
الإعداد: Arzé Nakhlé
التصوير: Jacques Burga
الإدارة الفنيّة: Farah Kreidieh
إطلالتها مفعمة دائماً بالألوان الصاخبة. عُرفت بشغفها بالأحذية الرياضيّة وتنسيقها إيّاها مع أيّ قطعة ترتديها. وهي تعمل اليوم بالتوازي على مشاريع مختلفة مع وكالات استراتيجيّة متعدّدة، بالإضافة إلى نجاحها في استقطاب عدد كبير من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعيّ. إنّها Selma Kaci Sebbagh، الشابّة الفرنسيّة ذات الأصول الجزائريّة. فبعد أن شغل الفنّ والتصميم موقعاً خاصّاً في طفولتها بفضل نشأتها في بيئة فنيّة راقية، كبرت Selma وزاد تعلّقها بهذين المجالين، حتّى باتت اليوم بعد تخصّصها الجامعيّ بهما تستخدمهما في عملها وفي الفعاليات التي تنظّمها. لذا، زرناها في منزلها الباريسيّ حيث تعرّفنا إليها عن كثب. فانضمّي إلينا في ما يلي لتكتشفي كيف تتجلّى فيه الأناقة والناحية العمليّة على حدّ سواء وكيف تنطبع فيه البصمة الجزائريّة.
تخصّصتِ في الفنون الجميلة والتصميم والسينوغرافيا. فكيف تطبّقين ما تعلّمته في تلك التخصّصات في مجال عملك اليوم؟
لطالما أسرتني الفنون وجذبني التصميم. وأعتبر أنّني كنت محظوظة وأختي التوأم لنشأتنا في منزل يقدّر الفنون والموضة. في حين أنّ والدي فنّان، كانت والدتي تعمل في مجال الأزياء الراقية مع دور مرموقة أمثال
Chanel. وفي المنزل، لطالما دارت أحاديثنا حول الفنّ وغالباً ما اصطحبنا والدانا إلى المتاحف في باريس وفي جميع أنحاء العالم. لذا، أعتبر الفنّ والتصميم جزءاً منّي. وبطبيعة الحال، قرّرت دراسة تاريخ الفنّ ثمّ الفنون الجميلة وصولاً إلى التصميم الداخليّ. ومن المستحيل اليوم ألّا أطبّق هذه المعرفة في حياتي اليوميّة. إذ علّمتني هذه التخصّصات الكثير، وها إنّها تساعدني يوميّاً في العمل وفي الأحداث والفعاليات التي أنظّمها. وأعتقد أنّ خلفيّتي هذه قد صقلت رهافة إحساسي. كذلك، أظنّ أنّها أثّرت في طريقة تنسيقي لإطلالاتي وللألوان التي أرتديها أيضاً، لأنّني ترعرعت في بيئة فنيّة بحت.
تعكس إطلالاتك أسلوباً مميّزاً مفعماً بالألوان. فكيف يمتزج أسلوب الفتاة الفرنسيّة مع مظهرك الفريد؟
من الصعب وصف أسلوبي في الملابس، لا سيّما وأنّ والدتي كانت تشجّعني دائماً على ارتداء ما أحبّ. حتّى أنّني أتذكّر أنّه بينما كنت في سنّ الـ13، خرجت ذات يوم مرتديةً معطفاً أخضراً قبيحاً جدّاً من التويد، إلّا أنّ أمّي علّقت بالقول في حينها: "أنت تنتقين ملابسك بنفسك. وإذا كنت تحبّين هذه القطعة فأنا أحبّها أيضاً، وهذا كلّ ما عليك معرفته". أمّا في وقت لاحق، فأصبحت إطلالاتي تتّسم بطابع أكثر جديّة، وبرزت في المدرسة الثانويّة بالمظهر الباريسيّ البسيط جدّاً، وغلبت ألوان البيج والأزرق والأسود على ملابسي. وإثر وفاة والدتي قبل 5 سنوات، ارتديت اللون الأسود لمدّة أسبوع، لكن كانت تلك المرّة الأخيرة التي أرتدي فيها ذاك اللون. واليوم، لا أملك ولو قطعة واحدة سوداء في خزانة ملابسي. إذ إنّني أستمتع بالألوان كثيراً، لأنّها تضفي البهجة فعلاً. وصحيح أنّني فرنسيّة، إلّا أنّ أسلوبي ليس كذلك. في الواقع، غالباً ما أتفقّد الأشخاص من حولي في مترو الأنفاق، وأرى أنّ الجميع يرتدون سترة سوداء أم جينزاً أسود أم حذاء Stan Smith بهذا اللون، وها أنا أقف مرتدية سترتي الأرجوانيّة من Stand Studio وسروالاً باللون البيج وحذاءً أصفر اللون مع حقيبتي الصيفيّة من Loewe. وأدرك أنّني أبدو وكأنّني مخلوقة فضائيّة، لكنّني أحب ذلك.
تقرّين بأنّك تمتلكين أكثر من 150 زوجاً من الأحذية الرياضيّة. فما القصّة وراء شغفك بها؟
وُلد شغفي هذا منذ نعومة أظافري، إذ اعتادت عمّتي مذ كان عمري حوالى 10 سنوات إرسال الأحذية الرياضيّة إليّ من الولايات المتّحدة الأميركيّة حيث عاشت. فبدأ إعجابي بهذه الطرازات الحصريّة والمحدودة غيرالموجودة في أوروبا. وأتذكّر دهشتي لرؤية حذاء Air Jordan 3 Retro "True Blue" عند صدوره في العام 2011، وشعرت أنّه لا بدّ لي من امتلاكه. ولشدّة إعجابي به، انتظرت في الصفّ طويلاً في شركة Foot Locker، وانتابتني سعادة لا توصف عندما حصلت على زوج منه، لدرجة أنّني أردت اختبار هذا الشعور دائماً. بعد ذلك، منحتني عمّتي فرصة ابتكار حذائي الخاصّ عبر خدمة Nike By You، وأتذكّر أنّني اخترت حذاء Nike Dunk وانتظرت لمدّة خمسة أسابيع للحصول عليه، وبات هذا الزوج من الأحذية الرياضيّة المفضّلة لديّ على الإطلاق.
من المعروف أنّك تنسّقين الأحذية الرياضيّة مع أيّ قطعة تتأنّقين بها، سواء أرتديت فستاناً أم تنّورة أم سروالاً... فهل ترتدين الكعب العالي وفي أيّ مناسبات؟
في الحقيقة، لا يسعني حتّى أن أتذّكر متى كانت المرّة الأخيرة التي ارتديت فيها الكعب العالي. وإنّ الأمر لمضحك بالمقارنة مع أيّام ارتيادي المدرسة الثانويّة، حينما انتعلت الكعب العالي في كلّ يوم تقريباً.
أنت فرنسيّة من أصول جزائريّة. فكيف صقلت نشأتك في باريس شخصيّتك وما السمات الرئيسة التي اكتسبتها من جذورك الجزائريّة؟
بكلّ صدق، استغرقني الأمر وقتاً طويلاً لأدرك أنّني باريسيّة بكلّ ما للكلمة من معنى. فالواقع أنّني شعرت لفترة طويلة بأنّني فتاة العالم كلّه، حتّى وإن كنت فرنسيّة الهويّة بلا أدنى شكّ. غير أنّ أصدقائي الأجانب القلائل جعلوني أدرك كم أنّني باريسيّة بحت. وبالفعل أجد العاصمة الفرنسيّة مدهشة ومختلطة، فضلاً عن أنّها علّمتني الكثير، وسيرافقني شعوري بالامتنان لنشأتي فيها إلى الأبد. أمّا عن سمات شخصيّتي، فأحبّ قدرتي على أن أكون مرتاحة في أيّ مكان. إنّما بصراحة، لا أستطيع الجزم سواء يعود الفضل في ذلك إلى ترعرعي في باريس أو إلى جذوري الجزائريّة، لكنّني أودّ التفكير بأنّ السبب يعود إلى كليهما.
تعملين بالتوازي على مشاريع مختلفة مع وكالات استراتيجيّة متعدّدة. فكيف يمكنك التركيز على استراتيجيّات مختلفة في آن معاً؟ وهلّا أخبرتنا المزيد عن وظيفة أحلامك؟
عندما درست في جامعة السوربون، كنت أعمل بالفعل في صالات العرض مع إحدى علامات الأزياء الراقية. وبعد التخرّج، قرّرت مواصلة العمل في مجال الأزياء، بالتزامن مع انطلاقي في مسيرتي المهنيّة بصفتي خبيرة استراتيجيّة. وطوال هذه السنوات، عملت على مختلف المشاريع التي عزّزت تركيزي، لكن منحتني أيضاً القدرة على التنسيق ما بين الأعمال والاستراتيجيّات المختلفة. ولطالما أُتيحت لي فرصة القيام بعمل مختلف وامتلاك منصب مغاير في آن معاً. وبكلّ صراحة أحبّ هذا الأمر، خصوصاً أنّه سمح لي أن أتعلّم بصورة أسرع وأفضل بناءً على تجربتي الخاصّة. تتمثّل وظيفة حلمي في إيجاد توازن كبير بين العمل على القسم الإبداعيّ للفعاليات، مع القدرة على العمل في مجال البحوث. ويشمل ذلك تطويرخطط استراتيجيّة لتنشيط العلامة التجاريّة والابتكار في مجال التجزئة والاتّصالات. لذا تنطوي وظيفة أحلامي على المزيج المثاليّ لهذه المهام بمجملها.
في عمر الـ24 عاماً، نجحت بالفعل في بناء مجتمع قويّ على وسائل التواصل الاجتماعيّ من الأشخاص الذين يتابعونك ويعملون بنصيحتك. فلماذا لا تحبّين لقب "المؤثّرة" وما الرسالة التي دائماً ما تشاركينها مع متابعيك؟
ليس الأمر أنّني لا أحبّ التأثير، إنّما لست مؤثّرة فحسب. ولسوء الحظّ اليوم مع وسائل التواصل الاجتماعيّ وما إلى ذلك، إن لم يدفع المرء بنفسه إلى الواجهة، يمكن للناس أن يحكموا عليه بشكل خاطئ. وشخصيّاً، أكنّ الكثير من الاحترام للمؤثّرين والمؤثّرات، لأنّ عملهم يتطلّب الكثير من الوقت، هذا فضلاً عن الضغوطات الكبيرة والمنافسة الشديدة في هذا المجال. إنّما شخصيّاً، لا أدري إذا سأكون قادرة على تركيز عملي كلّه في هذا الصدد.
وهذا العام، اتّخذت قراراً بأن أكون صادقة مع مجتمعي. فنظراً إلى أنّني تربّيت على يد والدَين واعيين لظاهرة الاحتباس الحراريّ، تعلّمت منهما احترام البيئة وتناول الطعام العضويّ وما إلى ذلك. بالإضافة إلى أنّني تربّيت على مبادئ سياسيّة عادلة وعلى فكرة أنّنا جميعاً متساوون. وهذه كلّها أسس أريد مشاركتها مع الناس. ومؤخّراً، شرعت في الحديث عن المواضيع التي تحزنني أمثال الاحتباس الحراريّ. ففي السابق، كنت أخشى إجراء أيّ محادثة سياسيّة أم بيئيّة على إنستجرام. لكنّني أعتقد أنّ هذه مواضيع أهمّ من أن نتجاهلها، ولا أريد التزام الصمت حولها. وفي حال لم يوافقني الناس الرأي، فأنا أتقبّل رأيهم وأتفهم من سيعدُل عن متابعتي.
أنت شغوفة جدّاً بمجال الاتّصالات ووسائل التواصل. فكيف ترين مستقبل إنستجرام برأيك؟ وفي حال أُغلق هذا التطبيق غداً، ماذا ستفعلين؟
لا يسعني أن أنسى الضجّة التي حصلت في العام الماضي، حين ظنّ الناس أنّ إنستجرام سيختفي عن الوجود بسبب ظهور تطبيق جديد لاقى نموّاً سريعاً ورواجاً متزايداً، والأمر سيّان اليوم بالنسبة إلى TikTok. وشخصيّاً، أظنّ أنّ إنستجرام سيظلّ موجوداً، وقد أكون مخطئة، لكنّني أرى أيّاماً واعدة مقبلة لهذا التطبيق. أمّا في حال إقفال إنستجرام، فسأشعر حتماً بالإحباط لفترة وجيزة. إلّا أنّ الحياة تستمرّ، وأعلم أنّني قادرة على استرجاع حياتي المعتادة. حتّى أنّني أعمل بالفعل على مشاريع مشوّقة، وأحضّر لتعاون في مجال الأحذية الرياضيّة، فضلاً عن مشروع آخر في مجال السترات، لذا أظن انّني سأكون بخير.
من المعروف أنّك تدمجين الناحية العمليّة والأناقة في إطلالاتك. فكيف تتجلّى تلك الخصائص في منزلك؟
أجد ديكور المنزل غاية في الأهميّة. فالمنزل يمثّل انعكاساً لروح من يملكه، إنّه جزء من شخصيّته. وبحكم طبيعة عملي وحياتي، غالباً ما أتواجد خارج المنزل حيث أجري اجتماعات مع الوكالات أو العلامات التجاريّة أو مع الأصدقاء. وصحيح أنّي أستمتع بذلك كثيراً، إنّما لا شيء يوازي العودة إلى المنزل، والشعور بأنّني في المكان المناسب، حيث من المفترض أن أكون بالضبط، والتماس الأمان. والواقع أنّني صمّمت ديكور منزلي انطلاقاً من هذه الفكرة. في حين انتقيت أقمشة ترضيني، أمثال المخمل الذي يشعرني بالراحة، إلى جانب الألوان الدافئة أيضاً. بالمختصر، أرى منزلي أشبه بملجأ وملاذ وسط باريس.
كيف تعبّرين عن شغفك بالأحذية الرياضيّة من خلال ديكور منزلك؟
حاولت جاهدة ألّا أخصّص مساحة كبيرة للأحذية الرياضيّة في منزلي. وكان هذا الحال سابقاً، غير أنّ الأمر فاق طاقتي تباعاً. إذ أحبّ فكرة أنّ الأحذية الرياضيّة تشكلّ جزءاً منّي، غير أنّها لا تختصر شخصيّتي. من هنا، قرّرت إنشاء جدار مخصّص لجميع أحذيتي الرياضيّة في استوديو الفنّ الخاصّ بي.
هل يمكنك مشاركتنا بواحدة من ذكرياتك التي صنعتها أثناء تصميم هذا المنزل؟
قبل انتقالي للعيش في هذه الملكيّة، كنت أتحدّث مع المالك عن اللوحات الرائعة التي ملأت المنزل، لكنّني رأيت لوحة أحببتها كثيراً هي عبارة عن رسم ضخم من الفحم يصوّر مشهد قهوة فرنسيّة. وبعدما انتقلت إلى هنا، اكتشفت أنّ الرسم الذي أحببته لا يزال موجوداً. فتواصلت مع المالك فوراً، لأنّني فوجئت حقّاً. وأجاب بلطف قائلًا إنّ هذه اللوحة هي المفضّلة لديه، لكنّه رأى في عينيّ أنّني أحببتها بما يكفي للاحتفاظ بها.
هل لديك أيّ لمسة جزائريّة في هذا المنزل الباريسيّ؟
تتعدّد اللمسات الجزائريّة في منزلي، إنّما أقربها إلى قلبي رمز ليَد فاطمة لاستبعاد الحسد عند باب المدخل، لأنّني أؤمن بأنّها تحميني في كلّ يوم.
اقرئي أيضاً: At Home مع Sofya Benzakour








