Emtithal Mahmoud: السعادة بالنسبة إليّ تمرّد

الإخراج: Rayan Ayash
المحرّرة البارزة: Salama Khalfan
التنسيق: Mimi Kim
الشعر والمكياج: Christyna Ka
الإنتاج: Kristine Dolor

لاجئة سابقة وناشطة من منطقة الحرب في السودان، قبل أن تنتقل إلى الولايات المتّحدة الأميركية. لُقِّبت كواحدة من أكثر النساء إلهاماً في العالم، وهي أيضاً شاعرة، فازت ببطولة الشِعر الفرديّة العالميّة لعام 2015 في واشنطن، وعُيِّنت سفيرة للمفوضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين في يونيو 2018. هي امتثال محمود المعروفة بـ "إيمي"، التي تستخدم صوتها لخدمة قضيّة اللاجئين بالشكل الصحيح، والتوعية بشأن العنف المستمر في مناطق النزاع، مثلما يحدث الآن في أوكرانيا! وكانت إيمي أخيراً جزءاً من حلقة نقاشيّة حول "التعليم في خضمّ الأزمات"، عُقدت في معرض إكسبو 2020 دبي، في الجناح النسائي الذي أُنشِئ بالتعاون مع دار Cartier، للتأكيد على أنّ تقدم المرأة يفيد البشرية جمعاء. وفيما نحتفل بشهر المرأة، تؤكّد إيمي أنّ المرأة واعية، وفي الطليعة، وتقوم بعملها على أكمل وجه.

اقرئي أيضاً: Emtithal Mahmoud تجعل العالم مكاناً أفضل

لكلّ طفل الحقّ في التعليم، إنّما اللاجئين منهم الذين أُجبروا على الفرار من ديارهم غالباً ما لا يجدون مدرسة يذهبون إليها. تذكر الأمم المتّحدة أنّ أقلّ من 2% من المساعدات الإنسانيّة تذهب إلى التعليم. فلماذا إهماله؟

يُجرَّد اللاجئون من إنسانيّتهم ​​باستمرار. وأحد أكثر الحقائق المؤسفة للتجريد من الإنسانيّة،​​هو أنّ الناس يبدأون في الاعتقاد أنّ الضروريات الأساسيّة مثل الوصول إلى الصحّة والتعليم هي ترف بالنسبة إليك وليست حقّاً من حقوقك. هذا، في رأيي، هو السبب الأساسي وراء إهمال التعليم.

124 مليون طفل في جميع أنحاء العالم خارج المدرسة و250 مليون منهم لا يتعلّمون المهارات الأساسيّة نتيجة لتدنّي جودة التعليم. ماذا يحدث في العالم؟

يشبه الأمر إلى حدّ كبير حالة اللاجئين، عندما يسمع الناس عن الفقر أو الأزمات الإنسانيّة، يفكّرون في الطعام والماء والمأوى في بعض الأحيان، ثمّ ينسون التعليم، الذي يتمتّع به الكثيرون حول العالم كحقّ. إذا تمكّنا من إظهار أنّ التعليم الجيّد هو حقّ وليس امتيازاً لجميع الناس، يمكننا البدء في اتّخاذ الخطوات اللازمة للتعامل مع مئات الملايين من الأطفال في العالم الذين يتعرّضون ظلماً للحرمان من حقّ التعلم. في ديني، ثمّة تأكيد خاصّ على التعليم، فالكلمة الأولى في الوحي كانت "اقرأ". لذلك حتّى بالمعنى الروحي لدينا، التعليم حقّ أساسي من حقوقنا كبشر. ويبدو أنّنا نسينا هذا الأمر في أنحاء العالم كلّها.

بلوزة Colorado ضيّقة من Wolford
معطف أصفر غير مبطّن من الكشمير ومعطف
من القطن العضويّ من Loro Piana
وشاح الرأس خاصّ بنجمة الغلاف

على الرغم من العواقب الوخيمة للجائحة، كانت هذه الأزمة العالميّة أيضاً وقتاً غير عادي للتعليم. فكنّا حريصين جدّاً على التعلّم لأنّه يوفّر حياةً أفضلَ. لماذا قد يعترض البعض على التبرّع بالمال أو التطوّع في خدمة الآخرين؟

الشيء الجميل فينا، هو أنّنا عند تذكيرنا بما نتشاركه، لا نتردّد في التصرّف. كانت الجائحة مفصلاً تحويلياً للغاية، فقد ذكّرت الجميع بإنسانيّتنا المشتركة وضعفنا المشترك، ما أعاد التعاطف إلى قلوب الجميع. لم تنشّط الأزمة المشتركة التعاطف فحسب، بل أزالت أيضاً اثنين من أكبر الحواجز في طريق مساعدة بعضنا بعضاً: "ضيق الوقت ونقص المعرفة". لقد جعلت العالم يقف مكتوفَ الأيدي ويلاحظ الأمور، لقد وضعت العدسة على أعمق مشاكلنا المجتمعيّة، إذ يستحيل البحث من حولك وعدم السماع بمن يكافح ويريد المساعدة. أملي الوحيد هو أن نجعل هذا التعاطف معياراً حتّى عندما تنتهي الجائحة لأنّ هذا النوع من الدعم مطلوب دائماً، الآن أكثر من أيّ وقت مضى.

هل تعتقدين أنّ لدينا ما يكفي من تمكين المرأة في الشرق الأوسط في الوقت الحالي؟

ما من تمكين كافٍ للمرأة في العالم ككلّ، أو حتّى في أيّ مكان معيّن، ألّا أنّه في ازدياد. في الشرق الأوسط، أعرف أنّ النساء قويّات، لكنّني أعرف أيضاً أنّ المجتمع لا يتقبّل هذه القوّة والسلطة. ما أحبّه الآن، ويمكنني الإشارة في هذا الصدد إلى كنداكة السودان، الشابّة السودانيّة آلاء صالح التي وُصِفت بأيقونة الثورة في السودان عام 2019، أو النساء الرائعات اللواتي أعتبرهنّ فرداً من العائلة وصديقات ومرشدات، هو أنّ المجتمع الآن ليس جاهزاً فقط، بل متعطش لقوتهنّ. لقد حان الوقت ولا يمكننا ترك هذا يذهب سدى.

كاب قصير منسدل من Valentino
حجاب حريريّ من Haute Hijab

لقد قدّمت أداءً مذهلاً على منصّة "الوصل" في إكسبو 2020 دبي، حمل عنوان "لأنّك فتاة؟". من الملفت كيف يمكن لعبارة بسيطة كهذه أن تتمتّع بقوّة ضخمة وكيف يمكن استخدامها للحدّ من طموح نصف سكان العالم وفرصهم. أيّ نصيحة تودّين تقديمها إلى فتيات هذا الجيل؟

أنت رائعة، وأنت محبوبة، وأنت بالضبط ما يجب أن تكوني عليه، بل أكثر من ذلك بكثير. لا تدعي أيّ شخص يُنسيك هذا! سيحاول الناس دائماً إخبارك من أنتِ، لكن الرأي الوحيد الذي يهمّ هو رأيك. كيف تشعرين حيال نفسك، وكيف تحبّين نفسك. إذا شعرت يوماً أن الحبّ ينزلق أو يزول، فاقرئي هذه الكلمات مرّة أخرى: أنت رائعة، وأنت محبوبة، وأنتِ كلّ شيء. أختي الصغرى تبلغ من العمر خمس سنوات، واسمها منتهى وأستغلّ كلّ لحظة لأذكّرها بأنّها كلّ شيء!! هذه وسيلتي في الضحك في وجه الاضطهاد، والتأكّد من أنّ الجيل المقبل سيأخذنا إلى مستقبل لا مثيل له. لذلك أزيلي التراكمات عن كتفيك وقِفي شامخة، فأنت بالضبط ما كنّا ننتظره!

القصائد التي أحبّها هي تلك التي تحرّك العاطفة، حيث دفء الشعور القويّ يقبع في قلب ما تعطينا إيّاه الكلمات. أعتقد أنّ شِعرك يمكن أن يكون شافياً وتحويلياً لأنّ قصائدك تعكس صوت روحك. كيف الحال مع روحك؟

لم أكتب أبداً أيّ قصيدة من دون أن أبكي سواء من الفرح أو الغضب أو الأسف، أو سمّه ما شئت. بالنسبة إليّ، إنّها حقّاً تجربة عاطفيّة تساعدني على التعامل مع الحياة وتكريم أولئك الذين فقدتهم. وأعتقد لهذا السبب أنّني أسكب قلبي وروحي في كتاباتي، لأتأقلم مع ما حدث وأحيي ذكرى من أحبّهم. وما أجده سحريّاً في الشِعر، هو امكانيّة كونه بمثابة كبسولة زمنيّة، أو لقطة صغيرة لروحك أو تاريخك أو عواطفك التي تُطلَق بعد ذلك عند قراءته. وأعتقد لهذا السبب لا نزال نشعر بقوّة بحضور الشعراء المحبوبين الراحلين حتّى يومنا هذا مثل الخنساء أو الرومي، فقد كانا الأفضل في هذا، إذ التقطا أجزاء صغيرة من الحياة والأرواح والوقت في كلماتهما.

كتابك الثاني الذي تكتبينه الآن هو كتاب مذكّرات! كيف تصفين رحلتك الذاتيّة حتّى الآن؟

لا أريد الكشف عن الكثير، إنّما آمل أن يساعد الناس في العثور على أصواتهم. وآمل أن يُذكّر البعض بأهميّة الشهادة والتكاتف في الأوقات الأكثر أهميّة. وأتمنّى أن يجعلك هذا الكتاب تبتسم وتفكّر. وأعتقد أنّ ما يثير الاهتمام حول كتابة المذكّرات في هذا العصر هو أنّه سيكون لديّ فرصة لأنقل قليلاً عمّا أشعر به بعدما كبرت لمعالجة المشاكل التي جعلتنا ما نحن عليه اليوم، والعودة في الوقت المناسب للاستعداد للمستقبل، أو كما يذكرني عرّابي دائماً "بالنظر إلى الوراء للمضي قدماً".

إذا كنت تؤمنين تماماً بما تقولينه فسيشعر الناس بذلك. إنّ صوتك هدية أعطاها الله لك. هل تشعرين أنّك تستخدمينه لتمجيد الله؟

نعم إنّ شاء الله. آمل في تقبّل كلّ ما أفعله في سبيل الله. إنّها أمنيتي الحقيقيّة وآمل أن يكون ثمّة نقاء في ما أفعله بغض النظر عمّا أؤمن به. فتنقية نيّتي تزيل القلق وتجعلني أشعر بالحماية، ليس لأنّني واثقة من أنّني سأنجح، بل من أنّ ما أفعله صحيح وفيه خير يمكن العثور عليه في كلّ خطوة.

ثمّة مثل صيني يقول: "إذا أردت السعادة لمدّة ساعة، خذ قيلولة. وإذا أردت السعادة لمدّة يوم، إذهب لصيد السمك. وإذا أردت السعادة لمدّة عام، رِثْ ثروة. وإذا أردت السعادة لمدى الحياة، ساعد شخصاً ما". ما هي السعادة بالنسبة إليك؟

نقول في السودان "وقت الهم يقوم ارقد نوم" أيّ عندما تزداد المخاوف، إذهب إلى النوم. السعادة بالنسبة إليّ تمرّد. تمرّد ضدّ كلّ السلبيّة في العالم وفي ماضيّ وفي حياة كلّ شخص آمل مساعدته. ومن دون أصدقائي وعائلتي والمرشدين وغيرهم، لن أكون ما أنا عليه اليوم. لقد فتح الكثير من الناس الأبواب لي، لذلك أحاول أن أفعل ما بوسعي لدفعها إلى الأمام. كما أحبّ أن أقول: لا تغلق الباب خلفك.

العلامات: Emtithal Mahmoud

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث