
التصوير: Maximilian Gower
الإدارة الفنيّة: Sarah Rasheed
بعد أن عاشت Milia Maroun في بيروت وباريس ودمشق وإسطنبول ولندن، لم تصُغ رحلاتها شكل حياتها من خلال مشهد هذه الثقافات المختلفة فحسب، إنّما حدّدت أيضاً المعنى الذي تمنحه لمجموعاتها بما يتجاوز الجانب البصريّ والتصميم. وفي العام 2016، افتتحت المصمّمة اللبنانيّة استوديو في المملكة المتّحدة حيث تطوّر أعمالها المفاهيميّة ومجموعاتها السرمديّة من الملابس الجاهزة وقطع Kimabaya المحدودة الإصدار. وقد سرّنا زيارة منزلها في لندن حيث ناقشنا الرسالة الثقافيّة والقصّة المنبثقة عن مجموعة Kimabaya التي تعمل عليها، وكذلك المبادئ التوجيهيّة التي اتّبعتها لجعل هذا البيت منزلاً لها. فانضمّي إلينا في ما يلي لتتعرّفي أكثر إلى هذه المصمّمة الماهرة ولتكتشفي كيف تنعكس شخصيّتها في تصميم منزلها.
كيف يلتقي الفنّ والموضة في تصاميم Milia Maroun؟
يمثّل عملي اليوم نقطة التقاء ما بين تصميم الأزياء والفن. بحيث تنطلق بعض المشاريع التي أعمل عليها من فكرة أو مفهوم أطوّره بالاعتماد على أكثر الوسائل التي أتقن استخدامها، ألا وهي المنسوجات والأزياء. والواقع أنّ تصاميمي الأكثر تميّزاً غالباً ما تُستخدم كقماش للتعبير عن هذه الأفكار. فأذكر على سبيل المثال العمل الذي قدّمته في مركز بيروت للفنّ في العام 2015 تحت عنوان Now/Here، أو Object Permanence – Objeu لأسبوع التصميم في بيروت للعام 2018 ، أو مؤخّراً في معرض Warehouse 421 تحت عنوان "علامات رحّالة: أسفار الخطوط العربيّة" في أبو ظبي في العام 2019.
أمّا في حالات أخرى، فتكون مجموعاتي عبارة عن صيغ تجعل من كلّ تصميم قطعة يمكن ارتداؤها، ومجموعة Kimabaya هذه فريدة بحقّ لأنّها مصنوعة من أقمشة عتيقة وقطع كيمونو سابقة وحتّى من تطريزات قديمة. وحينما تصبح هذه المجموعة جاهزة للارتداء، ستُضحي بالتأكيد تصميماً عصريّاً يوميّاً ومميّزاً.
ابتكرت الـKimabaya وهو "معطف يروي قصّة طريق الحرير: بحيث يجمع بين الثوب التقليدي من الشرق الأدنى والعباءة والثوب التقليدي من الشرق الأقصى". فهل يمكنكِ أن تخبرينا بالقصّة وراء هذا الابتكار المميّز؟
في العام 2003، بعد عمليّة ترميم استغرقت 25 عاماً، كلّفني متحف بيروت الوطني مع فنانّين آخرين بأن يبتكر كلّ منّا قطعة احتفاءً بإعادة فتح أبواب المتحف. حينها كنت قد عدت للتو من رحلة إلى اليابان وتحديداً من ناوشيما، لذا استلهمت من فكرة ربط كلتي الثقافتين في تصميمي، بحيث أسرد عبره قصّة طريق الحرير الذي جلب معه التبادل والثراء من وراء الحدود. وسمّيتُ النسخة الأولى من Kimabaya بـSoi-Soie التي تعني حرفيّاً "كوني حريراً" بالفرنسيّة، وجعلته معطفاً يتّسم بقَصّة الكيمونو وشكل العباءة في آنٍ معاً.
تتمحور تصاميمك حول السهولة والراحة والأنوثة. فهل ثمّة وصفة من شأنها أن تجعل حياة المرأة أكثر سهولة؟
لا أحد يستطيع جعل حياة النساء المعقّدة أكثر سهولةً سوى النساء أنفسهنَّ، إلّا أنّ هذا الأمر يعتمد على نمط حياتهنَّ أيضاً. لكن من منظوري، أرى أنّ السلوك هو المفتاح. وأعتقد أنّ الـKimabaya أو أيّاً من التصاميم الخاصّة بي تتّصف بالسمة المتأصّلة التي تجعلها "مريحة" أو "سهلة" فضلاً عن تنوّعها وسهولة الاعتناء بها. وتمتاز تصاميمي بأناقة رائعة تسمح للمرأة التي ترتديها بأن تكون مرتاحة وعلى سجيّتها في أيّ موقف تجد نفسها فيه؛ سواء كان ذلك في خلال رحلات السفر، أم في العمل أم حتّى في المناسبات الراقية. إذ يمكنها ارتداؤها بثقة وراحة بينما تشعر بالأناقة دائماً. إنّها قطع أزليّة لا تلقى رواجاً مؤقّتاً ولا تفقد رواجها، إنّما تشعر فيها كأنّها نفسها وكأنّها في منزلها.
في العام 2016، افتتحت استوديو في المملكة المتّحدة حيث تطوّرين أعمالك المفاهيميّة والنسخ المحدودة من الـKimabaya، لا سيّما ومجموعة الملابس الجاهزة السرمديّة تحت اسم Milia M. فكيف تؤثّر التجارة الإلكترونيّة في صناعة الأزياء برأيك؟
أرى التجارة الإلكترونيّة على أنّها سيف ذو حدّين. فمن ناحية، ساهمت في إضفاء الطابع الديمقراطي على الإبداع وتمكينه من الوصول إلى الجماهير، ممّا يسهّل على الكثيرين إيصال صوتهم. إنّما من ناحية أخرى، أدّت أيضاً إلى تلاشي التجربة الحسيّة التي كنّا ننعم بها قبل عصر التجارة الإلكترونيّة وكلّ ما تصحبه من لمس وشعور ودردشة وقياس، وإلى ما هنالك... كذلك، ثمّة جانب سلبيّ آخر للتجارة الإلكترونيّة، لا سيّما من حيث الموضة السريعة، ألا وهو تكلفتها البيئيّة، فالأزياء التي يمكن الوصول إليها بسرعة ضارّة ببيئتنا. إلّا أنّني أعتقد أنّه علينا إيجاد التوازن، كما هو الحال مع كلّ مرحلة جديدة من تطوّر العالم.
ما رأيك في غزو الاستدامة لصناعة الأزياء وكيف تساهمين في جعل العالم مكاناً صديقاً للبيئة؟
تُعَدّ صناعة الأزياء واحدة من أبرز الصناعات الملوّثة الرئيسة في العالم. لذا، نحتاج إلى اتّخاذ إجراءات جذريّة بهدف كبح تأثيرنا السلبي في الكوكب وعلينا فعل ذلك بسرعة. فاليوم، من واجباتنا كأفراد وكذلك كشركة أن ندمج الممارسات البيئيّة في أعمالنا اليوميّة لا سيّما في تلك البسيطة منها، بدءًا من استخدام الدرج عند الإمكان، ووصولاً إلى الحدّ من استخدام العبوات البلاستيكيّة، إنّما علينا أيضاً فرض ذلك في التسويق وفي هويّة علامتنا التجاريّة. من هنا، أفتخر بأنّنا نبتكر قطع Kimabaya الفريدة خاصّتنا من الأقمشة والملابس العتيقة، فنُعيد بذلك الحياة إلى الحرف المنسيّة. والأمر سيّان بالنسبة إلى خطّ الملابس الجاهزة، بحيث نصنعه 100٪ من الأقمشة الطبيعيّة لا سيّما الكشمير المعاد تدويره، التي نحصل عليها من شركات مستدامة ذات رؤية طويلة الأمد لضمان الإمداد في المستقبل.
ما التوجيهات التي اتّبعتها لجعل هذا المكان منزلًا لك؟
المساحة المفتوحة أساسيّة في الأماكن حيث أعيش. بحيث تخلق بيئة مريحة شاملة ومرحّبة. كذلك، ثمّة الكثير من العناصر وقطع الأثاث الموجودة بنسخات متكرّرة هنا، إلّا أنّني استخدمها بشكل مختلف بالاعتماد على مكان وضعها. غير أنّ الأثاث الذي أستخدمه كلّه سلس ومتعدّد الاستخدامات، ويكتسب وظيفة مختلفة عند نقله من مكان إلى آخر.
هل لديك أسلوب أم لون محدّد تفضّلينه من حيث التصميم؟
ثمّة طابع ثابت في عملي وفي الجماليّات التي أعتمدها، إلّا أنّني لست متأكدة ممّا إذا كان متمثلاً في التصميم أو في الأسلوب، إنّما أعيد وأكرّر أنّ السلوك هو المفتاح. إنّما أعتبر أنّ البساطة هي المبدأ التوجيهي الوحيد الذي نجا من كافّة صيحات الموضة. وأظنّ أنّ الأنوثة والأزليّة أيضاً سمتان ألتزم بهما إلى حدّ كبير. والآن في هذه المرحلة من حياتي، أستطيع أن أقول إنّ السمة الأكثر أهميّة في أيّ من ممتلكاتي هي المعنى الذي تحمله بالنسبة إليّ وإلى عائلتي.
ما القطعة الفنيّة الفضلى لديك في هذا المكان؟
إنّها الـkimabaya بكلّ بساطة.
هل وجدت أيّ صعوبة في اختيار إكسسوارات منزلك وأثاثك؟
بالنسبة إليّ، على الأماكن والمساحات أن تتطوّر بشكل طبيعي حينما أعيش فيها. إذ إنّني قادرة على الانتقال إلى مكان يحتوي على فراش للنوم فحسب. والحقيقة أنّ الرابط بيني وبين أيّ مساحة يبدأ بمجرّد أن أشرع في عاداتي واحتياجاتي اليوميّة التي تملي اختياراتي من حيث الأثاث والأغراض. وأرى هذا الأمر كما لو أنّ كلّ شخص يسرد حياته اليوميّة من خلال قصص قصيرة، وحتماً لا ينبغي أبداً أن تكون هذه الحكايات صعبة أو مفتعَلة.
هل من قطعة فنيّة معيّنة تكمل لمسة التصميم خاصّتك؟
قماش النجود المنسوج في الخمسينات حصلتُ عليه من أحد المعارض في بيروت. ويصوّر النيران المتمثّلة بتدرّجات زاهية من اللون الأحمر ويجمع ما بين الحرفة والكثافة البصريّة، فتبرز الزخرفة البسيطة التي يتّسم منزلي بها والتي تضفي الدفء عليه.
منزل المرء هو المكان حيث يصنع الذكريات، فأيّ نوع من الذكريات تودّين أن تتذكّرها المرأة عند ارتدائها إحدى تصاميم Milia M؟
أودّ أن تشعر بلحظة يغمرها فيها الامتنان والنعمة.
هل فكرت يوماً في تصميم الإكسسوارات المنزليّة؟
بالرغم من أنّني أتخيّل الكثير من التصاميم للإكسسوارات المنزليّة وأرسمها، إلّا أنّني لا أظنّ أنّني سأفعل ذلك.
بكلمة واحدة، كيف تصفين منزلك؟
منزلي متناغم.
اقرئي أيضاً: At Home مع Yasmina Farah Massoud









