ما بين Maria Grazia Chiuri وابنتها Rachele ReginI

Maria Grazia Chiuri وابنتها Rachele Regini في سبتمبر، في باريس.

الإعداد: Catherine Castro
التصوير: Inès Manai  

عندما تقابلينها للمرّة الأولى، سرعان ما تخطر في بالك كلمة واحدة، ألا وهي "بركان".
ليست Maria Grazia Chiuri طويلة القامة لكنّها بكلّ بساطة ملفتة للإعجاب، ولا تحتاج إلى الكحل المفضّل لديها لإبراز النار المشتعلة في أعماق عينيها. نراها بشعر بلاتيني مالس ومربوط إلى الخلف بتسريحة على شكل ذيل الحصان، وصندل أسود بسيط من دون جوارب وقميص أبيض وسروال جينز، وماذا أيضاً؟ خاتم جمجمة رمزيّ مثل مغنّي Swing Punk متمرّد، يعلوه لوناً أخضر يعكس تقشف الجرانيت ويحمل توقيع Attilio Codognato صائغ البندقيّة الأسطوري.
إنّه تناقض واضح، يترجم شخصيّتها المتمرّدة والملتزمة بالمسار المعتاد في آنٍ معاً، التي تجعلها قادرة على الوقوف في وجه الذكور المسيطرين والمترفين الذين وظّفوها. إنّه الرقيّ بحدّ ذاته. حيث أنّ المديرة الفنيّة لـDior، التي انضمّت إلى دار الأزياء هذه منذ أربع سنوات، اختارت بوضوح فئتها، وهي ليست فئة المظهر. إذ أرادت أن تكون على طبيعتها، لا شيء سوى نفسها، بدون أيّ سمة مصطنعة، مع كلّ ما تمثّل من موهبة وحريّة وثقافة، وكلّ ما تمثّل من شغف.
تقول Maria Grazia إنّ الملابس هي المنزل الأوّل للجسد. إنّما لدى رؤيتها، تخبرين نفسك بأنّ الملابس الأجمل للمرأة تتمثّل في ذكائها. وعند رؤيتها تجتمع مع ابنتهاRachele في جلسة التصوير، نقول لأنفسنا أنّ الحبّ الذي يربط بين هاتين الاثنتين يمثّل أولويّتهما القصوى.
وRachele البالغة من العمر 24 عاماً، انضمّت إلى Maria Grazia في Dior كمستشارة ثقافيّة. إنّها طويلة القامة، وتبدو رائعة في سروال من الدنيم مزدان بمشدّ جلدي باللون البنيّ فتظهر وكأنّها بركان صغير تلتهب النار في عينيها، تماماً مثل والدتها. وعندما تقفان أمام عدسة الكاميرا، وتنظران إلى بعضهما البعض، نشهد تحوّلاً حيّاً. حيث تذوب وجوههما مثل مثلجات الفانيليا الإيطاليّة، وتضيء ملامحهما وتصبح أكثر نعومة. كم أنّ قوة النظرات جنونيّة! إذ تمتلك Chiuri نظرة شخص يعرف كيف ينظر وينقل القوّة إلى أولئك الذين يعتقدون أنّهم لا يملكونها.
ونحن نعني بذلك الحرفيين الذين تعاونت معهم على مجموعاتها في إفريقيا أو الهند أو بوليا. والنساء اللواتي لا تُصنع منهنّ دمى السيليكون وإنّما كائنات حرّة تتّخذ خطوات كبيرة في الحياة. ومعها، تصبح صناعة الموضة أكثر تشويقاً من مجرّد إنتاج ملابس باهظة الثمن. فمع مجموعاتها من الأزياء الجميلة جدّاً التي يسهُل التعامل معها بحيث لا نخشى ارتداءها منذ الصباح الباكر في الشارع، ما تقدّمه فعليّاً هذه المرأة الإيطاليّة المتأصلة في أرض الواقع للنساء، هو رحلة. رحلة استكشاف لعلاقتنا بالعالم وبالآخرين وبأنفسنا وبالرموز.
إذ كتبت في العام 2016: "يجب أن نكون جميعاً نسويّات" على إحدى القمصان من تصميمها التي لاقت نجاحاً فوريّاً وانتشرت في المسيرات النسائيّة المناهضة لترامب في الولايات المتّحدة. إنّه اقتباس من Chimamanda Ngozi Adichie، الكاتبة النيجيريّة التي اختارت Chiuri التعاون معها على مجموعتها الأولى من Dior التي أفصحت عن الاتّجاه الذي ستعتمده، فاتّضح إثرها أنّ المديرة الفنيّة ستعمل مع جمهور عالمي على تفكيك الصور النمطيّة وتخطّي الحدود وترجمة توجّهاتها الفكريّة عبر المنصّات، وكلّ ذلك برقيّ مطلق. كم أنّ قوة الملابس جنونيّة!
بعد ذلك بأربع سنوات ووباء عالمي، أظهر عمل Chiuri عن نجاح تجاريّ قوي. والتقينا بالأم وابنتها قبل أيّام قليلة من العرض. فوجدنا Chiuri تهرب من الأنظار لتدخّن على شرفة مكتبها التي تحاكي بفضل عنايتها بها حديقة إيطاليّة تذكّرها بمنزلها في روما، مع أشجار الزيتون والنعناع وأشجار الليمون، وبرج إيفل والنسيم العليل في الخلفيّة. إذ في غضون أسبوع، ستشهد باريس أوّل أسبوع للموضة بعد الحجر، وستبدو سينوغرافيا عرض ديور لربيع وصيف 2021 غامضة. فعلى المنصة، ستستعرض عارضات الأزياء اللواتي لا يقتصرن على أصحاب البشرة البيضاء حصريّاً ويتميّزن بهويّات وجنسيّات لامحدودة وقطعاً روحانيّة في تعبير عن موضة تنسجم مع عالم اليوم.
في نهاية العرض، سنتفاجأ بأحد الناشطين في الحركة المتمرّدة للتنديد بالصناعة الأكثر تلويثاً في العالم Extinction Rebellion، تقتحم العرض وتلوّح بلافتة: "كلّنا ضحايا الموضة"، ممّا سيدفعنا إلى التفكير. ألم يكن هذا الاحتجاج اللطيف ليبدو منطقيّاً أكثر على منصة عرض إحدى علامات الأزياء السريعة؟ بالتأكيد، ولكن على أيّ حال، ستفعل Maria Grazia وملهمتها Rachele شيئاً ما حيال ما حصل. ولكن في الحقيقة تحت أشعة الشمس الساطعة، نحن نعلم جيّداً أنّ الحفل والفخامة اللذان لطالما رافقا أسبوع الموضة دائماً سيبدوان كعناصر غامضة من عالم الماضي.
لقد هزّت الأزمة الصحيّة بشدة هذه المصمّمة التي تبنّت العبارة اللاتينيّة "Memento Mori"، التي تعني "تذكّر أنّك ستموت". هذه الكلمات، التي همسها الودعاء في آذان الجنرالات الرومان المنتصرين لدعوتهم إلى التواضع، هي اسم خواتم Codognato الخاصّة بها.
في خلال هذا اللقاء الرائع، وجدنا أنّه لا بدّ لهذه الكلمات أن تميّز Maria Grazia، بما تمثّله من قوّة وحسن تقدير. ثمّ بعد ساعتين من الحديث، نرحل مع انطباع بأنّنا نلنا صفعة إنّما رائعة وجميلة، وحتماً غير متوقعة.

Rachele Regini:
بلوزة وسروال من قماش الحرير والقطن من Dior
قميص بدون أكمام من البوبلين من Dior
Maria Grazia Chiuri:
قميص من الحرير وسروال جينز من Dior
مجوهرات خاصّة بها

Maria Grazia، منذ وصولك إلى Dior وأنت تتساءلين حول الهوية الأنثويّة بدون كلل. هل ما زال مفهوم الأنوثة ساري المفعول؟
M.G.C:
توجد فينا جوانب وتناقضات كثيرة، ولا يمكن لهذا كلّه أن يتناسب مع المفهوم الوحيد للأنوثة.
R.R: هذه الكلمات التي تمّ ابتكارها لجعل الناس يشعرون بالأمان. حيث يصنّف نوع محدّد من الملابس في فئة الأنوثة، ونوع آخر في فئة الرجولة، وهكذا يشعر الجميع بالاطمئنان. وشخصيّاً، أجد أنّه من الممتع أكثر عدم التوافق مع الأنماط التي ورثناها.
M.G.C: بالتأكيد يُعتبر ذلك أكثر تسلية، خصوصاً الآن. إذ غيّر الوباء بشكل عميق علاقتنا بأنفسنا وبجسمنا. حيث أُجبرنا على البقاء في المنزل، وحرمنا من علاقاتنا مع الآخرين، ممّا ساعدنا على تعريف أنفسنا والنظر إلى ذاتنا في المرآة، بدون أيّ من المراجع والأنماط، وبدون تلك الفئة التي تساعدنا على تعريف أنفسنا، وإنّ ذلك لأمر صعب. ولكن في النهاية، من المهم أن نملك علاقة جيدة مع الآخرين بقدر ما يعتبر مهماً أن ننشئ علاقة جيدة مع أنفسنا.
R.R: هذه القاعدة الأولى والأهم.

Maria Grazia، هل أنت موافقة على هذه القاعدة الأولى؟
M.G.C:
نعم، بالتأكيد. يمكنني أن أفعل ما هو أفضل، لكنّني أسير على الطريق الصحيح. فالحقيقة أنّني عملت كثيراً على هذا الأمر، إذ إنّ وجود علاقة جيدة مع الآخرين أمر معقد جداً ما لم تكوني جيدة بحق نفسك.
R.R: شخصيّاً أجد الأمر صعباً، وأعيش الكثير من التبديلات والتقلّبات.

Rachele، هل تعتبرين والدتك "قدوة"؟
R.R:
نعم بالطبع. كلا (تضحك). نعم، أنت مثال يُحتذى به، على طريقتك الخاصّة. لأنّنا عادةً ما نتخيّل القدوة كشخص مثالي. إنّما والدتي هي قدوتي لأنّها ليست مثاليّة، وهي مرتاحة جداً حيال ذلك. أمّا أنا، فأسعى إلى أن أكون الأفضل في كلّ شيء. ودائماً ما علّمتني أنّه يمكنني أن أحقّق أيّ أمر أريده بدون أن أكون مثاليّة.
M.G.C: ليس جيداً هذا الضغط الذي يضعه البعض على جيل الشباب خصوصاً، ليكونوا الأوائل في كلّ شيء. بل يبدو لي أنّ تقدير ما نفعله والاستمتاع به، أكثر أهميّة بكثير.

هل هذا ما يعنيه أن يكون الشخص حراً؟ 
M.G.C:
كلا، ليس هذا ما يعنيه الأمر فحسب. إذ إنّنا نعيش في مجتمع حيث تعمل الضغوطات على قمع المتعة المثاليّة.
R.R: بالنسبة إليّ، أجد أنّ الأمر مرتبط بالحريّة بالفعل. فإذا قمت بما تريدينه، هذا يعني أنّك حرّة لجهة توقّعات الناس والمجتمع الذي يخبرك بما لديك من حقّ وبما ليس من حقّك. ولا شكّ في أنّه من الصعب الوصول إلى هذه المرحلة.
M.G.C: بالمناسبة، لا علاقة للأمر بالعمر. بل يكمن السرّ في أن تخبري نفسك أنّه يمكنك القيام بأمر جديد كلّ يوم. والمفتاح هو أن تختاري السير بدلاً من تحديد نقطة الوصول. إذ ليس مهماً ألّا أعرف إلى أين أذهب، بل عليّ الاستفادة من هذا الطريق يوميّاً وفي النهاية سنرى أين سيأخذني.

من أين تنبع هذه الرؤية للحياة؟
Rachele Regini:
إنّها نابعة من عشر سنوات من العلاج النفسي، يا عزيزتي!
M.G.C: هذا صحيح، لا شكّ في أنّ الفضل في ذلك يعود إلى العلاج النفسي. غير أنّ توجّهي لم يكن يوماً مختلفاً جدّاً، ولكن أودّ أن أقول إنّني اليوم أكثر وعياً.

وأنت يا Rachele، هل تستمتعين بالطريق أم أنك تركّزين على الهدف؟
R.R:
أنا من النوع الذي يحدّد ما يريد. حتّى أنّني وضعت قائمة لنفسي سابقاً مضمونها: إنهاء دراستي الجامعيّة في عمر الـ23، بدء الدكتوراه في العام التالي، وفعل هذا وذاك. وفي يوم من الأيام قالت لي أمي: "توقّفي".
M.G.C: قلتها لها " " Basta أيّ توقّفي بالإيطاليّة.
R.R: ولهذا السبب نتوافق بشكل جيد. أيّ لأنّها امتلكت الشجاعة لفعل ذلك، وأقصد أن أقول شجاعة لأنّني قد أكون عدوانيّة في بعض الأحيان. ولكن باختصار، أقدّر أنّها أمسكتني من كتفي وقالت: "هذا يكفي."
M.G.C: علينا أن نفكر جديّاً في ما نتوقّعه من حياتنا. لأنّنا نفعل الكثير من الأشياء لمجرد اعتقادنا بأنّه من المفترض بنا القيام بها، ونولي الكثير من الاهتمام لحكم الآخرين. بينما لا بدّ لنا أن نتعلّم أن نرى أنفسنا بأعيننا وليس بأعين الغير. وهذا معنى عملي بالتحديد، فصحيح أنّني أقدّم إطلالات إنّما الأمر متروك لك لتظهري ما تريدينه.
R.R: باقتضاب، ما تقولينه إنّه: "ليس مِن طريقة واحدة لتكوني جذابة ولتثقي بنفسك. بل يمكنك أن تكوني نسخاً متعدّدة من نفسك."

​​​​​​​​Rachele Regini:
قميص بدون أكمام من البوبلين من Dior
Maria Grazia Chiuri:
قميص من الحرير من Dior

هل تتّفقان مع قول Chimamanda Ngozi Adichie بأنّ تي شيرت "يجب أن نكون جميعاً نسويّات" لن يغيّر العالم؟
M.G.C:
أجل، يبدو الأمر صعباً. ولكن يمكن لكلّ شخص منّا بموهبته الخاصّة، أن يقوم بدوره ويبذل قصارى جهده. والحقيقة أنّ عملي يتجاوز تصميم المجموعات، ويعتبر مهمّة. وأريد أن أغتنم فرصة وجودي في Dior للتعبير عن رؤيتي للعالم ولإعطاء صوت للمرأة ولمساعدة الشركات التي تمثّل قضيّة ما لتكون مسموعة أكثر.
R.R: كما أنّك تريدين مشاركة المعرفة أيضاً.

في ظلّ أزمة اليوم، هل ما زالت صناعة الأزياء ذات معنى؟
M.G.C:
لا تقتصر الموضة على الملابس فحسب، إذ إنّها تتحدّث عن الأزمان، وتتساءل حولها. ومن خلالها، يمكن أن نكوّن فكرة ذهنيّة عن الموضة. فبالنظر إلى المناقشات حول الاستحواذ الثقافيّ والمواضيع الجندريّة، ندرك أنّ هذه الأفكار كلّها تمثّل محور عملنا.
R.R: بالفعل، تتكلّم الموضة عن الهويّة والبيئة. حتّى أنّها جزء من هويّتنا التي تعتمد على المكان الذي نعيش فيه.
M.G.C: لنأخذ المنسوجات على سبيل المثال، إنّها من أولى الأشياء التي صنعتها البشريّة. وبالتالي فإنّ تاريخ أنماط النسيج أو التطريز قصّة من تاريخ البشريّة نفسه.

Maria Grazia، أنت ترتدين سروالاً من الجينز وقميصاً أبيض. أمّا أنت Rachele، فتطلّين بتنورة قصيرة متعدّدة الألوان وقميص أبيض. ماذا تقول هذه الملابس عنكما؟
M.G.C:
إنّ الملابس هي المنزل الأوّل للجسم. لذا أختار ارتداء قطع تشعر جسمي بالراحة، وأحسّ أنا فيها بالثقة في نفسي. بالمختصر، لا أفكر في أيّ معيار سوى الراحة. 
R.R: كذلك الأمر بالنسبة إليّ في ما يتعلّق بالأحذية. إذ أكره ألّا أكون قادرة على المشي أو التحرّك، أو أن تعيقني الأحذية.
إذاً لا تريدان أن يوقفكما أيّ رادع في مساركما ...
R.R:
لا أريد لأيّ عائق أن يوقفني ولا أن يضايقني ولا أن يجمّد حركتي. وها إنّنا نعود مجدداً إلى موضوع الأنوثة. فتقليديّاً، إذا أردت أن تكوني أنثويّة، هذا يعني ألّا تتحرّكين وأن تعيقك ملابسك.
M.G.C: بالنسبة إليّ، إنّ الترويج لفكرة المرأة غير الحرّة أمر لا يمكن تصوّره.

ومع ذلك ابتكرت مشدّاً، أليس هذا متناقضاً مع هذه الفكرة؟ 
M.G.C:
لدى المرأة الحريّة في ارتداء مشدّ إذا أرادت ذلك! لكن يجب أن تكون قادرة على ارتدائه في الشارع. وأودّ الإشارة إلى أنّ المشدّ الذي ابتكرته خفيف جدّاً ومريح.
R.R: يعدّ المشدّ القطعة الأكثر جدلاً حاليّاً في عالم الموضة. فإذا وضعت مشدّاً ضمن المجموعة، حتّى وإن لم يعق الجسم، يعتبرون أنّك لست نسويّة.

سياسيّاً، هل ما زال المشدّ رمز أسر للمرأة؟  
M.G.C:
ولكن لماذا لا يمكنني ابتكار مشدّ؟! إنّ أحد أسباب عملي مع Chimamanda وما لا أحبّه على الإطلاق هو الصورة النمطيّة التي تمنع المرأة النسويّة من وضع أحمر الشفاه أو ارتداء الكعب العالي. فالملابس تعتبر أيضاً أزياء تنكريّة، ولعبة! إنّ الثياب تسمح لنا بإظهار أم إخفاء الجوانب المختلفة من شخصيّتنا. فلماذا لا أكون حرّة في أن أبدو مثل الملكة إليزابيث مثلاً؟
R.R: بالإضافة إلى ذلك، إنّ مشدّك الذي ابتكرته، يسمح لنا بأن نتنفس فيه وهذا ما يجعله فريداً. كما أنّنا لسنا بحاجة إلى أيّ شخص لارتدائه. وفي إبداعات Maria Grazia، ثمّة رغبة في عدم الهروب يوماً من التعقيدات: بل أن تكوني نسويّة وترتدي مشدّاً وترسمي الكعب العالي، وتعملي مع عارضات الأزياء بقياسات العارضات وليس بمقاسات كبيرة. فصحيح أنّ عملها يستكشف العالم الذي نعيش فيه، غير أنّه مليئ بالتسويات. وما تقوله هو أنّه على الرغم من هذه التنازلات، يمكننا التحرّك، أليس كذلك؟
M.G.C: أجل، لا وجود للأسود أو الأبيض. فلتتوقف البساطة، لأنّ الواقع شديد التعقيد. وبالطبع، دائماً ما سيبقى ثمة أشخاص أمثال المصمّمين الآخرين يعتبرون ما أقوم به سطحيّاً.
 في هذا الصدد ، هل تؤمنان بنهاية الموضة كما يدّعي البعض؟
M.G.C:
أعشق الموضة حقاً، والأزياء تمثّل الرغبة البشريّة أيضاً. إذ نحن نعلم أنّ الصناعة تؤثّر على البيئة. لذا هل يكمن الحلّ في عدم ابتكار واستهلاك أيّ شيء؟ كلا، فنحن بشر والرغبة هي دافعنا. وباعتباري مصمّمة، عليّ أن أحقق توازناً بين القضية الشائكة للتأثير البيئي ومسألة الرغبة هذه.

بالرغم من كلّ شيء، فإنّ تأثير هذه الصناعة لا يمكن إنكاره ...
M.G.C:
الأمر معقّد. إذ لا ترتبط الاستدامة والتأثير بالملابس فحسب، بل أيضاً بوظائف الأشخاص الذين يعملون في هذه الصناعة. إذ إنّنا نعيش في عالم رأسمالي. وعلى ما يبدو أنّ هذا النظام له تأثير سلبي جداً على البيئة. حسناً، ولكن هل تعتقدون أنّه من الممكن تغيير كلّ ذلك في ثانية؟ لا أحد يستطيع تصديق هذا الأمر. لهذا علينا إيجاد حلول وسط لتقليل أثرنا، مع الحفاظ على الوظائف.

Rachele Regini ولد جيلك في ظلّ أزمة المناخ. ما رأيك في التكلفة البيئيّة للموضة؟
R.R:
تغطي صناعة الأزياء الكثير من الحقائق المختلفة تماماً، مثل الإنتاج. بحيث لا يمكن مقارنة الإنتاج في أوروبا مع الإنتاج في البلدان الناشئة. إنّما يعتقد جيلي أنّ الموضة ككلّ تطرح المشكلة نفسها، في حين أنّ ثمة مشاكل كثيرة. لأنّ صناعة الموضة قد تشتري ملابس عتيقة أو تدوم، ولكنّ الرغبة في الموضة تبقى على حالها.
M.G.C: لا يجب أن نعتقد أنّ حلّاً واحداً وارداً فحسب، وإنّه من السهل جدّاً إيجاده. إنّما المهمّ أن يقوم كلّ شخص بدوره.
R.R: يعمل الكثير من الناس في هذه الصناعة. ولكن إذا قررنا التوقف عن الإنتاج في مكان محدّد، ماذا سيحدث لكلّ أؤلئك الناس؟ إنّهم بحاجة إلى 1 يورو في الساعة، كيف سنجد لهم وظيفة أخرى؟ إذاً لنكن مستدامين للناس أيضاً.

وفقًا لمجلة Grazia UK، فإنّ Rachele هي "سلاح Maria Grazia السرّي".
M.G.C:
(تضحك) نعم! إنّ Rachele ذات قوة مدمّرة.
راشيل ، أنت مستشارة ثقافيّة لدى الدار، أليس كذلك؟
R.R:
نعم، في الواقع يقضي دوري في مواصلة الحوار حول دراسات الجندر والاستحواذ الثقافي وكلّ هذه المواضيع التي لا يفهمها أحد حقاً. كذلك، أحرص على أن تتبع كلّ مجموعة مشروع الدمج هذا.

كيف يجري التعاون بينكما على أرض الواقع؟
R.R:
يبدأ الأمر بالكتب والأفلام. إذ تحدّد Maria Grazia موضوع البحث الرئيس. وبالنسبة إلى مجموعة كروز الأخيرة، فوقع اختيارها على منطقة بوليا الإيطاليّة وحرفيّتها والعلاقة بين Maria وهذه المنطقة. والحقيقة أننا نتحدث كثيراً. فمثلاً، تذكّرت كتاباً بعنوان Magic: A Theory from the South من تأليف De Martino، الذي يعكس طاقة المنطقة بشكل جيّد، وانتهى به الأمر ليكون أحد النصوص المرجعيّة الرئيسة لتغذية إلهامنا. هذا وشاهدت أيضاً صورة لفتاة صغيرة تحترق بريشة Céline Sciamma. وإثرها، شكّل المشهد على الشاطئ حيث ترتدي الممثلات الأوشحة الجميلة مصدر إلهام لتصميم أوشحة العرض.
M.G.C: مع أنّها رفضت هذا المنصب في البداية.
R.R: إنّها تعتبرني محترفة من جهة العمل، هذا كلّ ما في الأمر. وأحياناً ما يجب أن أذكّرها بأنّني ابنتها.

هل أنتما متطلّبتان جداً؟
M.G.C:
أنا قاسية جداً مع الأشخاص الذين أعمل معهم، ومع الجميع. لأنّني كذلك مع نفسي.

ما الذي تقدّمة Rachele لك؟
M.G.C:
لطالما أعطتني وجهة نظر صادقة، بدون القلق بشأن إرضائي. وهذا يساعد على عدم فقدان الاتّصال بالواقع، وليس حبس نفسي في عالمي الخاص.

بأيّ كلمة يمكن لكلّ منكما تعريف علاقتكما؟
R.R:
إنّها عميقة.
M.G.C: إنّها كذلك بالفعل، فنحن عائلة ذات علاقة عميقة جداً. بحيث نناقش علاقتنا كلّ يوم، لذا فهي ليست فاترة أبداً.

أليس مخيفاً بالنسبة إليك أن تكبري إلى جانب أمّ قويّة إلى هذا الحدّ؟
R.R:
إنّه عمل شاق، إنّما ليس مخيفاً. لأنّ وجودي كابنة يعتبر عملاً شاقاً أيضاً. إنّها أم عظيمة، وأنا أعرفها جيداً كشخص. بل إنّها أم وشخص مقرّب.

وأيّ نوع من البنات هي Rachele؟
M.G.C:
إنّها شخص عميق وقاسٍ جداً على نفسه وأحياناً على الآخرين. وآمل أن تجد التوازن بين الاثنين.

Maria Grazia، قمت بتربية أطفالك بالتوازي مع العمل. هل تشعرين وكأنّك كنت أماً غير متاحة؟

 M.G.C: إطلاقاً.
R.R: صحيح أنّني قضيت وأخي الكثير من الوقت مع والدنا، لكنّها لم تكن بعيدة. بل أنّها عملت وعمل والدي بدوره أيضاً، وكان ذلك طبيعيّاً. وبصراحة، لم أرغب في أن تكون موجودة طوال الوقت. كان ذلك ليكون كابوساً!
M.G.C: أردت في بعض الأوقات في حياتي التوقف عن العمل. إنّما اعتقد زوجي Paolo أنّها فكرة سيّئة. ولكنّني أخذت استراحة بالفعل عندما ولدت Nicolo. ثم بعد عام، قال لي Paolo: هذا يكفي (Basta)، عودي إلى العمل

أقيم عرض Dior 2020-2021 في مسقط رأسك بوليا، لماذا هناك تحديداً؟
M.G.C:
تتمتّع دار مثل Dior بالحساسيّة اللازمة لإنشاء حوار حول حرفيّة البلدان المختلفة والترويج لها. وهذا أمر مهم، لا سيّما في وقت تتمّ فيه مناقشة مسألة الاستحواذ الثقافيّ. ومع Dior، أريد أن أجعل صوت الحرفيين مسموعاً في جميع أنحاء العالم، وغالباً ما يكنّ من النساء اللواتي لا يقدّرن جمال عملهنّ.

ختاماً، رأيتك ترقصين أثناء التصوير ...
M.G.C:
أجل، أحبّ الرقص.
R.R: أحيانًا أوقفها عن ذلك.
M.G.C: الرقص يمنحك طاقة جيّدة. إنّه أمر أساسيّ، لا سيّما في هذا الوقت الذي لا يوجد فيه الكثير من الأمل. وقد رقصنا كثيراً في المنزل أثناء الحجر.

ما الذي يجعلك ترقصين فوراً؟
M.G.C: Donna Summer وDiana Ross يجعلانني أرقص في ثانيتين... فأنا من جيل الديسكو، وأحبّ ذلك.  

اقرئي أيضاً: جولة مع Maria Grazia Chiuri في بوليا!

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث