دور الدماغ في توفير استهلاك الطاقة في الجسم

كلام الليل مدهون بزبدة

مها خالد طيبة، مستشارة في الاستراتيجيّة والقيادة وجودة الحياة ومؤسسة شركة "رُمَّان"

 

الإعداد: Maha Taibah

أحد أهمّ الأدوار التنفيذية للدماغ هو توفير استهلاك الطاقة في الجسد. فالدماغ يستهلك ما يقارب 20% من الطاقة المستهلكة في أجسادنا يومياً. كما يأخذ حوالي 35،000 قراراً واعياً يومياً، أي ما يعادل 2000 قراراً في الساعة. فالطعام بمفرده يتطلّب 230 قراراً يومياً بحسب دراسة أجرتها جامعة كورنيل في أمريكا.

إقرئي أيضاً: اهمية هرمونات السعادة الأربعة في حياتنا وأثرها على جودة الحياة

عندما ندرك أنّ توفير الطاقة أحد أهم الأهداف الأساسية للدماغ، نستطيع أن ندعمه في مهمته لتوفير استهلاك الطاقة آخذين في الاعتبار أنّ القرارات الجديدة والجيدة تستهلك طاقة أكبر، وكلما كان القرار آلياً وذا برمجة مسبقة كلما استهلك طاقة أقلّ. ذلك يفسر سهولة وقوعنا في برمجيات سابقة اعتاد الدماغ على اتباعها، مثلاً قد تكون برمجة الشخص أن يتوتّر بسبب التأخر على موعد ما، فعندما يحدث التأخير يصدر الدماغ أمراً آلياً بالتوتر دون أن يترك فرصة لتحليل الموقف فيما إذا كان يستدعي التوتر أو إذا كان التوتر هو بالفعل ردّ فعل مناسب للموقف، لأنّ الدماغ يفضّل الطريق الأقصر الموفّرة للطاقة لتنفيذ أمر ما، وفي هذا المثال فإنّ برمجة الدماغ هي (التأخر على موعد = التوتر). ولنفس السبب يسهل علينا تنفيذ عادات تعوّدنا عليها، وهذا يؤكد -في المقابل- صعوبة اكتساب عادات جديدة في البداية، ووعينا بهذه العملية يساعدنا على تغيّر برمجياتنا الآلية لأخرى قد تكون أجود وأنسب لمعالجة الموقف ...

فالتفكير في حلّ المشكلات يستهلك طاقة، ويعتبر الانضباط بمثابة عضلة تستهلك طاقة، والاجتماعات الطويلة المعقدة تستهلك طاقة، والاختيار ما بين عدة اختيارات يستهلك طاقة، والحركة الجسدية تستهلك طاقة، والعمليات الفسيولوجية داخل أجسامنا تستهلك طاقة.... والتحدّث بحكمة ولباقة يستهلك طاقة. فعندما يحلّ المساء نكون قد استنزفنا معظم طاقتنا في قرارات النهار... فيكون من الصعب علينا مقاومة تناول كيكة الشوكولاتة اللذيذة في الليل لأنّ الانضباط يستهلك طاقة قد لا نملكها في تلك اللحظة، وقد نَعِد الآخرين وعود نندم عليها في الصباح أو نأخذ قرارات خاطئة في الليل تحتاج إلى تصحيح مع شروق الشمس.

عندما ندرك هذه الحقيقة عن دماغنا نستطيع أن نخطط يومنا بطريقة أفضل، فنبدأ بالقرارات المعقّدة في الصباح، وممارسة الرياضة في أوّل اليوم، حتى إذا أردنا أن نأكل كيكة الشكولاتة ففرصة تناولنا كميّة محدودة ومعقولة منها أكبر في النهار لأنّ ذلك يحتاج إلى انضباط... فإذا دخل المساء، وأصبحت الطاقة أقلّ ندرك أنّ المثل الحجازي الشهير "كلام الليل مدهون بزبدة" فيه جزء كبير من الصحة فكثيراً ما كان كلام الليل وجَودته لا يُعتمد عليه وينزلق من واقعنا مثل ما تنزلق الزبدة الدافئة من أيدينا.

إقرئي أيضاً: 6 قواعد أساسيّة لعلاقة سليمة مع الآخرين

العلامات: الصحة النفسية

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث