اعادة تعريف المرونة مع الدكتورة صالحة أفريدي

إعادة تعريف المرونة: المرأة والصحة النفسية في العالم المعاصر مع الدكتورة صالحة أفريدي الأخصائيّة في علم النفس الإكلينيكي والمؤسس الشريك ومدير عام مركز لايت هاوس آرابيا للصحة النفسية!

توازن المرأة اليوم بين متطلّبات العمل والأسرة والحياة الشخصية، وغالباً ما يكون ذلك تحت ضغوط التوقّعات المجتمعية غير المنطقية. سواء كان الأمر يتعلّق بتدبير شؤون المنزل أو التفوّق في مكان العمل، تواجه المرأة ضغوطات خاصّة يمكن أن تجعلها أكثر عرضة للإجهاد والإنهاك ومشاكل الصحة النفسية.

العبء الخفيّ: العبء النفسي والإرهاق لدى الأمّهات

يشير العبء النفسي لدى الأمهات إلى العمل الخفّي الذي تتحمّله النساء، وبخاصّة الأمّهات، في إدارة الحياة الأسرية. يشمل ذلك مهاماً مثل التخطيط لوجبات الطعام وتحديد المواعيد والحفاظ على العلاقات، وكلّها عوامل تساهم في الإجهاد المزمن والإرهاق النفسي. وعلى عكس الأعمال الجسديّة، فإنّ هذا العبء النفسي مستمرّ، وليس له حدود أو نهاية واضحة.

وبالإضافة إلى رعاية الأطفال، تهتمّ الكثير من النساء أيضاً بالأهل المسنّين، ممّا يزيد الأمور تعقيداً. ويمكن أن تكون متطلّبات رعاية المسنّين مستنزفة عاطفياً، ممّا يؤدّي إلى إرهاق مقدّمات الرعاية، حيث يصبح الإرهاق الجسدي والعاطفي والنفسي فوق الاحتمال. قد تشعر النساء بأنهنّ لا يملكنَ وقتاً كافياً للعناية بأنفسهنّ في الوقت الذي يعتنينَ فيه باحتياجات أطفالهنّ وأقربائهنّ المسنّين. وتفاقم التوقّعات المجتمعية أيضاً هذه الأعباء. فغالباً ما يُتوقّع من المرأة أن تتفوّق على الصعيدين المهني والشخصي، ممّا يؤدّي إلى سعيها نحو الكمال بطريقة غير منطقية. وقد يؤدّي تعدّد الأدوار بدون دعم كافٍ إلى الشعور بالتقصير، ومع مرور الوقت، يمكن أن تتجلّى هذه الضغوطات في مشاكل الصحة النفسية مثل الاكتئاب والقلق والإجهاد المزمن. وليس من المستغرب أن تكون النساء على مستوى العالم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب من الرجال بمعدّل يقارب الضعف تقريباً.

الضغوطات التي تواجهها المرأة العاملة

تواجه النساء في القوى العاملة ضغوطاً فريدة من نوعها، بما في ذلك الحاجة إلى إثبات أنفسهنّ في بيئات تنافسية أثناء التعامل مع التحيّز ضدّ المرأة والموازنة بين العمل ومسؤوليات المنزل ورعاية الأطفال. وتتسبّب توقّعات إدارة الحياة المهنية بالإضافة إلى قدر غير متناسب من الواجبات المنزلية - التي غالباً ما يشار إليها باسم ”المناوبة الثانية“ - بضغوط مستمرّة ووقت قليل للرعاية الذاتية، ممّا يؤدي إلى الشعور بالذنب أو عدم الكفاءة.

يمكن أن تكون أماكن العمل أيضاً مصدراً للإجهاد. إذ تعاني الكثير من النساء من التحيّز والتمييز الجندري، ممّا يخلق بيئات تشعر فيها النساء بأن عليهنّ بذل مجهود أكبر في العمل ليُعتبرنَ مؤهَّلات. ويؤدّي الافتقار إلى ترتيبات العمل المرنة أو السياسات الداعمة إلى تفاقم الإجهاد، ممّا يساهم في الإنهاك ويؤثّر سلباً على الصحّة النفسية.

الأثر التراكمي: نداء للدعم

إنّ الأثر التراكمي لهذه الضغوطات الفريدة والمتمثّلة في العبء النفسي لدى الأمّهات وإرهاق مقدّمات الرعاية وضغوطات مكان العمل والمناوبة الثانية، يجعل النساء أكثر عرضة لمشاكل الصحة النفسية. وغالباً ما تؤدّي هذه المشاكل المترابطة إلى تفاقم بعضها البعض، ممّا يخلق شبكة معقّدة من الضغوطات التي تؤثّر على صحّة المرأة النفسية.

وتقتضي معالجة هذه التحديات اتباع نهج يراعي تجارب النساء الفريدة من نوعها.

- بالنسبة إلى الأمّهات، يعني ذلك الاعتراف بالعبء النفسي وتحدّي المعايير التقليدية التي تضع معظم أعمال الرعاية والأعمال المنزلية على عاتق المرأة. ولا يتطلّب هذا التحوّل تغييرات داخل الأسرة فحسب، بل يتضمّن أيضاً تغييرات في الطريقة التي نربّي بها أبناءنا وبناتنا لمشاركة هذه المسؤوليات بالتساوي.

- أمّا في مكان العمل، فيتطلّب الأمر خلق بيئات داعمة تتصدّى للتحيّز ضد المرأة وتوفّر ترتيبات مرنة وتعترف بالتحديات التي يفرضها تحقيق التوازن بين العمل والأسرة. ويشمل ذلك أيضاً دعم التحالفات في مكان العمل وكذلك تحدّي التوقّع بأنّ المرأة يجب أن تدير العمل والمنزل بدون أي دعم.

يتضمّن دعم صحّة المرأة النفسية الاعتراف بالضغوطات الفريدة التي تواجهها وتحدّي المعايير والتوقّعات التقليدية وتوفير الموارد اللازمة لمساعدتها على مواجهة هذه التحديات. من خلال القيام بذلك، يمكننا تمكين المرأة من تحقيق النجاح على الصعيدين الشخصي والمهني على حدّ سواء، بدون المساومة على صحّتها النفسية.

إقرئي أيضاً: 5 خطوات لتثبيت مشاعرك مع الدكتورة صالحة أفريدي

 

 

 

العلامات: الصحة النفسية

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث