الإسعافات الأولية في أوقات الإرهاق العاطفي مع الدكتورة صالحة أفريدي الأخصائيّة في علم النفس الإكلينيكي والمؤسس الشريك ومدير عام مركز لايت هاوس آرابيا للصحة النفسية!
قد يولّد اختبار لحظات من الإرهاق العاطفي لدينا شعوراً بالعجز وفقدان السيطرة، مما يؤدّي في الكثير من الأحيان إلى استجابة الجسم "للقتال أو الهروب". في مثل هذه الأوقات، قد تبدو حلول مشاكلنا صعبة المنال، إذ تحجبها شدّة عواطفنا. لكن هناك استراتيجيات فعّالة يمكن استخدامها للعودة بسرعة إلى حالة الهدوء. وترتكز هذه الأساليب على فهم استجابة الجسم للتوتر والتعامل معه.
تجدين في ما يلي خمس خطوات لتثبيت مشاعرك بسرعة في اللحظة التي تشعرين فيها بأنّك غارقة في العواطف:
1. عدم حلّ المشاكل قبل الهدوء: عند مواجهة الضغوط العاطفية، قد تكون ردّة الفعل الغرائزية هي البحث فوراً عن حلول لمشاكلنا أو للمواقف التي تسبّب انزعاجنا. لكنّ الاندفاع مباشرةً إلى حلّ المشاكل قد يؤدّي غالباً إلى نتائج عكسيّة عندما تكون المشاعر متأجّجة. من المهمّ أولاً تهدئة العاصفة العاطفية في داخلنا. ويُعدّ اعتماد تقنيات التهدئة الذاتية وسيلة فعّالة لتحقيق ذلك. وقد تتضمّن هذه الطرق أنشطة تريح الحواس، مثل استخدام الروائح المهدّئة كالخزامى أو خفت الأضواء أو إراحة العيون أو ممارسة التنفس البطيء والعميق أو استخدام اللمسات الجسدية المريحة، مثل وضع يدك بلطف على القلب وأخرى على البطن. تولّد عملية التهدئة الذاتية هذه إحساساً بالأمان والاستقرار، وهو أمر مهمّ بشكل خاص عند الإحساس بالإرهاق العاطفي.
إقرئي أيضاً: 5 استراتيّجيات علاجيّة للتعامل مع التفكير المفرط مع الدكتورة صالحة أفريدي
2. التركيز على التنفس: إحدى الطرق الأسرع والأكثر فعاليّة لاستعادة السيطرة في لحظة الإرهاق العاطفي هي التركيز على التنفّس. وذلك لأنّ التنفس العميق والبطيء يمكن أن ينقلك بسرعة من حالة "القتال أو الهروب" إلى حالة الهدوء. وهذه ليست مجرّد تقنية للاسترخاء، بل هي وسيلة للإشارة إلى عقلك بأنك بأمان، وهذا بدوره يساعد على تنظيم حالتك العاطفية.
3. الانسحاب إلى مكان تشعرين فيه بالأمان: إذا كنت في مكان صاخب ومزدحم، اذهبي إلى مكان حيث يمكنك الاستمتاع ببعض الهدوء والسكون. قد يساعد تغيير بيئتك أحياناً في تغيير حالتك العاطفية. وإذا لم تكوني قادرة على مغادرة المكان، استخدمي التصوّر الذهني الذي يمكن أن يكون أداة فعّالة. تخيّلي مكاناً تشعرين فيه بالأمان والهدوء واستخدمي كلّ حواسك في هذا التصوّر. يمكن أن يوفّر لك هذا الهروب الذهني راحة موقّتة من المشاعر الغامرة.
4. تبنّي تقنيّات التأريض (grounding): يمكن أن تكون تقنيّات التأريض التي تزيد من ارتباط الشخص باللحظة الحاليّة مفيدة جداً. يعتمد هذا على مبدأ أنّ القلق غالباً ما يتضمّن الخوف بشأن المستقبل أو التفكير المفرط في الماضي. تساعد تقنيات التأريض، التي يمكن أن تشمل الوعي الحسيّ أو الذهنيّ أو الأنشطة الجسديّة، على تثبيت الشخص في اللحظة الحاليّة. من خلال التركيز على التجارب الملموسة والفورية، تشغل هذه التقنيات الدماغ بطريقة مختلفة، ممّا يوفر تشتيتاً عن القلق ويساعد على كسر دوّامة الأفكار المقلقة. يمكنك التركيز على بيئتك الحالية وحواسك إذ تساعد هذه التقنية على إعادة تركيزك إلى الحاضر، ممّا يخفّف من شدّة حالتك العاطفيّة.
5. الاعتراف بالمشاعر وتصنيفها: من خلال التعرّف على مشاعرك وتسميتها يمكن أن يهدأ عقلك بشكل كبير. وتشغل عملية تصنيف مشاعرك قشرة الفص الجبهي، وهي منطقة الدماغ المسؤولة عن معالجة العواطف وإدارتها. فيمكن أن يساعد هذا في تخفيف استجابة اللوزة الدماغية، وهي جزء من الدماغ الذي ينشط أثناء التوتر العاطفي المتزايد. يمكن أن يساهم تدوين مشاعرك في تعزيز هذا التأثير، ممّا يوفّر إحساساً بالسيطرة ويكون بمثابة تمرين علاجي وتوضيحي، بالرغم من أنّه ليس إلزامياً. وبهدف تسمية مشاعرك بشكل فعّال، يجب تطوير مفردات عاطفية شاملة. تتضمّن هذه الممارسة التمييز بين المشاعر المختلفة بدقّة. فبدلاً من تصنيف الشعور بشكل عام على أنّه "غضب" مثلاً، يمكنك تحديده على أنّه إحباط أو انزعاج أو استياء.
إقرئي أيضاً: 5 طرق لدعم شخص يعاني من مشاكل صحية
يمكن أن يكون الإرهاق العاطفي تجربة صعبة وشديدة، ولكن هناك طرقاً للتعامل معه. تذكّري أنّ هذه المشاعر، رغم حدّتها، ليست إلّا موقّتة. ومن خلال استخدام هذه الاستراتيجيات، يمكنك استعادة الشعور بالسيطرة والهدوء. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أنّه إذا كنت تجدين نفسك غارقة في المشاعر بشكل متكرّر، فقد يكون من المفيد اللجوء إلى مساعدة شخص مختصّ. فهناك قوّة في طلب الدعم، ويمكن للمعالج المدرّب أن يقدّم لك الأدوات والاستراتيجيات المصمّمة لتلبية احتياجاتك الخاصّة.
إقرئي أيضاً: رحلة إلى الشفاء مع الدكتورة صالحة أفريدي