
التصوير: Maximilian Gower
الإدارة الفنيّة: Farah Kreidieh
التنسيق: Sarah Rasheed
المكياج: Laure Sejean
تتأثر شخصيّتها كثيراً بأيّ مشروع يسمح لها بالعمل والتفاعل مع الناس. من التسويق والخدمات المصرفيّة والتحليل النفسي وصولاً إلى التدريب وتقديم البرامج التنمويّة المختلفة، تعتبر Omaira Farooq Al Olama خير مثال على الأمّ الإماراتيّة العاملة التي تمكّن غيرها من النساء وتساعد كلّ من تصادفه في طريقها. بعد دراستها في سان فرانسيسكو وعملها في لجنة حقوق الإنسان التابعة لها، عادت إلى بلدها الحبيب، الإمارات العربيّة المتّحدة، لتوظّف فيه كل ما تعلّمته واختبرته في الخارج. فأنشأت شركتها الخاصّة ALF Administration في العام 2010 لتعليم الأجيال الإماراتيّة الشابة وتدريبها لتصبح جاهزة لدخول صفوف القوى العاملة. وبطبيعة الحال تطوّر مفهوم الشركة وأصبح أكثر تنوّعاً وشموليّة على مرّ السنين. وبالتوازي مع ذلك، راحت Omaira تتطوّر بدورها وتزداد نجاحا، حيث حصلت على جوائز عدّة نذكر منها: جائزة Finance ME باعتبارها "الشخص الأكثر إلهاماً للعام". هذا وحازت أيضاً "جائزة المرأة الخليجيّة القياديّة" عن فئة المنجِزات "Achievers". فضلاً عن أنّها متحدّثة لدى TedTalk في العام 2017 عن ندوة تحت عنوان "Building Bridges". وقد أمضينا معها يوماً كاملاً لنرى كيف تقضي يوميّاتها وتنجز مختلف مهامها. لذا، انضمي إلينا في ما يلي لمعرفة المزيد حول كيفيّة تمكين Al Olama المرأة في حياتها اليوميّة.
درست في سان فرانسيسكو وحصلت على درجة البكالوريوس في السياسة الدوليّة إلى جانب تخصّص ثانوي في علم النفس وماجستير في علم الجريمة وكذلك إدارة المشاريع. كيف شكّلت هذه التجارب والتخصّصات المختلفة شخصيّتك وأهدافك وخيارات حياتك؟
لقد فتحت سان فرانسيسكو عينيّ بالفعل، إذ مثّلت نقطة تلاقي تنصهر فيها مختلف الثقافات والديانات وتختلط كلّها معاً بطريقة جيّدة. أمّا دراسة علم النفس وعلم الجريمة، فغيّرا نظرتي للحياة بالكامل. بحيث جعلاني أكثر فهماً للناس ولأخطائهم، وبدلاً من أن أعاقبهم على ذلك، أردت إيجاد حلول لمشاكلهم. إذاً علمتني تخصصاتي الصبر والتعاطف وأن أكون دائماً لطيفة مع الآخرين.
بين التسويق والخدمات المصرفيّة والتحليل النفسي والتدريب وتقديم برامج التطوير المختلفة، أيّ من هذه المجالات يساعدك على التعبير عن نفسك وتحقيق مهمّتك بشكل أفضل أم أنّك تجدين أنّها تكمّل شخصيّتك؟
كلّ عمل قمت به مع الناس ترك تأثيراً كبيراً على شخصيّتي ككلّ. وبينما لا عيب في أن يضع المرء نفسه في المرتبة الأولى مطلقاً، غير أنّني اخترت مساراً مختلفاً. حيث قرّرت أن أجعل الحياة أسهل لأيّ شخص يعبر طريقي. وأردت أن أتواجد إلى جانب أيّ إنسان يحتاج إلى المساعدة. والحقيقة أنّني كلّما تعرّفت على الناس، رأيت المزيد من الخير والشرّ على حدّ سواء، إلّا أنّ ذلك لم يغيّرني على الإطلاق.
قبل بدء مسيرتك المهنيّة في دبي، كان لديك سنوات عدّة من الخبرة في العمل كمدير تنفيذي لخدمات المكاتب العليا في لجنة حقوق الإنسان في سان فرانسيسكو. ما التحديّات التي واجهتها كامرأة عربية تدرّس وتعمل في الخارج؟
وجدت العمل في لجنة حقوق الإنسان في سان فرانسيسكو من أفضل التجارب في حياتي. فالأشخاص الذين عملوا هناك لم يعرفوا الأنانيّة على الإطلاق. حيث شاهدتهم يوماً بعد يوم وهم يذهبون إلى المناطق الفقيرة ويقدّمون لهم العون. ثمّ يبقون لساعات بعد العمل ويعلّمون الأطفال المهاجرين الذين لا يريدون سوى التعلّم فحسب. بكلّ صراحة، فتحت تلك التجربة عيوني على الكثير من الأمور. وستبقى أميركا دائماً موطناً لي، إذ لم أشعر قط بأنّني غريبة نظراً إلى هويّتي العربية أو لون بشرتي غير البيضاء. لا بل على العكس، كانوا لطفاء معي وعلّموني وفتحوا منازلهم لي، وهذا أمرلم نعد نجده كثيراً في أيّامنا هذه. وفي النهاية، أعتقد أنّني بغضّ النظرعن الوظائف التي قمت بها، لطالما علمت في أعماقي أنّني أردت التواجد في مكان يمكنني من خلاله مساعدة شخص ما.
هل يمكنك ذكر بعض من معايير أو إرشادات العمل التي اكتسبتها من تجربتك في الولايات المتّحدة الأميركيّة والتي ساعدتك عندما بدأت مسيرتك المهنيّة في بلدك؟
لا بدّ لي من ذكر النزاهة والثبات في العمل. فهاتان الركيزتان اللتان أستند إليهما في كلّ ما أفعله في حياتي الشخصيّة والمهنيّة.
أسّست شركتك ALF Administrationفي العام 2010. هل يمكنك مشاركتنا القصّة وراء إنشاء مثل هذه الشركة؟ واليوم بعد 10 سنوات، كيف تصفين تطوّرها ومساهمتها في تطور المجتمع؟
في البداية، انطلقت ALF Advanced Learning Formulas كشركة تنمية وطنيّة تمّ إنشاؤها لتعليم الشباب الإماراتيّ على وجه التحديد وتدريبه للاستعداد لدخول صفوف القوى العاملة. ومع ذلك، بعد معرفة المزيد عن دولة الإمارات العربيّة المتّحدة والثقافات المختلفة، غيّرت مفهومها ليشمل الشباب الوافدين الذين ولدوا وترعرعوا في الإمارات العربيّة المتحدة وأضفتهم إلى جميع دوراتنا التدريبيّة. إلّا أنّنا لم نتوقّف عند هذا الحدّ، لا بل فهمنا أنّ الثقافات المختلفة لديها مشكلات متفاوتة، لذا فتحنا قسماً للتدريب ولبرمجة اللغوية العصبيّة NLP لمساعدتهم على تجاوز العقبات التي يواجهونها، سواء كانت عاطفيّة أو متعلقة بالوظيفة. وهذه المرّة أيضاً لم نكتفِ بهذا القدر، إذ أدركت أنّ الكثير من النساء المطلّقات والأرامل في المناطق الريفيّة في الإمارات ودول مجلس الخليج العربي يعانينَ من نقص التعليم أو قلّة فرص العمل، وبالتالي أنشأنا قسماً يركّز فقط على ذلك. وهذا تماماً المكان الذي أقضي فيه معظم يومي، حيث أقابل هؤلاء النساء وأتفهّم مشاكلهنّ وأدربهنّ على بناء ثقتهنّ وتوفير وظائف صغيرة لهنّ للوقوف على أقدامهنّ، وكذلك البحث عن وظائف لهنّ. وطبعاً لا نأخذ أيّ ثمن في المقابل، فهذا من الأمور التي تعلّمتها في سان فرنسيسكو وطريقتي الخاصّة في ردّ الجميل للنساء اللواتي عانينَ الأمرّين.
أنت امرأة ناجحة تعيش حياة كثيرة الانشغال. هلّا شاركتنا كيف تقضين يوم عملك؟
في هذه الأيّام، من الممكن أن تجديني أكثر قدرة على مساعدة هؤلاء النساء. فمنذ 12 عاماً، أصبحت أمّاً عزباء لثلاثة أطفال لا زالوا دون سن العامَين، وتحطّم قلبي بينما شاهدت عجز هؤلاء السيّدات في المحكمة. إذ إنّ هذه أوقات عصيبة على أيّ شخص وبمجرد مساعدتهنّ على الحصول على أيّ نوع من المساعدة الماليّة، فذلك يزيل العبء عنهنّ ولو قليلاً.
ما التغييرات التي رأيتها في سلوك المرأة الإماراتيّة من خلال خبرتك الواسعة في تدريب المواهب المحليّة وتطويرها؟
على غرار سائر النساء، تحتضن المرأة الإماراتيّة التنوّع بكافّة أشكاله. وشخصيّاً، أحبّ مشاهدة مدى قوتهنّ ومدى تقديرهنّ للثقافات المختلفة في المجتمع. أحبّ أن يكونوا مستقلّات ويعرفن ما الذي يحلو لهنّ وماذا يردنَ. وعلى سبيل المثال، أشعر بالكثير من الفخر والفرح عندما أشاهد بناتي الثلاثة يكبرن وهنّ مفعمات بالقوّة ويقاتلن من أجل ما يردن. وصحيح أنّه لا يزال ثمة الكثير من العمل الذي يجب القيام به، إنّما أرى الكثير من التكامل ممّا يرسم الإبتسامة على وجهي. فالبلد يصبح أكثر قوّة بفضل الناس الموجودين فيه، ومن غير الممكن بناء أمّة ناجحة ما لم تجتمع جميع الثقافات للعمل من أجل المصلحة العامّة.
ما النصيحة التي تسدينها للسيّدات العاملات العربيّات في ظلّ التغييرات الاجتماعيّة التي تحدث في هذه الأيّام تبعاً لجائحة كورونا؟
نحن كنساء نعدّ الأشخاص الأكثر قسوة على أنفسنا، لا سيّما في فترة تفشي الفيروس. حيث أُجبرنا على أن نكون مدرّسات وأولياء أمور ومقدّمات رعاية وموظّفات. شخصيّاً، أعترف بأّنني شعرت بالإرهاق، إنّما أحسست بالتحرّر أيضاً. فالأمور التي اعتقدت أنّها مهمّة جداً، لم أعد أهتمّ لها كثيراً بعد الآن. كذلك، فإنّ الكثير من العادات التي شكّلت روتيني اليومي وودفعتني إلى الشعور بالذعر سابقاً لم تعد تزعجني اليوم. من هنا، أعتقد أنّه من المهمّ جدّاً أن نفعل ما هو مناسب لأنفسنا وليس سعياً لإرضاء الآخرين أبداً.
ما دروس الحياة الثلاثة الأبرز التي تشاركينها مع النساء اللواتي يرغبن في تحقيق قصة نجاحهن بناءً على تجربتك الشخصيّة؟
1- إفعلي دائماً ما يجعلك سعيدة. وكوني مسرورة بخياراتك وبالنتيجة، إيجابيّة كانت أو سلبية، فعلى الأقل أنت من صنعتها.
2- حاولي دائماً أن تري الأمور من منظور كامل. حيث من السهل جداً الانغماس في الأمور بمجرد التفكير فيها من وجهة نظرك الخاصّة، وللأسف فهذا لن يساعدك يوماً.
3- تحلّي دائماً بالنزاهة وكوني أوّل من يفهم ماهيّة دورك. فإذا كان الخطأ من مسؤوليّتك، اعترفي بذلك، وإذا كان من مسؤوليّة شخص آخر، فابحثي معه عن حلول بدلاً من مهاجمته.
لقد نشأت في أسرة تدعم فيها النساء بعضهنّ البعض. هل يمكنك أن تشاركينا ذكرى عزيزة على قلبك تتعلق بهذه الحقيقة؟ وما أهميّة دور النساء في دعم بعضهنّ اليوم؟
إنّ جدتي فاطمة تعلّمت القراءة والكتابة باللغة الإنجليزيّة بنفسها، واعتادت مساعدة النساء اللواتي يرغبن في الذهاب لرؤية الأطبّاء أو الممرّضات هنا في دبي من خلال تولّي الترجمة لهنّ وتسهيل التجربة بأكملها بالنسبة إليهنّ. وفي كلّ مرة قيل لها أن تأخذ المال مقابل خدماتها، رفضت بالرغم من أنّها هي نفسها لم تمتلك الكثير من المال. حيث أنّ والدتها، رحمها الله، لطالما قالت لها: "إذا كان لديك ما يكفي من الأكل واللباس والنوم، فأنت بحال جيّدة" وهذا ما آمنت به بالفعل. ومن بعدها، هذا ما فعلته والدتي وخالتي كذلك وعلّماه لي. واليوم، هذا ما أعلّمه لأولادي أيضاً. وفي عالم يدور حول المال، من الجيّد أن نتذكّر أنّه ثمة أمور أكثر أهميّة من النقود وأنّنا إن امتلكنا الأساسيّات، فنحن الأكثر ثراءً على الإطلاق.
كيف يلتقي الذوق الخليجيّ واللمسة العصريّة في ديكور منزلك؟
أحبّ أن أمزج بين الأساليب المختلفة. ولربّما يمكن وصف منزلي على أنّه مكان التقاء الشرق والغرب، إنّه مثلي إلى حدّ ما. فأنا أحبّ دعم العلامات التجاريّة المحليّة وغالباً ما ستجدون منزلي ممتلئاً بابتكاراتها. وكذلك، يروق لي دعم الفنانين الذين لديهم قصص يروونها من العراق وسوريا ولبنان.
هل لديك أيّ لون أو أسلوب ديكور مفضل؟ وهل ثمّة قطعة فنّيّة معيّنة تكمل ديكور منزلك؟
إنّني شخص مهووس بالألوان، وربّما أكثر من اللزوم. ودائماً ما يسألني الكثير من الناس الذين يأتون إلى منزلي، لماذا اللون الأبيض قليل إلى هذا الحدّ وكلّ شيء ملوّن؟ أحبّ المصمّم الخزفي Jonathan Adler ولديّ بعض من أعماله. وكذلك، أحبّ إبداعات Fornasetti إنّما لا أجد مبّرراً لثمنها.
ما أكثر ما تحبّين تزيين منزلك به؟
لو كان الأمر متروكاً لي لملأت منزلي بالزهور، سواء كان حقيقيّة أو جافّة أو مزيّفة، أحبّ كل ما له علاقة بالزهور والشموع أيضاً. ويصنع Jo Malone شموعاً مذهلة، غير أنّ ثمن ابتكاراته مرتفع بدوره. لذلك أبحث دائماً عن خيارات مختلفة، حيث أنّ الأغراض الباهظة لا تستهويني، ولا حرج في إعجاب الآخرين بها، إنّما ثمة الكثير من الأمور التي يمكنني البحث عنها وشرائها وربّما أعطي بذلك فرصة للمصمّمين الناشئين.
قمت مؤخراً ببعض التجديدات في هذا المكان. هل يمكنك مشاركتنا ببعض التفاصيل حول هذا الموضوع؟
أحدث التجديدات تغيير كامل بالفعل. حيث حطّمنا الفيلا بأكملها وأعدنا ترميمها. والواقع أنّ عمر الفيلا يفوق الـ20 عاماً وقد تعرّضت لضرر شديد. وأعتبر المطبخ موقعي المفضل في المنزل حيث ستجدوني أقضي معظم الوقت هناك.
لقد أرسلت أيضاً النوافذ والأبواب التي كانت في حالة جيّدة جداً إلى بيروت للمساعدة في إعادة بناء المنازل المتضررة جرّاء إنفجار الرابع من أغسطس. ما الذي جعلك تفعلين ذلك؟ وهل لديك رسالة تودّين مشاركتها مع الشعب اللبناني؟
إنّ الشعب اللبناني موجود في حياتنا منذ أوائل الأربعينات والخمسينات وهو بمقام العائلة لدينا، حيث نعتبرهم أقرباءنا. وعندما يعانون، فنحن بدورنا نعاني. وإنّ ما حدث لهم وما زال يحدث أمر يفطر الفؤاد بحقّ. وبصرف النظر عن التبرّع بالمال، أردت أن أفعل المزيد، إذ أردت في المساعدة في إعادة البناء. لذلك، أرسلت 14 باباً خشبيّاً وإطاراً للأبواب، جميعها بحالة ممتازة. هذا إلى جانب 16 نافذة وإطاراتها أيضاً ونسّقت مع السفارة اللبنانية هنا للتأكّد من إرسالها إلى الأشخاص الذين يحتاجونها. بصراحة أعتبر أنّ هذا واجبي وأقلّ ما يمكنني فعله. لا ينبغي لأحد أن يمرّ بهذا، ولا يجب أن يعيش أيّ طفل ما يعيشه في لبنان. وبصفتي أمّاً، لا يسعني الجلوس مكتوفة اليدين. ومن أبرز ما علّمني إياه الوباء، أنّه لا يمكننا اعتبار الحياة أمراً مفروغاً منه ولا يمكننا إضاعة حياتنا على الماديّات ولا أن نسمح لها بتحديد هويّتنا. وبينما أحترم وسائل الإعلام التي تروّج دائماً لها وأقدّرها، أعتقد أنّ الوقت قد حان للتركيز على الأشخاص الحقيقيّين، والحياة الواقعيّة، وعلى الذين لا يركّزون على العناصر الماديّة فحسب إنّما على حياة الناس. هؤلاء الذين يجب أن يزيّنوا أغلفة المجلّات ويمثلوا الوجه الحقيقي لقصصها. وفي نهاية المطاف، أعتقد أنّ الذين يبقون بالفعل، سواء كانوا يبنون إمبراطوريّة ناجحة أم لا، هم مَن يساعدون الناس ويتحلّون بالحسّ الإنساني، فهذه ميزة لا تفقد رواجها أبداً.
اقرئي أيضاً: At Home مع Kate Instone





