Lana Medawar :"أنا امرأة لا تملك سوى الأفكار التي أتّمنى أن تكون مصدر إلهام وأمل”

بدأت لانا مدوّر حياتها المهنيّة في الإعلام الإذاعي قبل أن تنتقل إلى التلفزيون. وكان دائماً شغفها للإعلام هو المحرّك الأساسي خلف تقدّمها المهني إذ أنّها كانت تحلم بأن تصبح مذيعة مذ كان عمرها ١٠ سنوات. وبعد أن عملت في تقديم الأخبار والبرامج السياسية لفترة طويلة، قرّرت أن تترك هذا العالم نهائيّاً وتتبع طريقاً آخر، من خلال تقديم برامج تلفزيونية ومحتوى رقمي متخصّص بالإنسان واكتشاف الذات والثقافة عبر الكتب والقراءة. فهي تعتبر أنّ الحياة رحلة تعلّم واكتشاف مستمرّة، لذا لا تخشى التغيير والمغامرة. هدفها الأوّل والأخير هو المتعة، في العمل والحياة، وتعشق التعلّم، لذا تجد في الكتب ملاذها الرائع حيث تستطيع أن تطوّر نفسها بإستمرار من خلالها. تعرّفي إليها أكثر في هذه المقابلة الخاصة!

هل هناك من محطّة تعتبرينها مفصليّة في حياتك المهنيّة؟

طبعاً لدي أكثر من محطة مفصليّة في حياتي. لا شكّ أن دخولي المهنة في سن التاسعة عشرة كان أهمّ حدث إذ أنني كنت أترقّب هذه اللحظة بشغف منذ طفولتي. انتقالي إلى التقديم التلفزيوني كان محطة أخرى هامة بدأت معها تحديّات وصعوبات جمّة إذا أنّ العمل التلفزيوني ليس بالسهولة التي يعتقدها البعض. هو عمل تحكمه منافسة شرسة وتحديّات نفسية قد تتركك أسيرة اكتئاب وقلق واضطرابات أخرى اذا لم تكن المرأة قوية ومتماسكة.

أمّا المحطة الأهم فهي ما أفعله اليوم. المحتوى الذي أقدّمه على انستغرام وتيك توك نقل توجّهاتي العملية إلى مكانٍ آخر. أصبحت قادرة على المبادرة وإمساك زمام مهنتي بيديّ. فالمحتوى الذي أقدمه أنا أقرّره وأعدّه وأقوم بالمونتاج والتصوير، عمل متكامل علّمني الكثير وسمح لي أن أكون تماماً كما أريد وأقدّم ما يثير حماستي وشغفي.

هل تعتبرين أنّ القراءة اليوم لا زالت من الأولويّات؟ وما السرّ وراء تعلّقك بالمطالعة والكتب وهل من كتاب مفضّل لديك إلى اليوم؟

لا طبعاً، القراءة في اسفل سلّم الاولويات للأسف، والسبب يعود بذلك إلى نظامنا التعليمي. فالكتاب مملّ بالنسبة لمعظم الشباب لأنّ الوسائل الأخرى كاليوتيوب والتلفزيون وغيرها أكثر جاذبية وسهولة بالاستهلاك. ما ينقصنا هو أن نعيد تعريف القراءة ليس على أنّها واجبات دراسية إنّما كحاجة ومتعة ليصبح المرء إنساناً أفضل. فمعظم رجال الأعمال الثرياء في العالم مثلاً يعتبرون القراءة جزءاً أساسياً من نموّهم الفكري والعملي.

أنا تعلّقت بالكتاب لأنّه كان منفذي الى العالم. فقد ولدت في زمن الحرب وقد كانت طفولتي طفولة يحكمها الخوف. كان الكتاب نافذتي لاكتشاف العالم. تعلّمت عن نفسي وعن الحياة من خلال الكتب. كتابي المفضل يبقى دائما وأبداً " كائن لا تحتمل خفّته" لميلان كونديرا. أصاب هذا الكتاب عمقاً في ذاتي لا يمكن وصفه، إذ أننا نعيش دائماً كبشر هذا الصراع المستمرّ بين الخفّة والثقل، بين المسؤولية والتحرّر. هي رواية ذات خلفية فلسفية عميقة وتلامس صراعاً ربما أعيشه، يطفو على السطح احياناً ويخفت صداه احياناً اخرى.

تلاوة القصص فنّ بحدّ ذاته أتقنته منذ بدء حياتك المهنيّة، فما هي برأيك الأسس التي يرتكز عليها هذا الفنّ؟

إثارة الحشرية... هذه هي الكلمة السحريّة. عليك أن تثيري فضول المتابع ليصغي وتلتقطي انتباهه في عصر أصبح عدد الثواني لشدّ الانتباه لا يتعدّى الثلاث. تخيّلي كم كبر التحدي لابقاء المرء مشدوداً لك. أحب هذا التحدي وهو فنّ يمكن تعلّمه وتطويره وهذا ما أعمل عليه. اختيارك لفكرة القصة بداية، ولِلمعة فيها، ما هي تلك اللمعة التي ستثير فضول المتابع، عليك أن تجديها وتبني عليها أسلوب سردك القصصي.

إذا خيّرت بالدفاع عن قضيّة إنسانيّة واحدة، ماذا تختارين؟

أختار كلّ القضايا التي تتعلّق بحريّة المرأة. فمن حقّها في أن تقرر ماذا تفعل بجسدها إلى قضايا المساواة العمليّة والحقوقية، إلى قضايا الزواج والطلاق. الحريّة بالنسبة لي مقدّسة، ولا يمكن أن أقبل أن يسلبها مني أحد او أن يملي عليّ أحد ماذا افعل، لذا أدافع عن حريّة ابناء جنسي بشراسة في التفلت من الأحكام والموروثات البالية التي تسلبنا حقنا في أن نقرر مصيرنا.

كيف تولّد فيك حبّ المغامرة والسفر وما كانت أوّل خبرة شاركتها مع متابعيك؟

السفر جمع أكثر ما يمدّني بالحياة، الحريّة وحب الإكتشاف. أنا امرأة تعشق حريتها ورغبتها بالتعلّم لا حدود لها. لذا أشبع السفر هاتين الرغبتين، وما أتمنّاه حقاً الا تحرمني الحياة من تلك النعمة. أحبّ في السفر التجارب، بمعنى أن المكان مهم ولكنّه ليس الأهم. الأهمّ هو ماذا فعلت أنتِ في ذلك المكان، مع من شاركته، من التقيت، كيف امضيت وقتك. التجربة الفريدة هي السحر الذي ـبحث عنه في الأمكنة.…

كيف تجدين التفاعل اليوم بين العالم الواقعي وعالم التواصل الإجتماعي؟ وكيف برأيك يؤثّران على بعضهما في القضايا الإجتماعيّة والحياتيّة والثقافيّة؟

مواقع التواصل عكست ما في داخلنا ومجتمعاتنا من جمال وقبح. هي مرآة الحياة بحقيقتها وزيفها. ليست سامة بشكل كامل وليست صحيّة بشكل تام. علينا أن ندرك كيف نستخدمها ونكون أذكياء فيما نستهلكه منها. ما أحبّه في مواقع التواصل أنّها أعطت فرصة للناس للتعبير عن شخصياتهم بطرق لم يكن بالإمكان تخيّلها من قبل. يمكن أن أسمّي ذلك "ديمقراطية الإبداع"، أي أنّه لم يعد صعباً علينا أن نبتكر ونبدع لأنّ إمكانياتنا المادية محدودة، بل مع انتشار مواقع التواصل، بإمكاننا أن نكون مبدعين من دون مبالغ طائلة من المال. أحبّ أن أرى الجانب المضيء في كلّ شيء، وأركّز عليه، وأستفيد منه، وأدعو الناس الى هذا النهج.

ما هو الإرث الذي تريدين أن تتركيه على هذه الأرض وكيف تريدين أن يتذكّرك النّاس؟

أريد ان تذكرني عائلتي وأولادي بأنّني كنت إلى جانبهم دائماً ولم أبخل عليهم لا بالوقت ولا بالحبّ، هم صراحة أكثر من يعني لي في هذه الدنيا. أمّا بالنسبة للناس، فإذا أضأت شمعة في ظلمة حياة أحد ما، أكون سعيدة. أنا امرأة لا تملك سوى الأفكار، وهي المنتج الوحيد الذي اقدمه للناس، أتّمنى أن تكون أفكاري مصدر الهام وأمل لكلّ من يسمعها أو يقرأها.

إقرئي أيضاً: في اليوم العالميّ للكتاب، تعرّفي إلى الكاتبة السعوديّة د. بدرية البشر

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث