التصوير: Maximilian Gower
الإدارة الفنيّة: Farah Kreidieh
التنسيق: Sarah Rasheed
عندما أطلقت دار صلصال للتصميم Silsal Design House، ارتأت Samar Habayeb، الرئيسة التنفيذيّة والمديرة الإبداعيّة للعلامة التجاريّة الأولى للخزف الفاخر في المنطقة، أن تكرّس مسيرتها المهنيّة لابتكار قطع خزفيّة مستوحاة من العالمين العربيّ والإسلاميّ، خصيّصاً لسوق الشرق الأوسط. واليوم مع كلّ مجموعة، تأمل Habayeb الحفاظ على التقاليد العريقة، فتبعث حياة جديدة فيها وتعيد تصوّرها في الوقت عينه ضمن أطر الحداثة. وزرنا منزلها في دبي لنرى كيف يتجسّد حبّها للفنّ والتصميم فيه. لذا، انضمّي إلينا في ما يلي لنكتشف معاً كيف يمثّل ديكور منزل هذه المرأة الأردنيّة الرائدة انعكاساً لقيمها ومن تريد أن تكون بعيداً عن العالم الخارجيّ وكذلك للحصول على بعض النصائح حول أدوات المائدة!
وُلدت وترعرعت في الأردن، ثمّ درست في الولايات المتّحدة الأمريكيّة واليوم تعيشين في دبي. فكيف صقلت هذه الأماكن المختلفة شخصيّتك؟
يسعدني كثيراً أنّني تربيّت في منزل آمن ومحبّ ومرح طوال طفولتي، وهذا أمر أشعر بالامتنان الكبير له. إذ لديّ الكثير من الذكريات الرائعة والممتعة من نشأتي هناك، ولا زلت أسترجعها مراراً. وبفضل عائلتي ومنزلنا الدافئ، شكّل ذلك المكان المثاليّ لي لأنمو، وأعطاني الثقة للانتقال إلى فصل جديد في الولايات المتّحدة. فكانت الفترة التي قضيتها في تلك البلاد مشوّقة وصعبة في آن معاً لأنّها المرّة الأولى التي خرجت فيها من منطقة راحتي. ومع ذلك، باتت الأمور أسهل عليّ عندما عرفت أنّ الكثير من الأشخاص الآخرين يمرّون بالتجربة عينها. وبالفعل، منحتني تلك التجربة الشجاعة لتحدّي نفسي، وعلّمتني كيفيّة تحديد أهدافي واختيار خطواتي بعناية. ففي الولايات المتّحدة تغيّر معنى "الفشل" بالنسبة إليّ وأصبح "التحدّي" أمراً مليئاً بالفرص المحتملة. ثمّ، عندما انتقلت إلى دبي للمرّة الأولى، شعرت بخوف كبير نظراً إلى أنّها مدينة سريعة الخطى. وهنا، استندت إلى ماضيّ وأصبحت أكثر قوّةً. فالعيش في دبي جعلني أدرك من أريد أن أكون حقّاً، وأيّ نوع من الأشخاص تمنّيت أن أصبح، وبمن أريد أن أحيط نفسي. فهذه المدينة غنيّة بتنوّعها وأوجهها المتعدّدة، ممّا سمح لي بإعادة اكتشاف نفسي ومعرفة ماذا أريد أن أكون في هذا العالم، ليس من منظور الأعمال التجاريّة، إنّما من منظور شخصيّ واجتماعيّ.
أطلقت دار صلصال للتصميم بعد حصولك على شهادة البكالوريوس في التصميم المعماريّ والاقتصاد من جامعة Tufts، وماجستير في صناعة الخزف من معهد جامعة Wales. فما القصّة وراء هذا الاستثمار الأوّل الذي قمت به وما علاقة ذلك بجذورك الأردنيّة؟
بدأت قصّة صلصال في الأردن في العام 1989، عندما أطلقت والدتي وخالتي Silsal Ceramics كوسيلة لإعادة إحياء تقاليد الفخار المتضائلة في البلاد. ثمّ، بعد تقاعدهما، أغلقت Silsal Ceramics أبوابها. لكن بعد ذلك بحوالى عام أو أكثر، التقطتُ الشعلة بنفسي وأطلقت دار صلصال للتصميم المستوحاة من Silsal Ceramics بشقّ كبير منها، إنّما مع هدف جديد وروح مختلفة تقضي بتقديم قطع ذات جودة عالية ومع قابليّة التوسّع. وبما أنّني درست صنع الخزف والهندسة المعماريّة في آن معاً، اكتسبت قدرة جيّدة على التصميم بالفعل. كذلك، تعلّمت الكثير من مشاهدة أمّي وخالتي تؤسّسان Silsal Ceramics، وهذا ما أعدّني جيّداً من حيث فهم التفاني والجهد والعمل الذي يتطلّبه بناء الأعمال التجاريّة. لذا عندما أطلقت صلصال، حرصت على ابتكار قطع مصمّمة خصّيصاً لسوق الشرق الأوسط ومستوحاة من العالمين العربيّ والإسلاميّ.
بصفتك الرئيسة التنفيذيّة والمديرة الإبداعيّة للعلامة التجاريّة الأولى للخزف الفاخر في المنطقة، هلّا أخبرتنا المزيد عن عمليّة الإنتاج، من الإلهام إلى التصميم ثمّ التصنيع؟ وهل تتابعين هذه العمليّة من الصفر ومتى تتدخّلين؟
في صلصال، أشرف على العمليّة برمّتها من مراحلها الأولى، وصولاً إلى المحاسبة وخدمة الزبائن وسير العمليّات، لذلك فأنا منخرطة في العمليّة من الألف إلى الياء. وتقضي الخطوة الأولى لابتكار مجموعة جديدة في إيجاد الوحي. ويمكن استقاء الإلهام من زخارف أو أشخاص أو مبنى أو قطعة فنيّة. وقد يأتيني الإلهام في أيّ وقت وأيّ مكان، لذلك أحاول أن أعطي نفسي الوقت والمساحة للتفكير في كلّ ما رأيته واختبرته. ثمّ، بمجرّد أن تخطر لي أيّ فكرة، أتحدّث مع المؤرّخين ومؤرّخي الفنّ والباحثين لفهم الخطّ أو الزخرفة أو الفترة الزمنيّة أكثر. وبعد ذلك، يطلق فريق التصميم العنان لسحرهم، على الرغم من أنّني منخرطة جدّاً في هذه العمليّة. ومن هنا، ننتج عيّنات لنرى كيف يعمل التصميم في الحياة الواقعيّة. وعادةً ما نقضي بضعة أسابيع على تعديل التصميم قبل البدء بالتصنيع. وبعد أن تصبح المنتجات جاهزة، يبقى علينا إجراء فحوصات الجودة والمراقبة. أي نتحقّق من أنّ التصميم مثاليّ، بالإضافة إلى التأكّد من أنّ المنتجات آمنة للطعام وأنّ أسس التنظيف والعناية بالمنتج صحيحة. أخيراً، نركّز على الخدمة ما بعد البيع، فإذا كان الزبون غير راضٍ بنسبة 100٪ عن أحد المنتجات، يبقى فريقنا على اتّصال على مدار الساعة طوال أيّام الأسبوع لمساعدته في إعادة المنتج أو استبداله. ولحسن الحظّ، نادراً ما تأتينا أيّ شكاوى، وهذا دليل على العمليّة الصارمة التي وضعناها قيد التنفيذ.
ما التحدّي الأكبر الذي واجهته عندما نقلت مشروع والدتك وخالتك من الأردن إلى دبي في العام 2013 وكيف تغلّبت عليه؟
عندما قرّرت والدتي وخالتي إغلاق Silsal Ceramics في الأردن، ارتأيتُ إطلاق دار صلصال للتصميم في دبي. وعلى الرغم من الاسم المشترك، إلّا أنّها كانت شركة جديدة, ذات هدف جديد تماماً, تقدّم المنتجات. وبالنسبة إليّ، كانت الإمارات دولة جديدة مع قوانين جديدة. لذا، استغرقني الأمر وقتاً طويلاً لفهم كيفيّة عمل النظام فيها. لكن، لا بدّ لي أن أقول إنّ أفضل ما في الإمارات أنّ الحكومة تسعى جاهدة لتسهيل الأمور قدر الإمكان لروّاد الأعمال. وترى التزامها بتحسين النظام البيئيّ للقطاع الخاصّ على أنّه مكسب للجميع، وهو بالضبط ما ينبغي أن يكون عليه؛ وبالفعل تفعل الحكومة الإماراتيّة ذلك بشكل جيّد. إنّما بالطبع، واجهت بعض الصعوبات وستظلّ تنتظرني التحديات دائماً، لكنّني أؤمن بما أفعله، وهذا ما جعلني أستمرّ. والأمر الذي ساعدني أيضاً هو أنّه لديّ شبكة دعم مذهلة، وأنا ممتنّة جدّاً لزوجي وعائلتي، الذين أثبتوا أنّهم مصدر تشجيع وإلهام لي. وختاماً، أصل إلى زبائننا الذين شكّلوا أداة قيّمة لنا، من خلال كلماتهم المشجّعة ودعمهم المستمرّ، وبالتأكيد من خلال تعليقاتهم الرائعة التي غالباً ما دفعتنا إلى رفع مستوانا أكثر فأكثر.
ما القاعدة الوحيدة المتعلّقة بهويّة علامتك التجاريّة التي دائماً ما تأخذينها في الاعتبار عند تقديم منتجات وتصاميم جديدة؟
إنّنا ملتزمون بتقديم منتجات مستوحاة من فنون العالمين العربيّ والإسلاميّ، فهذه هويّتنا وهذا أسلوب عملنا. فمنطقة الشرق الأوسط أرض التناقضات، وفيها يلتقي التراث القديم والثقافة الحديثة. لذا مع كلّ مجموعة، آمل الحفاظ على التقاليد العريقة، فأبعث حياة جديدة فيها وأعيد تصوّرها ضمن أطر الحداثة. وفي خلال تلك العمليّة، أسعى إلى ابتكار قطع جديدة وجميلة يمكننا الاستمتاع بها جميعاً.
هلّا أطلعتنا على المزيد عن تعاونك مع Dee by Dalia؟
مشاريع التعاون غاية في الأهميّة بالنسبة إليّ، لأنّني أريد توسيع آفاق صلصال إلى ما بعد حدود مخيّلتي. ومن الطبيعيّ أن أتعاون مع علامة موضة، بالنظر إلى التآزر القريب بين عالم الموضة ومجال تصميم المنازل. فلطالما أثّر الاثنان في بعضهما البعض. كذلك، تدافع علامة Dee by Dalia عن فكرة الأسلوب الشخصيّ التي تتوافق مع نهجنا. فضلاً عن أنّها موهوبة جدّاً على صعيد المطبوعات. لذا، كان الجمع بين زخارفها المميّزة وأدواتنا المنزليّة العصريّة بمثابة حلم يتحقّق.
تعملين مع منظّمة إنجاز الإمارات INJAZ UAE لتوجيه الشابّات حول ريادة الأعمال. فما دروس الحياة الرئيسة الثلاثة التي تشاركينها معهنَّ بناءً على تجربتك الشخصيّة؟
لطالما كنت شغوفة بتمكين الأجيال القادمة من القيادات النسائيّة وأغتنم أيّ فرصة يمكنني الحصول عليها لتوجيه الشابّات. ففي النهاية، يقضي هدفي بتزويدهنَّ بالمعرفة والثقة وكلّ الأدوات التي يحتجنَ إليها في مساعيهنَّ المستقبليّة. وأهمّ ثلاثة دروس حياة لهنَّ هي التالية:
• كنَّ صارمات من حيث طاقتكنَّ ووقتكنَّ، وقدّرنَ كيف وأين ومع من تنفقانهما.
• تعلّمنَ الانضباط والتكيّف. لن يسير أيّ أمر كما تخطّطنَ له تماماً، لذلك يجب أن تبقينَ ذكيّات ومرنات.
• ثقنَ بحدسكنَّ. فعندما أعود بذاكرتي إلى الوراء، أرى أنّ حدسي كان على حقّ طوال الوقت.
ما نصيحتك لربّات المنازل ليخترنَ أدوات المائدة بشكل أفضل؟ وكيف تنصحين الزبونات بالاعتناء بها للحفاظ عليها لفترة طويلة؟
الأهمّ أن تختاري القطع التي تعكس شخصيّتك الحقيقيّة. كذلك، لا تخشي مزج الأنماط والألوان وتنسيقها. ففي بعض الأحيان، يسمح الجمع بين القطع من مختلف العلامات التجاريّة والمجموعات بابتكار مظهر يتماشى مع أسلوبك وشخصيّتك. وبطبيعة الحال، لسنا نصمّم منتجاتنا لتبقى على الرف، على الرغم من أنّها ستبدو جميلة بالتأكيد. غير أنّها مصمّمة بغية استخدامها والاهتمام بها بمحبّة، سواء فعلت ذلك كلّ يوم أو في عطلة نهاية الأسبوع أو في المناسبات الخاصة فحسب. فنحن نعمل باستمرارعلى تصنيع منتجات أكثر قوّةً ومتانةً، في حين نأمل أن تتناقلها الأجيال، لذا كلّ ما عليك فعله هو أن تتّبعي تعليمات العناية بها فحسب.
تلعب أدوات المائدة دوراً كبيراً في جذب الضيوف إلى المائدة والاستمتاع بالطعام. فكيف تعكس هذه الأطباق شخصيّة المُضيف؟ وهل تعتقدين أنّ تقديم الطعام يجب أن يتمّ وفقاً لتصميم الطبق؟
من المؤكّد أنّ وجود أدوات مائدة جميلة يعزّز أيّ وجبة. فالأطباق الجميلة متعة للعين فحسب، لكنّها غالباً ما تصبح موضوع نقاش. وبالإضافة إلى ذلك، تضفي أدوات المائدة المزاج المؤاتي للمناسبة. فإذا أعدّ المُضيف طقماً فرديّاً مع أطباق سفليّة وأطباق السلطة وأطباق الخبز، فهذا يعني أنّ المناسبة رسميّة. أمّا إذا استخدم المضيف الكثير من الأطباق الكبيرة، وقدّم الوجبات على الطراز العائليّ، فإنّ المناسبة تميل إلى أن تكون أكثر استرخاءً وأقل رسميّةً. ونرى أنّ مجموعاتنا متنوّعة إلى حدّ كبير، في حين يمكن أن تنتقل من طقم رسميّ إلى غير رسميّ، بالاعتماد على المناسبة.
أطلقت علامتك التجاريّة بهدف إدماج الفنّ والتصميم في المنازل. فكيف يظهر شغفك عبر كليهما في تصميم منزلك؟
دائماً ما كان الفنّ، ولا يزال، أساساً للرفاه بالنسبة إليّ ولتعبيري عن نفسي وسعادتي. إذ أجد نفسي منجذبة إلى المتاحف والمعارض الفنيّة وأستلهم من هذه المساحات. فأنظّم منزلي وكأنّه معرض فنّي، بحيث يكون لكلّ قطعة فنيّة أو قطعة أثاث مساحة لتحدث تأثيراً خاصّاً بها. أيّ أنّني أدعها تتنفّس وتغنّي بحريّة.
هل يمكنك مشاركتنا بذكرى ذات صلة حصلت معك أثناء تصميم هذا المنزل؟
تمثّل جدّتي الراحلة أوديت عطا الله جزءاً كبيراً من شخصيّتي ومصدر إلهام كبيراً لي. إذ كانت طيّبة القلب وشخصيّتها شابّة وتحبّ المرح والتسلية والغناء والرقص والفنون والنباتات والألوان ودائماً ما استضافت الأصدقاء والعائلة! من هنا، اخترت الكثير من اللوحات التي أعرف أنّها كانت ستحبّها، واخترت مساحة ترفيهيّة مفتوحة وحديقة كبيرة حتّى أتمكّن من استضافة الأصدقاء والعائلة تماماً كما فعلت، واخترت ورق الحائط الكلاسيكيّ الأنيق في إعداد معاصر جدّاً، فهذا أسلوب أوديت التي تمتّعت بأناقة خالدة إنّما خبّأت الكثير من المفاجآت الممتعة.
كيف تلتقي الثقافة الأردنيّة واللمسة الأمريكيّة والذوق الخليجيّ في منزلك؟
لا يتأثّر منزلي حقّاً بالعالم الخارجيّ لا بل يمثّل انعكاساً لقيمي ومن أريد أن أكون. بحيث أنّه مكان شخصيّ جدّاً ينبع من الداخل.
هل لديك أيّ لون أو نمط ديكور مفضّل؟ وهل ثمّة قطعة فنيّة معيّنة تكمّل ديكور منزلك؟
أعتقد أنّ الديكور يجب أن يجسّد انعكاساً للشخصيّة وللأشخاص الذين يعيشون تحت هذا السقف. لذا، أعتقد أنّنا جميعاً نبتكر أساليبنا الخاصّة. من حيث اللون، أنا متأثّرة جدّاً بالألوان فلها تأثير كبير على مزاجي، لذا دائماً ما أرمي إلى مشاهدة أفلام الأسود والأبيض أو الأفلام التي تمّ تصويرها في الصحراء بدرجات محدودة من البيج والبني. من هنا، عندما أختار لوناً في غرفة ما، أفكّر في تلك الغرفة وما أودّ الحصول عليه منها. فعلى سبيل المثال، في غرفة النوم الخاصّة بنا، اعتمدت ألوان الباستيل الناعمة التي تبعث الهدوء والاسترخاء في النفس. وفي غرفة الجلوس، اخترت مزيجاً حيويّاً من الألوان المدهشة والمشرقة.
ما أكثر ما تحبّين تزيين منزلك به؟
أحبّ النباتات والشموع والأنوار. من حيث الأضواء، فإنّ اختيار اللون الأبيض أو الأصفر المناسب يلعب دوراً كبيراً في التأثير على الحالة المزاجيّة. أمّا بالنسبة إلى الشموع، فأختار تلك المعطّرة لإضفاء شعور بالحنين إلى كلّ المساحات. وختاماً، أرى أنّ النباتات تضفي الحياة على أيّ زاوية.
اقرئي أيضاً: At Home مع Selma Kaci Sebbagh