الإعداد: Farah Kreidieh وCynthia Succar
بينما احتفلنا الشهر الفائت بمناسبة خاصّة وعزيزة على قلوبنا وهي اليوم العالمي للمرأة، التقينا بعارضة الأزياء الروسيّة العالميّة والممثّلة وسفيرة النوايا الحسنة لدى الأمم المتّحدة Natalia Vodianova التي لمست قلوبنا بحضورها الملفت وقصّتها المؤثّرة وشخصيّتها القويّة وجمالها الأخّاذ. إنّها فعلاً امرأة استثنائيّة، تعرّفي إليها عن كثب في حوار حصري أجريناه معها بعد حديثها في خلال فعالية WE Convention التي أقيمت في قلب دبي وتحديداً في Dubai Opera وجمعت نخبة من النساء الملهمات.
كيف تنظرين إلى تطوّر النساء في الخليج العربي؟
في المرّة الأخيرة التي زرت فيها دبي منذ عشر سنوات، لم أحظَ بالفرصة للتواصل معهنّ بما يكفي. واليوم أنا ممتنة لفعالية WE Convention حيث أقابل نساء عربيّات ملهمات ورائدات وسبّاقات في مجالهنّ وأستمدّ إلهامي منهنّ، فهنّ متحدّثات بارعات ويملكنَ القوّة وأنا سعيدة فعلاً بذلك.
هلّا أخبرتنا المزيد عن الاستثمار في تطبيق Soula؟
يتمثّل هدفه الأسمى في مساعدة النساء الحوامل خلال الأشهر التي يشعرنَ في خلالها الأكثر ضعفاً. وكما تقول زميلتي المؤسِّسة: The Birth of a Child is The Birth of a Mother وهذا ما يجهله العالم... كيف تشعر؟ وكيف هي صحّتها النفسيّة؟ وفي الواقع بعض النساء يخجلنَ من طرح الأسئلة أو الاعتراف بأنّهنّ يجهلنَ أمراً ما، أو أنّهنّ لا يشعرنَ بالراحة تجاه أجسادهنّ... حتّى للخبراء في المجال الصحّي، وأظنّ أنّ نحن النساء غالباً ما شعرنا بعدم الراحة لدى التكلّم معهم حتّى وإن كنّا نثق في أنفسنا. واليوم يستخدم التطبيق الذكاء الاصطناعي الذي تديره نخبة من الخبراء حول العالم ممّا يساعد النساء على الحفاظ على خصوصيّتهنّ التامّة من منازلهنّ وعبر هواتفهنّ للحصول على إجابات موثوقة.
كيف تتعاملين مع تربية أطفالك في عالمنا المتغيّر اليوم؟
أظنّ أنّ الطفولة التي عشتها والتي يعيشها أطفالي اليوم مقارنة لا تجوز أبداً، ألّا أنّ هذا الاختلاف الهائل يصبّ في مصلحتي، فأعبّر لهم عن أسفي لأنّهم لم يختبروا شعور المحاربة للبقاء على قيد الحياة والحصول على حاجاتهم الأساسيّة كما فعلت أنا. فهم وُلدوا ويعرفون أنّه مهما يكن هم بأمان وبخير... إلّا أنّهم بحاجة إلى معرفة ما هي رسالتهم في هذه الحياة؟ ويبقى ذلك من أصعب المهمّات التي يمكن للمرء أن يكملها. إنّه سؤال قد لا يتمكّن الناس من الإجابة عليه طوال حياتهم. لمَ أنا هنا؟ وأنا لا أستطيع إجابتهم على هذا السؤال الآن إنّما يمكنني أن أعلّمهم المحبّة والرحمة والتعاطف لأنّني وكما ذكرت على المسرح اليوم وجدت السعادة فقط لدى مساعدة الآخرين. ومذ كانوا صغاراً، اصطحب أطفالي إلى دور الأيتام مثلاً وأماكن فيها ظروف قاسية حول العالم لأنّ التربية لا ترتكز على الكلام فقط فلا بدّ من أن يروا ويشعروا يختبروا ما نخبرهم به ليعمل ذلك في عقولهم. كذلك، أعلّمهم أنّ المثابرة والعمل الجادّ يشّق طريقهم إلى النجاح. ستواجهين عقبات كبيرة وإن كنت تتوقّعين أنّ شيئاً أبداً سيكون سهلاً في هذه الحياة وإن كنت غير مستعدّة للمحاربة، فأنت مخطئة وأحلامك ستبقى أحلاماً.
بالحديث عن رسالتنا في هذه الحياة، أودّ الإشارة إلى أنّنا في ماري كلير العربيّة نركّز في العام 2023 على الإرث الذي نودّ أن نتركه وراءنا. كيف تريد Natalia أن يتذكّرها الناس؟
إحدى نقاط قوتّي تتمثّل في أنّني أحبّ الجميع، وبالجميع أعني الجميع. قد أنزعج من موقف ما أو قد لا يعجنني شخصاً ما إلّا أنّني سأحبّه دوماً وسأرى الخير فيه. لأنّني أؤمن أنّ ما من إنسان وُلد شريراً، فالشرّ عمليّة في قيد التطوّر. نحن لا نعلم ما تخبّئه عيون من نلتقي بهم، ونجهل ما يحدث في داخلهم وما هي مخاوفهم وتاريخهم. أتقبّل الجميع لأنّني أؤمن أنّه بقبول الآخر، وحتّى الأكثر شرّاً، يمكننا إحداث التغيير وإعطاء فرصة لذلك. لذا أريد أن يتذكّرني العالم ويقولون Natalia التي أحبّت الجميع.
"مواقع التواصل الاجتماعي مضرّة لصّحتنا العقليّة والنفسيّة"، لمَ تقولين ذلك اليوم؟
العار والكراهيّة يسيطران على هذه المواقع اليوم، ممّا يجعلنا بالتالي نشعر أكثر فأكثر بالوحدة والعزلة. وبالنسبة إليّ، من المهمّ أن يظهر الناس تجارب ضعفهم وفشلهم أيضاً، وليس لحظات الفرح والكمال فحسب. فوراء الحزن والألم مخبّئة لحظات من الجمال، وكمّ من الظروف المؤثّرة كالتي ودّعت جدّتي خلالها.
بالحديث عن الفشل وبما أنّني أؤمن أنّ التجارب الفاشلة تشقّ طريقنا إلى النجاح، ما هو الفشل الأكبر الذي اختبره في حياتك وماذا تعلّمت منه؟
كنت شابّة وناجحة جدّاً في ذلك الوقت حين تعرّضت لحادث كبير بينما كنت أقود درّاجتي الهوائيّة على الطريق السريع. وكنت سأسافر في اليوم التالي لتصوير إعلان لعطرين للشركة نفسها وكان عقداً ضخماً بالفعل. لم أشارك هذه القصّة من قبل سوى مع أصدقائي المقرّبين! كان الأمر مأساويّاً إذ كان بإمكاني كسر عنقي أو الموت حتّى إلّا أنّ ذلك لم يحصل ونجوت بأعجوبة بعدما طرت عن الدرّاجة وتدحرجت وأصبت بخدوش وجروح في وجهي وما زلت أتذكّر الناس يصرخون ظنّاً منهم أنّ مكروهاً قد أصابني وفقدت وعيي. وبالتالي، لغت الشركة العقد وأحضرت وجهاً جديداً للإعلان ولم أتلقّى منها أيّ رسالة أو باقة ورود للاعتذار إليّ أو للاطمئنان على صحّتي أو لتمنّى لي السلامة بعدما قضيت ليلتي في المشفى، فشعرت بصدمة وغضب كبيرين حينها، إلّا أنّني لم أحزن لفقداني العقد فلم أرغب أبداً بالعمل مع أشخاص يعاملون الآخرين بهذا الأسلوب فهم لا يستحقّون وقتي حتماً. وبعد ٣ أشهر وقّعت على أنجح عقد لي مع Calvin Klein لعطر Euphoria الذي دام 10 سنوات. أمّا العطران الآخران، فلم يبقيا أكثر من أسبوعين على اللوحات الإعلانيّة لأنّ أحداً لم يبتاعهما. فيما تربّع Euphoria على عرش المبيعات في الولايات المتّحدة والعالم. وأختتم وأقول أنّ اللّه إذا أخذ منك شيئاً، تأكّدي دوماً أنّ في جعبته هديّة أعظم لك وإن لم تفهمي ذلك على الفور. وإذا آمنت بذلك، تفتحين قلبك إلى المزيد من الفرص. فابقي إيجابيّة مهما كانت الظروف وضعي نفسك أوّلاً وليس الناس الذين يحبطونك. 
