"عندما تستطيع أن تشرح فكرة بلغة بسيطة، افعل ذلك." هذا ما قاله عالم النفس والحائز على جائزة نوبل، دانيال كانيمان، في حديثه عن اتّخاذ القرارات، وهو نفس النهج الذي اتّبعه في كتابه "التفكير، بسرعة وببطء". كانيمان يبسّط المفاهيم المعقدة ليجعلها مفهومة للجميع.
الإعداد: Maha Taibah
مها خالد طيبة، مستشارة في الاستراتيجيّة والقيادة وجودة الحياة ومؤسسة شركة "رُمَّان"
قضى كانيمان أكثر من 50 عاماً في دراسة علم الأعصاب، بصفته رائداً في مجال الاقتصاد السلوكي، وكان يركّز في أبحاثه على كيفية اتخاذ البشر للقرارات وإصدار الأحكام. لفترة طويلة، كان الاقتصاديون يؤمنون بنظرية "الاختيار العقلاني"، التي تفترض أنّ الناس يتّخذون قراراتهم بعد تحليل جيّد للتكاليف والفوائد. لكن ما فعله كانيمان في كتابه وعمله هو إثبات أنّ الناس ليسوا عقلانيين دائماً.
ورغم أنّه يختصر الأمور قليلاً، إلا أنه يشرح أنّ الدماغ يحتوي على نظامين: النظام (1) والنظام (2).
النظام (1) هو النظام العاطفي والتفاعلي الذي يفكّر بسرعة. يعتمد على التعرّف على الأنماط والتحيزات والاختصارات للوصول إلى استنتاجات بسرعة—وهو أمر كان مفيداً جداً في العصور البدائية عندما كان على البشر اتخاذ قرارات سريعة للبقاء على قيد الحياة. والآن هو النظام الذي يستخدم في معظم قراراتنا لأنّه يساعد الدماغ على توفير الطاقة التي تستهلك في التفكير العميق.
أما النظام (2) فهو النظام التأمّلي والبطيء الذي يدعونا للتوقف والتفكير بعمق. يتطلّب هذا النظام مجهوداً وتركيزاً أكبر، وفي معظم الأحيان يأخذ وقتاً أطول للوصول إلى قرار عقلاني ممّا يجعله مرهقاً، ولهذا السبب غالباً ما نلجأ إلى النظام (1).
في كتاب "التفكير، بسرعة وببطء"، يشرح كانيمان كيف أنّ الإنسان يميل إلى اتّخاذ قراراته بناءً على الاختصارات العقلية بدلاً من التحليل العميق. ويبيّن أنّنا لسنا دائماً عقلانيين، وحتى عندما نظنّ أننا نفكّر بعمق، فإنّ تحيزاتنا العقلية متأصلة فينا إلى حدّ أننا في معظم الأحيان لا ندرك أنّها تؤثر على قراراتنا.
فنجد أنفسنا نعود إلى نظام (1) مراراً وتكراراً، وهذا ليس دائماً في مصلحتنا.
إذاً، كيف يمكننا أن نُشغِّل النظام (2) بإرادتنا؟ وكيف نتأكّد من أنّنا نتّخذ القرار الأفضل بناءً على المعلومات المتاحة لدينا؟
إقرئي أيضاً: اهمية هرمونات السعادة الأربعة في حياتنا وأثرها على جودة الحياة
إليك نصيحتي...
عندما تواجه قراراً صعباً تحتاج أخذه سريعاً، تنفس بعمق.
عندما يكون لديك قراراً صعباً تحتاج أخذه في الغد، نم بالقدر الكافي.
عندما تستطيع أن تقول شيئاً بلغة بسيطة، افعل ذلك. ذلك يسهّل على الطرف المستقبل فهم ما تقصد بوضوح ويسهّل له اتّخاذ القرار أيضاً.
عندما تريد التفكير بشكل أوضح اخرج للمشي أو ممارسة بعض التمارين الخفيفة فهذا يحفّز الدماغ ويزيد من تدفّق الدم إليه.
عندما تواجه قراراً كبيراً قسِّم القرار إلى أجزاء أصغر. فذلك يمكن أن يساعدك في التعامل مع كلّ جزء بشكل منفصل فيقلّل الضغط العقلي ويجعل النظام (2) قادراً على تحليل الأمور بوضوح.
كلّها نصائح تزيد من طاقة الدماغ وتشحنه أو توفّر استهلاك طاقته وهذا من أهمّ أوليّات دماغنا!
إقرئي أيضاً: 6 قواعد أساسيّة لعلاقة سليمة مع الآخرين