Lama Hourani: الفنّ في مواجهة كورونا

في ظلّ الأوضاع التي يعيشها العالم منذ تفشّي فيروس كورونا، وجدنا أنفسنا مجبرات على البقاء في المنزل وعدم الخروج منه إلاّ للضرورة القصوى. فسواء كنت تعملين من داخل المنزل أو منقطعة قصراً عن العمل، بات منزلك هو مكان إقامتك وعملك ومدرسة أطفالك ومكان لعبهم، كما أضحى مساحة للتلاقي الإفتراضي مع العائلة والأصدقاء. وبينما أصبح المنزل يشغل كلّ تلك الوظائف، إلاّ أنّه بات أيضاً الملاذ الإيجابيّ الوحيد لتوطيد العلاقة مع العائلة. نعم! فعلى الرغم من كلّ ما يحصل خارجاً، هل هناك أفضل من استغلال الوقت الحالي بطريقة إيجابيّة مفعمة بالحبّ والمرح لتقريب عائلتك أكثر بعضها من بعض لتخرج من هذه الأزمة مع روابط أقوى مّما كانت عليه سابقاً؟ في ما يلي تشاركنا Lama Hourani يوميّاتها منذ بداية فترة الحجر المنزلي وكيف تتمكّن من الإستفادة منها وتحويلها إلى خبرة عائليّة إيجابيّة.    

"معًا في المنزل يعني قضاء وقت رائع مع العائلة والتواصل مع أطفالنا بدون الضوضاء التي كانت تصرف انتباهنا ما قبل الأزمة"

انتقلت بين عمان وشنغهاي وبرشلونة وباريس، وقبل أن يصبح العالم متّحداً لمواجهة أزمة فيروس كورونا، وحّدت لمى حوراني العالم في عالمها الخاصّ من خلال تكييف كلّ من منازلها مع الأسلوب المحليّ للبلد المتواجد فيه ومزجه مع مراجع ثقافيّة متنوّعة محليّة مع الحرص على احترام هويّة المكان ومزجه مع هويّتها الخاصّة. في العام 2000، أطلقت مجموعة المجوهرات الأولى لها، وثبّتت نفسها كرائدة في مجال الموضة والتصميم، كذلك جعلت التراث العربيّ من خلال تصاميمها متاحاً في جميع أنحاء العالم. وبعد 20 عاماً، ما برحت تصوغ قطع مجوهرات فريدة تعكس تفسيراً حديثاً للتراث والحضارات القديمة التي تربط الشرق الأوسط بالعالم. وفي ما يلي، شاركتنا المصمّمة الأردنيّة بعض التفاصيل حول إقامتها في برشلونة منذ بدء فترة الإغلاق في العالم.

منذ اللحظة التي بدأ فيها الإغلاق، أدركت حوراني أنّه عليها أن تتنازل عن معاييرها المعتادة لرفاهها العقلي وأن تفكّر في طرق لتعزيز ما يحصل وتحويله إلى فرصة. وصحيح أنّها تعيش أياماً تشعر فيها بالإرهاق الجسديّ كونها بمفردها مع توأمَيها وتنجز إضافة إلى ذلك كلّ مهامها بنفسها، إنّما تقول: "إنّ هذه الأزمة جعلتني أرى كم أنّنا محظوظون وكيف أنّ الحبّ يبقى أوّل وأهمّ طريقة للتعامل مع أزمة ما. وهذا ما جعل ولديّ يشعران بأنّنا نعيش مغامرة معاً، خصوصاً أنّ هذا الوباء فصلني عن زوجي منذ نهاية شهر يناير، ويحتاج الأطفال إلى الشعور بأنّنا متّحدون جميعاً".

الجدول اليوميّ

وتقول المصمّمة الأردنيّة: "جعلنا الإغلاق أقرب كعائلة، فنحن نقضي الكثير من الوقت معاً. وأشعر أنّ هذه نعمة يمكن من خلالها التواصل مع أطفالنا بدون الضوضاء التي كانت تصرف انتباهنا ما قبل هذه الأزمة". ثمّ تضيف: "اكتشفت آفاقاً لم أعرف بوجودها من حيث قوّتي العقليّة. حيث قرّرت التعامل مع الضغط الأكاديميّ بشكل مختلف، وأن أقوم بدلاً من ذلك بمشاريع إبداعيّة جماعيّة ننفّذها معاً ونحتفي بها. وفي هذه الفترة، بدأت أمارس التمارين الرياضيّة من خلال أحد التطبيقات. كذلك يرقص الأطفال ويمارسون اليوغا بموجب برنامج مخصّص لهم بالإضافة إلى تمارين رياضيّة للأطفال، فنحن نرقص معاً يوميّاً. فضلاً عن أنّني عدت إلى الطهي من أعماق قلبي. بالإضافة إلى كلّ ذلك نحن نخبز معاً ونقرأ الكثير من كتب الأطفال، ولكنّني لسوء الحظ لا يسعني قراءة الكتب الخاصّة بي".

غير أنّ الفترة الوحيدة التي تعمل فيها هي بعد أن يخلد الأطفال إلى النوم. فحينها، تستخدم طاولة طعامها كمساحة مكتبيّة. وتقول لنا: "أعمل في ساعات متأخّرة لانشغالي مع أطفالي في خلال النهار". وتخبرنا: " لأبقى إيجابيّة، أجلس تحت أشعة الشمس على الأقلّ 30 دقيقة في اليوم. كما أقوم مع التوأم بمشروع فنّي تحت الأشعة الدافئة عندما يكون الطقس مشمساً. ولديّ أيضاً موعد افتراضي أجريه مع أصدقائي بعد نوم الأطفال حتى أتمكّن من التواصل معهم ومع نفسي".

المساحة المفضّلة في المنزل

إنّ غرفة المعيشة هي حتماً المساحة المفضّلة لدى حوراني في الآونة الأخيرة. وتشرح لنا ذلك: "إنّه المكان الذي نرسم فيه ونطلق العنان لإبداعنا. وقد حوّلنا أحد كتب طاولة القهوة إلى مشروع فنّي وملأناه بملصقات الصور الملوّنة التي سننظر إليها بعد بضع سنوات ونتذكر كلّ المرح والحبّ الذي عشناه في خلال هذه الأيام". وعلى هذا المشروع تطلق المصمّمة اسم "الجمال في زمن"Covid19 وتقول عنه إنّه بمثابة مذّكرات فنيّة تعتبرها أبرز ما فعلته في هذه الفترة.

كذلك للمساعدة في الحفاظ على بيئة إيجابيّة حولها، جدّدت غرفة نوم الأطفال وملأتها بالفراشات التي لوّنوها بأنفسهم. وتقول: "لحسن الحظ لدينا أعمال فنّيّة جمعناها من جميع أنحاء العالم، إنّه شغفنا ويضيف ذلك حتماً مستوى من الراحة والدفء إلى منزلنا". ثم تكمل قائلةً: "كذلك، صنعنا غصن شجرة صلاة مستوحى من منطقة التبت، يحتوي على الكثير من الأعلام الملوّنة الصغيرة وقد وضعناه في مزهريّة بدلاً من الزهور".

معاً في المنزل

"معاً في المنزل يعني قضاء وقت رائع معاً، بحيث ساهم أمر سلبيّ بربط جميع البشر على وجه الأرض بطريقة أو بأخرى"، تقول حوراني التي تعتقد أنّ الشعور بالتضامن الذي نراه في كلّ مكان يبعث الدفء في القلوب. وتشرح قائلة: "من خلال التكنولوجيا، نتمتّع بالتحدّث إلى الأحبّاء. إذ تقرأ أختي للأطفال باللغة العربيّة كلّ يوم، ويرسم معهم زوجي ويشاركهم طعام الغداء يوميّاً تقريباً. فيمتدّ منزلي بذلك من الأردن إلى إسبانيا إلى إيطاليا إلى الصين حيث يتواجد أصدقائي وأفراد عائلتي. وهذه الفترة جعلتنا جميعاً أكثر تقارباً وتعاطفاً مع بعضنا البعض".

وعندما سألناها عن المستقبل الذي تتخيّله عندما تنظر من النافذة، قالت حوراني: "لا شكّ في أنّ هذا الوضع أجبرنا جميعاً على التفكير في حياتنا وما يهمّنا، غير أنّه جعلنا ندرك أيضاً مدى ضعفنا وكشف لنا أنّ أكبر الخاسرين هم أصحاب الأعمال الصغيرة والمبدعين. إذ تغيّر معنى القيادة كما نعرفها وتحوّل إلى بصيرة وذكاء عاطفي وأفعال. وحان الوقت لكلّ مجتمع أن يتحّد وأن نسير معاً إلى الأمام". وفي ما يتعلّق بعلامتها التجاريّة، تقول: "علينا جميعاً أن نجعل صالة عرضنا أو متجرنا رقميّاً بالكامل وأن نجد طرقاً للتواصل والبقاء على اتّصال مع زبائننا. إنّها ليست لحظة للتفكير في البيع فحسب، إنّما للتواجد مع الزبائن بمحتوى يرفع من معنويّاتهم ويجعلهم يشعرون بأنّهم مميّزون".

"الفنّ في مواجهة كورونا"

وبما أنّها تشعر ببعدها عن الأردن، أرادت مصمّمة المجوهرات المساعدة بطريقة ما، فاستخدمت شبكتها لإطلاق مبادرة تُسمى"الفنّ في مواجهة Covid19 " وتخبرنا: "حتى الآن، تمّ التبرع بـ70 عملاً فنيّاً لفنّانين من الأردن والعالم العربي، حيث يتبرّع المشتري مباشرةً إلى المؤسّسة الخيريّة، ثم نرسل له العمل الفنّي بالتعاون مع وزارة الثقافة. والحقيقة أنّ أحداً لم يتردّد في تقديم المساعدة وكان من الرائع رؤية ردود فعل الناس ودعمهم الكبير للمبادرة".

اقرئي أيضاً: At Home مع Selma Kaci Sebbagh

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث