الوعي الذاتي مع الدكتورة صالحة أفريدي الأخصائيّة في علم النفس الإكلينيكي والمؤسس الشريك ومدير عام مركز لايت هاوس آرابيا للصحة النفسية!
يعتقد الناس أن الوعي الذاتي يعني ببساطة فهم أفكارنا ومشاعرنا، ولكنّه في الواقع يشمل أكثر من ذلك بكثير. فيتمحور الوعي الذاتي في جوهره حول تطوير فهم أعمق لأنفسنا في ما يتعلق بالعالم من حولنا.
فهو لا يعني إدراك تجاربنا الداخلية فحسب، بل أيضاً طريقة تفاعلنا مع الآخرين (الوعي بالعلاقات)، وطريقة تفاعل أجسادنا مع المواقف المختلفة (الوعي الجسدي) وطريقة معالجتنا للمشاعر (الوعي العاطفي). إن الوعي الذاتي يعني ضبط الإشارات التي نتلقّاها - سواء كانت من علاقاتنا أو أجسادنا أو بيئتنا - واستخدام هذه المعرفة لخوض غمار الحياة بوضوح أكبر.
الوعي بالعلاقات
يشير الوعي بالعلاقات إلى قدرتنا على فهم علاقاتنا بالآخرين والتعامل معها. يتعلق الأمر بإدراك كيفية تأثير تصرّفاتك وكلماتك وحضورك على من حولك.
كيفية تطوير الوعي بالعلاقات:
1. اطلبي دائماً من أصدقائك أو أقاربك أو زملائك أن يعطوك ملاحظات صادقة حول أسلوب تواصلك وسلوكك في العلاقات. يمكن أن يساعدك ذلك في التعرّف على نقاط ضعفك والمجالات التي تحتاجين إلى تحسينها.
2. تمرّني على الاستماع بدون مقاطعة أو التفكير الفوري في الردّ. وبدلاً من ذلك، ركّزي على فهم وجهة نظر الشخص الآخر بشكل كامل قبل الردّ. تعرّفي عل مشاعره واستوضحي أي شيء غير واضح من خلال طرح أسئلة مفتوحة.
3. بعد المحادثة، خذي وقتاً للتفكير في طريقة سير المحادثة. فكّري في كيفية مساهمتك فيها، وكيف شعر الشخص الآخر وما إذا كانت أفعالك تتوافق مع نواياك.
الوعي الجسدي
يشير الوعي الجسدي إلى القدرة على إدراك إشارات الجسم وفهمها. وتشمل هذه الإشارات أحاسيس مثل الألم أو التعب أو الجوع أو الإجهاد، وكذلك إشارات أكثر دقة مثل وضعية الجسم أو التوتر أو التغيرات في مستويات الطاقة. من خلال ضبط هذه الإشارات، يمكننا الاعتناء بأجسامنا وتجنّب الإرهاق وخلق علاقة أعمق بين صحتنا الجسدية والنفسية.
إقرئي أيضاً: اعادة تعريف المرونة مع الدكتورة صالحة أفريدي
تطوير الوعي الجسدي
1. خصّصي بضع دقائق كلّ يوم لإجراء "مسح للجسم"، بدءاً من رأسك وصولاً إلى أصابع قدميك. انتبهي إلى أي مناطق تشعرين فيها بعدم الراحة أو الاسترخاء. يساعدك هذا التمرين على أن تصبحي أكثر وعياً بأحاسيس جسمك.
2. انتبهي إلى إشارات الجوع والشبع في جسمك. فبدلاً من تناول الطعام وفقاً لجدول زمني معين أو بدافع العادة، تدرّبي على تناول الطعام عندما تكوني جائعة حقاً وتوقّفي عندما تشعرين بالشبع. سيساعدك ذلك على تطوير علاقة أكثر سهولة مع الطعام واحتياجات جسمك.
3. إذا كنت تشعرين بالانفصال عن جسدك، جرّبي تقنيات التثبيت مثل المشي حافية القدمين على العشب أو التركيز على الأحاسيس الجسدية لقدميك الحافيتين على الأرض. يمكن أن يساعدك ذلك على إعادة التواصل مع وجود جسدك في بيئتك.
الوعي العاطفي
الوعي العاطفي يعني إدراك وفهم مشاعرك ومشاعر الآخرين. لا يتعلّق الأمر بالتعرّف على المشاعر فحسب، بل بفهم أسبابها وإدارتها بطريقة صحية أيضاً. إن الأشخاص الذين يتمتعون بمستوى عالٍ من الوعي العاطفي قادرون على إدارة المشاعر الصعبة مثل الغضب أو الحزن بدون أن تغلبهم.
تطوير الوعي العاطفي
1. خصّصي وقتاً خلال يومك للتحقّق من حالتك العاطفية. اسألي نفسك كيف تشعرين ولماذا. سيساعدك هذا التأمّل المستمرّ في إدراك مشاعرك على مدار اليوم، بدلاً من انتظار أزمة ما للتفكير في مشاعرك.
2. عندما ينتابك شعور ما، توقّفي وسمّي هذا الشعور. سيساعدك تحديد ما إذا كنت تشعرين بالغضب أو الإحباط أو الحزن أو خيبة الأمل على فهم حالتك العاطفية بشكل أفضل. كما يمنع هذا التمرين المشاعر من أن تسيطر عليك من خلال إدراكك لها.
3. عندما تختبرين مشاعر صعبة مثل الغضب أو الحزن أو الإحباط، اطرحي على نفسك أسئلة مثل "ما الذي يخبرني به هذا الشعور؟"، "ما هي الحاجة أو الخوف الذي لم تتم الاستجابة له والذي يشير إليه هذا الشعور؟" ابحثي عن سبب هذا الشعور. فهل غضبك هو ردّ فعل للشعور بعدم الاحترام مثلاً، أم أنه نابع من شعور كامن بالخوف أو عدم الأمان؟
إقرئي أيضاً: 5 خطوات لتثبيت مشاعرك مع الدكتورة صالحة أفريدي