أحــلام الإماراتيات تـطـــال الــســماء

أحلامها تجاوزت الأرض ووصلت عنان السماء، لتسجل بهذا سبقاً في تاريخ المرأة الإماراتية، باعتبارها أول وأصغر إماراتية تعمل قبطان طيران. من هنا، جاء تميز الكابتن عائشة الهاملي، ممثل دولة الإمارات لدى مجلس الطيران المدني الدولي.

ولعائشة قصة نجاح بدأت مبكراً، مترجمةً بهذا عشقها للعب بالطائرات منذ كانت صغيرة. وعندما كبرت قادت الطائرة وتحول هذا الولع إلى حقيقة، تجاوزت بها كل من يشكك بقدرة المرأة على القيام بكل الأعمال أسوة بالرجل.

تحدثت عائشة لماري كلير عن خطوات نجاحها، لتصل لتلك المرحلة التي تمثل فيها الإمارات في المحافل الدولية. ومن اختيارها لمهنة الطيران جاءت البداية:

ما السبب وراء اختيارك مهنة الطيران في بيئة وزمان تعتبر فيها مهنة الطيران حكراً على الرجال؟

حقيقةً لا أعلم إن كنت قد اخترت مهنة الطيران، أم إن كانت هي من اختارتني. فمنذ الصغر كنت مولعة باللعب بالطائرات الصغيرة، وكثيراً ما قضيت أوقات فراغي بألعاب معظمها يدور في فلك الطيران. ولطالما تخيلت أيضاً أنني أحلق بالطائرة في الفضاء، حتى أنني قلت لوالدي في أحد الأيام أنني أحلم بأن أكون قائد طائرة. لم أكن أعلم أنه سيحتفظ بهذا الحلم ليضعه بين يدي في يوم من الأيام.

متى بدأت تجربتك الفعلية مع الطيران؟

بدأت رحلتي العملية حين كنت ما أزال بالصف الثاني الثانوي، ولم أكمل الـ 16 من العمر، عندما اصطحبني والدي إلى الأردن لألتحق بأكاديمية الطيران المدني هناك. واجتزت كافة الاختبارات اللازمة. ولا أنسى كيف كانت والدتي ترفض الفكرة بدافع الخوف من أن ينعكس ذلك سلباً على دراستي. رافقني والدي إلى هناك ومكث برفقتي مدة ثلاثة أشهر، ثم عدت لإكمال دراستي الثانوية. حصلت على أول منحة دراسية لتعلم الطيران الخاص في العام 1998، ثم التجاري الآلي في العام 1999، وأصبحت مدربة طيران عام 2000. وبعدها التحقت بجامعة زايد وتخرجت من قسم العلوم الاجتماعية والدراسات الدولية عام 2006. ومنذ عدة أعوام حصلت على درجة الماجستير في إدارة النقل الجوي في جامعة سيتي في لندن.

بعد التدريب النظري على الطيران كيف تعاملت مع التدريب العملي وتجربة الطيران للمرة الأولى؟

في المراحل الأولى كنت أقود الطائرة مع المدرب. وغالباً ما كنت أضحك عندما يصطحبني المدرب إلى قمرة القيادة، وأشعر أنني أصبحت قبطان طيران ومستعدة للتحليق. لكن عندما توجهت إلى مطار "ماركا" في العاصمة عمان، ودخلت بمفردي ولأول مرة إلى قمرة القيادة في طائرة شيروكي للطيران، انتابني مزيج من المشاعر الغريبة من دوار وخوف شديد وقلق. فالأصوات التي أسمعها تبدو أعلى من حقيقتها، وصوت المحركات يبدو عالياً جداً. لكن وبمجرد أن بدأت بقراءة آية الكرسي وراجعت المعلومات أمامي، وتحدثت إلى المراقبين وتذكرت طموحاتي وأحلامي وإصراري على النجاح وتوكلت على الله ودعت الخوف والرعب وركزت على الدوران والهبوط والتحليق السريع إلى أعلى. وهكذا مرت الدقائق لأستعد للهبوط وتذكرت أن أبي ينتظرني وهبطت بسلام. لقد كانت لحظات لا تنسى.

هل صادفتك أي صعوبات أو مواقف تذكر في تقبل الركاب لقيادة الطائرة من قبل امرأة؟

أتذكر تماماً أحد أيام يناير2003 عندما عملت في طيران أبوظبي، واكتشف ركاب الطائرة المتجهة إلى جزيرة داس وعددهم 37 راكباً، بعد أن أخذوا أماكنهم، أن قائد الطائرة التي ستقلهم فتاة لم تتعد العام الواحد والعشرين، فانتابتهم حالة من الخوف والتردد. ويبدو أنهم لم يتخيلوا ولو للحظة أنه من الممكن أن أقود بهم الطائرة. وراحوا يصلون ويدعون الله أن يكتب لهم سلامة الوصول. لقد اضطروا إلى الرضوخ للواقع، ولزموا أماكنهم وتعالت تمتمات دعواتهم في الإقلاع والتحليق وحتى الهبوط. وهكذا تمت الرحلة بنجاح وأضحك كثيراً عندما أتذكر تعليقاتهم ومخاوفهم.

هناك مهن لطالما ارتبطت بالرجل فرضتها الأعراف والتقاليد والثقافة الفكرية للمجتمع هل ترين تعارضاً بين مهنة الطيران وطبيعة المرأة؟

لا أعتقد أن هناك تعارضاً بين طبيعة الأنوثة والعمل في مجال الطيران، الأمر يتعلق بسمات عامة للشخصية إن كانت ذكراً أم أنثى. ومن المؤكد أن هناك اختبارات نفسية وطبية عدة على الطيار أن يجتازها خلال مرحلة التعلم. لكن هناك كثيراً من المهن تتطلب قدرات وسمات خاصة جداً في الشخصية، منها حب المهنة، الميل إلى المغامرة المحسوبة، القدرة على اتخاذ القرار وتوقيته، عدم التردد، الثبات، الحفاظ على الاتزان الانفعالي، المعرفة اللازمة، الإلمام بالمعارف والسياسات والنظم والقوانين واللوائح المهنية التي تنظم العمل، التسلح بالمعرفة والحسابات المرتبطة بالعمل، والحذر المحسوب. فقائد الطائرة لا يفكر في نفسه وحسب، فهو مسؤول عن سلامة أناس غيره. وعلى قائد الطائرة قبل إقلاعه أن يدرك جيداً أين يقف وإلى أين يتجه وما الوقت المتاح أمامه. ويجب عليه أيضاً أن يعرف كيف هي حالة الطقس والعوامل الجوية المحتملة، وما هي الأدوات والظروف المتوقعة للتأثير على عمله سلباً وإيجاباً.

أنت أول ممثل دائم لدولة الإمارات العربية المتحدة في مجلس منظمة الطيران المدني الدولي بكندا ماذا يعني لك ذلك؟

لا شك أنني بقدر ما أشعر بالفخر أشعر بالمسؤولية الملقاة على عاتقي، وخصوصاً عندما تضاف مسؤوليات أخرى إلى جانب كوني ممثلة للدولة، فعلى سبيل المثال تم انتخابي من مجلس منظمة الطيران المدني الدولي "الإيكاو" في مونتريال بكندا، بالإجماع، نائباً لرئيس المجلس للدورة السنوية 2010-2011، وأعتبر ذلك نجاحاً لدولة الإمارات، وليس نجاحاً على الصعيد الشخصي فقط، فهذا الانتخاب يعبر عن دور الدولة الفاعل، وجهدها المتواصل مع اللجان الفنية المتخصص.

هل أنت متفائلة بدور المرأة في دولة الإمارات وفرص نجاحها؟

تحظى المرأة الإماراتية من قبل القيادة الرشيدة بالدعم والرعاية مما فتح أمامها آفاقاً ومجالات عديدة للدراسة والعمل والإبداع في كافة مجالات الحياة، وهذا نابع من إيمان القيادة العميق بقدراتها وإمكاناتها. فالمرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة أصبحت مؤهلة للعمل في كافة المجالات ولتولي كافة المناصب القيادية في الوزارات والمجلس الوطني والقضاء وغيرها من أعمال ومهام كانت مقصورة على الرجل.

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث