رسالة من رائدة الأعمال مريم مصلي في يوم التأسيس

بقلم رائدة الأعمال مريم مصلي

لنعود 15 عاماً إلى الوراء...

كنت شابّة بريئة في الثانية والعشرين من عمري تملؤني السذاجة والمثاليّة التي ترافق الشباب عادةً في هذه المرحلة من الحياة. كنت قد تخرّجت مع تقدير من جامعة George Washington في واشنطن العاصمة وعدت إلى موطني المملكة العربيّة السعوديّة وتحديداً مدينة جدّة مع غرور كبير بحجم أمتعتي الزائدة!

استخدمت في حينها جواز سفري الأخضر وكروموسوماتXX لأنال وظيفة لم أكن مؤهّلة لها حتماً، وقرّرت أنّني سأترك بصمتي في المملكة: حرفيّاً!

كصحفيّة، كنت أراقب السعوديّة وأصفها كما كانت، ولكن بحلول العام 2010، قرّرتُ أنّني لا أريد أن أراقب من بعيد فحسب، بل أن أكون عنصراً فعّالاً في التغيير. وبعد بضع سنوات، أصبحت واحدة من أصحاب المشاريع. ثمّ بعد سنوات قليلة من ذلك، أصبحت رائدة أعمال.

عادةً ما أسمح للآخرين بالتحدّث عن إنجازاتي وتكريماتي، ولكن يبدو أنّ الجيل Z لا يحبّ "إعادة تفسير" الكلمات فحسب، إنّما الحقائق أيضاً. لذا، لأولئك الذين قد لا يتذكّرون كيف كانت السعوديّة قبل عقد من الزمن، إليكم بعض الحقائق:

الحقيقة رقم 1: قبل 10 سنوات، كانت أي فتاة تظهر وجهها على إنستغرام بمثابة "عارضة أزياء". ولهذا السبب، من المدهش أن نرى الرياض تستضيف أسبوع موضة رسمي اليوم، وأن تمثّل العارضتان السعوديّتان Amira Al Zuhair وTaleedah Tamer بلادنا بفخر على منصّات عروض الأزياء الراقية في باريس وميلانو.

الحقيقة رقم 2: قبل 7 سنوات، احتفلنا بيوم رياضي نسائي عام للمرّة الأولى على الإطلاق، وفي ملعب لم يُسمح للنساء بدخوله من قبل. واليوم، أصبح لدى أندية كرة القدم السعودية فرق نسائيّة، تبرع وتتألّق في تلك الملاعب نفسها التي مُنعت يوماً ما من دخولها.

الحقيقة رقم 3: قبل 6 سنوات، قيل لي إنّني لا أستطيع إنشاء منصّة لتمكين المرأة لأنّها كانت مثيرة للجدل – لكنّني فعلت ذلك بكلّ الأحوال. وفي العام 2022، استضافت منصّة Under the Abaya أكبر تجمّع لتمكين المرأة في المنطقة على متن سفينة سياحيّة في البحر الأحمر.

الحقيقة رقم 4: قبل 5 سنوات، أجريت مقابلة مع ماري كلير العربيّة احتفالاً بقرار السماح للنساء في السعوديّة بقيادة السيارة للمرّة الأولى. واليوم، أصبح لدينا سائقات محترفات، لا يشاركنَ فقط في السباقات الدولية، مثل سباق دكار و Formula 4، بل يحقّقنَ أيضاً الفوز فيها.

الحقيقة رقم 5: لم أعتقد يوماً أنّ أياً من تلك "الإنجازات الأولى" ستتحقّق في زمني.

ومن الطبيعي جداً رؤية مشاهير هوليوود يتألّقوا بالأزياء السعودية في مهرجان جدّة السينمائي الأبرز في المنطقة. كما أنّه من الطبيعي جداً أن تستضيف الرياض أكبر مهرجان للموسيقى الإلكترونيّة في المنطقة كلّ عام. وكذلك من الطبيعي أن يتوافد كبار الفنّانين إلى العلا، ومن بينهم غير المتوقّعين مثل Kanye West!

إقرئي أيضاً: السعوديّات يتولّين قيادة المستقبل

والحقيقة هي أنّه فيما نقل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود السعودية إلى القرن الحادي والعشرين أكمل ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود المسيرة نحو المستقبل. واليوم، لا تواكب السعودية التطوّر فحسب، بل تحدّد الوتيرة التي سيتبعها بقية العالم. ونرى ذلك بمجرّد البحث عبر Google عن "المدن الكبرى في المملكة العربية السعودية". ولا تفاجئني عناوين مثل "الرياض ستستضيف معرض إكسبو العالمي 2030" أو "كأس العالم لكرة القدم 2034 ستُقام في المملكة العربية السعودية" لكنّها كانت ربما لتفعل ذلك قبل 10 سنوات... أمّا اليوم، فأصبح هذا هو المعيار الشائع.

وكما كان أسلافنا الذين أسّسوا هذه المملكة بناءً على رؤية لما يمكن أن تكون عليه؛ يذهلنا اليوم كلّ ما ستصبح عليه السعوديّة. وبينما نحتفل بيوم التأسيس السعودي هذا الشهر، فإنّنا لا نحتفل بالتطوّر الذي أحرزناه فحسب، بل بما سنحقّقه من تقدّم في المستقبل. اليوم، نحن نشهد بداية عهد جديد للمملكة، مثل ما حدث قبل 15 عاماً، عندما كنت شابّة بريئة ذات إمكانيّات كبيرة؛ وإن كان ذلك اليوم سيأتي مع بعض المساعدة من البوتوكس... لكنّ الشعور هو نفسه تماماً كالذي غمرني عندما عدت إلى موطني للمرّة الأولى منذ أكثر من 15 عاماً: متحمّسة للمستقبل ومستعدّة لكشف بعض الحقائق في حال نسي البعض مدى التقدّم الذي أحرزناه!

إقرئي أيضاً: Marriam Mossalli: الوقت أثمن ما أملك، غير أنّني أحرص على استغلاله بحكمة!

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث