
التصوير: Andreas Martschitsch
الإدارة الفنّيّة: Jessica Bounni
فيما توّجهنا في السيارة إلى منزل Maya Stephani Kazoun الواقع في قرية ريفيّة في برن، سويسرا، غمرتنا الأجواء الإيجابيّة إزاء منظر هادئ مغمور بالخضار. ولم يفارقنا هذا الإحساس فيما دخلنا منزلها المزيّن بتصاميم تقليديّة من الخارج، إلاّ أنّنا دهشنا فور دخولنا بالطاقة والكاريزما المفعم بها. وسرعان ما أدركنا أنّ هذا الديكور يعكس شخصيّة مايا التي تتميّز بالمرح والتفاؤل والانتقائيّة. فلكلّ تفصيل طابع ما، ولكلّ قطعة ذكرى خاصّة. فانضمّي إلينا في زيارتنا، واكتشفي كيف تمكّنت هذه المرأة اللبنانيّة التي تعمل في مجال التسويق والتجارة بالتجزئة حول العالم من مزج قطع الديكور، سواء تلك التي تعود إلى العصر المتوسّط أو تلك العصريّة، لتجعله وتنسيقها في منزلها، فتجعله منزلاً بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى.
انطلاقاً من تطوير استراتيجيّات التسويق الابتكاريّة واستراتيجيّة تمركز العلامة التجاريّة وإدارة البيع بالتجزئة وابتكار الماركات والمنتجات وصولاً إلى التسويق البصريّ وخلق أفكار حديثة في تجارة التجزئة. في أيّ من هذه المجالات تجدين نفسك أكثر؟
تحتلّ استراتيجيّات تمركز المنتج الصدارة، فأعتبرها بمثابة نشاط بهلوانيّ يثير اهتمامي. ونادرة هي الشركات التي تعتمدها، إذ تشبه العلاج النفسي بالنسبة إليها وإلى مؤسّسيها. وأستهلّ دائماً مشاريعي بها، مهما كانت طبيعتها، فنخطّط لاستراتيجيّة تمركز، إلى جانب مقاربة ابتكاريّة للحرص على إحراز مكانة فريدة في السوق. ثمّ وجدت نفسي في قطاع تجارة التجزئة، نظراً أنّني أحبّ أن أبتكر أفكاراً جديدة وأن أمزج ما بين المرئي والمنتجات، آخذةً بالاعتبار رؤية الزبون بالدرجة الأولى، وموظّفةً أوجه متعلّقة بعلم النفس والأنتروبولوجيا. فتصبح عمليّة التسوّق أشبه برحلة، بدءاً من المعاملات وعند كلّ تفصيل على حدة من تلك الأوجه، وإنّه فعلاً أمر مذهل، ولذلك أعشقه.
اقرئي أيضاً: At Home مع Hala Salem Achillas
استهلّيت مسيرتك كمستشارة في سوق الاتصالات الدولية، ثمّ توّليت مناصب في إدارة المشاريع الاستراتيجيّة، وقدّمت سابقة صناعيّة في السوق، وها أنت تعملين الآن في تجارة التجزئة. فكيف تصفين تطوّر مسيرتك؟
لم تتطوّر مسيرتي بطريقة كلاسيكيّة، إنّما على نحو منطقيّ. ففي البداية، عملت في مجال اتّصالات الهواتف المتنقّلة، الذي كان رائجاً حينذاك، مع فريق تألّف من 10 أشخاص عملوا على خطّة الدفع المسبق للمرّة الأولى في سويسرا، وبالفعل كان أمراً جنونيّاً. ومن هنا، تابعنا عمليّة تطويرالمنتج للوصول إلى مرحلة تسويقه، وهكذا تطوّر الأمر. وحالفني الحظّ، إذ تعرّفت إلى أشخاص حالمين ومثيرين للاهتمام لا يميّزون حسب الجندر، واستمتعت فعلاً بالعمل معهم. أمّا اليوم، فطوّرت طريقة ترتكز على عمليّات عدّة مستندةً إلى الخبرة التي اكتسبتها على مرّ السنين. والنتيجة مرضية بالفعل.
في خلال مسيرتك، ساهمت في إنشاء شركة اتّصالات جديدة، وأدرت مشاريع عدّة لماركات عالميّة لبناء بيئة تجارة التجزئة وتحسينها وتطويرها. فما هو التحدّي الأكبر الذي واجهته كمرأة في التجربة المهنيّة التي خضتها، وكيف تمكّنت من اجتيازها؟
عملت في قطاع يهيمن عليه الرجال. ولمدّة 10 سنوات، كنت المرأة الوحيدة في المجال. تولّت باقي النساء مناصب الاستشارة والاستقبال، الأمر الذي أثار جنونيّ. لكنّني اعتُبرت فرداً من الفريق من اللحظة الأولى، لأنني تحلّيت بالثقة. وأدّيت عملي دائماً بشكل منتظم، فكسبت ثقة الرجال. لا يمكنني القول انني أدّيت مهاماً إضافيّة، بل أنّني أدّيتها بطرق مختلفة.
ما هو الحافز وراء شغفك بعالم التسويق والبيع بالتجزئة؟
في الحقيقة، حصل الأمر صدفةً، نظراً أنّني لم أعمل في مجال التسويق في البداية. عملت في البرمجة والترميز، وواجهات المستخدم الغرافيكيّة، لكن بعدما أصبحنا نمثّل شركة حقيقيّة، وبعد مرور عامين، استلزمنا التنافس في السوق، لذلك فكّرت في ابتكار طريقة، ممّا ساهم في دخولي عالم التسويق. وكان العمل بديهياً بالنسبة لي. ثمّ بدأت في قراءة الكتب، والتحقت بدورات مكثّفة لخمسة أيام في لندن، تعلّمت فيها بعض المفاهيم الأساسيّة. كذلك، تطلّعت للعمل مع العناصر الأفضل في السوق لتعلّم بعض الحيل وإدماجها مع كلّ الخبرة التي أملكها.
وفي ما يخصّ تجارة التجزئة، إنّه فعلاً عالم رائع. فوقتما أسافر، أقصد التجوّل في الأسواق لرؤية مدى التأثير الاجتماعي للمنتجات في الناس، لأنّه نوع من البيع الترفيهيّ. وهو سوق متطوّر، وقد اختلفت أوجهه منذ 4 إلى 5 سنوات. وأفكّر في تأليف كتاب يحتوي على كلّ هذه الخبرة، أدرج فيه مقاربتي، التي تقوم على المنطق السليم وتتضمّن الحيل والملاحظات الصغيرة.
اقرئي أيضاً: At Home مع Amina Muaddi
كيف يبدو يوم عملك العاديّ؟
أملك مكتباً مع شريكي في العمل في برن لكنني نادراً ما أتواجد فيه. فأستهلّ يومي المعتاد باحتساء القهوة والتواصل قبل المباشرة بمشروع ما. ونبدأ بتصميمه قبل تصوّره. ولا نضع استراتيجيّة فحسب، إنّما ندير التسويق والموقع الإلكتروني وكافّة المعلومات عن المنتجات وحجرات المعارض وعمليّة التواصل بأكملها عبر اعتماد مقاربة أنيقة. ولهذا السبب، نقدّم الحجرات الأفضل لعرض المنتجات في الفعاليّات الكبيرة.
ما رأيك بالتحديات التي يواجهها عالم الموضة وسط التحوّل الرقميّ؟
تتّصف التحديات الحقيقيّة بطابع إيكولوجيّ. فكمّ الهدر والتلوّث غير منطقي، إذ إنّ الشركات لا تعتمد التكنولوجيا بشكل أذكى للتحكّم بطريقة أفضل بإنتاجها، وموادها، ولا تسعى للحصول على مصادر أفضل. وعلى عالم الموضة أن يراجع طريقة عمله، وأن يحاول استعمال التكنولوجيا بشكل أكثر استدامة، بدلاً من استخدامها لبيع المزيد.
توعد السنوات العشر القادمة بنقلة نوعيّة في استخدام الماركات للتكنولوجيا، في حين يبني تجّار التجزئة علاقة متينة مع المستهلكين للارتقاء إلى مستوى توقّعاتهم وطلباتهم. فما هي بنظرك المحطّات الأساسيّة في هذا التحوّل وما هي طرق الاستفادة منها؟
في يومنا هذا، وأكثر من أيّ وقت مضى، أصبح المستهلكون على اطّلاع أكبر. وأظنّ أن التذكير بالتحلّي بالمسؤولية في التصنيع والوعي عن الاستدامة يزداد أهميّةً. وترتبط الأناقة والجمال بشكل أساسيّ بمدى احترام الموظّفين والحفاظ على البيئة.
وجدت درب النجاح في مجالات متنوّعة عدّة. فماذا تقولين للنساء اللواتي يطمحن الوصول إلى القمّة، لكنّهنّ لا يزلن يتخوّفن من التمييز القائم على الجندر؟
عليهنّ فعلاً أن يفكّرن مليّاً في طموحهنّ وتصوّره، والسعي وراءه والامتناع عن الاستسلام في حال هُزمن، وأن يقفن مجدّداً. كذلك يتعلّق الأمر بالتعليم. ويجدر على الأهل أن يعلّمن بناتهنّ السعي وراء أحلامهنّ.
اقرئي أيضاً: At Home مع Karma Salman
كيف تساهمين في تمكين المرأة عبر عملك، وما النصيحة التي تسدينها لكلّ واحدة منهنّ لتحقيق أحلامها؟ فهل من خلطة سحريّة للنجاح تودّين الإفصاح عنها؟
بما أنّني اعمل مع عدد كبير من النساء، لطالما ركّزت على أهميّة إعطاء الأجر على قدر المشقّة، وأحياناً أعطيهنّ مبالغ أكبر، لكي يشعرن أنّهنّ يستطعن تولّي المناصب ذاتها التي يتولّاها الرجال. ودائماً ما أحاول توظيف عدد أكبر من النساء، وهذا ما فعلته بالضبط في تايوان. وأسعى لأن أكون مثالاً يُحتذى به، ففي حال وجّه أحد ما كلاماً غير لائق لأحد الموظّفين، أدافع عنه تلقائياً. ولديّ مجموعة من 15 إلى 20 امرأة أدرّبهنّ بشكل منتظم.
كيف ألهمتك البيئة المتعدّدة الثقافات التي ترعرعت فيها لتصميم منزلك؟
لديّ نزعة إلى مزج القطع التي أختارها من كلّ مكان، نظراً لتمتّعي بخلفيّة متعدّدة الثقافات. وأسافر كثيراً، فكلّ قطعة فنيّة أملكها من بلد مختلف. كذلك، جئت بقطع قديمة من منزلي في لبنان.
ما هي سمات شخصيّتك التي يعبّر عنها ديكور منزلك؟
يعكس الديكور شخصيّتي الانتقائيةّ في الاكسسوارات، لا سيّما الأساسيّات الجيّدة. أحبّ أساسيّات التصميم، وأودّ أن يبقى منزلي نظيفاً وأنيقاً.
اقرئي أيضاً: At Home مع Rania Masri El Khatib
هل يمكنك مشاركتنا إحدى الذكريات المهمّة في خلال تصميم هذا المنزل؟
نظراً أنني قمت بطلب الأثاث مسبقاً، نسّقت لوحة تجميع الأفكار فيما صمّمت ديكور الغرفة، وسُررت فعلاً لأنّ اللوحة بدت رائعة.
هل من لون ديكور أو نمط معيّن تفضّلينه؟ وكيف يتجسّد في منزلك؟
أحبّ تصاميم العصر المتوسّط، لكنّني أحب أن أمزج وأنسّق كثيراً. أعشق التفاوت الذي يظهر عند استعمال أساسيّات التصميم الجيّدة والكلاسيكيّة.
هل تجدين صعوبة في انتقاء اكسسوارت المنزل وأثاثه؟
إنني على الأرجح المتسوقّة الأكثر سرعةً على الإطلاق. ففي غضون أسبوع واحد، أفرغت 200 علبة وجمعت كلّ الأغراض. وأقمنا حفلة العشاء الأولى بعد 10 ايّام من انتقالنا إلى المنزل، ففوجئ الجميع بسرعة حصول الأمر.
كيف تصفين منزلك بثلاث كلمات؟
مريح وممتع....فاشعر فعلاً أنّه منزلي!
اقرئي أيضاً: At Home مع Tania Fares












