سعادة الدكتورة نوال الحوسني تعرفي إليها

HE Dr Nawal Al-Hosany: "نحن قادرون بالعمل معاً يداً بيد على تسريع العمل المناخي وإيجاد بدائل مستدامة وحماية مستقبل أرضنا"

ساهمت سعادة الدكتورة نوال الحوسني، المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) في خلال مسيرتها الملهمة بشكل كبير في تسريع تحوّل الطاقة، وتبنّي الطاقة المتجدّدة في دولة الإمارات. وقد تكلّلت مسيرتها مؤخّراً بإنجاز نفتخر ونعتزّ به حيث باتت الشخصية الأولى في الشرق الأوسط التي تحصد جائزة معهد الطاقة الدولي. وقد تشرّفنا بالحديث مع سعادتها للتعرّف عن قرب إليها وإلى شغفها في مواصلة مسار الاستدامة وفي تصميم مستقبل مرن مناخياً.

التصوير: Maximilian Gower

1.عندما تنظرين إلى الوراء إلى بدايات مسيرتك الناجحة، ما هي أكثر اللحظات التي تعتزّين بها؟

كوني امرأة إماراتية تمثّل دولة الإمارات من موقع المندوب الدائم للدولة لدى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا" هو موقع أفتخر به وأعي مسؤولياته انطلاقاً من حرص دولة الإمارات على ريادة وتعزيز العمل العالمي من أجل تسريّع التحوّل إلى الطاقة المتجددة. وهو ما تحقق في "إعلان الإمارات" التاريخي الذي صدر عن مؤتمر الأطراف بشأن المناخ "كوب "28 والذي استضافته دولة الإمارات بنجاح غير مسبوق نهاية عام 2023، وحقق إجماعاً دولياً واسعاً على تبنّي زيادة إنتاج الطاقة المتجددة عالمياً بمقدار ثلاثة أضعاف ومضاعفة كفاءة الطاقة مرتين بحلول عام 2030.

وهذا إنجاز تاريخي بكل ما للكلمة من معنى، وأفتخر بأنني أشهده في مسيرتي المهنية، حيث سينقل، وفق توصيات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، القدرة الإنتاجية العالمية لهذه الطاقة من 3000 إلى 11000 جيجاواط بحلول عام 2030.

أما جائزة معهد الطاقة الدولي بالمملكة المتحدة للعام 2024، التي حصلت عليها بالتزامن مع فعاليات اليوم العالمي للمرأة، فتمثّل تقديراً لدور دولة الإمارات في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة وريادة المرأة في هذا المجال، خاصةً وأنها المرة الأولى التي يتم فيها منح الجائزة لشخص من منطقة الشرق الأوسط. وسأستمر في العمل بالتعاون مع المجتمع العالمي للطاقة المتجددة من أجل ضمان تحوّل طاقي عادل وشامل للجميع. وهذه الجائزة الدولية هي دافع جديد لأواصل تمثيل دولة الإمارات وكل الرائدات فيها، ضمن قطاع الطاقة المتجددة وسائر القطاعات، على مسار تسريع الانتقال نحو منظومة متكاملة تحقق أمن الطاقة وتعزز استدامة الموارد وتحمي مستقبل الأجيال القادمة وتصون بيئة الكوكب.

وهذا حافز آخر يجدد داخلي الشغف لمواصلة مسار الاستدامة والمساهمة في تصميم مستقبل مرن مناخياً، كما كانت الحال مع حصولي على شهادة البكالوريوس في الهندسة المعمارية من جامعة الإمارات، وحيازة شهادة الدكتوراه في الهندسة المعمارية المستدامة من جامعة نيوكاسل بالمملكة المتحدة، وإتمام برنامج التعليم التنفيذي في استراتيجيات الابتكار في عالم متغير من كلية هارفارد للأعمال، وكذلك حصولي على الدكتوراه الفخرية من جامعة كييل، وعضويتي في مجلس أمناء الجامعة الأمريكية في الشارقة بقيادة الشيخة بدور القاسمي.

وسأواصل مسار المساهمة في ترسيخ الاستدامة والذي بدأ مبكراً بالنسبة لي منذ عام 2008 مع "مصدر"، المبادرة المستدامة الرائدة في دولة الإمارات العربية المتحدة لمستقبل طاقة نظيفة متجددة، حيث توليت قيادة قسم الاستدامة في مدينة مصدر الذي قدم مبادرات مهمة مثل إدارة الكربون للبيئة المبنية، وقواعد بيانات مواد البناء المستدامة، وسلسلة التوريد المستدامة.  

وكذلك أطلقتُ مبادرة السيدات للاستدامة والبيئة والطاقة المتجددة "WISER"، التي حصلت على اعتراف دولي واعتراف من بان كي مون، الأمين العام السابق للأمم المتحدة. وهي اليوم منصة عالمية أشركت أكثر من 3000 شخصية عالمية في أنشطتها، وتعمل المنصة على تشجيع النساء للعب دور فعّال في مواجهة التحديات العالمية للاستدامة. أما أكثر اللحظات التي أعتز بها تلك التي أتذكر فيها بأنني أمثل طوال مسيرتي الأكاديمية والمعرفية والمهنية إحدى قصص النجاح الكثيرة للمرأة الإماراتية التي تحظى بدعم لا حدود له من القيادة الرشيدة لدولة الإمارات ومساندة دائمة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية "أم الإمارات".

2. هلاّ أخبرتنا أكثر عن مساهمتك في مجال الطاقة المتجدّدة وعن رأيك بالتقدّم الحاصل على مستوى الالتزام بقيم الاستدامة في الإمارات على هذا الصعيد؟

دولة الإمارات تستضيف في أبوظبي المقر الدائم للوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا" منذ عام 2009. وهي أول دولة في المنطقة أعلنت عن مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050. والتزمت دولة الإمارات، بعد إعلانها عام 2023 الماضي عاماً للاستدامة، برفع قدراتها الإنتاجية للطاقة المتجددة ثلاثة أضعاف ومضاعفة كفاءة الطاقة لديها ضعفين بحلول عام 2030. كما أعلنت قيادة الدولة عن تمديد مبادرة "عام الاستدامة" لتشمل عام 2024 الجاري. وتخصص دولة الإمارات استثمارات بقيمة 600 مليار درهم في الطاقة النظيفة حتى عام 2050. كما حدّثت استراتيجيتها للطاقة النظيفة لعام 2050 واستراتيجية الهيدروجين لعام 2050. وأثمرت جهود دولة الإمارات، بالتعاون مع الأمم المتحدة وجمهورية بنما، في إقرار "اليوم العالمي للطاقة المتجددة" الذي احتفل به العالم لأول مرة في 26 يناير 2024.

ولدى دولة الإمارات اليوم عدد من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم. وتعد تكلفة إنتاج الطاقة الشمسية في العديد من هذه المحطات من بين الأكثر كفاءة على مستوى العالم. وتعتبر محطة الظفرة للطاقة الشمسية الكهروضوئية أكبر محطة مستقلة في العالم لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية ضمن موقع واحد. وقد تم افتتاح المحطة التي تبلغ قدرتها الإنتاجية 2 جيجاواط في نوفمبر 2023. ويعد مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية أكبر مشروع استراتيجي لتوليد الطاقة المتجددة في موقع واحد في العالم وفق نظام المنتج المستقل حيث سيتم توليد 5000 ميجاواط بحلول العام 2030. كما جرى في إطار استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050 الإعلان عن أكبر مشروع للطاقة الشمسية المركزة في العالم بنظام المنتج المستقل للطاقة الشمسية المركزة بقدرة 1,000 ميجاواط حتى عام 2030. وتمتلك الدولة كذلك أول محطة خدمية قيد التشغيل للطاقة الشمسية المركزة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهي محطة "شمس" للطاقة الشمسية المركزة التي تعمل بقدرة 100 ميجاواط. كما حددت دولة الإمارات في يوليو 2023 هدف خفض الانبعاثات بنسبة 40% بحلول 2030 ضمن النسخة الثالثة من الإصدار الثاني لتقرير مساهماتها المحددة وطنياً. وفي مؤتمر الأطراف "كوب28" الذي استضافته الدولة من 30 نوفمبر حتى 12 ديسمبر 2023 ، أعلنت الإمارات إنشاء صندوق استثماري برأسمال تصل قيمته إلى 30 مليار دولار تحت اسم "ألتيرّا" لتحفيز العمل المناخي، كما يهدف الصندوق إلى جمع وتحفيز 250 مليار دولار إضافية لدعم الحلول المناخية على مستوى العالم.

ونجحت دولة الإمارات في تنظيم مؤتمر "كوب 28" مثمر شهد إصدار 11 تعهداً وإعلاناً لتطوير العمل المناخي، وسجّل تعهدات تمويلية بنحو 85 مليار دولار لتمويل مبادرات الطاقة المتجددة وخفض الانبعاثات من الصناعات ذات الانبعاثات العالية وأنظمة الغذاء المستدامة والرعاية الصحية. كما أعلنت دولة الإمارات في المؤتمر المناخي الدولي عن تخصيص 200 مليون دولار من أجل "الصندوق الاستئماني للصلابة والاستدامة" و150 مليون دولار لأمن المياه.

3. تعزيز التوازن بين الجنسين في قطاع الطاقة، وتحفيز المرأة على الدخول بثقة في قطاع الطاقة هو أيضاً من أولويّاتك، هلاّ تشاركيننا 3 دروس أو نصائح في الحياة مبنيّة على تجربتك وتسدينها إلى النساء اللواتي يردن خوض هذا المجال؟

لقد حلت دولة ‫الإمارات مؤخراً ضمن العشر الأوائل في المؤشر العالمي للمساواة بين الجنسين لعام 2024؛ وهو إنجاز تحقق بفضل الدعم اللامحدود من قيادتنا الرشيدة ومبادرات التمكين المتواصلة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك "أم الإمارات"، وهو المسار الأمثل لإشراك الجميع في العمل المناخي العالمي الشامل. وكان لسمو الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين، الدور المركزي في تحقيق هذا الإنجاز الدولي الملهِم.

وعلى مستوى الفرص للجنسين في قطاع الطاقة، يشير تقرير "الطاقة المتجددة والوظائف" الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا"، إلى إمكانية ارتفاع عدد العاملين في قطاع الطاقة عالميًّا إلى 139 مليون وظيفة بحلول عام 2030، من ضمنها عدد كبير في قطاع الطاقة النظيفة. ويعتبر قطاع الطاقة المتجددة مجالاً واعداً للشباب والمواهب والكفاءات من الجنسين ومختلف الفئات العمرية والتخصصات الفنية، والمهنية، والأكاديمية، والبحثية. وهو يوفر مسارات مهنية واعدة ومبتكرة يمكن من خلالها المساهمة في تصميم مستقبل مستدام وتحقيق النجاح على المستوى المهني.

وإن كان لي أن أقدم بعض النصائح الشخصية لكل من يريدون خوض غمار هذا المضمار في قطاع طاقة المستقبل من الشباب والشابات، فلا بد من التركيز أولاً على التحصيل العلمي والمعرفي المطلوب لهذا القطاع في تخصصات عديدة كالهندسة والاستدامة وإدارة الطاقة وبحوث الطاقة المتجددة والنظيفة، بالاستفادة من البرامج التعليمية والمنح الدراسية التي تقدمها دولة الإمارات ومختلف المؤسسات المحلية والدولية للطلبة والطالبات في هذا المجال الحيوي. أما ثانياً، فمن المهم الاستفادة من البرامج التدريبية العملية والدورات التخصصية التي تقدمها المؤسسات المتخصصة في القطاع كالوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا"، والمؤسسات الحكومية المعنية بقطاع الطاقة، ومراكز الأبحاث الأكاديمية والحكومية والخاصة، ومجمعات الطاقة الشمسية في الدولة، والهيئات والشركات الدولية المتخصصة بطاقة المستقبل. وثالثاً، الإيمان بالقدرات والتفاؤل بالمستقبل والتدرج في المسار من بدايته لتعلّم مهارات وقدرات وتجارب لا بديل عنها لمسار مهني ناجح. ودولة الإمارات غنية بالفرص للشباب والشابات من الإمارات والمنطقة والعالم في هذا القطاع المستقبلي الواعد.

4. ما هي رسالتك للأرض بشكل عام ولأرض الإمارات في يوم الأرض العالمي؟

يحتفي العالم في 22 أبريل من كل عام بـ "يوم الأرض" وهو مناسبة للجميع حول العالم لتجديد الالتزام تجاه مستقبل مستدام للكوكب الذي نعيش عليه. ورسالتي في يوم الأرض هي أننا قادرون بالعمل معاً يداً بيد على تسريع العمل المناخي، وتحقيق تحوّل عادل وشامل للطاقة، وإيجاد بدائل مستدامة وحماية مستقبل أرضنا.

إقرئي أيضاً: المبادرات الخضراء التي سيفتخر بها الجيل القادم

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث