رحلة إلى أصول طعامك المفضّل

لديك ضعف على الجبنة أو التوابل أو السوشي أو الشوكولاتة ولا تفوّتين فرصة تذوّق تلك المأكولات عندما تسافرين أو عندما يُفتتح معرض مخصّص لها؟ لماذا لا تنضمّين إلينا في رحلة لاكتشاف أصول طعامك المفضّل، فتتوجّهين مباشرة إلى المصدر وتتعرّفين على الهويّة الأصليّة لهذه المأكولات؟
الامتناع عن الأكل في شهر رمضان المبارك فريضة تقوم بها الكثيرات. وبالرغم من الفوائد التي يتركها الانقطاع الموقّت عن الأكل والشرب على الجسم فيقوّي جهاز المناعة ويطهّر الجسم من السموم ويساعده على محاربة الفيروسات والدهون، إلّا أنّك وبعد هذه التجربة، ستستمتعين في الذهاب في رحلة تتعرّفين فيها على مأكولاتك المفضّلة، وهذا ما سنفعله معاً في هذه السطور.
استعدّي لهذه الرحلة وغوصي في الوجهات الفضلى لمأكولاتك الأشهى، لتتعرّفي على أهمّ مكوّناتها وأسرارها وبعض الحقائق التاريخيّة المتعلّقة بكلّ منها.
وفي خلال هذه الرحلة، ستكتشفين أيضاً ثقافة البلد من خلال هذه الأطباق.
فالسفر إلى بلد ما لا يكتمل بدون تذوّق الأطعمة الفضلى التي يقدّمها السّكان المحليّون. فما أفضل من تذوّقها من المصدر وعلى يد أعرق الطهاة الذين يمتلكون أسرارها؟

 

فــرنسا
يُعتبرالمطبخ الفرنسيّ الأسطوريّ العمود الفقريّ للكثير من الأطباق في جميع أنحاء العالم الغربيّ. قبل القرن الخامس عشر، كان لدى فرنسا ما يعتبره الكثيرون اليوم غذاء الفقراء، لكن في منتصف هذا القرن انتقلت Catherine de Medici of Italy من إيطاليا إلى فرنسا لتتزوّج بالملك هنري الثاني. وحملت معها طهاة مبدعين ذوي خبرة من فلورنسا. وفي السنوات التي تلت، تحوّلت المأكولات الفرنسيّة إلى فنّ سحريّ من التقديم الجميل والنكهات المبتكرة. لكن بغضّ النظر عن أناقة هذه الأطباق، تبقى الجبنة الفرنسيّة العلامة المميّزة للمطبخ الفرنسيّ.
هل تعلمين أنّ استهلاك الجبنة في فرنسا أكبر من أيّ بلد آخر في العالم؟ فكلّ فرنسيّ يأكل ما يعادل 45 رطلاً من الجبنة سنويّاً. وإذا كنت من محبّات هذا الطبق، فوجهتك الفضلى باتت معروفة. ومن فرنسا، نبدأ رحلتنا. لكلّ منطقة في هذا البلد أجبان خاصّة بها تُقدّر بـ350 نوعاً من الجبن الفرنسيّ مع ما يزيد عن ألف صنف. فمن الجبنة الطريّة إلى الصلبة مروراً بالأجبان الطازجة والأجبان الزرقاء ووصولاً إلى جبن الماعز، بات تذوّق هذه الأجبان المصنوعة بطريقة تقليديّة من المصدر ضرورة.
تبقى Normandy، التي تضمّ عشرات الأقبية والتي تتذوّقين فيها أشهى الأجبان، المكان الأفضل لاكتشاف الجبنة الفرنسيّة. فيمكنك النزول في فندق Château la Chenevière, Port-en-Bessin, Normandy الفاخر ومن هناك البدء برحلتك الشيّقة. ومن الضروريّ أن تقصدي Fromagerie E. Graindorge في Livarot لتذوّق أطيب الأجبان وأغناها وشراء أغلى أنواعها وأرقاها.

ثمّ يمكنك التوجّه إلى الريف الفرنسيّ على وقع رائحة البابونج ورنين أجراس المواشي وأشعّة الشمس الهادئة لتتمتّعي بسمفونيّة حقيقيّة من النكهات في وادي Loire. وتتابعين رحلتك لتزوري Château de Valençay، حيث يُقال إنّ نابليون قطع الجزء العلويّ من هرم جبن الماعز المسمّى Valençay. من هناك يمكنك التوجّه إلى قرية Vimoutiers حيث كانت ماري هاريل المشهورة بصنع الكاممبر تبيع أجبانها. لا تفوّتي أيضاً زيارة مزرعة La Héronnière التي تجدين فيها بيتاً آخر مصنّعاً الجبنة. من هناك يمكنك الغوص جنوباً إلى كهوف Roquefort الشهيرة أو التّوجه إلى جبال الألب لاستكشاف القصر الصغير المخصّص لصنع الجبن الذي يقف على جانب الجبل ولتذوّق جبنة Beaufort d'été التي تُعدّ في منطقة Savoie وتُعتبر من أغلى الأجبان في العالم إذ يصل سعر الكيلو إلى 100 دولار.

اقرأي أيضاً: رحلة تطلعك على أسرار جماليّة من حول العالم

 

ماليزيا
سنكمل رحلتنا إلى ماليزيا، فإذا كنت من محبّات التوابل عليك حتماً زيارة هذه الوجهة. يقدّم المطبخ التايلانديّ أفضل الأطعمة من جنوب شرق آسيا. ويُعرف هذا المطبخ بالنكهات الغريبة والعطريّة المتنوّعة، فيتميّز بجمعه أطيب النكهات الصينيّة والهنديّة والإندونيسيّة والتايلانديّة مع الماليزيّة أيضاً. فينتج عن ذلك باقة من النكهات الفريدة. ألف طعم وطعم سيتفجّر في فمك عندما تتذوّقين الأطباق الماليزيّة، فتخيّلي تذوّق نكهة كلّ هذه الحضارات في طعم واحد.
الطعام الماليزيّ حارّ في العادة، فالأطباق تحتوي على مجموعة من التوابل والأعشاب التقليديّة كمزيج من الكزبرة والكمّون مع عشب الليمون وأوراق الكافير والهيل ونجمة اليانسون والحلبة. ومنذ القدم، يعدّ الأرزّ عنصراً أساسيّاً في الأطباق الماليزيّة. وبعد اختلاط المستوطنين الصينيّين الأوائل مع نساء الملايو المحلّيّات، أدّى ذلك إلى ظهور جيل جديد من الملايو الصينيّين المختلطين المعروفين باسم Peranakans. ويتميّز هذا الجيل بأسلوب طبخ ماليزيّ صينيّ متنوّع. وأحد الأطباق التقليديّة الأشهر هو Nasi Lemak وهو طبق من الأرزّ المطهوّ على البخار مع حليب جوز الهند يُقدّم مع سمكة الأنشوفة المجفّفة والفول السودانيّ والبيض المسلوق والجمبري المجفّف والخيار والسمبال، ويتمّ تقديمه مع الكاري أو حساء اللحوم الحارّ. إضافة إلى ذلك، الحلويات الماليزيّة غنيّة بالألوان والإبداع أيضاً وأغلبها مصنوع من طحين الأرزّ وجوز الهند.

فإذا أردت خوض هذه المغامرة والتعرّف على هذه الوجهة، يمكنك التوجّه إلى جزيرة Penang في ماليزيا والنزول في Shangri-La's Rasa Sayang Resort & Spa الذي يقدّم أشهى الأطباق التقليديّة، فتعيشين تجربة فاخرة تكتشفين في خلالها أصول طعامك المفضّل. ويمكنك التوجّه إلى جزيرة Pangkor أيضاً التي تُعتبر وجهة للرفاهيّة وأروع الأطباق الماليزيّة. فيمكنك النزول في Pangkor Laut Resort لتعيشي تجربة غنيّة بالنكهات وتتذوّقي طبق Nasi Lemak التقليديّ والغنيّ بالتوابل. ولا تنسي شراء الزعفران الذي يُعتبر أغلى التوابل في العالم لشدّة ضرورة العناية بزهرته، إذ يتراوح سعر الكيلو من 1000 إلى 11000 دولار للكيلوجرام الواحد.

اقرأي أيضاً: رحلة إلى أعماق ذاتك

 

اليابان
هل أصبحتِ مدمنة على السوشي حديثاً؟ طبعاً، فمن منّا لا تحبّ السوشي. لمَ لا تزورين إذاً بلد المنشأ لهذا الطبق الصحّيّ واللذيذ؟
يشتهرالمطبخ اليابانيّ بمأكولاته الشهيّة والغنيّة منها السوشي والـKaiseki
والـOkonomiyaki والـTonkatsu. فلكلّ منطقة جغرافيّة تقاليد طهي فريدة خاصّة بها ستتعرّفين عليها في ما يلي. تنقسم اليابان إلى مناطق جغرافيّة طوّرت كلّ منها تقاليدها الفريدة في الطهي عبر قرون من التغيّرات الاجتماعيّة والاقتصاديّة. ويعتمد المطبخ اليابانيّ على الجمع بين الطعام الأساسيّ، وهو الأرزّ الأبيض المطهوّ على البخار مع طبق أو عدّة أطباق رئيسيّة، مصحوبة بحساء Miso. ويُحضّر الطعام اليابانيّ بعناية باستخدام المكوّنات والنكهات الموسميّة. وبما أنّ اليابان جزيرة محاطة بالبحر، استغلّ شعبها دائماً الإمدادات الوفيرة من المأكولات البحريّة. فالمطبخ الياباني مع مأكولاته اليابانيّة التقليديّة المعروفة
بـWashoku هو واحد من ثلاثة مطابخ عالميّة، إلى جانب المطبخين الفرنسيّ والمكسيكيّ، معترف بها من قبل الأمم المتّحدة لأهميّتها الثقافيّة، فأضافته إلى قائمة التراث الثقافيّ غير المادّيّ.

وبينما يفكّرالطهاة في البلدان الأخرى بنكهات أربعة فصول سنويّة فحسب، يفكّر الطهاة اليابانيّون بعشرات الفصول ويختارون بعناية المكوّنات التي تتناسب مع الفترة المعيّنة التي يُحضّر بها الطبق. وإذا أردت عيش هذه التجربة ، توجّهي إلى طوكيو التي تُعتبر من وجهات الطعام الأكثر إثارة في العالم وذات التأثير الكبير على المطبخ اليابانيّ. فستعيشين في الوقت عينه خبرة يملؤها الحماس والأطباق اللذيذة. ويمكنك التوجّه إلى هناك والنزول في Four Seasons Hotel Tokyo Marunouchi ومن هناك البدء بمغامرة شيّقة لتذوّق السوشي وتعلّم الأسرار الكامنة وراء تحضيره في Tsukji Fish Market أوالتجوّل في Harajuku المعروفة بأسواقها الشيّقة Omotesando للتعرّف على المأكولات الألذّ. ويمكنك أيضاً تذوّق أطيب المأكولات في مطعم Akomeya Tokyo. كذلك لا تنسي تذوّق واحد من أغلى الأطباق في العالم وهو سمك التونة ذو الزعانف الزرقاء Blufin Tuna الذي تصل كلفته إلى 7700 دولار للكيلوجرام الواحد ويمكن أن تجديها في سوق Tsukiji للأسماك في طوكيو.

اقرأي أيضاً: سويسرا ملاذ الروح والجسد

 


سويسرا
وبعدما تعرّفنا على بعض الوجهات المالحة، حان الوقت لإضافة بعض السكّر. فهل من المعقول أن نتكّلم عن وجهات الأطباق الفضلى من دون التطرّق إلى تحليتك الأشهى؟ تتميّز سويسرا بتراثها الغنيّ وأطباقها التقليديّة اللذيذة النابعة من طبيعتها الفائضة بالزراعات المتنوّعة. ويشمل هذا التراث 400 منتج مختلف معترف به رسميّاً بمثابة جزء من تراث سويسرا في الطهي. أتعرفين المنتج الذي يستهوينا بين هذه المجموعة الغنيّة؟ إنّه طبعاً الشوكولاتة. بالنسبة إلى الكثير من الناس، سويسرا هي مرادف للشوكولاتة الغنيّة والناعمة التي تولّد لديك حاجة إلى تناول المزيد منها.

فيحتلّ هذا البلد المرتبة الأولى في الجودة ويستهلك المواطن السويسريّ ما يقارب 11 كيلوجراماً من الشوكولاتة في السنة. وتعود جذور قصّة سويسرا مع الشوكولاتة إلى القرن السابع عشر، عندما كان موقعها استراتيجيّاً لمرور البضائع إلى أوروبا، فبدأت بتصنيع الشوكولاتة في Canton of Ticino على حدودها الجنوبيّة مع إيطاليا. وفي العام 1819 افتُتح المصنع الآليّ الأوّل للشوكولاتة في مدينة Vevey، الذي يقع على حافّة بحيرة Léman بعدما طوّرها عدد من صانعيها. وسرعان ما انتشر ابتكار الشوكولاتة في سويسرا وليس صنعها فحسب. نذكر مثلاً إضافة الحليب إلى الشوكولاتة واختراع ما بات يُعرف اليوم بالـMilky Bar في العام 1867.
فلماذا لا تزورين مدينة Vevey في سويسرا لتكتشفي أصول التحلية التي ترافقك يوميّاً وتشعرك بالسعادة وترفع من معناويّاتك عندما تحزنين؟

يمكنك النزول في فندق Grand Hotel du Lac الفخم الذي تحيط به الطبيعة الخلاّبة ومن هناك تتوجّهين في مغامرة تغني معرفتك عن الشوكولاتة وشوقك إلى تناولها. فيمكنك زيارة مصانع الشوكولاتة الأولى في هذه المنطقة ومتاجرها القديمة التي لا تزال تعبق برائحة الأصالة والعراقة. ولا تفوّتي زيارة Läderach (Schweiz) AG حيث ستتذوّقين أرقى أنواع الشوكولاتة وتجلبين أفخم الهدايا لصديقاتك اللواتي يعشقنها.

اقرأي أيضاً: رحلةٌ تُوطّد علاقتك بعائلتك

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث