ما علاقة النظام النباتيّ بفيروس كورونا؟

لا يمكننا أن ننكر أنّ كلّ ما يحصل في العالم، ليس في الآونة الأخيرة فحسب إنّما أيضاً في ظلّ التطوّرات الثوريّة التي طالت نمط حياتنا بوتيرة متسارعة، يدفعنا إلى إعادة النظر في طقوس غذائنا وعاداتنا اليوميّة في هذا الخصوص. فلقد شهد تاريخ البشريّة تقلّبات قلبت الموازين من جهتين على صعيد عاداتنا الغذائيّة، فالجهة الأولى قضت بتسريع عمليّة الإنتاج الغذائيّ وذلك من خلال الاستثمار في المصانع مستبدلةً طرق الزراعة التقليديّة. والجهة الثانية فهي مواجهة تداعيات هذا الإنتاج الذي جعلنا نستهلك مأكولات أقلّ صحيّةً. فبمَ يذكّرنا فيروس كورونا؟ وما هي الرسالة التي لربّما علينا أن نستخلصها من هذه الحالة الهيستيريّة التي نعيشها بسبب هذا الوباء؟ كلّا، لا ندعوكي لأن تصبحي نباتيّة. إنّما نحاول مناقشة الحالة الغذائيّة العالميّة التي تدعو إلى التفكير مليّاً في سلوكنا كمستهلكين ومستهلكات. فتابعي القراءة لنتمعّن معاً أكثر في هذا الصدد.

بتاريخ 30 يناير من العام 2020، أعلنت منظمّة الصحّة العالميّة عن "حالة طوارئ تدعو إلى اهتمام دوليّ"، ومن الجدير بالذكر أنّه من النادر لهذه المنظّمة أن تعلن مثل هذه الحالة. فجاء هذا الإعلان بعد أن انتشر فيروس أُشير إلى أنّه صدرَ من سوق للحيوانات الحيّة والميّتة في منطقة ووهان في الصين، بعد أن بدأت تظهر حالات من "الالتهاب الرئويّ" لبعض الأشخاص الذين زاروا تلك السوق، واليوم اتّضح أنّه ليس بمجرّد التهاب، إنّما هو فيروس خطر، فيروس كورونا ووهان، تفشّى ليطال مختلف أقطاب العالم. والملفت أنّها ليست المرّة الأولى التي يصدر فيها فيروس من سوق لتجارة الحيوانات. الأمر الذي يدفعنا إلى طرح ثلاثة تساؤلات:

  • ماذا عن الظروف التي توضَع فيها الحيوانات في الأسواق؟
  • ماذا عن طريقة إنتاجنا للأكل في عالمنا اليوم؟
  • ماذا عن اختياراتنا الغذائيّة كمستهلكين؟

إذا عدنا بالزمان إلى الوراء، نلاحظ أنّ فيروس سارس SARS الذي اتّسم بالالتهاب التنفسيّ الحادّ جاء أيضاً من سوق للحيوانات لا سيّما غيره من الفيروسات التي سمعنا بها عبر السنين. وتشير الكثير من الدراسات أيضاً إلى أنّ استهلاكنا "المفرط" للحوم يزيد من احتماليّة إصابتنا بأمراض عدّة، منها التي تتعلّق بالقلب والنظام التنفسيّ والمناعيّ. كذلك، أشارت منظّمة الأمم المتّحدة إلى أنّ معظم الأمراض والمتلازمات التي نراها تظهر اليوم لها صلة بالحيوانات، خصوصاً الحيوانات التي تكون بغرض الأكل. عوضاً عن ذلك، يفيد العالم البيئيّ والبيولوجيّ كيفين أوليفال Kevin Olival بأنّه "عندما توضع الحيوانات في مثل هذه الظروف غير الطبيعيّة، تصبح عرضة لإنشاء أمراض بشريّة".

فهنا إذاً لا يمكننا سوى الإقرار بأنّ طريقة إنتاج المأكولات الحيوانيّة يجب أن تُراجع، ربّما يكمن الحلّ في تغيير الظروف التي تحتوي هذه الحيوانات أو طريقة الإنتاج التي تتمّ ما بعد ذلك، أو الحدّ المطلق من إنتاج المأكولات الحيوانيّة. التساؤلات كثيرة وتدفعنا إلى البقاء في حلقة مفرغة، فما مِن إجماع على هذه المسألة إلّا أنّه لا بدَ من أن توجد مساومة ما بين الطرف النباتيّ أو النباتي الصرف والجهة المقابلة التي تؤمن بأنّ الجسم البشريّ لا يمكنه الحصول على المكوّنات الغذائيّة التي يحتاج إليها سوى من المصادر الحيوانيّة.

وأنتِ بماذا جعلك فيروس كورونا تفكرّين من حيث نمط غذائكِ؟

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث