيضاً التاريخ الإيطالي، إذ قدّم Ferré تصاميم حيوية ومختلفة تتميّز بطابع هندسي. وكان أسلوب أشبه بالعطر الذي يترك وراءه انطباعاً قوياً".

John Galliano: 1996-2011

ميزته: "أحبّ السهر كثيراً، فارتاد النوادي الليلية كافّة في الثمانينات، وكان صديقاً مقرّباً لـLeigh Bowery، الاسم اللامع في مجال فن الأداء. واعتبر Galliano تلك السهرات فترات للاستراحة والتحرّر. وفي ما يخصّ الموضة، لطالما ظنّ أنه ما من شيء مستحيل في هذا المجال".

أسلوبه: "استوحى تصاميمه من عناصر متباينة، فتعيد مجموعة Masai مثلاً إحياء أسلوب إطلالات "الحقبة الجميلة" من جهة وفنّ الـMasai الذي ينعكس في الإكسسوارات، كالعقود المصنوعة من الخرز الصغير من جهة أخرى. واستوحى تصاميمه من مصادر مختلفة إلى درجة أنّه كان من المستحيل معرفة مصدر إلهامه الأساسي".

الإرث الذي تركه: "كان معجباً بالنساء الجامحات، مثل الكونتسة De Castglione، التي اشتهرت بفساتينها التي أثارت فضائح في بلاط الملك Napoleon الثالث. فبالنسبة إلى Galliano، تعبّر الملابس عن حقيقة تنبع من داخل المرء فجأة. والمرأة التي تلهمه هي امرأة ساحرة بغرابتها واختلافها عن الأخريات".

Raf Simons: 2012-2015

ميزته: "كان رجلاً متحفّظاً وكتوماً. تخصّص في الأصل في تصميم المنتجات، واستوحى كثيراً من حركة الحداثة في خمسينات القرن الماضي، ولا سيما في الإكسسوارات المصنوعة من السيراميك، فضلاً عن أنّه يعشق الأشكال".

أسلوبه: "إن نظرت إلى تصاميمه من بعيد، لن تلاحظي كلّ التعقيدات والتفاصيل التي سترينها عن قرب. ويبحث عن الأشكال المناسبة والأحجام والتصاميم الدقيقة لابتكار قطع بسيطة. إنّ الفساتين التي ابتكرها واستوحاها من فرساي تعيد إحياء الفساتين الضخمة المعروفة بـPaniers وتعمّد الابتعاد فيها عن القصّات لتبدو أكثر انسيابية".

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث